تحالف بوتين وميدفيديف.. إلى أين?!

خولة غازي
يجمع المراقبون على أن نسخة 2008 من بوتين كرئيس للوزراء سوف تكون أقوى من نسخة 1999 عندما تسلم رئاسة الوزراء لشهور

أثناء حكم بوريس يلتسن, وهذا يعني أن الحاجة تنتفي إلى تغيير القوانين والدستور لتمكين بوتين من الاستمرار في الاضطلاع بدور اللاعب السياسي الرئيسي في البلاد,وذلك بعد القرار الذي اتخذه فلاديمير بوتين بشغل منصب رئيس الوزراء في حالة فوز مرشحه ديمتري ميدفيديف في الانتخابات الرئاسية الروسية القادمة.‏

وقد أفزعت مؤيديه فكرة مغادرته في آذار المقبل, فخرجت تظاهرات شملت غالبية المدن الروسية رفعت شعار (أنا مع بوتين) وظهرت منظمات وحركات اجتماعية توحدت جهودها خلف مطلب وحيد صيغ في عريضة سلمت إلى الرئيس مضمونها (لا ترحل) ويرى أحد مؤسسي الحركة, الفنان سيرغي بروخانوف, ضرورة تعديل الدستور, معتبراً أنه لا يجوز تحديد فترات الرئاسة لشخصية قيادية عظيمة يساندها الشعب.‏

يتمتع رئيس الدولة بصلاحيات شاملة حسب الدستور, وهذا في حد ذاته يشير إلى أن ميدفيديف سوف يكون رئيساً قوياً, فضلاً عن ذلك فمن المعروف عن ميدفيديف أنه رجل سياسة قوي العزيمة وإداري مخضرم عظيم الخبرة.‏

لكن بوتين سوف يكون رئيس وزراء قوياً, لمجرد كونه بوتين, وهو عاقد العزم على أن يظل الشخص الأكثر شهرة في روسيا لمدة طويلة مقبلة, وهذا يعني قيام نظام حكم يعتمد على مركزين على الأقل لاتخاذ القرار - ربما بالإضافة إلى روسيا الموحدة, الحزب الذي ينتمي إليه بوتين وميدفيديف, والذي فاز ب 64% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة, بعد أن فاز في انتخابات عام 2003 بنحو 37% من الأصوات, كل ذلك يشكل تقدماً واضحاً من وجهة نظر الفصل بين السلطات.‏

ربما يتمتع منصب رئيس الوزراء ببعض الأفضلية, فمن بين نقاط الضعف الرئيسية التي تعيب تصميم الدستور الروسي فصله للسلطة عن المسؤولية, فالرئيس يتمتع بأغلب السلطات, إلا أن الحكومة هي المسؤولة عن النتائج المترتبة على السياسات التي تنتهجها.‏

ومع ذلك يستخف العديد من المعلقين بسلطات رئيس الوزراء, فطبقاً للدستور, يتولى رئيس الوزارة قيادة الفرع التنفيذي, والحكومة مفوضة بنص الدستور باتخاذ القرار فيما يتصل بالاتجاه الرئيسي للسياسة الداخلية والسياسة الخارجية.‏

ويعتمد القدر الأعظم من الأمر على من هو رئيس الوزراء بالتحديد, إذ إن الساسة من ذوي الوزن الثقيل الذين يشغلون ذلك المنصب قادرون بحنكتهم ودهائهم على حجب دور رئيس الدولة تماماً, كما حدث مع يفغيني بريماكوف أو بوتين ذاته أثناء نهاية مدة الولاية الأخيرة للرئيس بوريس يلتسن, حين كان من الواضح بالنسبة للجميع أن رئيس الوزراء هو من يدير الدولة.‏

ويمكن القول إن النموذج الأميركي كما يرى محللون أكثر نجاحاً في هذا السياق, ذلك أن رئيس الدولة يتولى أيضاً زعامة الحكومة, رغم أن الموقف الجديد لا يعالج بالكامل عيوب التصميم حيث يتولى الشخص الأكثر قوة على الصعيد السياسي زعامة الفرع التنفيذي, إلا أنه سوف يسمح بالمزيد من الأداء الفعال من جانب الحكومة التي ما زالت تناضل من أجل استرداد عافيتها منذ الإصلاحات الإدارية التي طبقها بوتين أثناء عام .2004‏

بادر العديد من المعلقين إلى توبيخ بوتين بسبب استعداده لقبول منصب يزعمون أنه أقل من مستواه - فالتصدي للمسؤولية عن تعبيد الطرق, وإدارة الخدمات الاجتماعية,وعلاج التضخم والعديد من المشكلات الأخرى قد تضعف من شعبيته إلى حد كبير, ولكن كان من الواجب عليهم أن يشكروه بدلاً من أن يوبخوه.‏

ولكن ما مدى الاستقرار الذي قد ينعم به مثل هذا النظام المتعدد المراكز في الحكم? وإلى متى قد يظل ميدفيديف رئيساً للبلاد وبوتين رئيساً للوزراء? ماذا لو دب الخلاف بينهما?‏

إن الاستقرار يتطلب بطبيعة الحال الاتفاق بين اللاعبين الرئيسيين, ومن المؤكد كما يرى المتابعون أن الأمر سوف يشتمل على عدد وافر من الخصوم والحلفاء الذي سيحاولون إثارة المشكلات بينهما, ولكن ينبغي أن ندرك أن بوتين وميدفيديف عملا معاً لمدة تزيد على سبعة عشر عاماً من دون أن تنشأ بينهما صراعات خطيرة, فضلاً عن ذلك فإن بوتين لم يسبق له قط أن أخطأ في الحكم على ولاء الأشخاص الذين يرفعهم إلى جانبه.‏