كنا نسمع بأن بعض المواقف تجعل الحليم حيران،وكنا نتحرى لنرى مثل هذه المواقف العجيبة،حتى رأينا الحكام العرب يقفون مكتوفي الأيدي أمام العدوان الصليبي والصهيوني على فلسطين والعراق والصومال وغيرهم.
ولو أردنا أن نبحث عن أصل هذه المواقف لنرى أجاءت وراثة عن أجدادهم الجاهليين؟ أم أنهم ورثوها عن آبائهم المسلمين؟! كان العرب قبل الإسلام يأنفون الضيم، ويحبون الفروسية،ويعشقون الحرية، وما كان أحد من العرب يرضى بالعدوان، وخاصةً إذا كان أميراً أو مسؤولاً في قومه.
وقد سجل التاريخ للعرب مواقف مشرقة ضد العدوان وضد الظلم أياً كان.
أما موقف العرب ضد العدوان ، فيذكر التاريخ أن مدينة يثرب التي سميت في الإسلام بالمدينة المنورة، وكان سكانها من العرب واليهود، وكان اليهود فيها أكبر عدداً وأقوى عدة، وكان لهم ملك، وكانوا يظلمون بعضهم، وكان ملكهم يفرض على كل عروس من اليهود أن تزف إليه قبل أن تزف إلى زوجها، وأراد ملك اليهود أن يطبق هذا الأمر على العرب، فلما خطبت أخت مالك بن ا لعجلان ,أمير العرب في يثرب , وجاء يوم زفافها , أرسل ملك اليهود رجاله فبلغوا العروس وجوب زفافها إلى الملك قبل زفافها إلى زوجها ,ولم يكن أخوها مالك في البيت فذهبت إلى المضافة , وصاحت :مالك , أخي مالك ! وما كان من عادة العرب أن تأتي نساؤهم إلى المضافة , لينادوا على ذويهم من الرجال ,فلذلك خرج مالك إلى أخته غاضباً وقال :لقد جئت بسبة يا أختاه تناديني ولا تستحي؟!قالت: الذي يراد بي أكبر من ذلك ! قال : وما يراد بك ؟ قالت ،وقد أطرقت حياءً ، ودموعها تسيل على خديها: يراد بي أن أهدى إلى غير زوجي! فثارت دماء مالك في عروقه فقال : إلى من؟ : قالت : إلى الطاغية إلى ملك اليهود! قال مالك : لا تخافي ، أنا أكفيك شره . وتزيّ مالك بن العجلان بزي النساء ، ودخل بين النساء مع أخته إلى قصر الملك ، وأخفى سيفه في طيات ثيابه ، حتى إذا جاء الملك ، وخرجت النسوة من عند العروس ، كان مالك آخرهن خروجاً ، فدخل الملك ، وإذا بالسيف يرتفع بيد مالك ، ثم يهوي على عنق الطاغية ، فينهار على الأرض يتخبط بدمائه ..
كان اليهود في يثرب يملكون تسعة وخمسين حصناً ، للاعتصام بها ومقاتلة العدو من دخلها ، وكان العرب يملكون ثلاثة عشره حصناً فقط ، فلذلك رأى مالك أن لاطاقة للعرب بمقاتلة اليهود في يثرب ، فبعث رسالة إلى الحارث بن جبلة ، ملك الغساسنة في بلاد الشام ، وأصلهم من اليمن مثل عرب يثرب يستغيثه على اليهود ، ويسأله حق القرابة وحق العروبة ..
واستجاب الحارث ، وخرج بجيش كبير من حوران ، وسار على عجل حتى وصل قريباً من يثرب فأقام حيث يدل على أنه ذاهب إلى اليمن ، واحتال على يهود يثرب ، فقتل زعمائهم وأشرافهم ، وملأ قلوبهم خوفاً ورعباً ، وقوي العرب على يهود يثرب حتى جاء الإسلام .
وكما كان العرب لايرضون بالعدوان عليهم من الغير ، فهم لا يرضون بظلم بعضهم لبعض ؛ فهذا كليب بن ربيعة لما هزم جيوش اليمن في ـ حزازى ـ واجتمعت عليه معدّ كلها حتى أصبح ملكاً عزيزاً ، فدخله زهو شديد وجفى على قومه وطغى ، فتزوج من جليلة بنت مره بن أبي ربيعة ومرة من قوم كليب ، وكان لجليلة أخ فارس شجاع هو جسّاس حسده كليب وراح يختلق الأسباب للتخلص منه ، ومر بنو مرة آل جسّاس بغدير ماء ليشربوا منه ، فمنعهم كليب عنه ، فذهبوا إلى ثان فنفاهم عنه ، ثم أتوا إلى ثالث ، فمنعهم إياه ، ثم ذهبوا إلى رابع فنزلوا عنده ، وتبعهم كليب وحيُه حتى نزلوا عليه ، ومر جساس فوجد كليب واقف على الماء ، فقال له جساس : طردت أهلنا عن المياه حتى كدت تقتلهم عطشاً ، فقال كليب : مامنعنا عنهم من ماء إلا ونحن لها شاغلون. فقال جساس : هذا كفعلك بناقة خالتي البسوس ، ثم عطف عليه فرسه فطعنه بالرمح فقسم صلبه .
هذا في الجاهلية ، وأما في الإسلام :
كان العرب كلهم ولأول مرة في التاريخ يداً واحدةً على عدوهم ، وقد خلد التاريخ لهم معارك شهيرة انتصروا فيها على الفرس والرومان والتتار مثل القادسية واليرموك وعين جالوت ..
ولما جاء التتار واحتلوا بغداد , واستباحوها أربعين يوما في عام 656هجري فلم تمض سنة حتى جهز ملك مصر جيشاً قوياً وخرج لملاقاة التتار في عين جالوت في فلسطين ، فهزمهم هزيمة منكرة وتعقب فنونهم يقتلهم وهم منهزمون .
فهل يمكننا أن نجد اليوم بين الحكام العرب مثل هؤلاء الذين ذكرناهم في الجاهلية أو في الإسلام ؟إلا من رحِمَ ربي .
ولو أردنا أن نبحث عن أصل هذه المواقف لنرى أجاءت وراثة عن أجدادهم الجاهليين؟ أم أنهم ورثوها عن آبائهم المسلمين؟! كان العرب قبل الإسلام يأنفون الضيم، ويحبون الفروسية،ويعشقون الحرية، وما كان أحد من العرب يرضى بالعدوان، وخاصةً إذا كان أميراً أو مسؤولاً في قومه.
وقد سجل التاريخ للعرب مواقف مشرقة ضد العدوان وضد الظلم أياً كان.
أما موقف العرب ضد العدوان ، فيذكر التاريخ أن مدينة يثرب التي سميت في الإسلام بالمدينة المنورة، وكان سكانها من العرب واليهود، وكان اليهود فيها أكبر عدداً وأقوى عدة، وكان لهم ملك، وكانوا يظلمون بعضهم، وكان ملكهم يفرض على كل عروس من اليهود أن تزف إليه قبل أن تزف إلى زوجها، وأراد ملك اليهود أن يطبق هذا الأمر على العرب، فلما خطبت أخت مالك بن ا لعجلان ,أمير العرب في يثرب , وجاء يوم زفافها , أرسل ملك اليهود رجاله فبلغوا العروس وجوب زفافها إلى الملك قبل زفافها إلى زوجها ,ولم يكن أخوها مالك في البيت فذهبت إلى المضافة , وصاحت :مالك , أخي مالك ! وما كان من عادة العرب أن تأتي نساؤهم إلى المضافة , لينادوا على ذويهم من الرجال ,فلذلك خرج مالك إلى أخته غاضباً وقال :لقد جئت بسبة يا أختاه تناديني ولا تستحي؟!قالت: الذي يراد بي أكبر من ذلك ! قال : وما يراد بك ؟ قالت ،وقد أطرقت حياءً ، ودموعها تسيل على خديها: يراد بي أن أهدى إلى غير زوجي! فثارت دماء مالك في عروقه فقال : إلى من؟ : قالت : إلى الطاغية إلى ملك اليهود! قال مالك : لا تخافي ، أنا أكفيك شره . وتزيّ مالك بن العجلان بزي النساء ، ودخل بين النساء مع أخته إلى قصر الملك ، وأخفى سيفه في طيات ثيابه ، حتى إذا جاء الملك ، وخرجت النسوة من عند العروس ، كان مالك آخرهن خروجاً ، فدخل الملك ، وإذا بالسيف يرتفع بيد مالك ، ثم يهوي على عنق الطاغية ، فينهار على الأرض يتخبط بدمائه ..
كان اليهود في يثرب يملكون تسعة وخمسين حصناً ، للاعتصام بها ومقاتلة العدو من دخلها ، وكان العرب يملكون ثلاثة عشره حصناً فقط ، فلذلك رأى مالك أن لاطاقة للعرب بمقاتلة اليهود في يثرب ، فبعث رسالة إلى الحارث بن جبلة ، ملك الغساسنة في بلاد الشام ، وأصلهم من اليمن مثل عرب يثرب يستغيثه على اليهود ، ويسأله حق القرابة وحق العروبة ..
واستجاب الحارث ، وخرج بجيش كبير من حوران ، وسار على عجل حتى وصل قريباً من يثرب فأقام حيث يدل على أنه ذاهب إلى اليمن ، واحتال على يهود يثرب ، فقتل زعمائهم وأشرافهم ، وملأ قلوبهم خوفاً ورعباً ، وقوي العرب على يهود يثرب حتى جاء الإسلام .
وكما كان العرب لايرضون بالعدوان عليهم من الغير ، فهم لا يرضون بظلم بعضهم لبعض ؛ فهذا كليب بن ربيعة لما هزم جيوش اليمن في ـ حزازى ـ واجتمعت عليه معدّ كلها حتى أصبح ملكاً عزيزاً ، فدخله زهو شديد وجفى على قومه وطغى ، فتزوج من جليلة بنت مره بن أبي ربيعة ومرة من قوم كليب ، وكان لجليلة أخ فارس شجاع هو جسّاس حسده كليب وراح يختلق الأسباب للتخلص منه ، ومر بنو مرة آل جسّاس بغدير ماء ليشربوا منه ، فمنعهم كليب عنه ، فذهبوا إلى ثان فنفاهم عنه ، ثم أتوا إلى ثالث ، فمنعهم إياه ، ثم ذهبوا إلى رابع فنزلوا عنده ، وتبعهم كليب وحيُه حتى نزلوا عليه ، ومر جساس فوجد كليب واقف على الماء ، فقال له جساس : طردت أهلنا عن المياه حتى كدت تقتلهم عطشاً ، فقال كليب : مامنعنا عنهم من ماء إلا ونحن لها شاغلون. فقال جساس : هذا كفعلك بناقة خالتي البسوس ، ثم عطف عليه فرسه فطعنه بالرمح فقسم صلبه .
هذا في الجاهلية ، وأما في الإسلام :
كان العرب كلهم ولأول مرة في التاريخ يداً واحدةً على عدوهم ، وقد خلد التاريخ لهم معارك شهيرة انتصروا فيها على الفرس والرومان والتتار مثل القادسية واليرموك وعين جالوت ..
ولما جاء التتار واحتلوا بغداد , واستباحوها أربعين يوما في عام 656هجري فلم تمض سنة حتى جهز ملك مصر جيشاً قوياً وخرج لملاقاة التتار في عين جالوت في فلسطين ، فهزمهم هزيمة منكرة وتعقب فنونهم يقتلهم وهم منهزمون .
فهل يمكننا أن نجد اليوم بين الحكام العرب مثل هؤلاء الذين ذكرناهم في الجاهلية أو في الإسلام ؟إلا من رحِمَ ربي .
لقد مضى على العدوان الإسرائيلي على فلسطين ستون عاماً , والآن قد مضى على احتلال العراق خمس سنوات والحكام العرب بعضهم يساعد المحتل ، وبعضهم يقف مكتوف الايدي، وبعضهم الآخر يقف على الحياد .
وعود على بدء : كيف يرضى حكام العرب أن يكونوا زعماء لقوم أذلهم الأعداء والأصدقاء لدرجة لا يستطيعون فيها أن يساعدوا إخوانهم المعتدى عليهم؟ حتى إنهم لا يجرءون على حضور إجتماع لمناقشة قضاياهم وقضاية امتهم العربية ! ألا يشعر هؤلاء الحكام بأن زعيم الأذلاء ذليل ؟
أليس في مواقف الحكام العرب من عجب ؟ بل هي أعجب العجب!
وعود على بدء : كيف يرضى حكام العرب أن يكونوا زعماء لقوم أذلهم الأعداء والأصدقاء لدرجة لا يستطيعون فيها أن يساعدوا إخوانهم المعتدى عليهم؟ حتى إنهم لا يجرءون على حضور إجتماع لمناقشة قضاياهم وقضاية امتهم العربية ! ألا يشعر هؤلاء الحكام بأن زعيم الأذلاء ذليل ؟
أليس في مواقف الحكام العرب من عجب ؟ بل هي أعجب العجب!
صلاح الآغا*