كتّاب الخارجية الصهيونية يستبشرون باستشهاد"مغنية"


د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام – فرنسا
كتاب الخارجية الصهيونية عرب مثلنا، تاريخهم من تاريخنا ولكنهم باعوا ضمائرهم لعدونا فوجهوا أقلامهم نحو صدورنا، وطمعوا في كتابة مقالاتهم في المواقع الصهيونية فكان لهم ذلك. وهم اليوم يتشرفون بأن وزارة خارجية العدو تنشر لهم في موقعها وتستشهد "بآرائهم وتحليلاتهم".
 
لقد اصطاد هؤلاء الكتاب عصفورين بحجر واحد باستشهاد القائد العسكري "عماد مغنية". أما العصفور الأول فهو أن الاغتيال حدث في دمشق بالذات ، وأما الثاني فالشهيد هو "مغنية" الرجل الفذ والذراع الضاربة للمجاهدين، بما يعنيه ذلك من التخلص من خطر كبير على وزارة خارجية العدو، الوحيدة التي تمنّ على هؤلاء بقبول كتاباتهم في موقعها.
 
وعودة إلى مسألة اغتيال عماد مغنية في دمشق، فقد تغنى كتاب الخارجية الصهيونية بالاختراق الأمني للعاصمة السورية، وصهينوا وأمركوا بدلاً من كبروا وهللوا، لأن النظام في سورية غير قادر على حماية الناس ولا المواطنين، ولا حتى الأشخاص الذين يخدمون النظام ويتعاونون معه!!.
 
ولا أعرف على وجه التحديد كيف تستطيع دولة أن تحمي كل فرد فيها من القتل أو الاغتيال أو تحمي كل بيت فيها من السرقة مثلاً، اللهم إلا توفر الوازع الأخلاقي عند الناس، وهذا بالضبط ما تفتقر إليه الجهة التي قامت بالاغتيال وما يفتقر إليه أيضا السادة الذين لا يتورعون عن نشر مقالاتهم تحت ظلال العلم الصهيوني.
 
كيف، إذاً، اخترقت جماعات بسيطة لا تملك السلاح الكافي ولا العتاد اللازم دولاً عظمى ميزانية مخابراتها بحجم ميزانية سورية ألف مرة. ولا أدري إذا كان هؤلاء الكتاب، يتذكرون هجمات أيلول عام 2001 أم لا؟ ولماذا تمّ اختراق الجدر الأمنية للولايات المتحدة؟. ولربما نسي أصحابنا التفجيرات التي حدثت في بريطانيا، أو التي حدثت في إسبانيا، وفي كل نقطة من العالم. لقد نسي أحباب الوزارة المذكورة كل هذا وتذكروا اختراق العدو للتحصينات الأمنية لدمشق وفقط لدمشق، بل تناسوا أن حزب الله نفسه قد اختطف قبل عام ونيف جنديين صهيونيين، مع العلم أن الصهاينة كلهم بصغيرهم وكبيرهم أعضاء في سلك الأمن.
 
الغريب في هؤلاء المتذللين، أنهم فرحوا لاختراق الأمن السوري ولم يحزنوا والأصل في المسألة أن يتعاطفوا مع دمشق، فدمشق هذه عاصمة عربية، ويقطنها عرب إخوة في الدم والتاريخ، فبدلاً من الشماتة كان يتوجب عليهم الوقوف في صف سوريا ومؤازرتها والشد على يدها، فما يمس دمشق أو بغداد أو القاهرة، يمس لا ريب، كل مدينة عربية وكل مواطن عربي وإن قل شرفه أو باع جزءاً من كرامته، ولكن ماذا نقول لمن خسر كل ما يملك من عزة نفس، ولم يرفع رأسه منذ عشرين عاماً، وانخفض رأسه حتى اختفت رقبته.
 
أما العصفور الثاني، فقد رحب موظفو الخارجية الصهيونية بمقتل الشهيد، فهو "إرهابي" ومطلوب في عدة دول وهذا مصير الإرهابيين. طبعاً لا يتذكر هؤلاء الكتاب، أن القادة السياسيين فضلاً عن العسكريين، في الكيان الصهيوني هم الذين أشرفوا واستمتعوا بمذابح كفر قاسم ودير ياسين، وقانا وبيت حانون، ولا يزالون إلى اليوم يبدعون العمليات الإرهابية والإجرامية في كل مكان، فهم ينفذون جرائمهم في كل نقطة من سطح الكرة الأرضية، ونسي هؤلاء أن البيت الأبيض ربَّ نعمتهم قد مارس جرائمه وإرهابه، حتى على الأطفال في العراق، ولقد خرست أقلامهم عندما رفضت الإدارة الأمريكية الإفراج عن أطفال معتقلين في "غوانتنامو" حيث اعتزت هذه الإدارة الإرهابية بأنها ستحاسب هؤلاء الأطفال وتستمتع بتعذيبهم.
 
عندما قطّع صناع الموت الأمريكان أشلاء الرضع واغتصبوا النساء في "أبو غريب"، لم تتكلم أقلام الخارجية الصهيونية، فإن كلاب الحراسة لا تعض صاحبها. وهم اليوم يستبشرون باستشهاد رجل كان يدافع عنهم وكان من المفترض أن يرفعوا رؤوسهم به عالياً.
 
ويصمت هؤلاء الكتاب عندما يعتز الصهاينة بأنهم اغتالوا الشهيد أحمد ياسين المقعد، الذي كان سلاحه الكلمة والفكرة، ويعتزون بتصفية ياسر عرفات. فكيف تعلم كتاب الخارجية الصهيونية السكوت عن الحق والتبجح بالباطل، وأين تعلموا طأطأة الرأس تحت أقدام المعتدين.
 
هكذا تصمت هذه الأقلام عن جرائم أسيادهم في تل أبيب وواشنطن وتنبري للفرح والحديث بغبطة عن مقتل رجل بقائه واستشهاده شرف لنا سواء بسواء.
 
إن الشهيد عماد مغنية، قد مات مقتولاً بيد عدوه، فشرفه الله بالشهادة، وهو رجل بدأ طريقاً كان يعرف آخرها، ولو كان خائفاً من الموت وراكضاً خلف مقال في موقع الخارجية الصهيونية لما بدأ هذا الطريق أصلاً فمن يسلك طريق الجهاد ستكون عاقبته الشهادة.
 
لقد قام عماد مغنية بعمليات فذة، سيذكرها المجاهدون كل حين، وستستخلص منها العبر والدروس، وتزداد ذكراه حسناَ على حسن، فقد قتله عدوه، ولا يجمع الله المؤمن مع قاتله يوم القيامة.
 
ولهذا فلا شك أن المجاهدين اليوم يفرحون باستشهاد عماد مغنية ولا شك أنهم يحضرون غيره، ولا شك أيضاً أن الصهاينة سيدفعون ثمناً غالياً لاستشهاده عاجلاً أم آجلاً.
 
وإذا كان هذا حال "مغنية"، مات شهيداً مناضلاً قضى عمره يفكر بقتال الصهاينة والدفاع عن هذه الأمة، فما هو حال كتاب الخارجية الصهيونية، أين سيموتون؟؟ أمام شاشات "الواوا"، أو هزي يا نواعم، أو لربما أمام الخارجية الصهيونية التي ستتخلص منهم يوما ما؟؟.
 
أم سيموتون كما تموت العير، وأصر: العير بفتح العين..فلا نامت أعين الجبناء.