ينبه الخبراء إلى أن الفساد وسوء الإدارة سيقضيان على ميزانية العراق البالغة 48 مليار دولار.يقول خبراء الاقتصاد أن الفساد سيقضي على ميزانية العراق التي تم تحديدها بمبلغ 48 مليار دولار والتي من غير المتوقع أن تنصف الشعب العراقي الذي عاني الكثير وستحول العاطلين عن العمل إلى جيش من المتسولين.
ويستند هذا التكهن المتشائم على الأنماط التي تم إتباعها في إدارة الميزانية خلال الأعوام الأربعة الماضية والتي ساد فيها غياب التخطيط والخبرة الفنية وعجز المحافظات عن صرف الأموال المخصصة لها.
وبعد أشهر من المشاحنات أقر البرلمان المنقسم بعمق الأربعاء الميزانية التي تخصص حصة الأسد للقوات الأمنية بمبلغ 8.85 مليار دولار - بارتفاع ملحوظ عن تخصيص العام الماضي الذي بلغ 7.5 مليار دولار- ولقطاع التعليم الذي حصل على 4.13 مليار دولار.
وتشمل المخصصات الرئيسة الأخرى 1.92 مليار دولار لوزارة الصحة و1.37 مليار دولار للكهرباء، وهو مبلغ يتوقع أن يصرف الكثير منه على تحسين البنية التحتية لبلد لازال يعيش أكثره في ظلام.
وعلى الرغم من هذه الأرقام الضخمة التي تتجاوز ضعف المبالغ التي كان يتم تخصيصها قبل إسقاط نظام صدام حسين، يعتقد الاقتصاديون أنه لن يتبقى منها ما يكفي لعامة العراقيين.
وذكر وليد خالد الخبير في شؤون بغداد الاقتصادية "أن المشكلة لا تكمن في حجم الميزانية بل ما إذا كان سيتم إنفاقها بصورة صحيحة وبشكل يخلو من الفساد الإداري والمالي".
وقال خالد لوكالة فرانس برس "ما الفائدة التي عادت على المواطنين من ميزانية العام الماضي التي كانت ضخمة هي الأخرى؟ إقرار الميزانية ليس هو المشكلة بل أن المشكلة هي كم من العراقيين سينتفعون منها".
وقال الباحث الاقتصادي والصحفي المتخصص بالشؤون المالية حسام السموك أن إدارة اقتصاد العراق تأثرت سلباً بعامل انعدام الخبرة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
وذكر السموك "منذ أربعة أعوام متتالية ونحن نفتقر إلى وجود خبراء فنيين يعرفون كيفية وضع مسودة للميزانية أو حتى طريقة تنفيذها. إذ أننا نعاني من سوء التخطيط والتنفيذ".
وأشار إلى أن أداء الإدارات الموجودة في المحافظات على وجه الخصوص كان سيئاً للغاية.
وقال أيضاً "في عام 2007 لم تبلغ أكبر نسب التنفيذ فعاليةً في المحافظات سوى 60% بينما لم تتعد نسبة 10% في المناطق التي كان الوضع فيها أكثر تفجراً".
"فلم يأخذ أولئك الذين وضعوا الميزانية في الحسبان الحاجة الملحة والعاجلة لخلق فرص عمل ولم يعملوا على إعداد برامج استثمارية مناسبة".
وذكر السموك "لقد أثقلوا كاهل الميزانية بتخصيص أكثر من 720 مليون دولار للقطاع الاجتماعي يتم دفعها لمليوني عاطل عن العمل".
"وفي حقيقة الأمر أن ما يفعلونه هو تحويل مليوني شخص إلى متسولين بدلاً من توجيه هذه الأموال نحو برامج ومشاريع استثمارية من شأنها خلق فرص عمل".
وأعترف هلال الطعان الذي يشغل منصب خبير اقتصادي في وزارة المالية بأن الميزانية لا تسد حاجات العراقيين "بشكل كامل".
وقال الطعان "تعد الأموال المخصصة للدفاع (4.99 مليار دولار) وللداخلية (3.86 مليار دولار) الأضخم لأن القوات الأمنية هي التي تضطلع بمهمة ضمان الأمن".
"أن الميزانية ليست بالمثالية ونأمل أن تكون أفضل خلال الأعوام المقبلة إذا ما ارتفع سعر النفط".
وقد استندت تصورات العائدات المعتمدة عند وضع الميزانية على النفط الذي يبلغ سعر البرميل الواحد منه 57 دولار في الوقت الذي يتوقع أن يصل معدل سعر برميل النفط إلى 85 دولار خلال العام الحالي.
ويذكر أن إنتاج العراق من النفط وصل إلى معدل 2.23 مليون برميل في اليوم خلال الربع الأخير من عام 2007 الذي يعد أعلى مستوى له منذ عام 2003 ولكنه لازال دون مستويات الإنتاج قبل الحرب التي كانت تبلغ 2.5 مليون برميل يومياً.
وقد اعترف نائب الرئيس طارق الهاشمي بوجود أخطاء في السياسات المالية والنقدية التي تتبعها الحكومة إلا أنه قال أنه يتم الإعداد لتشكيل لجنة من الخبراء "لإيجاد حلول لمواطن الضعف الاقتصادية".
عن وكالة فرانس برس