لماذا فسدت البلاد والعباد؟


د. فيصل القاسم
لم تعد الشهامة شهامة، ولا الصداقة صداقة، ولا المروءة مروءة، ولا النخوة نخوة، ولا الأخوّة أخوّة، ولا الجيرة جيرة، ولا القرابة قرابة، ولا الأمانة أمانة في بلادنا التعيسة. لقد تآكلت القيم وخربت الأخلاق وبارت النفوس وتصدعت الأسس الإنسانية، فشاع النصب والاحتيال وتفشى الكذب والخداع والتدليس والإجرام والخيانة الاجتماعية، وأمسى الغريب طبيعياً والطبيعي غريباً. وغدا الشهم حماراً، والصادق مغفلاً، والغيور مخبولاً،والطيب ساذجاً، وكأن المطلوب منا أن نتحول مائة وثمانين درجة عن طريق الإنسانية الحقة، وأن نقرأ الأشياء بالمقلوب كي نساير العصر، وإلا اعتبرونا شاذين وغير معاصرين.
 
وكي لا يعتقد البعض أنني أحاول توضيح الواضح، لا بد من الاعتراف بأن انحطاط القيم وفساد المجتمعات ليس حدثاً جديداً بل شهدته كل حقب التاريخ بدليل أن الأدباء الانجليز مثلاً كـ دانيال ديفو وبرنارد شو ودي أتش لورانس وتشارلز ديكنز وغيرهم تناولوا الخراب الاجتماعي والإنساني منذ أكثر من قرن، ناهيك عن أن نبراسنا العظيم عبد الرحمن الكواكبي شرّح المجتمع العربي والإسلامي خير تشريح قبل أكثر من مائة عام في مؤلفه الخالد "طبائع الاستبداد". وبالتالي ليس من الجدة بشيء أن يتحدث أحدنا هذه الأيام عن فساد البلاد والعباد. لكنني أجد نفسي مجبراً على طرح الموضوع وتكراره بعد أن وصلت براثن السرطان إلى قلب مجتمعاتنا التي كنا نحتفظ لها يوماً ما بصورة رومانسية ناصعة في مخيلتنا. وكما هو معروف فإن الخطب يصبح أكثر وقعاً وتأثيراً على النفس إذا كان قريباً منا، حسب النظرية الإعلامية، فسماع خبر عن زلزال في إندونيسيا لن يؤثر فينا كما يؤثر خبر سقوط ابن جارنا من على سطح المنزل وكسر يديه ورجليه، فما بالك إذا كان الخطب أشد وأنكى، كفساد مجتمعاتنا التي ترعرعنا بين أحضانها.
 
كم أشعر بغصة قاتلة وأنا أرى كيف انقلبت المفاهيم وتحجرت القلوب وفسدت الطبائع وأمست المصالح سيدة المواقف في بلادنا التي كانت طيبة، ووسط أبناء جلدتنا الذين كانوا يوماً خيّرين. كم بتنا نحِنُّ لتلك الأيام الخوالي عندما كان الناس أناساً والوحوش وحوشاً. أما الآن فقد تعولم الناس والوحوش في قالب واحد قيمياً. وغدا من الصعب جداً التمييز بين بني آدم وبني آوى من حيث الأخلاق والسلوك.
 
لقد قادني حظي العاثر قبل أيام إلى مكتب نائب عام في إحدى المدن العربية «والحمد لله لتناول فنجان قهوة لا أكثر ولا أقل» وليتني لم ألبّ الدعوة، فقد اطلعت خلال تلك النصف الساعة التعيسة على عجائب وغرائب كنت أعتقد أنها موجودة فقط في الروايات وأفلام الإجرام فقط، فإذ بها حدث يومي مكرور في منطقة عربية كنت أعتقد أن أهلها أقرب إلى الرهبان في بساطتهم وطيبتهم ومعشرهم وقيمهم وتصرفاتهم."نعم يا أخ ما هي مشكلتك"، سأل النائب العام أحد الداخلين إلى مكتبه، فأجاب الأخ: "مشكلتي بسيطة يا سيادة النائب: لقد استيقظت صباح اليوم لأجد أن زوجتي خطفت الأولاد وسافرت إلى إحدى بلدان أمريكا الجنوبية بعد أن رشت الشرطي على الحدود بمبلغ ما". لقد كان الحدث بالنسبة لي كالصاعقة، خاصة وأنني ما زلت أحتفظ لتلك البقاع الطيبة بذكرى رهبانية جميلة وبريئة. أما سيادة النائب فقد بدا عادياً في رد فعله لا مستغرباً، لكن ليس لأنه متحجر القلب ولا يأبه بالمشاعر الإنسانية، بل لأنه، كما أردف لي قائلاً: "إنه حدث بسيط مقارنة بالجرائم الأخرى التي تمر على رأسي يومياً. لقد كنت قبل أسبوع مشرفاً على إعدام شاب قتل شخصاً شر قتلة لينهب منه ما يعادل خمسمائة دولار". فقلت له: "ربما يحدث ذلك في شوارع واشنطن الخلفية أو في شيكاغو، لكنه مستحيل أن يحدث في قرانا الوادعة"، فقال: "لا ياسيدي. لقد أصبح لدينا مجرمون ومنحرفون في مدننا وضيعاتنا الجميلة والمسالمة بخطورة أولئك الذين تشاهدهم على شاشات التلفاز في الأفلام الأمريكية."
 
لقد روى لي السيد النائب كيف احتاج شاب مقبل على الزواج إلى مبلغ بسيط لشراء الذهب لخطيبته قبيل الزفاف، فدعا أحد التجار إلى بيته على أمل أن تكون جيوبه ممتلئة بالمال، وبعد أن وصلا إلى المنزل جلس التاجر في غرفة الاستقبال، لكنه غط في نوم عميق بسبب التعب، وهنا كانت فرصة الشاب بأن ينقض عليه بفأس، فأغمي عليه، فجره إلى غرفة أخرى، وعندما وجده ما زال يحرك رأسه أتى بسلك الهاتف وخنقه به ليجهز عليه تماماً، ثم فتش جيبه ليجد فيها ما يعادل خمسمائة دولار فقط لا غير، فأخذها وتوجه إلى بيت خطيبته، وطلب منها أن تذهب معه لشراء «الصيغة»، وكأن شيئاً لم يحدث- هكذا بكل دم بارد.
 
وما كاد النائب العام يفرغ من رواية الشاب القاتل حتى دخلت علينا عجوز تشتكي جارها الطيب و"الآدمي جداً" الذي كانت تعتبره أفضل وأنبل وأكثر رجال القرية شهامة واستقامة، لكنه فاجأها بأن نصب عليها وسرق منها نصف مجوهراتها القديمة التي كانت تحتفظ بها ليوم الضيق. لقد غدت الأمانة والاستقامة عملة نادرة في الكثير من مجتمعاتنا، فالقريب يمكن أن يغش قريبه وينصب ويحتال عليه بطريقة خسيسة للغاية دون أن يشعر بأي وخز للضمير، حتى بات الأخ لا يأمن جانب أخيه أحياناً.
 
لماذا وصل أبناء جلدتنا الطيبون إلى هذا الدرك من السفالة والانحطاط القيمي والأخلاقي؟ أليس لأن السلطة في بلادنا العربية أفسدت كل شيء ورفعت شعار "يجب إفساد من لم يفسد بعد"، لأن حكم شعب فاسد أهون عليها بكثير من حكم شعب صالح؟ أليس الثلم الأعوج من الثور الكبير فعلاً؟ أليس من الخطأ تحميل العولمة الإعلامية والثقافية وزر انحراف مجتمعاتنا وتجريدها من قيمها الاجتماعية والأخلاقية والدينية والثقافية النبيلة بدعوى أن الانفتاح الإعلامي الخطير مكن الشعوب العربية التعرف على ثقافات العنف والإجرام والانحراف الأخلاقي في العوالم الأخرى؟
 
قد يجادل البعض بأن ما يحدث في بلادنا من انحرافات يبقى نقطة في بحر مما يحدث في الغرب المتوحش، وخاصة في أمريكا، حيث لا تمر دقيقة دون أن تقع جريمة مروعة، أو في أمريكا اللاتينية، حيث يقتلون الإنسان من أجل سيجارة. وهذا صحيح، لكن الفرق بيننا وبينهم أن ما يسميه كارل ماركس بـ"واقعنا الاجتماعي" الذي هو نتاج لواقعنا الاقتصادي يختلف تماماً عن واقعهم، فالجرائم التي تقع في أمريكا هي نتيجة طبيعية لطبيعة النظام الرأسمالي المتوحش. أما نظامنا فهو زراعي أو ما قبل صناعي مسالم حسب التحليل الماركسي. ناهيك عن أن المجتمعات الغربية على رغم العنف المتفشي في بعضها تظل أكثر التزاماً بالأخلاق الإنسانية من مجتمعاتنا، فالناس هناك صادقون في تعاملاتهم وأمينون ومستقيمون وحتى خيرون، وهو أمر تنبه له المصلح الكبير محمد عبده منذ زمن بعيد عندما قال ذات مرة: "لقد شاهدت في الغرب مسلمين من دون إسلام بينما لدينا في ديارنا إسلام من دون مسلمين."
 
أما أن تفرز بلداننا جرائم كتلك الموجودة في أمريكا ذات النظام الاقتصادي والاجتماعي المختلف كلياً فهذا يشير إلى خلل خطير لدينا وأن السيل قد بلغ الزبى. ناهيك عن أن لدينا تراثاً ثقافياً ودينياً رادعاً للجريمة بشكلها الأمريكي، بالإضافة طبعاً إلى النظام الأمني العربي الصارم الذي أخصى كل شيء آخر في بلادنا، كي يكون هو الكل بالكل. لكن هذه التركيبة الثقافية والمجتمعية والدينية والأمنية لم تحل دون تفشي الفساد والجريمة والخراب الاجتماعي على نحو خطير في ديارنا. لماذا؟ لأن الاستبداد أقوى منها جميعاً وهو المسؤول الأول والأخير عن التدهور الاجتماعي والأخلاقي في مجتمعاتنا على مبدأ "حاميها حراميها".
 
وكان الكواكبي قد حذر الآباء والأمهات في كتابه الشهير من تربية أبنائهم على الفضيلة والأخلاق الحميدة لأن الاستبداد قادر على قلب الأمور رأساً على عقب، بجعل الصادق كاذباً ومتزلفاً والشهم نذلاً وسافلاً والكريم لئيماً وخسيساً، وبذلك تضيع جهود الآباء سدى. وبالتالي علينا ألا نتوقع من مجتمعاتنا أن تكون فاضلة وخيرة إذا كان من يحكمها يدفعها بانتظام واستمرار إلى هاوية السقوط الاجتماعي والأخلاقي والقيمي، ولا يغمض له جفن إلا إذا فسدت البلاد والعباد.
وغضب أبو الغيط!!

كنت أظن أن أعضاء القيادة في مصر والدول العربية كافة لا يغضبون أبداً، وكنت أظنهم مسالمين مبتسمين على الدوام، لا تؤثر فيهم صور "أبو غريب" ولا تثار مشاعرهم، عند مشاهدة فندق "غوانتناموا". وكنت أظن أنهم يسيطرون على أعصابهم بقطع النظر عن النازلة، الاعتداء على "جنين"، أو قتل الأطفال في "قانا"، أو حتى الاعتداء على الحرائر في "بيت حانون".
 
وكنت أعتقد أن القيادة المصرية خاصة لديها من الحكمة والهدوء، ما لا يهزّ رمشها ، ولو دمرت القدس ودمشق وحتى القاهرة. فقد رأيت "السادات" وهو يتكلم أمام "الكنيست" الصهيوني ورأيته يتكلم أمام مجلس الشعب في عدد من الدول الأوروبية ولاحظت اللطف منقطع النظير الذي تمتع به والنظرة المنخفضة لعينيه، لا يبالي بوسائل الإعلام ولا بمشاعر العرب الذين جاءوا من الصحراء وكانوا يصارعون الموت نفسه فضلاً عن الأعداء.
 
منذ أن غادر جمال عبد الناصر، لم يعد هناك خطب نارية ولا كلمات حماسية، فبعد السادات، قال الرئيس حسني مبارك لمراسل الجزيرة، اذهب أنت وحارب، نحن لن نحارب باسم أحد، وكالعادة قالها بمنتهى اللطف ولم تكن نظراته نحو السماء أبداً. ولم تختلف المسألة كثيراً عندما قام رجال المقاومة في لبنان بتلقين العدو درساً لا ينسى ولا تزال تداعياته إلى اليوم وستبقى حتى نهاية التاريخ، في ذلك الوقت حيث اصطفت مشاعر المسلمين والعرب والمقهورين في كل مكان مع رجال المقاومة اللبنانية، احتار سيادة الرئيس في التسمية التي يتوجب أن يطلقها على المقاومين فاستخرج من بطون الكتب وأمهات المعاجم مصطلح" البتاع ده".
 
أبو الغيط نفسه الغاضب اليوم من جوعى فلسطين ، قال في تعليقاته على مقتل خمسين ومائتين من الجنود المصريين في سيناء بدم بارد، وهم عزل من السلاح وأيديهم مقيدة وراء ظهورهم، قال: لن نقطع علاقاتنا مع الصهاينة من أجل فيلم، وكنت قد علقت وقتها على هذه الإهانة التي وجهها الوزير لكل شهيد مصري وعربي، فقلت، ولا يزال الشك لدي، إن أبا الغيط ربما أخطأ في الشريط، فلم يشاهد شريط الأسرى. فالسينما المصرية تعج بالأشرطة المليحة، ولعل الرجل أخطأ، خاصة وأن تلك الفترة كانت فترة ظهور النجم سعد الذي لم أعد أعرف حجمه بالضبط هل ما زال صغيراً أم كبر قليلاُ والله على كل شيء قدير.
 
ولهذا كان لا بد لي أن أتفاجأ من غضب أبي الغيط على أهل فلسطين، إذ قال: بعد أن تعوذ من الشيطان الرجيم" ومن يقترب من حدودنا "هنكسر رجله". أولاً وقبل كل شيء فقد أضعت زمناً لا بأس به وأنا أبحث عن الهاء في كلمة "هنكسر"، إذ أن أبي الغيط وزملائه ومسؤولي الحكومات العربية لا يعرفون لغتهم، وأنا لا أعرف اللهجة المصرية، فلم يسبق لي دراستها، وبالنتيجة اتصلت بأحد الزملاء في مصر العظيمة، حيث أوضح لي أن الهاء المذكورة هي هاء الاستقبال التي تساوي حرف السين في اللغة العربية، وحذرني الزميل العزيز من الخلط بينها وبين هاء التنبيه المرافقة لاسم الإشارة.
 
والحق، فإنني سعدت أيما سعادة وأخذتني العزة فهذه أول مرة، أسمع فيها وزير خارجية مصري منذ وقت طويل يغضب ويهدد بالتكسير" مبالغة وتكثير". فأحد هؤلاء الوزراء قضى فترته الوزارية كلها يرد على الصحفيين بعبارات من قبيل: لا أعلم، لم أسمع، ليس لدينا علم حتى الآن.
 
لكن، وللأمانة أيضاً، فلا أعرف كيف وصل أبو الغيط لحالة الغضب هذه، ولم يصل إليها لما شاهد، إذا كان قد شاهد، شريط الإرهابيين الصهاينة وهم يقتلون أبناء مصر. ليس فحسب فإن السيد الوزير لم يغضب أيضاً عندما قام الصهاينة بقتل ثلاثة من الجنود المصريين في نهاية العام 2004 وهم داخل الأراضي المصرية.
لقد غضب لأن الجوعى دخلوا مصر، ولم يغضب لما قامت الدبابات الإسرائيلية بقتل أولئك الجنود وهم داخل حدود أرضهم. ويخاف أبو الغيط على الحدود المصرية من أهل فلسطين لكنه لا يخاف عليها أبداً من الانتهاكات الدورية للقوات الصهيونية التي قتلت في أوائل العام 2006 جنديين آخرين، وقد صرحت وزارة الخارجية المصرية وقتها أن هذا العمل" غير مسؤول". بلغة أخرى ما قدرت على أكثر من هذا، أما حينما يتعلق الأمر بفلسطين فإنها ستكسر أو "هتكسر" أرجلهم.
 
لقد تناسى الغاضب أبو الغيط أن الذين ينتهكون سيادة مصر هم الصهاينة الذين يدخلون إلى سيناء دون تأشيرة، بينما يمنع العرب من الدخول إليها إلا بعد الحصول على ألف تأشيرة، وتناسى أبو الغيط أن الذين ينتهكون السيادة المصرية هم الصهاينة الذين يعربدون في أرض الكنانة متذرعين بزيارة "أبو حصيرة" وبلغ الأمر أنهم بدءوا يشترون الأراضي المصرية هناك.
 
الذين ينتهكون سيادة أرضكم يا أيها الوزير، هم الذين تجسسوا عليكم لسنوات عديدة، ثم قامت حكومتكم بتسليمهم طواعية للصهاينة ليناولوا الأوسمة والتقدير. وهم أولئك الذين نشروا الفساد والفوضى والأمراض في أرضكم، وليس أطفال غزة الجياع، الذين ساهمتم أنتم بحصارهم وتجويعهم.
 
أهل فلسطين جاءوا إخوتهم في مصر فهم شعب واحد، اشتروا حاجياتهم وعادوا إلى بلادهم، وما آذوا أحداً وما قتلوا ولا نهبوا ولا نشروا الإيدز ولا تجسسوا عشر سنوات، بل استفادوا وأفادوا وأنت تحدثنا عن الحدود. ما كنت أعرف أنك عاشق الحدود ومغرم بسحرها لهذه الدرجة.
 
سيادتكم منتهكة لأن الدبابات الصهيونية تصل إلى مسافة متر واحد من الأراضي المصرية في رفح، على حين لا تستطيع مصر أن تزيد من عدد جنودها عند الحدود إلا بموافقة صهيونية وليتها أتت، فقد رفض مجلس وزراء العدو، طلبكم وتوسلكم بزيادة عدد جنودكم في أراضيكم، ثم تحدثونا عن السيادة !!.
 
كانت عبارات أبو الغيط عنيفة هذه المرة فهي موجهة للعرب، "أسد علي وفي الحروب نعامة"، قال" لن تتكرر الحالة مهما كانت العواقب"، وليته قال هذه الجملة للصهاينة لكي لا يستمروا في مسلسل قتل الجنود المصريين على الحدود.
 
إن سيادة مصر، تتمثل في أن تستخدم بلادكم ثقلها، بحيث يتصالح الإخوة في فلسطين، وفي رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، وليس سيادة بلادكم بتنفيذ ما يطلبه العدو منكم وكأنه لا حول لكم ولا قوة ولا سيادة.
 
وكان أخطر ما في تعليقات المسؤولين المصريين حول أمن الصهاينة، أن الرئيس حسنى مبارك قال في تصريحات سابقة "أن الأمن المصري قادر على ضمان الحدود ولا يهمه من يوجد في الجانب الآخر سواء كانت حماس أو إسرائيل" ، فقد ساوى كبير الزعماء العرب بين الفلسطينيين وبين الصهاينة ثم يكلمني أبو الغيط عن السيادة.
 
وإن كنا اندهشنا من تصريحات أبي الغيط والرئيس المصري، فإننا ضحكنا من تصريحات محمد بسيوني السفير السابق لدى الصهاينة، إذا قال "لن يسمح لأي شخص مهما كان أن يعبر الحدود المصرية". وإنما أضحكني أن يكون هذا الرجل قادراً على الكلام ورفع العقيرة وهو يعمل سفيراً في كيان مجرم، فدع عنك ما قلت والتفت لنفسك واستغفر مولاك مما بدر منك فمثلك أولى به، أن يتصوف طول الدهر على عمله في كيان الإجرام، لا أن يتبجح بالتصريحات والإساءات.
تحية لشعب مصر، وتحية للمناضلين في مصر وتحية "لأبو تريكة"، والشعوب باقية والحكومات إلى زوال. ولئن صبرتم فهو خير للصابرين.
 
* د. عوض السليمان.  حاصل على دكتوراه في الإعلام من  فرنسا

بعد " فينوغراد "........إسرائيل أكثر عدوانية !!!


صالح النعامي
إقتصرت التحليلات العربية التي تناولت تداعيات التقرير النهائي للجنة " فينوغراد " التي حققت في أسباب الفشل الإسرائيلي في حرب لبنان الأخيرة على انعكاسات هذا التقرير على صعيد البيئة السياسية الإسرائيلية الداخلية؛ مع أن لهذا التقرير قد يكون تأثير حاسم على صعيد تعاطي اسرائيل المستقبلي مع العالم العربي، وتحديداً الأطراف التي في حالة صراع فعلي مع الكيان الصهيوني. فكل من يتمعن ما جاء في التقرير قد يصل الى استنتاج مفاده أن هذا التقرير يحرض الحكومة الحالية والحكومات الإسرائيلية القادمة على شن العدوان على الأطراف العربية. فمعدو التقرير وبخوا بشكل واضح قيادة الجيش لأنها امتنعت خلال الحرب عن القيام بالكثير من العمليات العسكرية خوفا من أن تؤدي الى هذه العمليات الى الحاق خسائر في الأرواح في صفوف جيش الاحتلال. وواصل التقرير توبيخه منوهاً الى أن الجيش الصهيوني تخلى عن مبدأين أساسيين، وهما: التشبث بإنجاز المهمة، والسعي لتحقيق نصر واضح وجلي على العدو. ومن باب النقد والتقريع، نوه التقرير الى أن الحرب الأخيرة قد دلت على أن المجتمع الإسرائيلي غير جاهز لسقوط عدد كبير في أوساط جنوده في أي مواجهة مع الأطراف العربية، الأمر الذي ادى الى فشل إسرائيل في الحرب، بحيث لم تحقق النصر حتى بالنقاط فيها، بسبب اداء الجيش وقيادته المثير للإشكال. واستهجن التقرير كيف يعجز الجيش الاسرائيلي الذي يعتبر الجيش الأقوى في منطقة الشرق الاوسط عن تحقيق النصر على قوة عسكرية هامشية مثل حزب الله التي واصلت اطلاق الصواريخ على شمال اسرائيل حتى اليوم الاخير من الحرب.
واضح تماماً أنه التقرير يدعو بشكل غير مباشر الى أن يقدم الجيش على عمليات عسكرية ضد الأطراف العربية في المستقبل حتى لو كان ذلك مقترن بسقوط عدد كبير من القتلى في الجانب الاسرائيلي. ليس من الواضح كيف سيتعامل المستوى السياسي والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية مع هذا التوبيخ، لكن في كل الأحوال، فأن معدي التقرير دعوا بشكل غير مباشر الجيش الى عدم التردد والقيام بعمليات ذات درجة خطورة عالية. اللافت أن هذا التقرير قد صدر في ذروة الجدل الذي يحتدم في اسرائيل حول صورة المعالجة العسكرية التي يتوجب على اسرائيل القيام بها من اجل وقف اطلاق الصواريخ من قطاع غزة على إسرائيل. ويتناول هذا الجدل بشكل اساسي إمكانية شن حملة واسعة تؤدي الى اعادة احتلال القطاع أو على الأقل أجزاء كبيرة منه. حتى الآن، فأن الجيش وكذلك المستوى السياسي يترددان في إصدار التعليمات بشن هذه الحملة خشية أن تؤدي الى سقوط خسائر كبير في ارواح الجنود. وإذا احتكم صناع القرار في إسرائيل الى ما جاء في تقرير " فينوغراد "، فأن عليهم ألا يترددوا ويشنوا الحملة على غزة، أن كان من المحتمل أن تساهم في وضع حد لعمليات اطلاق الصواريخ على التجمعات الاستيطانية التي تقع في محيط القطاع. وما ينطبق على قطاع غزة، ينطبق على التعاطي مع حزب الله وسوريا وايران.

ثمن الإستقرار السياسي

رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت الصعداء تنفس الصعداء بعد أن منحه تقرير " فينوغراد حكماً ب " البراءة " من المسؤولية عن الفشل في المرحلة الأخيرة من الحرب، وهو ما جعل المعارضة اليمينية في حالة صدمة بعد أن تهاوت آمالها في أن يمهد التقرير الى اسقاط أولمرت واجراء انتخابات مبكرة قد تحمل اليمين واليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو للحكم مجدداً. وأن كان التقرير قد انتقد بشكل واضح الطريقة التي اتخذ بها اولمرت قرارته خلال الحرب، إلا أنه في المقابل برأه من المسؤولية عن فشل الحملة البرية التي شنتها اسرائيل في الستين الساعة الاخيرة من الحرب، حيث اعتبر التقرير أن اولمرت وافق على شن الحملة لدواعي موضوعية وبعد أن تشاور مع الكثير من رجال الإختصاص. وكانت هذه العبارة قد مثلت ضربة قوية للمعارضة اليمينية التي ظلت تزعم أن اولمرت امر بالحملة البرية في محاولة يائسة لتحقيق نصر لتعزيز مكانته الشخصية، مع العلم أنه في هذه الحملة وحدها قتل 33 جندياً. وقد ساهم التقرير في استقرار حكومته أولمرت رغم كل التوقعات السابقة بأنه سيعمل على تقصير اجلها بشكل كبير، حيث اعلن زعيم حزب العمل ووزير الحرب ايهود براك أنه وحزبه سيواصلان الشراكة في حكومة أولمرت. " تبرئة " اولمرت اثلجت صدر براك الذي كان يبحث عن مسوغ للبقاء في الحكومة. فبراك الذي وعد الجمهور الصهيوني في السابق بالانسحاب من الحكومة في حال حمل التقرير المسؤولية لاولمرت على فشل الحرب، كان يعتقد في حينه أنه هو الذي سيحصد معظم الأسهم بعد استقالة اولمرت، مستغلاً وجوده في منصب وزير الحرب، وتبنيه مواقف متشددة من الفلسطينيين والسوريين وغيرها. ومن اجل ذلك حرص براك على اصدار العديد من التصريحات النارية المتطرفة ضد الفلسطينيين وضد العرب، واعلن اكثر من أن حملة عسكرية على قطاع غزة قاب قوسين او ادنى. لكن الذي صعق براك هو حقيقة أن استطلاعات الرأي العام تؤكد أن شعبيته تراوح مكانها وأنه في حال اجريت الانتخابات، فأن زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو هو الذي سيجرف النتائج، من هنا فأن براك تنفس الصعداء مثل اولمرت من نتائج التقرير.

اولمرت وبراك يعتقدان أن استقرار ائتلافهما الحاكم يتطلب عدم اثارة حفيظة حركة شاس التي تشارك فيه والتي تعارض أي مفاوضات مع ابو مازن، من هنا فأن أولمرت هدأ من روع شاس وقادتها وابلغهم بشكل لا يقبل التأويل أنه لن يبحث مع ابو مازن أي من قضايا الحل الدائم.

وخلاصة القول أن تقرير فينوغراد سيدفع إسرائيل لتكون اكثر عدوانية وأقل استعداداً للتسوية.

 

هل تنجح اسرائيل في اقصاء ابو تريكة



يبدو أن ما قام به لاعب المنتخب المصري محمد أبو تريكة بإعلانه تعاطفه مع غزة المحاصرة على طريقته الخاصة أرقت مضاجع الكيان الصهيوني وجعلته في حيرة من أمره وبات يبحث السبل والطرق للرد بشكل معاكس و مباشر على ما صدر عن أبو تريكة الاعب العربي الاكثر شعبية ،، فعلها أبو تريكة أمام العالم وـظهر تعاطفه مع غزة الشامخة ليقول للعالم لن ننساكي يا غزة وسرعان ما تحولت ردود الفعل الدولية وخاصة من جانب الكيان الصهيوني الى غضب عارم ورفض وقح للاحتلال عشق الرقص على جثث الموتى من ضحايا عذابهم ودمارهم...وها هو مندوب في سفارة الاحتلال بحسب ما نقلته مصادر اعلامية يسعى جاهداً للاجتماع مع لاعبي المنتخب الغاني محاولة لإقناعهم برفع العلم الصهيوني رداً على ما قام به المصري أبو تريكة في البطولة الإفريقية وان هذا المسؤول يحاول إيجاد بديل للاعب جون بانستيل الذي غادر البطولة الإفريقية عقب تعرضه لإصابة قوية في الفك أجبرته على دخول المستشفى وهو اللاعب ذاته الذي أثار استياء العديد من الأوساط الرياضية بعد قيامه برفع علم الكيان الصهيوني في مونديال ألمانيا أثناء لقاء منتخب بلاده أمام التشيك تضامن ابو تريكة مع غزة افقد اسرائيل صوابها وجعلها تتخبط بين جنبات الملاعب والازقة الدولية لانها أرادت النيل من الشعب الفلسطيني والنيل من الاعب الذي أبدى هذا التعاطف،، كونه محرم على العرب والمسلمين وها هي الصحف الاسرائيلية تشن حربا اعلاميا عليه لمجرد انه أعلن تعاطفه بهذه الطريقة متذرعين بتحريم الفيفا لمثل هكذا سلوك وطالبت الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بمعاقبته على ذلك ، فالقناة العاشرة الإسرائيلية في تعليق لها قالت أن أبو تريكة "أقحم" السياسة والدين معا في بطولة رياضية خلافا للقواعد المتعارف عليها، واستشهدت بتصريح نقلته وكالات الأنباء لأبو تريكة قال فيه أن ما قام به جاء "تعاطفا مع أهلنا في غزة لأننا جميعا مسلمين"، اما موقع "سبورت 5" العبري تحت عنوان "مصر فازت، والنجم يدعم غزة"قالت: إن أبو تريكة أظهر إشارة سياسية واضحة في مباراة لكرة القدم تستحق العقوبة، وزعمت أن "إسرائيل كانت في قلب الحدث الإفريقي عندما قام نجم مصر الأول بالتعبير عن دعمه الفلسطينيين" في غزة المحاصرة ،، والاوقح من ذلك ربط موقع "وان" الإخباري العبري الشهير بين حركة أبو تريكة والحركة التي قام بها لاعب منتخب غانا جون فنستيل في كاس العالم الأخيرة في ألمانيا (2006) عندما رفع العلم الإسرائيلي عقب إحراز فريقه هدفا في إحدى مباريات المونديال تعبيرا عن حبه لإسرائيل التي يلعب في أحد أنديتها.. ووجه الموقع رسالة للفيفا تقول: "وجهتم تحذيرا شديد اللهجة للاعب الغاني بعدم إبراز أي مدلول سياسي في المباريات، فهل ستقومون بنفس الأمر مع اللاعب المصري؟ فبعد هذه الحرب الاعلامية والمساعي الحثيثة التي يبذلها هذا الكيان هل تنجح تلك المحاولات فيما يسعون اليه؟

والنصر ما شهد به الأعداء !


 
قدرنا ربما أن نظل سنوات أخرى طويلة نناقش مجريات العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان لأن هذه الحرب التي شغلت العالم و ركزت عليها كل المحطات و الوكالات بشكل لن نجانب الصواب كثيرا حينما نقول أنه الأضخم في تاريخ الحروب و النزاعات، ما تزال النتيجة الحقيقية لها و مخلفاتها حتى الساعة محل شد و جذب ليس لأن المنكسر فيها أو الصامد يبدو واضحا جليا، بل لأن التطرق إليها بشكل حيادي في عالمنا الشرقي خاصة، صار شيئا يكاد يكون مستحيلا !
من المعروف أصلا أن الحروب إنما هي وسيلة لأجل تحقيق ظروف جديدة على الأرض بمعنى أنها من المنظور التقليدي، تعد وسيلة دبلوماسية يجري اللجوء إليها من باب أنها آخر أنواع العلاج و لذلك فإن أخلاقيات السياسة الدولية تقوم (فرضا) على مبدأ الحرص على منع وقوعها في أي مكان من العالم لأنها أولا و أخيرا، مأساة إنسانية في وسع أبسطها أن تحدث جروحا قد لا تندمل بمرور العقود أو حتى القرون و شخصيا، لم أقف إلى اليوم على توصيف موجز لها كمثل ما قاله الروائي الروسي تولستوي: "إن الحرب شيء قذر" !!
مع ذلك، تكون الحرب أحيانا حلا لا مناص عنه خصوصا إذا ما كانت من منطلق دفاعي مقاوم إذ درجت الثقافات البشرية على مر العصور على حفظ حق المظلوم في الدفاع عن نفسه و مصالحه حينما تكون محل خطر و بالتالي فإنه من غير الممكن أن نتوقع يوما خلو الأرض منها ليس لأن البشرية لم تتطور و لكن: لأن أسباب الحرب لم تتطور كثيرا معها فمن اللافت هنا مثلا أن يظل الماء و الغذاء منذ آلاف السنين سببا في الحروب و النزاعات منذ حروب الفينيقيين إلى يوليوس قيصر وصولا إلى الواقع العالمي الحالي فأهم سبب في اندلاع النزاع في إقليم دارفور السوداني، كما أقر بذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نفسه قبل أيام قليلة أمام المجتمعين في منتدى دافوس الاقتصادي، هو شح المياه في تلك المنطقة من العالم.
و بما أن دولة "إسرائيل" قامت أصلا على مبدأ احتلال الأرض و ترحيل الناس فإنه كان من الطبيعي عندها أن تظل العقلية السياسية فيها متعلقة بهذا المبدأ و بالتالي فإن حربها الأخيرة على لبنان قبل ثمانية عشر شهرا من الآن، اندرجت تحت هذا المفهوم إذ أن مقتضيات الأمن القومي عندها لا تحتمل إطلاقا إمكانية أن تعيش الدولة العبرية تحت ظل توازن قوى مهما وقّعت من اتفاقيات أو معاهدات و لذلك فهي على سبيل المثال لا الحصر، تقيم علاقات دبلوماسية حذرة مع القاهرة و لكنها ليست مستعدة أن ترى هذه الأخيرة و قد صارت تمتلك السلاح النووي لأن هذا المعطى في وسعه أن يفقدها موقع القوة التي تقوم عليها أصلا، نظرتها للسياسة و العلاقات الدولية.
كان من الطبيعي إذن أن تشن هذه الدولة المحتلة لأرض فلسطين التاريخية بفضل مؤامرة دولية معاصرة هي أبدع ما توصلت إليه اللصوصية في تاريخها، إلى إعلان حرب شاملة على تنظيم مقاوم بسيط لا يقارن بما تمتلكه هي من مقدرات و لقد أعلنت هذه الحرب مباشرة بعد أن تجرأ أفراد حزب الله على أن يترصدوا ثم يقتلوا و يأسروا عددا من جنودها على الحدود مع لبنان بالرغم من أن هؤلاء ما ارتكبوا جرما كبيرا لأنهم أولا و أخيرا: كانوا يعلنون صباح مساء حرصهم على أسر الجنود الصهاينة بمعنى أن العملية التي وقعت في منطقة استنفار أمني عال، هي شيء بالمعنى العسكري روتيني و متوقع و لا يستلزم بالضرورة تحريك فرق الجيش و أسراب الطائرات لأجل قنبلة بلد بكامله.
ثم إن طريقة التفاعل الإسرائيلي بعد ذلك و منذ الأيام الأولى للحرب أوجد قناعة لدى كل المتابعين أن الأمر لا ينحصر فقط في الرد على عمل عسكري بل إنه يتعداه إلى تحقيق مطالب أخرى أكبر حجما بمعنى أنه كان واضحا منذ البداية، أن "إسرائيل" ما شنت الحرب ضد حزب الله فقط بل إنها كانت تسعى إلى ما هو أكثر و تريد أن تغير معطيات كثيرة على الأرض وصولا إلى إيجاد وضع إقليمي جديد حتى أنه من غير المستبعد إطلاقا هنا أن الهدف كان البدء بحرب ضد الحزب اللبناني ثم دخول أميركا على الخط و توسيعها بعد الفراغ من الهدف الأول سريعا (كما كان مخططا سلفا) إلى سورية و إيران أيضا مثلما حدث في حرب السويس خلال العام 1956 حينما بدأ الصهاينة الحرب ضد مصر ثم لحق بهم الفرنسيون و الإنجليز بعد ذلك كما هو معروف.
على هذا الأساس، لن يكون من المفيد لنا حاليا التشكيك في نتائج هذه الحرب التي كانت تهدف إلى خلق كيانات جغرافية و سياسية جديدة كانت كاتبة الدولة الأميركية نفسها تطوعت بالتبشير بها عبر إطلاقها لتعريفها الشهير: "إننا نعيش آلام مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد".
أما وقد انتهت هذه المطالب إلى زوال فإننا حتما سنكون على قدر عال من الحمق حينما نتصور أن مجرد توقيف هذا السيناريو الرهيب، ليس نصرا و أن كسر أعراف عسكرية دولية سابقة ليس إنجازا و لا بد بالتالي لنا أن ندقق النظر و نعيد الاستقراء حتى ندرك عمق ما تحقق و ما كان مخططا له أن يقع مهما كانت مواقفنا السياسية و ملحوظاتنا الداخلية فيما بيننا.
صحيح أن لبنان قد تضرر بشكل كبير و أن خسائره تعدت مليارات الدولارات فضلا عن سقوط أرواح لن يستطيع أحد أن يقدرها بثمن، ولكن من الحري بنا هنا أيضا أن نتساءل ما دام البعض على ما يبدو، قد حزن من نتيجة هذه الحرب.
منذ متى كان عدد القتلى و المجروحين فضلا عن الخسائر الاقتصادية، معيارا في نتائج الحروب و لوائح أهدافها؟ ألم يخسر الاتحاد السوفييتي في الحرب العالمية الثانية لوحده عشرين مليون إنسان و هو ما يوازي تقريبا نصف العدد الإجمالي لضحايا تلك الحرب و مع ذلك خرج منتصرا بغض النظر عن عدد المدن و القرى التي دمرتها الجيوش النازية فيه؟
هل سمع أحد يوما في بريطانيا خلال تلك الحرب دوما، أصواتا تدعو إلى الاستسلام بدعوى الواقعية و اجتناب المغامرة أمام القصف المجنون للطائرات الألمانية التي دكت لندن بملايين الأطنان من المتفجرات؟ ألم تخسر بريطانيا ما لا يحصى من المقدرات و الجنود و مع ذلك أيضا ظلت تعتبر منتصرة في الحرب و واحدة من أبطالها السابقين؟
أولم يخسر الفيتناميون في مقاومتهم للفرنسيين و الأميركيين من بعدهم، ملايين الرجال و آلاف القرى؟ ثم كم كان عدد القتلى الأميركان مقابل ثوار 'فيات كونغ'؟ فهل يعني هذا أن أميركا هي من خرج منتصرا من جنوب شرق آسيا؟
إن الحديث عن الخسائر هو حديث عاطفي يهدف إلى تلهية الناس عن ضرورة ألا تكون المصالح القومية العليا للأمم و المجتمعات، سقفا غير قابل للخفض و التنازل تحت أي ذريعة و إذا ما كان الاحتلال الإسرائيلي قد تجرأ و اعترف صراحة أنه حقق "إخفاقا كبيرا و خطيرا في حرب لبنان الثانية" مثلما جاء في تقرير لجنة فينوغراد الأخير، فإنه ليس من حق البعض منا هنا أن ينكر حقيقة أن الإنسان المؤمن هو فعلا سلاح ما بعده سلاح !!
صحفي و محلل سياسي جزائري.
للتواصل : عبدالحق بوقلقول
 haqqoo@hotmail.com

وزير الدفاع الإسرائيلي باق



تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك يوم الأحد بأنه لن يسحب فئته من الحكومة لأنه شن حربا على حزب الله عام 2006؛ لاغيا بذلك أي تهديد فوري لحكومة أولمرت.

وكان باراك, والذي حل محل الوزير السابق عامر بيريز أيام الحرب, قد تحدث مسبقا عن خطته للضغط على حكومة أولمرت للاستقالة أو إجراء الإنتخابات مبكرا. وقد قال هذا أمام لجنة مستقلة حضرت تقريرا حول أخطاء إسرائيل خلال حربها ضد مقاتلي حزب الله. وقد انتقد التقرير الذي سلم يوم الأربعاء حكومة أولمرت نتيجة "لأخطاء جسيمة وعيوب" خرج منها رئيس الحكومة متابعا هدفه بتوقيع معاهدة سلام مع الفلسطينيين هذا العام.

وقد تحدث باراك أمام الجلسة الأسبوعية للحكومة بأنه قرر البقاء في الحكومة لإصلاح الأوضاع والأخطاء الواردة في التقرير. فقال: "لماذا أنا باق؟ أنا باق في منصب الدفاع لأنني أعلم ماهية التحديات التي تواجه إسرائيل. غزة وحزب الله وسوريا وإعادة تأهيل الجيش والعملية السياسية."

وقد علق أولمرت على التقرير عند بداية الاجتماع دون أن يوجه أي تعليق حول قرار باراك البقاء في حكومته. قال معلقا: "ليس هذا التقرير بمصدر السرور لي. وإنما مبعث لفرصة إصلاح الأشياء التي كشفت بغية تحسينها وإعادة تشكيلها إن لزم الأمر. والسير بإسرائيل قدما."

والجدير بالذكر أنه في حال سحب باراك فئة حزب العمال والبالغة أعضاؤها تسعة عشر من الحكومة, فإن أولمرت سيتجرد من الأغلبية النيابية وسيعيده إلى دائرة الانتخابات المزمعة عام 2010. إذ يمسك ائتلافه بسبعة وستين مقعدا من أصل مائة وعشرين.

إلا أن باراك قرر البقاء في الحكومة نظرا لشعبية حزب العمل بين الناس وأيضا لضمان مستقبل حزبه. ولا يزال باراك يأمل استعادة رئاسة الحكومة التي أخذت منه عام 2001 ما يجعل من مواجهته مع خصمه القوي نتنياهو عن حزب الليكود. فنصر نتنياهو من شانه أن يسيء إلى مسعى الرئيس بوش لتوقيع اتفاق سلام في الشرق الأوسط قبل مغادرته البيت الأبيض.

وبأخذ نتائج الاقتراع بعين الاعتبار نجد أن بقاء باراك في الحكومة كان متوقعا وحتى ولو على حساب مصداقيته. فقد صرح: "أدري بأنني قد أدفع ثمنا سياسيا لهذا القرار."

هذا وقد اندلعت الحرب في الثاني عشر من تموز 2006 حين عبر فدائيو حزب الله إلى إسرائيل وقتلوا ثلاثة جنود إسرائيليين وأسروا آخرين.

ودخل أولمرت الصراع بدعم هائل من الشعب الإسرائيلي, إلا أن شعبيته أخذت بالنزول بعد أن أخفقت الحملة التي استغرقت شهرا بالهدف المرجو منها ألا وهو إطلاق سراح الجنود وسحق حزب الله.

ورغم الحملة الإسرائيلية الجوية الكثيفة التي شنت على حزب الله, قصف الحزب شمال إسرائيل بما يقارب أربعة آلاف صاروخ. وقد اشتكى الجنود العائدون من الحرب من قلة التدريب والعتاد والتجهيزات الأساسية.

هذا وقد قضى ما بين ألف وخمسة وثلاثين إلى ألف ومائة وأحد وتسعين لبنانيا مدنيا ومسلحا خلال الحرب. بينما قضى ما بين مائة وتسعة عشر جنديا وأربعين مدنيا من الإسرائيليين وذلك حسب الإحصائيات الرسمية لكلا الطرفين. 

 
بقلم آمي تيبل - أسوشياتد برس
ترجمة طريف الحوري - مقالات مترجمة

سلام الشرق الأوسط بخمس حركات



اقتراح متواضع للسلام في الشرق الأوسط

نظرا للإحباط الدولي المتزايد اتجاه إسرائيل, تحدث آرون غاندي نجل المهاتما غاندي عن إسرائيل وكأنها شوكة مسؤولة وحدها عن معظم حالات العنف المنتشرة في العالم. لدرجة أن اتحاد أوكسفرد بدأ بالتفكير فيما إذا كان لدى إسرائيل,كدولة, الحق في البقاء على هذه الأرض. فجيلنا اليوم لم يعد يتحدث عن "قضية فلسطينية" بل عن "قضية إسرائيلية."
من هنا نجد أنه قد حان الوقت الذي يجب فيه على العالم اتخاذ موقف جامع حول إسرائيل واحتلالها. من هنا يجب علينا توسيع وعينا وإدراكنا الدوليين والحضاريين وذلك باستذكار عمليات الإستيطان الشاملة, وخطط الطريق, واللجان الرباعية والتي تمت كلها من أجل الجدال القائم حول النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي, وهو النزاع الذي نشأ بنشوء إسرائيل.

فيا ترى ما السبب الذي يمنعنا من عقد مؤتمر دولي يتناول كل هذه القضايا رغم كل النطاق الدولي المحيط وخارج منطقة الشرق الأوسط؟ بهذا المؤتمر, يمكننا أن نلزم كلا من إسرائيل والضفة الغربية بالإتفاقيات والمبادئ العامة. إذ ازداد عدد الناس والخسائر التي وقعت واللاجئين الذين تضرروا. حيث من الممكن عقد خمس جلسات للأمم المتحدة لتناول مواضيع: النزاع على العواصم, وحق العودة, ووضع الأراضي المحتلة, وتشكيل دول اصطناعية مشابهة لتلك التي تلت الحرب العالمية الثانية, وتوظيف قوى لمحاربة الإرهابيين الإسلاميين.

يمكننا تخصيص الجلسة الأولى لحل أزمة نيقوسيا والمنقسمة حاليا إلى شقين تركي ويوناني بخط تحرسه كل من الأمم المتحدة واليونان. إذ بإمكان محققي الإتحاد الأوروبي الحكم في شأن التقسيم الذي كان سببه تهديد وجود المسلمين الأتراك في قبرص. وقد تفيد ممارسة ضغط من قبل الأمم المتحدة أو دولة عظمى في فرض الخطة على الطرفين المتناقضين في نيقوسيا, عل هذا يفيد في حل أزمة القدس أيضا.

وقد يجد الدبلوماسيون أرضية مشتركة لحل موضوع الأناس المهجرين, والذين بمعظمهم نزحوا بعيد الحرب أواخر الأربعينيات. وقد يجدر البدء بملايين الألمان الذين هجروا من بروسيا الشرقية عام 1945, أو الهنود الذين طردوا من وطنهم فيما يعرف اليوم بباكستان, واليهود الذين يزيد عددهم عن النصف مليون والذين أخرجوا نتيجة للتطهير العرقي الذي مورس بحقهم في مصر, والأردن, والعراق, وسوريا بعد حرب 1967. ما الذي جرى بهؤلاء المهجرين يا ترى؟ أين هم الآن؟ وهل تم تعويضهم عن خساراتهم المادية والمعنوية؟ وهل سيحصلون على وعد بحق العودة إلى ديارهم المهجرين منها تحت حماية بلدانهم المضيفة؟ وهذه النقطة من شأنها تسليط الضوء على الفلسطينيين الذين نزحوا, أو هجّروا, من أراضيهم منذ ستين عاما مضت.  

وستتناول الجلسة الثالثة موضوع إعادة الأراضي المنتزعة بالحرب. فقد أصبح عشر أراضي ألمانيا, السابقة, اليوم جزءا من بولونيا. ولا يزال الروس يحتفظون بالكثير من جزر كوريله, كما خسرت قبرص اليونانية جزءا لا بأس به لصالح تركيا والتي أخذته عام 1974. ولا تزال الصحراء الغربية تابعة للمغرب حتى الآن, كذلك نسبة 15 بالمائة من أراضي أذربيجان تتبع أرمينيا اليوم منذ 1994. وبالإضافة إلى ذلك, يخضع إقليم التيبت, والمستقل كليا أساسا, إلى الحكم الصيني منذ عام 1950. لذا, في حال تم حل كل هذه المشاكل بشكل كلي, يمكننا وقتها تطبيق هذه الخطة على مساحة صغيرة من الأرض مقارنة بها, ألا وهي أراضي الضفة الغربية ومرتفعات الجولان.     

وسيتخذ المؤتمر في جلسته الرابعة موضوع الدول الإصطناعية الناشئة, وهو لموضوع شائك حقا. فإذا أخذنا غضب كوشنير بعين الإعتبار, هل قيام باكستان كوطن للمسلمين الهنود شيء مقبول؟ وكذلك بالنسبة لكوريا الشمالية والتي نشأت بين 1950 و 1953 بعيد النزاع, آخذين في الحسبان العنف الذي صدرته للعالم وتهديدها لسلامه؟    

أما الجلسة الخامسة والأخيرة فستتطرق إلى ما إذا كان هنالك ميل دولي لاستخدام قوة لردع الإرهابيين الإسلاميين والذين تسببوا بأضرار لحقت بالعديدين؟ فقد أطلق الروس, خلال حرب الشيشان الثانية 1999-2000, صواريخ موجهة إلى قلب غروزني مستهدفين الإرهابيين الشيشانيين ومصيبين كذلك عشرات الآلاف من المواطنين؛ ما دفع الأمم المتحدة لأن تدعوها أكثر مدن الأرض دمارا. وكذلك سوريا التي لم تعترف بالتدمير الشامل لمدينة حماة والتي كانت مقرا للإخوان المسلمين الإرهابية. فقد قصفت المدينة بأكملها ودمرت عن وجه الأرض عام 1982 مخلفة وراءها 30000 ألف قتيل أو مفقود. وهل نظرت يا ترى الحكومة الهندية عام 2002 في شأن مئات المواطنين المسلمين في غوجارات والذين قتلوا أثناء عنف بينهم وبين الهندوس؟ وتلك الأخيرة تؤكد على مصير الفلسطينيين الإثنين والخمسين المفقودين في جنين.

بصياغة أخرى, وبعد نصف قرن من المحاولات لحل أزمة السلام في الشرق الأوسط المستعصية والمتروكة, ألم يحن الوقت للدعوة إلى توجه عالمي لحفظ الأرواح التي أزهقت, والأراضي التي اغتصبت, والأفراد التي نزحت في الشرق الأوسط؟ أثبتت الدول التي عاشت أزمات مماثلة, كالصين وروسيا وغيرهما, أن حلولها كانت ناجعة لتلك المشاكل. على الأقل اتجاه قلة اهتمام العالم بقضاياهم, وإحجام الأمم المتحدة عن اتخاذ موقف ما, وصمت الحكومات الأوروبية.

لذا, فلندع المجتمع الدولي يبدأ عمله اتجاه الإنسان!

فقد تفيد قبرص اليونانية إسرائيل بنصحها بالتساهل بحق المسلمين فيما يتعلق بتقسيم القدس. وكذلك سوريا وروسيا قد يعلمون قوى الأمن الدولية كيفية التعامل مع الإرهابيين الإسلاميين بشكل مناسب وإنساني. وقد تفيد كل من بولونيا وروسيا والصين وأرمينيا في تقديم مسودة لإعادة الأراضي المنتزعة. وكذلك قد تسهم كوريا الشمالية وباكستان في توعية إسرائيل بعدم أحقية إسرائيل في الوجود كدولة ناشئة جديدة. ومصر والعراق من شأنهما إرشاد الآخرين حول كيفية إيجاد حلول مفيدة لمشاكل الجاليات اليهودية المهجرة.     

لكن يجدر بالذكر هنا ما سبب تضييقنا لنطاق مذكرة المؤتمر هذه؟ إذ لدى العالم المزيد لتعليمه لإسرائيل حول كيفية التعامل بشكل إنساني وتقديم التنازلات لبلدان قصفت أراضيها واجتازت حدودها.  

وما لا ريب فيه هو نجاح أشخاص يدعون للإنسانية كجيمي كارتر وآرون غاندي وطارق رمضان في مهمتهم. إذ ينبغي عليهم الإفادة من حكمتهم وعطائهم في حل المشاكل القائمة في الشرق الأوسط عملا بما قدموه سابقا من أعمال مشابهة.

بقلم : فيكتر ديفس هانسن - ناشنل ريفيو أون لاين
ترجمة طريف الحوري   - مقالات مترجمة

عودة لبنان إلى الحرب الأهلية


 
كان مصرع الضابط وسام عيد من الأمن الداخلي اللبناني وإطلاق النار على ثمانية متظاهرين شيعة, من بينهم أربعة من مؤيدي حزب الله, في منطقة مار مخائيل في بيروت الجنوبية, آخر دليل عن إمكانية اندلاع حرب أهلية في لبنان وزوال الأمن الداخلي فيه.

مع ذلك, تبدو المراهنة على القضايا التي قد تؤدي بالبلاد إلى التفرقة مستحيلة. فالسبب الأهم هو عزم سوريا على متابعة قلقلة الأمن والاستقرار في لبنان حتى تنفذ شروطها الخاصة.

وتقترن المشاكل الأساسية الكامنة خلف الأزمة اللبنانية المتفاقمة بميزان القوى الإقليمية الأكبر. وقبل كل شيء, وقوع حرب بادرة إقليمية جديدة في المنطقة, حرب تضع كلا من أمريكا وحلفاءها خلف جبهة, وإيران وأتباعها خلف جبهة أخرى, تشمل هذه الأخيرة سوريا وحزب الله الشيعي اللبناني.

وآخر ما أضاف لهذه الأزمة هي ترك إميل لحود لمنصبه دون أن يخلف وريثا له. ومنذ ذلك الوقت, تعاقبت الخلافات لملء هذا الفراغ؛ رغم وجود اتفاق على تنصيب رئيس أركان الجيش اللبناني ميشيل سليمان في هذا المقام. وتبقى شروط الخلافة الدقيقة موضع الجدال في لبنان. ففي كانون الثاني 2008 تحدثت جامعة الدول العربية عن توصلها إلى اتفاق مصالحة لكلا الطرفين. لكن قامت سوريا وخلال المؤتمر بعد أن أعلنت موافقتها على الصيغة, كانت قد أعلنت عن خطتها اختراق الخطة.

وحسب مقترح الجامعة, ينصب سليمان رئيسا للجمهورية على رأس حكومة وحدة وطنية تمنح سلطة متوازية لكلا فريقي الرابع عشر من آذار والمعارضة على حد سواء. ولن يحصل أي من الفريقين على قوة النقض إذ سيعين الرئيس الجديد وزير التوازن في الحكومة.

وكما هو باد الآن, لا تقبل المعارضة اللبنانية والموالية لسوريا بهذا الترتيب. وسوريا تعبر عن رفضها لهذا عن طريق تحفيز منظماتها داخل لبنان. إذ طالما هدد حزب الله بتصعيد مظاهرات في الشوارع خلال الأسابيع القادمة ما لم ينفذ مطلب المعارضة بالحصول على المقعد الوزاري الذي يمكنها من النقض.

يعزو العديد من المحللين سبب الهجمات الإرهابية التي وقعت في الآونة الأخيرة, والتي كان آخرها مصرع ضابط الأمن عيد, إلى حزب الله والذي يعمل على إشعال الفتنة لخدمة المصالح السورية في البلد. فالتفجير الذي وقع في الخامس عشر من كانون الثاني والذي استهدف السفارة الأمريكية في بيروت والذي قضى فيه أربعة أشخاص, والتظاهرات التي خرج الشيعة فيها إلى الشوارع, وإحراق الإطارات المطاطية, كلها تتبع هذا المنهج. والجدير ذكره هنا هو حدوث إطلاق نار من آر بي جي 7 مجهولة أثناء تظاهرات السابع والعشرين من كانون الثاني في منطقة مار مخائيل.

هذا وقد تعرض لبنان إلى سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت عددا من الشخصيات السياسية المعارضة لسوريا خلال العامين المنصرمين. كان آخر هذه الاغتيالات ذاك الذي استهدف عيد كتتمة لاغتيال رئيس هيئة الأركان فرنسوا الحاج في كانون الأول الماضي. وقد ساهم عيد في التحقيق حول اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في نيسان عام 2005. كما كان عيد مسؤولا عن رصد نشاطات حزب الله في ضواحي بيروت الجنوبية. ويعرف عن السلطة التي تبع بأنها موالية لحكومة السنيورة ويقودها أشرف ريفي المعروف بنقده لنظام دمشق.

ويحاول النظام السوري على الدوام, وقبل أي شيء آخر, عرقلة بل ومنع تشكيل محكمة دولية للبحث في اغتيال الحريري. إذ ركزت التحقيقات الأممية على إمكانية ضلوع سوريا في هذا الاغتيال. فدمشق تعيش كابوس الانتقال إلى لاهاي لمواجهة المحكمة؛ وهو ما تمنعه بأقصى طاقتها. وهذا ما يدفع حزب الله, قبل أي سبب آخر, إلى تصعيد العنف في الشارع.

ويعتقد العديد أن إيران, الداعم الدولي الآخر للمعارضة اللبنانية, تلعب دورا في اللعبة السياسية في لبنان. وقبضة إيران الكبرى في لبنان هي حزب الله, الحزب الذي تشرف على تمويله وتدريبه. ولا يبدي الإيرانيون أي مصلحة لهم بالتصعيد السياسي في لبنان بشكل مباشر. فهم لا زالوا بحاجة بعض الوقت ليستعيدوا انفاسهم, ويعوضوا عن خسائر حزب الله التي وقعت بسبب حرب لبنان الثانية.

فطهران تعتمد على حزب الله في إعادة هيكلة بنائه لجعله قوتها في المنطقة, وهي التي تعمل عليها حاليا وبجد. ويعرف عنها كذلك رغبتها بتفادي أي خلاف طائفي بين الشيعة السنة؛ إذ من شأن خلاف من هذا النوع أن يضعف, بل ويحبط من مشروعها للظهور في موقع القوة في المنطقة, وذلك لتخليص المنطقة من أيدي القوى الغربية. على أي حال, تبدو الأحداث الجارية حاليا, والتي ستقع أيضا, وكأنها واردة على المذكرة السورية. الأحداث الذي ستودي بلبنان إلى درك الهاوية.

في هذا الوقت تسعى الجامعة العربية إلى إيجاد حل للأزمة إذ ها هو موسى يحضر للعودة إلى بيروت للمباحثة. وبوضع الحقائق المتخفية للوضع في الحسبان, ستعود هذه المحاولة للصب في حفرة الفشل المعهودة, كغيرها من سابقاتها. إذ تفيد العلامات الحالية إلى أن هذا الفشل قد يؤدي إلى تحفيز نشاط المعارضة والتي ستربك الوضع, وخاصة حزب الله والذي يشكل قوة سياسية عسكرية لها تنظيم يفوق غيرها في صفوف المعارضة.

ومن هنا نجد أن توقع هجمات مشابهة لتلك التي وقعت في الخامس عشر من كانون الثاني وتلك في أوائل العام الماضي وكذلك مؤخرا في مار مخائيل شيء قريب من البال. وتبقى الحكومة واقفة وقفة الحائر رغم قدرتها على ضبط الوضع. لذا نجد أن خيال الحرب الأهلية قريب جدا بل ويحوم حول لبنان الآن أكثر من ذي قبل.

بقلم جونثن سباير - جوريسلم بوست                                                                                         مقالات مترجمة
ترجمة طريف الحوري

ندوة بالقاهرة حضرها شقيق جمال عبد الناصر: آل سعود هم منبع الإرهاب الدولي باسم الدين



في حضور الدكتور عادل عبد الناصر الشقيق الأصغر للزعيم الراحل جمال عبد الناصر وبمشاركة لفيف من العلماء والخبراء والمؤرخين، أكد الجميع وبعد مناقشات مستفيضة على أن النظام السعودي الحاكم في الجزيرة العربية هو نبع الإرهاب الدولي المعاصر الذي يستغل أسم الإسلام وهو بريء منه، وأكدوا في الندوة الموسعة التي عقدها مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة بالأمس، على أن الأسرة السعودية الحاكمة هي التي خلقت سواء خلال العلاقات المخابرتية والدعم السياسي أو من خلال التغطية بالفكر الوهابي المتطرف الذي دأب على تبرير الاحتلال الأمير كي في كل زمان ومكان وتكفير المقاومة حتى ولو كانت سنية وليس شيعية (كما حدث مؤخراً من تحريم للجهاد بغير أذن أمير المؤمنين ملك السعودية المعظم(!!) وتكفير أسامة بن لادن وجماعته من قبل دار الإفتاء السعودية الوهابية).وأثبت الخبراء والمؤرخين بالوثائق أن الأسرة السعودية منذ النشأة الأولى وهي تؤدي دوراً وطنياً(سياسياً ودينياً) لصالح الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية وأن مساعدتها لجماعات العنف والغلو هدفه الرئيسي التخديم على تلك الاستراتيجيات وتحقيقها على أرض الواقع بمبرر مقاومة الإرهاب، والذي إكتوت منه (السعودية) ذاتها، بالإضافة للنتيجة السيئة والأخطر على الأمة كلها وهي خلط مفهوم المقاومة بالإرهاب وجعلهما أما الرأي العام العالمي مفهوماً واحداً يستحق الإدانة، وفي أثناء الندوة أكد د.عادل عبد الناصر على أن شقيقه جمال عبد الناصر تعرض لمؤامرات سعودية متتالية منذ تولي السلطة في مصر وأن حرب اليمن واستمرارها ـ على سبيل المثال ـ كانت مؤامرة سعودية خبيثة، وأن الطريق لنهضة الأمة وتحررها يمر عبر الإطاحة بهذه الأنظمة الملكية الفاسدة والدا عمة للإرهاب والمناهضة لكل قيم وحركات المقاومة الصحيحة.شارك في الندوة ممثلو الأحزاب والنقابات المهنية في مصر ولفيف من الخبراء والعلماء والإعلاميين منهم فضيلة الدكتور/أحمد السايح أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر الشريف ـ والمؤرخ الكبير الدكتور محمود إسماعيل أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة عين شمس ـ والمعارض الحجازي المعروف د.فوزي أسعد النفيطي(وهو لاجيء سياسي منذ 30 عاماً بالقاهرة ـ د.عادل عبد الناصر السياسي المعروف وشقيق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أستاذ إبراهيم بد راوي المفكر اليساري المصري ـ د.محمود جابر الباحث الإسلامي المتخصص في شئون السعودية. ولفيف من الخبراء وسياسيين وأدار الحوار د.رفعت سيد أحمد المدير العام للمركز هذا وقد شاركت العديد من الصحف المصرية والعربية في تغطية فاعليات الندوة منها[البديل ـ المصري اليوم ـ الموجز ـ اليوم ـ الغد ـ العرب ـ الأهرام العربي ـ نهضة مصر ـ الدستور].
وسيتم نشر الندوة لاحقاً في كتاب واسع الانتشار بالقاهرة.

هل كفرت المعارضة الفلسطسينية بعقدها "المؤتمر الوطني " في دمشق؟


نبيل أبو جعفر *
كما يقول المثل الشعبي على لسان البخيل لضيفه: "صحيح لا تكسر، ومكسور لا تأكل.. وكل حتى تشبع"!، هذا هو حال سلطتنا الفلسطينية مع الفصائل المعارضة ولا سيما حركة حماس، وكل من شارك في المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي عقد في العاصمة السورية يوم 23 كانون الثاني، فهي لا تُريد أن تحاور من "ينشق" عنها، ولا تريدهم أن يحاوروا بعضهم البعض حول مصير قضيّتنا التي أصبح يتكالب عليها الصغير كما الكبير، وحول القواسم السياسية المشتركة بينهم!
 
ولما لم يكن من الممكن أن تقول لهم هذا المثل بحرفيّته، فقد ساقت حججاً أخرى وأقاويل مختلفة تتراوح بين التشدّد والعقلانية لانتقاد المؤتمر إن لم نقل معاداته حتى قبل أن ينعقد.
 
ورغم إعلان الداعين لهذا المؤتمر وأبرز المشاركين فيه عن أهدافه سلفاً، وحصرها في استمرار المقاومة ضد الاحتلال والتمسّك بالثوابت الفلسطينية التي بدأت بوادر انهيارها تلوح عملياً في الممارسات اليومية، وفي مقدمتها حق العودة، وتقرير المصير، وحدود الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ورغم تأكيدهم على عدم التطلّع أو السّعي للحل محل منظمة التحرير، بل العمل على إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني بين "دولتي" الضفة وغزّة بالحوار الأخوي..
 
.. ورغم ذلك، فقد اعتبرته سلطتنا تصرفاً خارج نطاق الشرعية، وعملاً يستهدف شقّ الصف الفلسطيني – مع أنه منشقّ في الواقع – وذهب العديد من رموزها أو المحسوبين عليها مذاهب شتّى في الحكم عليه تراوحت بين منتهى التشنّج والعقلانية.
 
أسلوبان مختلفان
 
وهكذا رأينا – كمثل – كيف أن الأخ سلطان أبو العينين /أمين سرّ حركة فتح في لبنان، الذي كان يطلع علينا في تصريحاته المتعاقبة متحمساً لاحكام الحصار على مخيم نهر البارد، ويكيل الأوصاف الإتهامية المبالغ فيها للإرهابيين المارقين من مقاتلي فتح الاسلام، خرج علينا بنغمة مشابهة في الحماس المتشدد وهو يُعلّق على "مؤتمر دمشق"، متهماً حركة حماس والمشرفين عليه باستنساخ بديل عن منظمة التحرير، دون أن يلحظ وهو يقول هذا الكلام أمام تظاهرة بمخيّم الرشيدية كانت ترفع لافتات تندّد باسرائيل واميركا وحصار غزة.. الخ، أن أحداً من المتظاهرين لم يرفع لافتة تدين "الاستنساخ" أو تتهم المؤتمرين بالتآمر على المنظمة وفلسطين.
 
كما رأينا في المقابل – وكمثل أيضاً – كيف عبّر عن رأيه في المؤتمر الأخ سميح خلف/عضو اقليم فتح في الجماهيرية الليبية ورئيس اتحاد المهندسين حين كتب محيّياً "الأخ رمضان شلّح، هذا الرجل الفلسطيني الفلسطيني، والأخ أحمد جبريل، رجل الثوابت الفلسطينية بلا منازع، مع كل التقدير والاحترام للأخ خالد مشعل"، كما قال بالنص ثم تابع: ".. ولكن مهلاً: لستم أنتم وحدكم المتمسّكون بالبندقية ولستم وحدكم الاقطاب الاقطاب الموجهة للحفاظ على الحقوق" "... فإذا كانت عصابة اوسلو قد اختطفت قرار حركة التحرير الوطني الفلسطيني، ووضعت محاليل من الأسيد على نظامها وأهدافها ومنطلقاتها وبرنامجها النضالي، فإنني أقول أن فتح في حدّ ذاتها وقعت ضحيّة للجميع القريب والبعيد، ووقف الجميع متفرجاً على مشاهد نحرها بدءاً من بعض فصائل العمل الوطني، نهاية بفصائل العمل الاسلامي، بدعوى أنها انحرفت، وبدعوى اوسلو اللعينة، في حين أن أطر فتح بكاملها لم تكن تعلم بما يتمّ في الكواليس..".
  
بين المؤتمرين والمعترضين
 
 وبالعودة لموضوع المؤتمر الذي انعقد وانفضّ دون أن يضرب اسفيناً، ولا يجرح أحداً، بل التزم بالأهداف التي حدّدها لنفسه وقد ركّز عليها خالد مشعل في كلمته بالتأكيد على أنه ليس مؤتمر معارضة وليس مؤتمراً انفصالياً، وان حماس لا تحتكر الشرعية، فهذا مؤتمر وطني فلسطيني، وهي جزء أساسي من المسار الوطني الفلسطيني، ثم طالب بالحوار غير المشروط، لانه ليس من المعقول أن تتحاور السلطة مع الجميع دون شروط وتضع شروطاً للحوار مع اخوانها، كما طالب بوقف المفاوضات مع "اسرائيل" لانه ليس من المعقول أيضاً أن تستمّر المجازر ضد شعبنا الفلسطيني في ظل المفاوضات.
 
وفي نفس الاتجاه جاء كلام وزير الاعلام السوري الدكتور محسن بلال في وصفه للمؤتمر الذي حضر أعماله بالقول أنه لم يكن لقاءً من اجل الخطب وإنما من اجل التشخيص والحضّ على الحوار بين الفلسطينيين والعودة للوحدة الوطنية، وقد وجد فيه فرصة لتشخيص مؤتمر أنابوليس واوسلو، وحتى مؤتمرات القمة العربية.
 
يبقى التنويه الى انه اذا كانت بعض آراء المعارضين والمنتقدين لهذا المؤتمر قد انصبّت على عقده خارج خيمة منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، الأمر الذي يؤشّر الى عدم الاعتراف بشرعيتها، أو الإنتقاص منها، مع أنها هي الوعاء الشرعي والأساس للتفاهم والحوار وبحث مشاكل البيت الفلسطيني، كما ينصبّ أيضاً على عدم مشاركة فتح، الفصيل المؤسس في حركة التحرر الوطني الفلسطيني، مما يوحي أن "غيرها" يُريد أن يُنّصب نفسه هو الأساس، خصوصاً وان توقيت انعقاد المؤتمر في هذا الظرف الانقسامي الداخلي يدفع باتجاه تعميق هوّة الخلاف واستحكام الأزمة القائمة، فإن الرّد على هذه الاعتراضات أكثر من سهل وواضح ويمكن تلخيصه أولاً بأنه لا حاجة للتأكيد على أن من حق أي فلسطيني، سواء كان فرداً أم تنظيماً أن يبحث شؤون بلده ومصيره والحال الذي عليه الآن ضمن أي صيغة أو مؤتمر، خصوصاً وانه لا يقوم بذلك مع الاعداء، وانما يُجبر عليه في وقت تعطّلت فيه كل سبل الحوار بين شطري البيت الفلسطيني مع الأسف.
  
تجربة الرفض السابقة
 
ثم، ألم تكن جبهة الرفض المسماة جبهة الصمود والتصدّي للحلول الاستسلامية – وهي التي تضمّ فصائل تَمَثل بعضها في مؤتمر دمشق – تعقد اجتماعات ومؤتمرات كل اسبوع، قبل أكثر من ربع قرن من الآن في بيروت، وفي ظل "غابة البنادق"، وتصل في هجومها على "الاستسلاميين" الى حدّ التخوين؟
 
الجو نفسه الذي فرض وجود جبهة الرفض في تلك الأيام لمواجهة أولى بوادر الاستسلام تحت شعار السلام، يتكرر اليوم بعد التباعد في الموقف، والسير على طريق التنازل تلو الآخر، الى حدّ شعور الفلسطينيين الآن باقتراب اليوم الذي سيتراجع فيه ممثلهم الشرعي والوحيد عن ثوابت طالما أعلن استحالة المساومة عليها كقضية اللاجئين ومدينة القدس..
 
في ظل هذا الوضع يبدو من الطبيعي والمنطقي عدم عقد هذا المؤتمر تحت مظلة المنظمة ولا في ضوء برنامجها السياسي، ودون مشاركة الفصائل الغارقة في "عسل العملية السلمية التصالحية" التي سيكون سقفها "السلام مقابل السلامة".. لا الارض!
 
ويبدو أكثر من طبيعي أن تعبّر شريحة كبيرة من شعبنا عن موقفها المعارض للتراجعات المستمرة والمهينة أمام البلدوزر الاميركي – الصهيوني الذي يعمل على سحقنا بالتدريج دون أي مقاومة من "الخيمة" التي يُفترض ان تُظلّلنا.
 
المؤتمرون في دمشق لم يكفروا، ولم يخرجوا عن الخط الوطني، ولم يضعوا أنفسهم بديلاً لغيرهم، وهذه نقاط تُسجل لهم. أما الحل الذي لا حلّ غيره فلا يتحقق إلاّ بالحوار، والوحدة، وعودة اللحمّة.
 
كلام "شاعري" وبديهي.. ربما، لكنه الحقيقة الكبرى .
        
                                                                                   n4jaafar@hotmail.com

عُربان اليوم والرِدّة إلى عصر الجاهلية



منذ فترة أعجبتني جملة مفادها: "اذبحني يا مولاي، إن كان موتي يُرضيك!". هذه الجملة وثيقة الصلة بما تعانيه ساحتا العالمين العربي والإسلامي، وخاصةً ما تتعرض له الساحة الفلسطينية: من مظاهر محو للهوية الوطنية من جهة، وإبادة من جهةٍ ثانية، وحصار مُريع غاية في الفظاظة لقطاع غزة، لم يسبق أن رأى تاريخ البشرية مثيلاً له من قبل من جهةٍ ثالثة.
أنْ يفرض العدو حصاراً على شعبٍ يحتله، فهذا أمر نفهمه، لكن أن يشارك بنو الجلدة من إخوة وبني عم في هذا الحصار، فهذا أمر يصعب على المرء تصوره وتقبله. قد يتفلسف قائل ويقول: إن الإخوة وبني العم مجبورون على فعل ذلك؛ لأن الرياح عاتية ولا قِبَل لهم بمواجهتها، غير أن السوابق التاريخية لمثل هكذا قضية لم تحدث إلاَّ ما ندر.
وإليكم التفاصيل، ففي التاريخ الوسيط والإسلامي منه على وجه التحديد، غداة الغزو الإفرنجي والمغولي للمنطقة العربية شهدت بعض الإمارات الإسلامية الكثير من الضعف والانحدار السياسي والقيمي والأخلاقي، ووصل بها الأمر لحد التعاون مع المحتل الأجنبي ضد بني جلدتهم من بقية الإمارات التي آثرت المقاومة. لكن في الفترة نفسها كان يوجد من يقف ضد هذه الإمارات ويتصدى لها ويُعيد لها عقالها، كما حدث من الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي قضى على هذه الإمارات الهزيلة، فأعاد للأمة شرفها المسلوب. وكما حدث مع قادة المماليك الذين تصدّوا للخطر المغولي ووضعوا حداً لتمدده في المنطقة، فكانت النتيجة؛ أن بدأ المغول باعتناق الإسلام.
أما اليوم فالصورة مغايرة، فلسطين سُلبت بالكامل وهُوِّدت مدنها وقراها، وقُدسها اُستبيحت على مرأى من العرب والمسلمين، ولم ينطقوا ببنت شفة تعبيراً عن رفضهم لهذا الواقع الجديد. وإن قامت مقاومة ضد سياسة التهوّد هذه، حوربت منهم وجرى العمل على وأدها، كما الأمر مع المقاومة الفلسطينية بشتى صورها، التي تتصدى للتغوّل الإسرائيلي بأبشع صوره. وكذلك الأمر المقاومة اللبنانية التي تمكّنت في العام الماضي في تموز وآب 2006م، من تحقيق نصرٍ باهر على الإسرائيليين، ومع ذلك وبينما كانت المعركة مستعرة كان بنو الجلدة يحاولون ضعضعة أركان المقاومة بوصم القائمين عليها بأنهم شيعة، أو بمعنى آخر لا يجوز للسُنّي أن يدعمها. أي منطق هذا الذي نحياه في زمننا هذا، أو كما يقول العامة: "لا منهم ولا من كفاية شرهم".
عُربان اليوم ليسوا هم عُربان الأمس، الذين كانت تدب فيهم النخوة لنصرة أقوام عربية وإسلامية، بمجرد أن يستغيثوا بهم لنصرتهم، كالخليفة المعتصم بالله. اليوم إن استغاث بهم بنو جلدتهم تململوا وتثاءبوا، وولوا وجوههم للخلف كأن الأمر لا يعنيهم، ما داموا لم ينكووا من النيران المشتعلة بذوي القربى. وهذا أمر ناجم من طلب الأجنبي منهم بعدم التدخل فيما لا يعنيهم، فأقاربهم- من وجهة نظر هذا الأجنبي- إرهابيون، وبالتالي فعليهم أن ينأووا بأنفسهم عن مساعدتهم وإلاَّ فسوف يوصمون بالتهمة ذاتها.
العالم العربي اليوم بالذات مهلهل، باتت عيوبه ظاهرة للعيان، ولا يمكن مداراتها وتغطية سوءاتها؛ الأمر الذي جعل بعض المتنفذين يستلذَّ الهوان، صورة بتنا نقرأها كل يوم، حتى أصبحت معتادة لنا!.
السيد الأمريكي القابع في البيت الأبيض يحركنا كيفما شاء بالوسائل الإلكترونية الحديثة، كالريموت كنترول أو جهاز التحكم عن بعد إن جاز لنا استخدام لغتنا التي فضلها وميّزها رب العالمين بالقرآن الكريم على بقية لغات العالم. يقول لنا كن فنكون، وعذراً إن استخدمت في مقالتي مصطلحات لا يجوز استخدامها، لكن الضرورة تقتضي ذلك. فالسيد الأمريكي الذي نعيش في عصره الآن، ومنذ أن رسّخ قدماه على الأرض العربية يفرض علينا ثقافته وتقاليده، ولم يستطع عُرباننا أن يجابهوها بقيمهم وتقاليدهم، التي هي أفضل من قيمه وتقاليده. وتركنا شبابنا عماد مستقبلنا ينهل من تقاليد السيد الأمريكي دون وازعٍ من ضمير، ولا نستطيع أن نمنعه من النهل منها، أو على أقل تقدير الحد من الإقبال عليها. فإذا فسد شباب مستقبلنا، فالنتيجة المحتّمة ستكون إقبالنا على واقعٍ ومستقبلٍ مظلم، لا يعلم إلاَّ الله متى سنخرج منه.
عندما احتل الفرنسيون مصر عام 1798م، أخبرنا شيخ المؤرخين المصريين عبد الرحمن الجبرتي، بأن بعض أهالي مصر قد بدأوا بتقليد المحتلين في عاداتهم ولباسهم. ويبدو أن هذا أمر واقع، من المفترض على المهزوم أن يسايره. واليوم دول العالم العربي الكبير باتت تتقمص الشخصية نفسها، فدولٍ عربية كانت حتى الأمس القريب فقط توصف بالمحافظة، أضحت اليوم متأمركة بالكامل، خلعت عن نفسها ثوب المحافظة، الذي بات في نظر أهلها تخلفاً ورجعية، فَلَبِس شبابها الزى الأمريكي الخليع سواء بين الرجال أو النساء. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فقد وصل الأمر إلى حد النظر إلى دينهم الإسلامي على أنه سبب تخلفهم، فبدأت مجموعات ليست بالقليلة بالارتداد عن الإسلام واعتناق المسيحية، خاصةً في دولٍ يشكو أهلوها من الفاقة والفقر، فاستغلت طوابير الفرق التبشيرية هذه الظروف لإقناع بعض المسلمين باعتناق المسيحية، بعد أن صوّروا لهم أنها المخلص لهم مما يعانونه. والغريب في الأمر أن هذه الجماعات التبشيرية في أغلبها بروتستانتية، أي مذهب السيد الأمريكي المؤمن بإسرائيل كواقع وبضرورة دعمه بلا حدود، ولا يتدخل حكّام هذه البلاد على منع هذه الظاهرة، كأن حد الرِدّة قد انتهى مفعوله.
إن ما يحدث ويجري على الساحة العربية، هو نوع من الرِدّة إلى العصر الجاهلي، لكنها الجاهلية الثانية، سواء من جانب الحكّام أو المحكومين، الاثنان يتساويان في التبعية العربية للأجنبي، وخاصةً للسيد الأمريكي، الذي بات هو إلههم الذي يعبدونه ويأتمرون بأمره. يأمر فعليهم السمع والطاعة، وينهى فيلتزمون بما ينهى عنه.
في عصر الجاهلية الأول الذي قضى عليه رسالة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، كان العُربان لا يتورعون عن فعل أي شيء منافٍ لقيمهم وتقاليدهم، خاصةً المتعلقة بضرورة الالتزام بتعاليم وأوامر أسيادهم القابعين خارج الجزيرة العربية من فرس وروم وأحباش. بعض حكّامهم في تلك الفترة التاريخية كانوا يُعينون برغبة هؤلاء الأسياد، ويحاربون بعضهم بعضاً تنفيذاً لإرادة هؤلاء الأسياد. ومع هذا كله فقد كان لدى بعض حكّام الجزيرة العربية في الجاهلية نوع من النخوة إذا وقع على جاره مكروه، فيهبَّ لنصرته. أما اليوم فالصورة مقلوبة تماماً، أصبح العربي جار العربي عدواً من الواجب على أحدهما أن يحاربه أو يُضيّق عليه في مناحي عيشته، ليُرضي إلهه القابع في البيت الأبيض، وإلاَّ فالويل والثبور له إن لم يفعل.
          بالأمس القريب، كان إله البيت الأبيض يزور منطقتنا، وتوقعنا أن تبرز ولو على استحياء شيء من النخوة لدى حكّامنا، فيهبّوا للطلب من سيدهم برفع المعاناة أو جزء منها عن كاهل الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، لكننا صُدمنا عندما شاهدنا بأم أعيينا كيف كانت الحفاوة التي استقبلوه بها، وكرم الضيافة الذي يشتهر به العرب لكن ليس فيما بينهم وإنما مع الغريب. لقد شاهدنا وسمعنا كيف أن السيد الأمريكي يزمجر ويأمر، وعبيده ينصتون بخشوعٍ مبالغ فيه. والحق يقال: هكذا هي العبودية الحقّة الواجب اتباعها مع السيد الإله. السيد يقول: إنني ملتزم بأمن الدولة اليهودية، لا دولة إسرائيل، والعبيد لم ينبثوا ببنت شفة اعتراضاً على ما يقول، وهذا دليل على قبولهم بما يقول. ورأيناه يرقص الرقصة الشعبية لبعض هؤلاء العبيد معهم، وهم فرحون جزلى بأنه تعطّف عليهم بأن قام بشيء يسر قلوبهم، توطئة للجائزة التي سيحصلون عليها، بإبقائهم على سدة الحكم. ورأيناه يتوشّح بأرفع الأوسمة الذهبية، كنوعٍ من الرضا عما يفعله بأهل فلسطين، وكان الأولى أن تذهب قيمة هذا الوسام لأهل غزة المتضورين جوعاً، ولم يعد ثمة ما يقتاتون به.
          ليس العُربان فقط من يتآمرون على فلسطين وقضيتها، ويبيعونها قطعة تلو القطعة للأجنبي، ويساعدون على تهويدها، بل الفلسطينيون أنفسهم من أصحاب التنظيمات يتساوقون ويتبارون مع بني جلدتهم من العُربان، بخلافاتهم التي قصمت الظهور، وصراعاتهم من أجل الكراسي والمناصب، واللهث وراء سراب اسمه سلطة، لا يملكون من حطامها شيئاً؛ لذا فالكل متساوٍ في تفاقم معاناة أهل فلسطين، سواء أكانوا عرباً أم فلسطينيين، حكّاماً كانوا أم محكومين، بل إن معاناة هذا الشعب المكلوم هي من صنيعة المحكومين أكثر منها من الحكّام، فإذا كان الحاكم فاسداً، فسكوت المحكوم على ما يفعله الحاكم أكثر ضرراً، فالمحكوم إذا أراد تغيير الواقع المهين الذي يحياه، فيمكنه أن يجد الوسيلة لذلك، ولكنه بسكوته يفعل فعل حكامه، وكأنه استمرأ المقولة القائلة: الناس على دين ملوكهم، فهو وهم في المسئولية سواء.
ولكن الأرضَ ولاسيما أرضنا المقدسة التي أنجبت القادةَ الشجعان والأبطالَ المغاوير لن تبخل علينا بإنجاب من يملك الكرامة والمروءة وعزة النفس؛ ليصنع لنا المجدَ الذي نبغيه، وصدق شاعرنا العظيم أبو القاسم الشابي عندما قال:
إذا الشعب يوماً أرادَ الحياة    فلا بدّ أنْ يستجيبَ القدرْ
                   ولا بـدّ  لليـلِ  أنْ  ينجلي    ولا بدّ  للقيدِ أنْ ينكسرْ
 
          ألم نستمع يوماً للمطربة الكبيرة نجاح سلام وهي تشدو في فيلم المجاهد الكبير عمر المختار: "يا أمة العرب شيء من الغضب"، لكنها كانت تشدو في عالم غير عالمنا، وفي وادٍ سحيق غير ذي زرع لا تقترب منه عربان اليوم، ولكن على ما يبدو لأناس من غير جلدتنا، كما هو حال الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الشيوعي، الذي لا يؤمن بديانتنا، والنائب البريطاني جورج جالاوي، اللذان فرضت عليهما النخوة يوماً ما ولا زالا أن يكسرا الحصار على شعب العراق المحاصر، وأن يمدا يد العون للشعب الفلسطيني. أما عُرباننا فجزاهم الله كل خير، فإنهم عندما يشاهدون مناظر عذابات أهلهم في فلسطين، يمصمصون شفاههم وتذرف عيونهم دموع التماسيح على ما شاهدوه، ثمَّ سرعان ما ينسون ما رأوا، ويذهب كل في طريق كأن لم يروا شيئاً، وهذه نعمة النسيان على بني البشر.
          الله الله يا أمة العرب، أليس فيكِ شيء من الغضب، تغضبين به من أجل مستقبلك، ومن أجل مرؤتك، فإن لم تستيقظي مبكراً لِما يُحاك ضدك، فلن يكون لك دور بين أمم الأرض، ولن يكون مصافك حتى بين أكثر الأمم تخلفاً، إن لم تكوني قد وصلت بالفعل إلى هذا المصاف الرهيب والمخزي.   
 

د. أسامه محمد أبو نحل

العنود الأميرة الثائرة وماريا معلوف الحائرة



لو قارنا بين صاحبة برنامج بالعربي ، جيزيل خوري وبين ماريا المعلوف لوجدنا معنى التضاد بكل صفاته وكيفياته .
الأولى لئيمة ، ولؤمها كان منذ اليوم الأول لظهورها على قناة الذبح على الهوية " الأل بي سي " جواز سفر لها إلى عالم المال والأعمال والشهرة والقمار(تموت بالروليت موتها بالرجال الأصغر سنا ) .
 
جمالها من نوع اللاجمال ، لا هو بالموصوف ولا هو بالمنكر .
 
جيزيل خوري نوع من نادر من الإعلاميات،إنها من اللواتي يكرهن الله لأنه خلقهن في المنطقة العربية وليس في دولة إسرائيل أو في فرنسا مثلا .
 
هي نوع من الإعلاميات اللواتي يعرف السعوديين بأن برنامجها بالعربي إسم على غير مسمى . فهي لا تعترف أصلا بالعرب، إلا كحمير تركب أو ابقار تحلب وهذه بالضبط هي نظرتها إلى قناة العربية، أبقار تحلب . ومع ذلك ينقضونها أعلى راتب لعجوز باهتة ذابلة في العالم بعد راتب مادلين أولبرايت يوم كانت في الخارجية .
 
يعرف السعوديين ذلك ويوافقون لا بل ويفرحون . فكما قلت هي نوع نادر من الإعلاميات اللواتي لا يبدو عليهن الكبر رغم أنها في الرابعة والخمسين . وهي تعبت جسديا من على قدر ما تتعب من عاشرت مجرمين موصوفين برائحة الدم والموت .
 
يروي سمير جعجع لصديق الذي رواها لـ"جيلبير متى " المقيم في مونتريال قائلا :
 
" كنت حين أعود من تفقد الجبهة إلى البيت في الكرنتينا أو في القطارة وتلحق بي عشيقتي السابقة جيزيل خوري ، كنت لا أغير ثيابي حتى تصل . كانت رائحة البارود وقطرات الدم على ثيابي (بعد تنفيذه عمليات التصفية بنفسه بحق المعتقلين كما توقع جيلبير ) هي ما تشعل فيها العشق والهيام فهي تحب المقاتلين والـ..قاتلين " .
 
تعشق جيزيل الخيانة... ويقال على ذمة القائل بأنه يوم مات عضو حزب العمل الإسرائيلي سمير قصير وبجانبه في السيارة المتسهدفة كانت تجلس زوجة أحد البكاوات، لم تحزن جيزيل على الخيانة بل على فعل الخيانة دون وجودها ؟
 
على أن أهم ما في أهمية جيزيل كلإعلامية ، هو أن مجرد وجودها على الشاشة مباشرة ، يخلق لدى أعداء إسرائيل وكارهي الطائفية وكارهي أميركا والسعودية حالة من الإشمئزاز والقرف يصعب معه أن يستوعب أي كان ولمدة ساعات معنى للوجود الجميل، أو معنى لرائحة العطر العليل هكذا تصبح جيزيل خوري أداة تنغيص للحياة بيد السعودية وأسيادها تعاقب به جماهير مخالفيها .
 
أما ماريا معلوف ، فهي النقيض ، جيزيل اللؤم والكراهية السوداء ، بينما ماريا المعلوف بشهادة الجميع أرنب أبيض طيب القلب ، يأكل الجزر بسلام ولا يلزمك بالحذر منه .
 
تحبه ولا تتمناه لنفسك لأنه أجمل من أن يمتلك ، واروع من أن ينتهك بصغائر المشاعر وفيها منبع لبث القوة في قلوب مستمعيها والمشاهدين . ارنب لم يكن له حظ اللئيمة جيزيل خوري .
 
فلا هي تزوجت بلعوب كسمير ولا هي لعوب كجيزيل . فكان من نصيب الأولى أكبر البرامج وأكثرها درا للدخل ولأشياء أخرى .
 
وكان من نصيب ماريا برامج نص نص في النيو تي في، وتراجع إلى الخطوط الخلفية بعد إنتقالها إلى محطة هامشية على ضفاف الإعلام اللبناني مع نصف محطة بنصف عقل يقودها للمعارضة ونصف عقل يقودها للتجارة مع السفير الخوجة .
 
ومع ذلك ، نجحت ماريا في الأن بي أن . برنامجها يحضره عشرة اضعاف من يشاهد النشرة الإخبارية الرئيسية للأن بي أن . أضعف محطات لبنان الفضائية وأوهن منابر إعلام المعارضة (لأنها نص معارضة ونص مباهاة بانسانية ملك الإنسانية )
 
الآن ما علاقة كل الذي سبق بالأميرة المخطوفة من أمنها ، وما علاقته بالشيخ اللواء منقذ حسن نصرالله من الإغتيال على يد السفير عبد العزيز الخوجة ؟
 
إليكم الجواب .
 
ماريا وجيزيل إمرأتان ، والأم الفاضلة والسيدة الطاهرة المعذبة العنود الفايز إمرأة . الأولى والثانية نقيضان في الشخصية والموقع السياسي (الظاهر على الأقل ) ولكن هدف المرأتين هو المجد والشهرة الإعلامية . بينما هدف الأميرة المعذبة الأسيرة هو الأمن والطمأنينة لها ...ولبناتها وللشعب العربي في كل مكان .
 
الأولى تكره حسن نصرالله وتحب إسرائيل وعملاء إسرائيل ، والثانية تحب نصرالله و نجاد والأسد وتحبهم بشروط .
هو حب المسيس بالقائد والمناضل بالمثال، مصحوب بحب للتميز والتقدير والتقرب .
جيزيل تفرض تقديرها بلؤمها على مشغليها ، لأنها ببساطة تملك ما يريدون ....الشر المطلق والرغبة الدائمة ببث المزيد من الشر من على منابر و بهوائيات من ذهب .
 
أما ماريا فرغبتها في التقدير والتميز ، إستوجبت أن تحفر الصخر بأظافرها . وأن تلاحق الخبر والكلمة في أفواه الحدث . وعندما صارت رقما صعبا في الإعلام المقاوم ، لم تجد ماريا من يقدرها سوى بالكلمات . يوم قرر نصرالله إعطاء مقابلة للنيو تي في في المرة الأولى ، أعطاها لجورج صليبي فأحبطت ماريا ونقمت على صليبي لا على نصرالله .
 
ثم في الحرب ، لم تستدعى للقاء نصرالله بل إستدعيت من لم تكتب له مقالات مدح ورغم أنها بارجة حربية في الإعلام المقاوم وفي الكلمة (من أجرت المقابلة) إلا أن ماريا نقمت على من لم يقدر فيها ما تفعله .
 
لو عددنا من هم الاعلاميون الأكثر شراسة في الدفاع عن الموقف السوري ظالما أو مظلوما لوجدنا ماريا في الطليعة . ولو عددنا الحلقات التي أعدتها وقدمتها ماريا ودافعت بها عن سوريا وعن المقاومة اللبنانية لدخلت ماريا موسوعة غينيس .
 
تحمست ماريا في العام الفين وسبعة ودفعت كل ما جنته في حياتها ثمنا لرخصة صحيفة يومية . وعند الجد والفعل طار الممول اللبناني المستقل ، وتراجع الممول السوري الساعي لمشاريع تجارية ناجحة . ولأن اعماله في دبي فلربما فكر في تبعات الموقف السياسي على الموقف الإقتصادي لشركاته .
 
هكذا صارت ماريا معلوف ، غير مسبوقة في ساحات النضال ، ومؤخرة إلى المؤخرة حين تعطى المقابلات المهمة والمساعدات القيمة والمكرمات الحميدة .
 
لا شك بوطنيتها ولا شك ، ولكن بعض الناس يفكرون بأنه ما دامت الثوابت الوطنية في القلب ، ومادام الكل يقطف (وأولهم كبار المعارضة ) وما دامت هي تقاتل السعودية بلا رحمة في الإعلام ثم تشاهد رجال أعمال سوريين مع أبناء مسؤولين سعوديين يجنون المن والسلوى في لبنان وفي دمشق وفي الرياض ، وما دامت هي التي تقاتل ثم يعلن الرئيس نبيه بري " أن الحكومة اللبنانية هي حكومة المقاومة برئاسة الفاجر فؤاد السنيورة (الفاجر مني وليست من بري المؤدب) .
 
وما دامت ماريا تضع دمها على كفها ولا تجد من يقدم لها شربة ماء أو سيارة مصفحة أو حارس أمن يحرس حياتها من الغدر ، ثم ترى الملك السعودي يستقبل الشيخ نعيم قاسم في قصره وترى الرئيس الإيراني يعانق بيده يد الملك ، بعد أن عانت كل ذلك لماذا ستكون ماريا المعلوف ملكية أكثر من الملك .
هي قدمت الجهد والعرق والخوف والمخاطر ولم تحصل في المقابل إلا على كلمات شكر (ممتازة يا ماريا ممتازة )
 
كلمات لا تضمن تحقيق حلم ولا تطمئن طامح إلى طموح ولا تغني عن فقر ولا تؤمن من جوع .
 
في نفس المرحلة وفي خضم نفس الأحداث ، كانت الأميرة العربية العنود بنت دحام الفايز تنقذ حسن نصرالله من الموت المحتم ودون مقابل ، وتكشف عن علاقات السعودية بالإرهاب وبأسرائيل وبمقتل الحريري ( المتهمة فيه سوريا ) وبلا مقابل .
 
 
 
الفرق بين هاذين النموذجين وبين نموذج الأميرة العنود ، هو أن جيزيل الشريرة وماريا الطيبة ، يستعملان سلاح الموقف وينتظران المقابل .
 
أما العنود ، فأستعملت الموقف في الحق ضد ملك مجرم سفاح سافل ، أحبت نصرالله ونسيت أنه شيعي، فهي تعتقد بأن الله واحد وأن الرسول واحد وأن القرآن واحد ، بعد ذلك إن أحب الشيعة نصف من نحب من الصحابة ولاموا النصف الآخر على توريث ابو سفيان وأبنه معاوية فما ذاك بشيء يستحق التكفير وإنكار الإنتماء إلى أمة لا إله إلا الله .
 
العنود نبذت المال والملايين والمجوهرات والقصور . لا لشيء إلا لكرامتها . وأرجوكم لا تذكروا الكرامة مصحوبة بذكر جيزيل خوري .
أما ماريا فتحب الحق وتعمل به ولكنها ايضا تحب أن يقدرها ويساعدها ويمولها ربما من تضحي معهم ومن أجلهم .
 
الأميرة أميرة في أخلاقها وبدينها وبعلو ثقافتها وبحنانها على كل فقير وهي الفقيرة في هربها من كل معين إلا الله وعدوها ملك وكلبه عادل الجبير يعذب نومها في لندن بالتهديدات ويطرده من عينيها .
 
الأميرة قالت لي يوما ، " لو أن لي ولدا لما تمنيته إلا أن يستشهد بين يدي نصرالله ، لو أن لي سيفا أنا السعودية السنية المذهب العربية الاصل ، لما حملته إلا للدفاع عن فلسطين ولبنان والعراق وتحت قيادة أي قائد وقائدي اليوم نصرالله .
 
 
الأميرة في الحرب كانت تتوقف عن الأكل وتصوم عن الماء ظنا منها أن الله سيعاقبها إن فعلت والناس في لبنان يقتلون على الطرقات وفي البيوت وبعضهم بقي في الحي محاصر ولا يجد ما يأكله أو يشربه . الأميرة صرخت لماذا تتركون الناس في المدارس وسوليدير تزخر بالشقق المفروشة ؟
 
الأميرة كان لديها كل ما تحلم به جيزيل من مال، وكل ما تحتاجه ماريا لتحقق طموحها ولكي لا تحتاج لأحد لا في المعارضة ولا في رعاة التبن والتمر في السعودية لكي تحقق أحلامها .
 
ومع ذلك تركت الأميرة كل شيء ورحلت لأن الموقف سلاح والتهاون إعتراف ومدح الظالم لأنه إستضافنا ويقيم معنا علاقة واعدة بالمال (ولو دون التنازل عن المباديء)
هو مشاركة له في الظلم
 
ربما لا أكشف سرا خطيرا إن قلت لكم بأن الأميرة هي من مولت موقع أخبار مونتريال وهي من كانت ستمول تلفزيون أخبار مونتريال (سأنشر الوثيقة مع المقال القادم و التي تثبت هذا الأمر ويمكن التأكد منها من قبل أي كان بمكالمة هاتفية ) وقد علمت وبعد أن ارسلت الدفعات إلى كندا عبر البنك أن ذاك كان كل ما تملك وأنها لم تأبه إلا لأمر واحد . " إنشر كل ما يصل ليدك ولا تبيعني للسعودية ولا تتنازل عن حرية الموقع ولا عن حرية من ينشرون فيه مقالاتهم"
 
يوم أخبرت ماريا عن تمويل الأميرة للوكالة وللموقع وللتلفزيون ، أحبتها وأحبت تضحياتها ، وأحببت أنا ماريا على ذاك التعاطف ، فقررت نشر النسخة العربية من الكتاب عبر دار النشر التي تملكه ماريا وسلمتها المخطوطة وبعض الوثائق غير الأساسية .
 
ثم فجأة وبعد أن أخبرت ماريا بمكان إقامة الأميرة بالتحديد ، وبعنوانها وارقامها ، وبعد أن طلبت مني ماريا أن نحصل على المزيد من الوثائق من الأميرة وبعد أن فعلت ورتبت للقاء مع الأميرة العنود في لندن وبعد اللقاء بيوم واحد فقط ، إختفت الأميرة ولم اربط ابدا بين إختفائها وبين معرفة ماريا المعلوف الحصرية بقصة الكتاب .
 
وقبل أسابيع، يوم سالتني ماريا وأصرت عن مصدر معلوماتي الحقيقي عن خبر إجتماع واشنطن بين السنيورة والإسرائيليين وبين الخوجة والإسرائيليين والأميركيين للتخطيط للحرب في الأولى ولقتل حسن نصرالله في الثانية . لم اقل لها بوضوح من هو ولكنها اصرت فقلت لها ضاحكا " إمرأة هاربة وأخوها لواء وهي تموت بحب نصرالله فمن اين عرفت ؟
 
أنا قصدت أني عرفت منها لأنها كانت تعرف الكثير من الديبلوماسيين والصحافيين البابارتزي ولم اقصد أن أخوها اللواء هو من أعطاني تلك المعلومة التي نشرتها على الموقع وهرب بسببها من لبنان الخوجة ولا يستقبله نصرالله حتى اليوم بسببها . (وأنا مدعى علي في السعودية وفي لبنان بسببها)
 
بعد فترة من إستلام ماريا لمخطوطة الكتاب ، تفاجأت رغم خوفها السابق والشديد من السفر إلى السعودية ، تفاجأت بها وهي تقدم حلقة وأكثر من السعودية (هكذا بلا خوف ورغم عدائها السابق الشديد لهم) وتفاجأت بالأخبار التي بدأت اسمعها عن أنها ستبدأ بإصدار صحيفتها بتمويل شخصية سعودية !
 
ثم بعد فترة جائتني رسالة الكترونية من صديق تحذرني بأني سالقى مصير ناصر السعيد فأخبرت ماريا عن الرسالة فخافت علي كثيرا وقالت بعفوية من تخاف على صديق عزيز (يلعن أبو الكتب بلا الكتاب إذا كان بدك تموت ) .
 
فقلت لها تعلمين شيئا ربما علي نشر الكتاب مجانا على الأنترنيت (وفعلت قبل أن أسحب ما نشرت لأن الناشر الإنكليزي عرف عن نشري باللغة العربية فغضب ) فجأة أتاني خبر وجود ماريا في السعودية وطلبها مني التواصل عبر الإيميل الخاص بتواصلنا وهو غير مستعمل إلا للتواصل بيني وبينها ، خصوصا حين نتكلم بأشياء لا نريد لمراقبيها أن يعلموا به على عادة الصحافيين .
 
كانت رسالة ماريا مختصرة جدا ، وفيها " تحدثت مع السفير السعودي ومع بعض الناس هنا ، وهم بأنتظارك للتواصل معهم ، لا يريدونك أن تمدح بهم فقط لا تتعرض للاشياء الشخصية وسيقدمون لك كل مساعدة في القضايا القانونية المرفوعة ضدك وفي كل الأشياء التي قد تحتاجها ، يالله يا عم، حضر حالك للحلول مكان جيزيل خوري في برنامج بالعربي ...بيلبقلك تقدم هيك بروغرام "
 
إعتقدت الأمر مزحة ، وطال سفري وطال سفر ماريا ، فجأة علمت بخبر مفجع آخر " اللواء مشعل في الإقامة الجبرية " ثم قبل أيام علمت بأن اللواء العجوز مشعل الفايز إعتقل وسيق إلى مكان مجهول وفي نفس الليلة حاولت فهم ما جرى وكيف تسرب الأمر .......
 
ماريا .....آه ماريا المعلوف اين أنت يا ماريا ؟
 
خضرعواركة
 

ماريا معلوف حقيقة ساطعة أم دسيسة ؟


كتب خضر عواركة
ما الذي يمكن أن يقال في بداية عام 1984 عن وليد جنبلاط ؟
 في ذلك العام تساقطت قذائف من عيار طن وطنين، إنطلقت من البوارج الأميركية على بيته وقريته وقرى مناصريه ، فرد حزبه وجيشه الشعبي على الأميركيين بالمدفعية الثقيلة وقتل منهم في المطار الدولي لبيروت سبعة جنود .
 
اليوم وليدجنبلاط ومناصروه رأس حربة أميركية لمحاربة اللبنانيين والعرب.
 
ما الذي يمكن أن يقال عن وليد جنبلاط ومناصريه في معارك الشحار الغربي في نفس العام ؟ الم يفتحوا الطريق لفك الحصار عن ضاحية بيروت الجنوبية التي كانت تقاتل جيش أمين الجميل المتحالف مع الإسرائيليين وتهزمه، فأنجدها جنبلاط بالصواريخ والذخيرة وفتح خط الامداد بين خزان المقاومة في البقاع وبين الضاحية البطلة وبيروت ؟
 
أما اليوم ، فوليد جنبلاط وأنصاره يعملون مخبرين ومحرضين على الضاحية وأبناء المقاومة ، ويقدمون مناطقهم كمخازن مؤن وذخيرة وإمداد آمن مسبق لأي إجتياح إسرائيلي قادم .
 
ماذا عن بسام أبو شريف ؟ الم يكد يقتل في محاولة إغتيال إسرائيلية أصيب بها ؟ وبعد سنوات ألم يتحول إلى أكثر الناس تسويقا للتطبيع وللتعامل مع إسرائيل ؟
ماذا عن عبد الحليم خدام ؟ الم يكن من قادة البعث فأذا به اليوم من قادة العملاء والخونة والمتآمرين على شعب بلده .
 
 
ماذا عن ياسر عرفات ؟ ألم يكن يلهب الأرض تحت أقدام المحتلين في حرب الإستنزاف ؟ الم ينجو من الإعتقال في الضفة المحتلة وكان هو من يقود القتال على الارض ؟
 
ثم بعد أوسلو ألم يتحول إلى معتقل للمقاومين ؟
هل قرأتم يوما قبل العام 2004 تصريحا عن سوريا لأحمد فتفت وعن بطولة سوريا على لسان أحمد فتفت ؟ هل قراتم مقالات العروبي الفحل جورج بكاسيني في صحيفة السفير يوم كان بطل مصارعة أعداء الحصن الوطني سوريا ؟
 
هل تذكرون أو تقرأون مقالات فارس خشان في السفير اللبنانية في مديح الحصن العربي سوريا؟
هل سمعتم عن الإلتحام اللبنانيي السوري (وكم تحب الألتحام ) على لسان الوزيغة نايلة معوض ؟ يوم كان قتلة زوجها بالنسبة لها هم الموساد وأعوانه لأنهم علموا بنيته التطوع في جيش تحرير فلسطين المرابط في الشام ؟ أين نايلة معوض اليوم واين إبنها الكر ؟
 
هل سمعتم مرة الإعلامي الكبير حازم صاغية وهو يتحدث بحديث الثوار؟ كان اشد تطرفا من تشي غيفارا . واين هو اليوم وفي أي واد سعودي وهابي للذهب والوضاعة يرعى ؟
 
مرت كل هذه النماذج في بالي وأكثر ، بينما كنت أقرأ رسالة الكترونية وردتني من الأميرة العنود الفايز زوجة الملك عبدالله السعودي في وقت ما من العام 2006 عن لائحة القابضين والقابضات للمال السعودي في لبنان ممن يتصفون بالعلاقة بالمعارضة أو بالولاء للخط الوطني المتحالف مع سوريا . وبعض من وردت أسمائهم في تلك اللائحة ومنهم ماريا معلوف ، هم مناضلون بالنسبة لي وبالنسبة لجماهير المعارضة اللبنانية . ليسوا فقط مناضلين في حالة ماريا معلوف، بل مناضلين ومجاهدين ومضحين ومقاتلين بكل غال ونفيس في سبيل الحقوق العربية .
 
من ينسى تهديدات جماعة الحريري لماريا معلوف بعد إستضافتها للألماني يورغن كولبل ؟ من ينسى مقالات ماريا المعلوف المؤيدة للسيد حسن نصرالله ؟ من ينسى ماريا المعلوف الجميلة الرقيقة القومية العقيدة (ليست عضوا في الحزب القومي السوري كما علمت مؤخرا ولم تكن يوما عضوا ولكنها تعتنق فكر أنطون سعادة) وهي تساند المقاومين في الجنوب وفي ساحات المعركة بالأعلام ؟ من ينسى ماريا المعلوف وهي تقاوم من " خيمة وطن في دمشق "؟
 
من ينسى دفاع ماريا عن المقاومة يوم عز الناصر والمعين ؟ من ينسى إستشهاد ماريا معلوف بمقالات خضر عواركة عن تواطيء حكومة السنيورة مع إسرائيل في جامعة حمص وأمام الفين من الطلاب الواقفين لأن المقاعد لم تسعهم ؟
من ينسى حلقات ماريا عن إغتيال الحريري وجلبها لخبراء في التكنولوجيا ليثبتوا إختراق أمن الحريري من قبل دول تملك إمكانيات تعطيل أجهزته الألكترونية (وهو ما لا تملكه سوريا ) .
 
مئات المواقف الوطنية سجلتها ماريا معلوف على إمتداد مسيرتها الإعلامية والوطنية .
لأجل كل ذلك لم أصدق حرفا من معلومات الأميرة التي قالت بأن لها مصادرها في السعودية ، إذ إعتبرت كصحافي إستقصائي بأن ليس كل ما يقال يمكن تصديقه.
 فقد تكون بعض مصادر الأميرة كاذبة، لأن السعوديين إستدرجوها لكي يشوهوا عبرها سمعة الوطنيين ،أو أن أحد ما في السعودية يستفيد منها ماديا ثم يكذب عليها بمعلومات غير موثوقة أو مختلقة .
 
 وهي من كانت تعيش في لندن كهاربة منذ العام 2004 وحتى أيلول – سبتمبر الماضي تاريخ إختفائها بعد آخر لقاء معها . لأتفاجأ في اليوم التالي حين إتصلت برقمها بأنه مغلق ، وحين إتصلت بالمنزل رد رجل إنكليزي إدعى أن المنزل هو منزل آل الجفالي ثم أعطاني شخصا يتكلم العربية بلكنة أهل جدة في السعودية وقال لي بالحرف " لا تتصل مرة ثانية هنا بيت الجفالي ولا يوجد أميرة ولا يوجد زفت "
 
عرفت حينها بأن ما جرى للأمير السعودي سلطان بن تركي  في سويسرا من خطف وإعادة بالقوة إلى الرياض ، قد جرى للأميرة في لندن . عرفت بأنها أعيدت بالقوة إلى السجن الكبير في مملكة الظلام الأسود والحقد القاتل .
 
كنت مطمئنا إلى أنها لن تقتل ، لأن شقيقها مسؤول عن أمن الملك مباشرة، وهو لم يكن راضيا عن هربها ، بل هو عمل لعشرات السنين في خدمة الملك وفي حماية حياته وهو من كشف عملية إغتياله بتفخيخ طائرته التي إتهم بها النظام السعودي بينما الفاعل الحقيقي كانوا ابناء سلطان وأحدهم كاد يقتل على يد اللواء مشعل بن دحام الفايز . (ولنا عودة في مقال خاص بهذه المحاولة ) . قلت في نفسي، من المستحيل أن يقوم الملك بقتل أم بناته أو بقتل شقيقة حاميه وأخلص رجاله .
 
وعملا بالأتفاق مع الأميرة ، بدأت في وضع الكتاب على سكة النشر ، على اساس أن التهديد بالنشر لن ينفع في إطلاقها وهي رغبت إن إعيدت أو قتلت بأن يعرف العالم أجمع قصة معاناتها الحزينة والمأساوية .
 
كنت قد عرفت ماريا المعلوف شخصيا في بداية العام 2007 وتوطدت محبتي لها كثيرا بعد لقاء حميم بها ، إذ أنها متواضعة جدا و" حبابة" وطيوبة ورائعة الجمال وفوق كل ذلك ذكية ومناضلة .
قالت لي أهلا بالبطل (..) فقلت لها أهلا باشجع نساء العرب ، فاجأني أن لا يرافق ماريا ولو سائق لحمايتها وهي من هي ، بينما يرافق العشرات من الحرس صحافيين اقل قيمة منها في لبنان . وهكذا عرفت منها أنها بدأت بمشروعها الحلم (صحيفة يومية) وعرفت بأن مموليها خليط من رجال الأعمال السوريين واللبنانيين المستقلين .
 
باركت لها ، وعرفت بأن لها باع في النشر وتملك دارا صغيرا للنشر .
إتفقنا على حلقة في برنامجها وعلى أن نتبادل المعطيات التي لدى كل منا عن المواضيع التي نعالجها أنا بالكتابة وهي بالبرنامج الأسبوعي " بلا رقيب "
 
أعطيتها قبل البرنامج وعدا قاطعا بأن اشعل البرنامج لكي تكون الحلقة مميزة فأرسلت لها بعد يومين من مونتريال التي عدت إليها ، وقبل موعد الحلقة شريطا عليه تسجيل للقاء وليد جنبلاط باللوبي اليهودي في واشنطن. وفيه تهجم على المقاومة بطريقة حقيرة .
 ترجمت هي النص ووضعته على الهواء وحين قدمت له لم تذكر أنه مني (وكان ذاك سيعطيني مصداقية عظيمة عند الخصوم وليس لدى جماهير المعارضة التي تثق بي بحسب ما أعرف ) عوضا عن ذلك، قالت بأنها إنما حصلت عليه بطريقتها الخاصة ، وخلال الحلقة ، إستفزتني لتعرف مصداقية مصادري.  فذكرت لها واحدا هو الأنسة م – ح التي كانت تعمل في وقت ما مسؤولة عن إعلام السفارة الأميركية في لبنان ، فعلت ذلك  تحت الإنفعال والغضب من إقفال الهواء عني وعن كلامي وفتحه للخصم وإعطائه الفرصة الكاملة لكي يقول ما يريد وحين يأتي دوري كان الهواء يفتح لثوان ثم يغلق ليعود الخصم إلى الكلام .(أغتنم المناسبة لكي أعتذر من م –ح لأني لم أوضح أنها أعطتني المعلومات بعد تركها للسفارة وبهدف كشف العملاء المندسين في صفوف السياسيين والصحافيين وطمعا منها بتبييض صفحتها عند الله لأنها تابت عن ذنب العمل للقاتلين وإستغفرت ربها كثيرا لأنها كانت يوما جزءا من المشروع الأميركي للبنان .
 
 كان ذاك في بداية شباط – فبراير على ما أذكر . وسامحة ماريا المعلوف  على سرقة الشريط الخاص بحديث جنبلاط  السبق الصحفي ، وقلت في نفسي (مش خسارة فيها )
خصوصا وأن الحلقة منعت ومدير المحطة غضب منها لأستضافتي لأنه لم يكن يريد أن يغضب السعودية (رغم أن المحطة لنبيه بري ) .
 
إستمر التواصل بيننا ، ولم أكن  وقتها قد أخبرت أي كان عن الأميرة العنود وعن علاقتي بها وعن أن سبب جنون العملاء ضدي في الإعلام وفي القضاء هو علاقتي الروائية بزوجة الملك  وليس مقالاتي فقط .
 كانت الهجمات الإعلامية علي، وإتفاق الجميع في قوى الرابع عشر من آذار على إهانتي وعلى الهواء في كل مرة يواجهني أحدهم، (في الخامس من ك1-ديسمبر ترك الوزير جان أوغاسبيان الأستديو فور إذاعة إسمي بأن خصمه على تلفزيون العالم ومن حوالي أسبوع رفض المخبر الأمني لدى إسرائيل والسفارة الأميركية رامي الريس مسؤول إعلام جنبلاط الرد على إتهاماتي على الهواء مع برنامج الحدث على النيو تي في )  وكتابة مقالات ضدي ونعتي بأبشع النعوب وملاحقتي بالتعليقات المذلة على شبكة الأنترنيت ، كل ذلك كان ولازال ضربا لمصداقيتي أمام الجماهير لكي لا تصدق ما قد أنشره في كتاب الأميرة العنود الفايز . تلك المرأة الفاضلة الصابرة التي أدعو الله أن يسامحني لأنها طلبت مساعدتي للخروج من لندن إلى مكان آمن ولم استطع مساعدتها . كل تلك الجهود أعطى مفعولا عكسيا ، لأن من يهاجمني لم يقدم دليلا على كذبي لا بل تبين أنه هو الكذاب ومعلوماتي هي الصحيحة .
 
بعد كل ذلك هل لي الحق بالإعتقاد بأن جماعة السعودية والحريري ربما أستعانوا بأحد ما ذو تاريخ وطني ومصداقية في الدفاع عن نفس ما أدافع لكي يهز مصداقيتي ويضربها خدمة للمال (ربما لتشغيل صحيفة يومية كمكافأة )
 
في نها ية الصيف الماضي سالت ماريا عن دار النشر الذي تملكه لنشر النسخة العربية من كتاب " أميرة " فسألت عن التفاصيل وإهتمت بمعرفة كل شيء عن علاقتي بالاميرة . أخبرت ماريا بكل شيء وإعطيتها نسخة بكل طيبة عن الكتاب ، وعن بعض وثائقه وتفاجأت أن إسمها موجود في المخطوطة من ضمن من إتهمم مصدر في السعودية بالتعامل مع مخابرات بندر بن سلطان وأكثر .
 
 
 إتهمتها المعلومات المسربة من السعودية بأنها " إعلامية لها إلتزام سياسي ولكن إلتزامها المالي لا يقل أهمية لديها عنه وهي المسؤولة عن عائلة تعيلها ولها طموح وأنها وبحكم علاقتها بكبار القوم قامت مقابل المال بتمرير معلومات مفبركة عن تحسين خياط مدير عام وصاحب النيو تي في أو التلفزيون الجديد تتهمه بالتعامل مع إسرائيل ما أدى إلى إعتقاله لأسباب أخرى ايضا من قبل الأمن اللبناني بقيادة جميل السيد "
 
 وفي المعلومات :
" بأن ماريا قد تنفع لأستخدامها شاهدا ملكا على طريقة هسام هسام من قبل اللجنة الدولية للتحقيق بأغتيال الحريري لأنها تخاف إن تم أرعابها وتحب المال إن تم إغوائها . وأنها أي ماريا صندوق معلومات يمكن أن يسحب منه من يشاء عبر الدفع دون اي إعتبار للجهة التي تدفع "
 
كان في المخطوطة فصل يلي هذه المعلومات يحدد كيف قررت أنا أن هذه المعلومات مدسوسة للأميرة بحكم الخبرة الصحافية وأن نشري لها هو من باب إثبات أن السعوديين يتابعون الأميرة عن كثب ويعرفون ماذا تفعل وهم لهذا يقدمون لها عبر عملائهم معلومات مغلوطة لضرب عصفورين بحجر واحد .

مذكرات حاييم ويزمان تكشف عورتكم يا بنو قنيقع- شهادات خطيرة
عن مذكرات حاييم وايزمان رئيس لدولة الكيان الصهيونى في فلسطين قال حاييم وايزمان في مذكراته: ( انشاء الكيان السعودى هو مشروع بريطانيا الاول... والمشروع الثانى من بعده انشاء الكيان الصهيونى بواسطته ) ويضيف نقلا عن تشرشل الرئيس الاسبق للحكومة البريطانية, والذى كان له دور اساسي وبارز في قيام الكيان الوهابي السعودى والكيان العنصري الصهيونى : ( في 11/3/1932 قال تشرشل : اريدك تعلم يا وايزمان اننى وضعت مشروعا لكم ينفذ بعد نهاية الحرب ( الحرب العالمية الثانية) يبدأ بأن ارى ابن سعود سيدا علي الشرق الاوسط وكبير كبرائه, علي شرط ان يتفق معكم اولا, ومتى قام هذا المشروع, عليكم ان تاخذوا منه ما امكن وسنساعدكم في ذلك, وعليك كتمان هذا السر, ولكن انقله الي روزفلت, وليس هناك شئ يستحيل تحقيقه عندما اعمل لاجله انا, ووزفلت رئيس الولايات المتحدة الامريكية ) . هكذا اسس الانجليز مشروع دولة ال سعود ومكنوهم من جزيرة العرب حيث الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين, كخطوة مرحلية لاقامة الدولة الصهيونية وتمكينها من القدس ثالث الحرمين الشريفين واولي القبلتين والارض التى بارك الله حولها, لاسباب لا تخفي علي احد, وهى اعاقة قيام الدولة العربية الموحدة كمشروع اساس لاقامة دولة الاسلام العالمية. ولازال الامر علي حاله بالرغم من المتغيرات الدولية واهمها تحول مركز القيادة من بريطانيا الي امريكا وبروز الافكار البراجماتية الانجلوسكسونية التى تحرك السياسة الامريكية, والتى بدات تعلم تمام العلم انتهاء مهمة النظام السعودى بعد ان تحققت جميع الاغراض التى اسس لاجلها, وهى تدمير المشروع القومى, وتشويه الدين الاسلامى, واحكام قبضتها علي المنطقة, ولم تعد قادرة علي تحمل استهجان الراى العام العالمى والمجتمع الدولي المطالب بضرورة تغيير هذا النظام الجاهلي بعد ان تمكنت الصهيونية من فلسطين واهلها, تفعل بها وبهم ما تشاء دون رقيب او حسيب, والخطر بات يهدد الحرمين الشريفين والصامت علي الحق لا شك انه شيطان اخرس. يقول جون فيلبي في كتابه (( 40 عاما في البحرية )) : (( ان قضية فلسطين لم تكن تبدو ( لال سعود ) بأنها تستحق تعريض العلاقات الممتازة التى تربطهم مع بريطانيا وامريكا )) (( وكان اساس الاتفاق لانشاء الوجود السعودى ان تقوم سياسة ال سعود علي عدم تدخلهم باى شكل من الاشكال ضد مصالح بريطانيا, وامريكا واليهود في البلاد العربية والاسلامية واهمها فلسطين )) , والحق لابد ان يقال فقد حزن عبد العزيز حزنا شديدا في اعقاب هزيمة الجيوش العربية في فلسطين, وقد كشف جون فيلبي سر هذا الحزن الشديد قائلا : (( كان انتقال الجزء الغربي الذى احتفظ به من فلسطين الي مملكة الادرن امرا اكثر مما يستطيع عبد العزيز استساغته... لانه كان يريد ضمه اليه او الي الكيان الصهيونى...(( ولانها ارادة الانجليز فلم يستطع معارضتها )) ولكنه عارض بشدة انشاء حكومة عموم فلسطين في غزة التى كانت تحت سيطرة الحكومة المصرية )) هذا هو الموقف المتخاذل لال سعود, ولكن التاريخ يسجل بطولة الكتيبة العربية التى خرجت افرادا من الجزيرة العربية ( سرا ) _ اللهم الا العمالة يا وهابية _ واستشهد معظمها. ولمعرفة من هو جون فيلبي ننقل لكم ما يلي من وثائق المخابرات البريطانية وكتاب ( تاريخ ال سعود ) : (( بعد مصرع قائد جيش ال سعود الذى اسسه الانجليز النقيب شكسبير علي ايدى قوات ابن الرشيد, امرت المخابرات البريطانية الحاكم الفعلي لمنطقة الخليج العربي والجزيرة ( السير بيرسي كوكس اليهودى ) – ارجو الانتباه لتلك الشخصية جيدا لان لها الدور الاساسي في بيع فلسطين لليهود وسوف نتحدث عنها في مشاركة اخرى ان شاء الله ولكننا في انتظار خاصية تنزيل الصور – بدعم ال سعود وتعيين سكرتيره الخاص العقيد جون فيلبي خلفا للنقيب شكسبير, وتسليمه المسؤلية للعمل بكل وسيلة تمكنه من دحر خصوم ابن سعود ))... (( وقد تفرغ فيلبي للعمل علي اقامة مشروع بريطانيا الاول في المنطقة, واعادة تنظيم الجيش السعودى وتمويله بالاموال والاسلحة والذخائر, واعادة احياء الافكار الجاهلية الوهابية بعد ان تظاهر جون فيلبي باعتناقها واطلق علي نفسه اسم محمد بن عبد الله فيلبي, وبدأ في جولات لايجاد انصار له في كل بلدة وقبيلة وقرية في انحاء جزيرة العرب, وايجاد عملاء لتزويده بالمعلومات عن خصومه من احرار الجزيرة, مع بث افكار الدعوة الجاهلية الوهابية, وبث الاشاعات المرجفة والتركيز علي كسب العديد من الوجهاء ورجال الدين الادعياء والاغبياء, وسارت الامور بقيادته علي احسن ما تريده الحكومة البريطانية الامر الذى نال عليه الثناء الكثيرو خاصة بعد ان تمكن من اسقاط حكم ابن الرشيد في حائل, واسقاط عرش الحسين بن علي في الحجاز, بل انه ام المسلمين في صلاة الفجر عند فتح مكة – بعد ان كان امامكم سيدنا رسول الله صلي الله عليه واله وسلم عند فتح مكة يا وهابية ابدلتم وخالفتم ورجعتم لجاهليتكم وارتضيتم الصليبيين واليهود لكم ائمة, وكأننى ارى هذا الموقف انتقاما من سيدنا رسول الله صلي الله عليه واله وسلم لانه ادخلهم الاسلام و قاتل الكفرة والمشركين اجدادهم, دخلوا مكة وامامهم ذلك الصليبي وكأنهم لم ينسوا الثأر القديم عندما فتحها سيدنا سيدنا رسول صلي الله عليه واله وسلم – وانشأ امارة شرق الاردن ونقل لها عبد الله ابن الحسين, وكلف الانجليز اشخاصا غيره لمراقبة وتوجيه عبد الله وتنظيم الامارة الجديدة, الا ان هؤلاء الاشخاص لم يستطيعوا ترويض عبد الله بن الحسين الذى اعتقد انه امير حقا يمكنه التحرك حسب ارادته بعيدا عن الخط المرسوم له, وبدأ في اتخاذ الاردن قاعدة لاعادة الهجوم لاستعادة العرش الهاشمى في الحجاز الذى منحه الانجليز لال سعود, ومن اجل ذلك رأت الحكومة البريطانية ضرورة ذهاب فيلبي الي الاردن في مهمة ترويضية, ويقول جون فيلبي في ذلك : (( بعد شهرين من وصولي الاردن قمت بجولة في انحاء فلسطين , وكانت الثورة الفلسطينية في بدايتها, ويعيش الانجليز في قلق منها, فحاول بعضهم توسيط الامير عبد الله لدى الثوار الفلسطينيين بايقاف الثورة, فحبذت الفكرة لعلمى ان عبد الله سيفشل في وساطته لعدم نفوذه بين الفلسطينيين, وبالتالي سيكون الجو مهيئا لصديقنا العزيز عبد العزيز فتنجح وساطته وترتفع اسهمه لدى الانجليز, وهذا ما تم فعلا بعد فشل عبد الله في وساطته, اقترحت توسيط عبد العزيز الذى اقسم لثوار فلسطين بأن اصدقاءنا الانكليز تعهدوا بحل القضية لصالح الفلسطينيين وانه يتحمل مسؤلية هذه العهد, وقد نقل لهم ذلك ابنه فيصل ( الذى اصبح بعد ذلك ملكا فيما بعد ), وقد كان لنجاح هذه الوساطة صداها لدى الانجليز واليهود, وكانت المنعطف الاكبر في تاريخ فلسطين, وعزز ذلك النجاح الباهر كافة ارائي بعبد العزيز امام رؤسائي بل وحتى خصومى الذين ما زال بعضهم يؤيد الهاشميين ويعتبرهم اصلح للمصالح الغربية من ال سعود )). ويضيف فيلبي: (( اثناء رحلتى عرجت علي تل ابيب وقابلت ديفيد بن جوريون الذى كان فرحا لنجاح وساطة ال سعود التى اوقفت الثورة الفلسطينيةو الا انه ابدى قلقه عن ابتعادى عن عبد العزيز, فقلت لبن جوريون اننا لم نعد نخشى علي عبد العزيز ال سعود, فلديه من الحصانة ما يكفي لتطعيمى وتطعيمك, ...كما ان ابتعادى هذه الايام لصالحه من اجل ترويض خصومه شرق الاردن )) . ولتطمين بن جوريون قلت له : (( قبل ايام اخرجت جيش الاخوان الوهابيين لتاديب عبد الله حتى هددوا كيانه, وعندما استنجد بي اوعزت الي عبد العزيز بايقاف جيش الاخوان قبل ان يدخلوا الاردن, وقد وجدوا صعوبة في صد هذا الجيش البدوى الشرس, فاضطررت الي اعطاء الامر للطائرات الحربية البريطانية المرابطة في الاردن لتاديبهم, وبعد ذلك تخلي عبد الله عن افكاره الوطنية والقومية في غزو الحجاز واكتفي بما قسم الله له)), ويستطرد جون فيلبي في مذكراته قائلا : (( عندما قررت الذهاب الي الحجاز في مهمة حج لقضاء حاجة, حملنى بن جوريون رسالة الي عبد العزيز ال سعود نصها: ((( يا صاحب الجلالة... يا اخى في الله والوطن -اخوانهم في الله والوطن يا وهابية لن ننسي ابدا انكم يهود , فهذا يؤكد مقولة بعض المؤرخين ان الاجداد المتأخرين لال سعود وال شيخ ( الشيخ محمد عبد الوهاب حفيد تاجر البطيخ اليهودى الحقير شولمان قربوزى ) اصولهم ترجع لليهود ولذلك تجدهم عند ذكر نسبهم يأتون لنقطة معينة ويتوقفوا لان المذكور بعد ذلك هم اجدادهم اليهود الذين ارادوا الرجوع للمدينة ومكة التى كانوا يسكنونها قديما, فتظاهروا بالاسلام وتناسلوا واكثروا من ذريتهم حتى يتغلغلوا في الارض ويحمونها سياسيا ودينيا, وهذا المخطط ليس بجديد فهو هو عادة اليهود منذ القدم فنراهم يكررونه دائما وابدا حينما حدث مرة اخرى في تركيا وانتشار يهود الدونمة الذين تظاهروا بالاسلام حتى اصبح لهم النفوذ وما ان اصبح الامر لهم وتحت يدهم خرج منهم مصطفي كمال اتاتورك اليهودى وهدم الخلافة الاسلامية والغى اللغة العربية والغي الاذان ونهى عن الحجاب وحول مقر الخلافة الاسلامية الي مركزا للفجور والعلمانية, ونحن نخاف ان يحدث مثل هذا في الحرمين الشريفين واعتقد ان هذا بدأ يحدث ونحن في نومة الغفلة ورقدة الجهالة, فالاثار الاسلامية تهدم واثار اليهود باقية, الامريكان والصليبيين واليهود يعبثون الان بجوار مقدساتنا, نرجع مرة اخرى للنقطة التى توقفنا عندها: ويستطرد جون فيلبي في مذكراته قائلا : (( عندما قررت الذهاب الي الحجاز في مهمة حج لقضاء حاجة, حملنى بن جوريون رسالة الي عبد العزيز ال سعود نصها: ((( يا صاحب الجلالة... يا اخى في الله والوطن, ان مبلغ العشرين الف جنيه استرلينى ماهو الا اعانة منا لدعمك فيما تحتاج اليه في تصريف شئون ملكك الجديد في هذه المملكة الشاسعة المباركة, وانى احب ان اؤكد لك : انه ليس في هذا المبلغ ذرة من الحرام ( والله اضحكتمونى) , فكله من تبرعات يهود بريطانيا واوروبا الذين قد دعموك لدى الحكومة البريطانية – لماذا دعم يهود العالم الملك عبد العزيز؟ اعتقد ان السؤال لا يحتاج لكثير من التفكير لانه منهم وهم منه ولا شك – في السابق ضد ابن رشيد وكافة خصومك, وجعلت بريطانيا تضحى بصديقها السابق حسين لاجلك, لكونه رفض حتى اعطاء قطعة من فلسطين لليهود الذين شردوا في العالم )). ويستطرد جون فيلبي قائلا : وقد استفسر منى عبد العزيز عن بعض العبارات الواردة, فافهمته ان اليهود هم حكام بريطانيا بالفعل, انهم الحكم والسلطة والصحافة والمخابرات ولهم النفوذ الاقوى وكانوا وراء دعمك, وكانوا وراء الاستمرار في صرف مرتبك حتى الان عن طريق المكتب الهندى, كما كانوا في السابق وراء قطع المرتب لاختبارك هل ترفض او لا ترفض التوقيع باعطاء فلسطين لليهود. وقد حملنى عبد العزيز رسالة الي بن جوريون هذا نصها : (( الاخ بن جوريون, اننا لن ننسي فضل امنا وابونا بريطانيا العظمى ,كما لم ننس فضل ابناء عمنا اليهود - اشارة وتلميح افصح من شرح وتوضيح – في دعمنا وفي مقدمتهم السير برسي كوكس, وندعوا الله ان يحقق لنا اقصي ما نريده – ياليتك تكون شجاعا وتفصح عن اقصي ما تريدونه يا وهابية اهو هدم الكعبة والحرم النبوى الشريف وابادة المسلمين من علي وجه البسيطة وانشاء دولتكم من النيل للفرات ام ماذا؟ اجيبونى يا وهابية...- ونعمل من اجله, لتمكين هؤلاء اليهود المساكين المشردين في انحاء العالم لتحقيق ما يريدون من مستقر لهم يكفيهم هذا العناء)) . يا من تقولون ان مستر همفري شخصية وهمية, فهل جون فيلبي شخصية وهمية, وهل السير بيرسي كوكس شخصية وهمية, وهل القائد شكسبير شخصية وهمية, وهل ديفيد بن جورويون شخصية وهمية, وهل حاييم وايزمان شخصية وهمية, وهل عبد العزيز ال سعود شخصية وهمية........... وهل المخطوطات والوثائق مجرد اوهام... نعم انها اوهام ولكن فقط في عقولكم المريضة السقيمة, ولكنها حقائق جلية لكل ذى بصيرة وروية. يقول الله عزوجل في محكم اياته : (( ان موعدكم الصبح اليس الصبح بقريب ))

وليد جنبلاط الرجل المريض



لقد حان الوقت لهذا الرجل المريض لان يجد لنفسه مكان ما في كيان ما , مثله كمثل من سبقوه من المرتزقة والخونة امثال ( سعد حداد وانطوان لحد ) ويبدأ بكتابة مذكراته المسمومة التي تعبق برائحة الخيانة والتواطؤ والمؤامرات وكل من يؤيده ويقف الى جانبه , سأعود بكم قليلا الى الوراء ... هل تتذكروا عندما اجتاحت اسرائيل لبنان عام 1982 حيث توجهت طائرة مروحية اسرائيلية الى جبل لبنان فقام حينها وليد جنبلاط باستقبالهم في( المختارة !!) وهو بيته هناك وكان على متن الطائره شيمون بيرس وعقد مع بيرس صفقة يتم بموجبها تجنيب جبل لبنان الحرب مقابل عدم تدخل جماعته مع المقاومة اللبنانية الفلسطينية في ذلك الوقت ومحاولة محاصرتها ولن ننسى شحنات الاسلحه التي وصلته من اسرائيل عبر البحر لاستخدامها في وقت الحاجة... ولن نستبعد في ما اذا قامت اسرائيل بمهاجمة سوريا ان تكون كلاب وليس قوات جنبلاط اول من يقف مع اسرائيل في مهاجمة سوريا , خسئت أيه العجوز انت وكلابك . لقد اتحفتنا مرارا وتكرارا بتصريحاتك الحاقده المسمومة ضد سوريا ونظامها وعن تدخلها في لبنان الداخلية .. بينما لم نسمع لك صوت (وإنخرست) تماما بعد ان تم القبض على اكبر شبكة موساد في لبنان وكان زعيمها من اعضاء حزبك الاسود ولم نسمع لك تصريح واحد يدين هذا التدخل الاسرائيلي في شؤون لبنان الداخليه نتيجة ذلك كدنا ننسى وجهك الاشعث القذر .. لولا انك خرجت علينا بعد الهجوم الاسرائيلي على لبنان وكانت مراهناتك واضحة انت وزمرتك ( الحقير جعجع والغلام القزم تعس الحريري مشكلتكم يا جنبلاط وزمرتك المهزومة انكم لا تتعلمون من الماضي .. لم تتعلموا انه لا يوجد حلفاء لامريكا او اسرائيل , بل هناك ما يسمونهم ( بالكلاب) ولهم فترة صلاحية محدوده تماما كمعلبات ( البسطرما) عندما تنتهي مدة استهلاكها لا يقومون فقط برميها بالزبالة , بل ويقومون بحرقها خشية ان يستعملها غيرهم يا جنبلاط كلمه اخيره ... افهم ولو لمره وحده ... انت دائماً تتهم المقاومة وحزب الله بانهم يقاتلون بأذرع سورية وايرانية ... وان سوريا وايران سلحتهم ليقوموا بالحرب نيابة عنهما .. وان حزب الله عميل لسوريا وايران ... وهل التبعية لدولة عربية واخرى اسلامية ( لسوريا وايران) حرام ورجس من عمل الشيطان , بينما ان تكون عميلا لامريكا ومتواطئ مع اسرائيل وجاسوسا لهما هو حلالاً زلالاً !!! هل تعلم يا سيد جنبلاط اننا الان اصبحنا نمر في علامات الساعه الصغرى التي بشر بها نبينا الكريم !! فهل تعلم لماذا ؟؟ لان احدى علامات الساعة الصغرى تقول : ان ترى السفيه يتكلم في امور العامة .. والمقصود بالعامة هنا هو الرعـية وامورها ... والسفـيه اترك لذكائك المحدود حرية تحديده . في كل بساطة انظر ما يقوله عنك وعن امثالك بأنك تاجر مواقف ليس أكثر يعني انت مثل الارتست مع من يدفع اكثر اقف معه وحتى لو كان على حساب بلدك وشرفك الذي اصبحت لا تملك منه ذرة واحدة , واليك ماذا يقول عنك البروفيسور أسعد أبو خليل ... استاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كاليفورنيا ــ ستانسلاس، وبروفسور زائر في جامعة كاليفورنيا - بيركلي وليد جنبلاط قال أثناء التحضير للانتخابات النيابية الأخيرة إنه لا يمكن لسولانج الجميل أن تمثّل بيروت. «كيف يمكن لها أن تتجول في بربور؟»، تساءل. بعد أيام فقط، قال إنه لا مانع لسولانج أن تمثل بيروت، وأن تتجول في بربور. وليد جنبلاط قال في فترة التحضير للانتخابات النيابية إنه لا يمكن له أن يتخلى عن بعض نوابه من أجل أخذ مرشحين من القوات اللبنانية، لكنه عاد وفعل ذلك. وليد جنبلاط قال إن سلاح المقاومة ضروري من أجل منظومة دفاعية، ثم عاد ورفض منطق المنظومة الدفاعية، لا بل سخر منه. وليد جنبلاط كان ضد إرسال الجيش إلى الجنوب، ثم عاد وتساءل عن سبب عدم إرسال الجيش الى الجنوب. وليد جنبلاط (بعد اغتيال الحريري) حذّر من سقوط النظام في سوريا لأن من شأن ذلك أن يؤدي الى صعود حركات أصولية إسلامية. ثم عاد وقال إن سقوط النظام في سوريا لن يؤدي الى صعود الأصولية وإن من يقول ذلك هم أبواق النظام. وليد جنبلاط طالب بتغيير النظام في سوريا في الوقت الذي نفى فيه أن يكون أحد في فريق 14 آذار يتدخّل في الشأن السوري. وليد جنبلاط مدح فترة حكم حافظ الأسد، لكنه عاد وانتقدها بعنف. وليد جنبلاط قال إنه سامح من قتل والده، ثم عاد وغيّر رأيه. وليد جنبلاط نفى أن يكون قد حرّض أميركا أثناء زيارته الرسمية لها ضد سوريا، لكنه عاد واعترف (أثناء الحرب الاسرائيلية في مقابلة أميركية) أنه حثّ أميركا أثناء زيارته على تشديد الضغوط على سوريا. وليد جنبلاط كان ضد المحكمة الدولية، ثم عاد وأصرّ على المحكمة الدولية. وليد جنبلاط قال في مقابلة مع الواشنطن بوسط إن حرب بوش في العراق ألهمته، ثم عاد واعتذر عن التصريح قائلاً إنه كان في فترة نفسية صعبة بعد اغتيال الحريري، وإن التصريح لا يعبّر عن آرائه. لكنه عاد ونفى النفي (على طريقة هيغل في نفي النفي). وليد جنبلاط قال إن مسألة تغيير النظام في سوريا هي شأن داخلي، ثم عاد وطالب أميركا بتغيير النظام. وليد جنبلاط أصر على إنشاء التحالف الرباعي، ثم عاد ونفى وجود التحالف الرباعي. وليد جنبلاط طالب باتفاق الهدنة، ثم عاد ووافق على القرار 1701 الذي يتناقض مع اتفاق الهدنة. وليد جنبلاط اتهم أميركا بالمسؤولية عن فوضى وتفجيرات العراق، ثم عاد واتهم سوريا بالمسؤولية نفسها. وليد جنبلاط قال لجريدة الـ«وول ستريت جورنال» إن لبنان يحتاج الى قوات دولية لتنتشر فيه على طريقة كوسوفو، لكنه قال في مقابلة مع الـ إي. إن. بي. بعدها : إن من يريد تحويل لبنان الى كوسوفو هو جاهل. تقتصر هذه المقالة على تناقضات وليد جنبلاط في الفترة التي تلت اغتيال رفيق الحريري فقط، وإلا احتجنا الى سلسلة مقالات لاتنتهي ابدا عن هذا الرجل المريض .
الشريف سامرالحسني

د. بثينة شعبان - هل يستحق مليون عراقي لجنة تحقيق دولية؟



ذكرت نتائج دراسة استندت الى مقابلات ميدانية اجراها مركز استطلاعات الرأي البريطانيOpinion Research Business ونشر نتائجها على موقعه الالكتروني: أن أكثر من مليون عراقي ُقتلوا منذ غزو الولايات المتحدة وحلفائها لبلادهم عام 2003. وأفادت الدراسة بأن 20% من الأشخاص شهدت أسرهم حالة وفاة واحدة، على الأقل، نتيجة الوضع الناجم عن الاحتلال، وليس لأسباب طبيعية.

كما كشفت وزارة الدفاع الأمريكية، عن وجود حوالي (600) طفل وقاصر في سجن «كامب كروبر» لوحده، وهو سجن رهيب، يقع بالقرب من مطار بغداد، وتتراوح أعمار السجناء فيه بين 11 و17 عاماً. وهناك المجازر الجماعية، التي ارتكبتها الجيوش الأمريكية ومخابراتها، وفرق الموت التابعة لها، المسماة بالشركات الأمنية. كلّ هذا غيض من فيض، مما آل إليه حال العراقيين في سنوات الاحتلال الأمريكي لهذا البلد العربيّ، الذي يمثّل شعبه بثقافته وتاريخه وإمكاناته، الهامة الشامخة للأمة العربية.

وكما أشارت منظمة «هيومن رايتس واتش»، في تقريرها الأخير (31/1/2008)، فإن مقتل 17 مدنياً عراقياً، في سبتمبر الماضي، بأيدي العاملين في شركة «بلاكووتر» الأمريكية الأمنية، كشف إمكانية الإفلات من العقاب، التي تتمتع بها مثل هذه الشركات الأمنية الخاصة العاملة في العراق، بينما لم يواجه متخذو القرار بالحرب، ومصدرو الأوامر بالتعذيب أيّ ملاحقة قضائية! والسؤال هو: كيف يسمح «العالم الديمقراطي المتحضّر» باستباحة حياة وكرامة شعب بأكمله، بهذا الشكل الهمجي، وبتحويل الحياة اليومية لعشرات الملايين من البشر، إلى سعير جحيم دموي، من دون ان ينبسَ أيّ من هذا العالم ببنت شفة؟ طالما شغلني هذا السؤال للسنوات الثلاث الماضية، أعتقد أنني أخيراً وجدت الجواب عنه، في مقابلة للكاتب الأمريكي المرموق نعوم تشومسكي مع مايكل شانك، في 23 كانون الثاني 2008، نُشرت في Foreign Policy in Focus حين قال: «هناك اعتقاد مشترك هنا في أمريكا، وفي الغرب، بأننا نمتلك العالم، ما لم تقبل هذا الاعتقاد، فإنّ كلّ النقاش الجاري يصبح غير مفهوم».

ومن هذا المنطلق، يضيف تشومسكي: «تتحدث الولايات المتحدة عن «المقاتلين الأجانب في العراق»، وتقصد بهم بعض العرب، ولكنّها، لا تقصد الأمريكيين طبعاً، لأنّ الأمريكيين ليسوا أجانب، فقد احتلوا العراق، وأصبح ملكهم»!! الجواب الثاني عن هذا السؤال، تقدمه منظمة «هيومن رايتس ووتش»، والتي نشرت تقريراً مرعباً عن الانتهاكات الرهيبة، التي تقوم بها حكومة بوش لحقوق الإنسان في العالم (31/1/2008)، حيث رأت المنظمة «أن الولايات المتحدة ما تزال تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، من خلال الإبقاء على مراكز اعتقال سريّة في الخارج، واعتقال أشخاص بطريقة غير شرعية، وقيامها بتبرير استخدام التعذيب».

الجواب الثالث على هذا السؤال يقدّمه الصحفي البريطاني المعروف سايمون جينكنز، في مقاله المنشور في جريدة الغارديان في (30/1/2008) بعنوان: «الحرب على الإرهاب دليل على غباء جديد في الجغرافيا السياسية»، حيث قال: «إنّ اللغة التي يعشقها بوش.. قد تُرجمت إلى مأساة كونية، وجلبت الموت والبؤس للملايين»، ويضيف في مقاله: «من محاكم أمريكا إلى جوامع غرب لندن، وجبال هندوكوش، فإن الحرب على الإرهاب قد أتت بنتائج عكسية مميتة ومتوقعة، وهي تجسّد الغباء الجديد في الشؤون الدولية»، والخوف هو أن يكون الأمر أخطر من مجرّد غباء بكثير. ليس مجرد غباء أن تُرتكب جرائم بشعة بحقّ الملايين من البشر، وأن تهدد حضارة وتاريخ بلد، وتدمّر عناوين ألقه وحضارته، كما دُمرت «بابل» في عمل صفيق، وهو تحويلها إلى موقع عسكري، وتدمير تاريخها وما تمثله، ليس فقط للعراق، وإنما للحضارة الإنسانية، حتى أنّ اليونسكو قد أخرجتها من قائمة التراث العالمي، وهي التي تحتضن ذكريات أكثر من سبعة آلاف عام من الحضارة، منذ أن كانت أكبر مدينة في العالم القديم إبان حكم أبرز ملوكها نبوخذ نصر وحمورابي، مؤسس أعرق تشريع للقوانين عرفه تاريخ البشرية المتحضّرة فعلاً.

بعد كلّ هذه الجرائم الموثقة بحقّ البشر، والحجر، والتاريخ، والجغرافيا، أليس من حق ضحايا هذا الإرهاب الكوني المنغلق، الذي أغرق العراق، وأفغانستان، وباكستان، ولبنان، وفلسطين بالدماء، والموت، وجرائم الإبادة، والاغتصاب، والنهب، والتخريب، والتعذيب، أن يطالبوا بالمحاسبة؟ أليس هناك من يجرؤ في مجلس الأمن، الواقع هو الآخر تحت إرهاب وسطوة الأنظمة «الديمقراطية»، المتورطة بكلّ هذا الخراب، على المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في مقتل أكثر من مليون عراقي، وإعاقة مليون آخر، ووجود أكثر من مليون أرملة عرضة الفقر والاستغلال، بعد ان أباد الجيش الأمريكي قرى كاملة في مجازره من بغداد إلى الفلوجة، وحديثة، والنجف، و.. و.. من يفجّر بيوت، ويقتل العراقيين، هل هي «القاعدة» فعلاً، أم الشركات الأمنية الأمريكية؟ من أصدر قرار السماح بالتعذيب؟ ومن المسؤول عن شنّ هذه الحرب المجرمة؟ وهل يمكن ان تمرّ كلّ جرائمها من دون تحقيق أو محاسبة؟

عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، تداعى المنتصرون لمحاكمة المعتدين، الذين كانوا سبب الحرب، وجرائم الإبادة. وعندما هُزمت إسرائيل في حرب تموز، تداعى الإسرائيليون لتشكيل لجنة فينوغراد للتحقيق في سبب هزيمة جيشهم، مع ان اللجنة لم تذكر الجرائم، التي ارتكبتها حكومة إسرائيل ضدّ المدنيين اللبنانيين، ولا نتوقع منها ذلك، لأنها لجنة كيان معتدٍ، وقائم على الاعتداء. وعندما قُتل ثمانية لبنانيين على أيدي «مجهولين»، في الأحد الأسود، شكّل الجيش اللبناني لجنة تحقيق لمعرفة الجناة. وعندما قُتل الحريري بانفجار، سعت الولايات المتحدة إلى تشكيل محكمة دولية، لمحاسبة المسؤولين. وكذلك الأمر بعد انتهاء الحرب على كوسوفو، شُكلت لجنة لمحاسبة مرتكبي مجازر سنبرنيشا، كما شكلت حكومة العراق محكمة خاصة لمحاكمة صدام، وأركان نظامه.

لقد حُوسب صدام على مجازره، فلماذا لا يُحاسبُ الاحتلال الأمريكي على المجازر التي اُرتكبت على يديه، والتي سجّلت رقماً قياسياً في تاريخ البشرية، يستحق من دون شك محكمة دولية لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب هذه؟ إذا كان الحديث النبوي الشريف يقول: «إن هدم الكعبة حجراً فوق حجر، وهدم المسجد الأقصى، أهون على الله من إراقة دم لإنسان بريء»، ماذا يقول الله عزّ وجلّ بإراقة دم مليون عراقي، وتحويل حياة عائلاتهم إلى ألم، وفقر، وعوز؟

إن بوش وأركان نظامه مصممون على المضيّ في ارتكاب جريمة احتلال العراق، كما يصرّحون دوماً، لأنهم يرفلون مطمئنين في ثقافة وتقاليد الإفلات من العقاب، ما دام الضحايا أجانب، فقادة الولايات المتحدة أفلتوا من العقاب على جرائم إبادة للجنس البشري مراراً: عندما أبادوا المدنيين اليابانيين في هيروشيما، وعندما أبادوا الملايين من الفلاحين الفيتناميين، وعندما دمرّوا حياة شعب فلسطين، والآن هم متأكدون من الإفلات من العقاب، لأن الضحايا عرب مسلمون، أما هم فديمقراطيون متحضّرون!!

لا أمل يُرتجى من الأمم المتحدة، ولا من الكونغرس، أو البرلمانات الديمقراطية، ولا أمل يُرتجى من الأجهزة القضائية «المستقلّة»، حيث ينهار مبدأ العدالة، عندما يكون المجرم زعيماً سياسيّاً، غربيّاً، ديمقراطيّاً، وخاصة عندما يكون الضحايا، ولو كانوا بالملايين، من «الأجانب». ولكن ألا يستطيع، بل ألا يوجد أصحاب ضمير بعدد أصابع اليد الواحدة في الغرب والشرق كي يتكاتفوا من أجل كرامة البشرية لتشكيل تلك السلطة الأخلاقية، التي تجرؤ على تحدّي سطوة القوة اللا أخلاقية لثقافة إفلات مجرمي الحرب من العقوبات السائدة في الولايات المتحدة، ودعوتها إلى محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب في العراق، وتشكيل محكمة دولية مستقلّة لمحاسبة المسؤولين، ووضع حدّ لاستباحة حياة وكرامة البشر، بغض النظر عن العرق، أو الدين، وتحت أيّ ذريعة كانت: منع انتشار أسلحة الدمار.. بالحرب، أو نشر الحرية.. بالاحتلال، أو مكافحة الإرهاب.. بالإرهاب..؟

والسؤال في النهاية: هل يستحق مليون ضحية عراقي، ضمن مفهوم العدالة في النظام الديمقراطي، ومفهوم نشر الحريّة الأمريكي، محاسبة القتلة؟!