الحكومة ترفع اسعار المحروقات في الأردن فيما احزاب المعارضة منشغلة بتسوية اوضاعها التنظيمية


عمان
تراجعت وتيرة "الزمامير" والعيارات النارية التي اعتاد الأردنيون اطلاقها بكثافة كلما أعلنت نتائج امتحانات الثانوية العامة. يكمن السبب في أن الحكومة أعلنت نتائج الثانوية العامة/الفصل الشتوي، في ذات الوقت الذي أعلنت فيه بدء تنفيذ قرارها رفع أسعار المحروقات بنسبة بلغت 76 بالمئة..! وهذا هو الرفع الخامس لأسعار المحروقات خلال أقل من أربع سنوات.
 وتؤكد التقارير أن أهالي الكرك، وهي واحدة من محافظات الفقر في جنوب الأردن الذي اعتاد على التظاهر والتحرك احتجاجا على الإجراءات الحكومية المتعلقة برفع الأسعار، انشغلوا بأخبار تحرير أسعار المشتقات النفطية عن نتائج امتحانات الثانوية العامة.
لقد ساد الوجوم الأهالي، وشهدت المحافظة الجنوبية حالة من الهدوء غير المعهود وعدم الاهتمام بأخبار "التوجيهي"، ولم يتجمع طلبته وذووهم أمام محال الإنترنت كما هو الحال كل عام، في حين غابت مظاهر انطلاق مواكب السيارات وإطلاق العيارات والألعاب النارية التي كانت تسود عند إعلان نتائج الثانوية العامة.
وفيما شهدت محطات الوقود في مختلف مناطق الكرك ازدحاما كبيرا قبيل اعلان رفع الأسعار، قامت شرطة المحافظة بوضع ضباط ارتباط في جميع محطات الوقود لمعرفة من يمتنع عن تزويد المواطنين بالمشتقات النفطية.
وشكا مواطنون من قيام بعض ضباط الارتباط بـ"منع تزويد المركبات بمادة البنزين من محطات الوقود، باستثناء ما قيمته خمسة دنانير فقط" مؤكدين أن بعض المحطات "امتنعت" عن تزويد المواطنين بأكثر من صفيحة كاز تعادل 20 لتراً.
واعتبروا أن زيادة الأسعار سـ"تؤثر" على المستوى المعيشي للمواطنين الذي هو "متدن أصلا.
ردة فعل الأردنيين على قرار الحكومة انحصر حتى الآن في التهافت على محطات بيع الوقود، وملء خزانات سياراتهم بالبنزين "الرخيص" نسبيا قبل أن "تولع" الأسعار في قفزة جديدة غير مفاجئة.
اطلاق الرصاص في الهواء كان شبه نادر في هذه المرة، إذ اكتفى المحتفون بنجاحهم في امتحانات الثانوية العامة بإطلاق العنان لـ "زمامير" سياراتهم التي قطعت كذلك مسافات أقل من المعتاد، كما أن أعداد السيارات المحتفية كانت أيضا أقل بكثير من المعتاد.
ربما خالج البعض كذلك شعور بأن المتخرجين إنما تخرجوا من الثانوية العامة إلى المجهول..! نظرا لارتفاع معدلات ىالقبول في الجامعات الخاصة والرسمية، وكذلك ارتفاع كلفة الدراسة الجامعية في بلد اشتهر سابقا بتصدير الأيدي العاملة الجامعية لدول الجوار.
قبل فقط يومين من اعلان بدء تطبيق قرار رفع اسعار المحروقات كانت جامعة اردنية تقرر فصل اربعة من طلابها لأنهم وزعوا منشورات تعترض على رفع الأقساط الجامعية، وارتفاع كلفة المواصلات من وإلى الجامعة، ما دعا الحملة الوطنية لأجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" لأن تصدر بيانا يطالب بإعادة الطلبة المفصولين إلى جامعتهم الرسمية.
الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، إذ سيتم وفقا لوزيري المياه والكهرباء رفع سعري هاتين السلعتين الرئيستين أيضا خلال اسبوعين. ولما كانت أسعار المحروقات ستراجع بشكل دوري مرة كل شهر، فإن أسعار الكهرباء التي يتم توليدها بواسطة مولدات تعمل بالوقود، سيتم مراجعة اسعارها هي الأخرى بشكل دوري.
وبعد أقل من شهرين سيتم رفع اسعار المحروقات مرة أخرى بنسب قد تكون مقاربة للنسب الحالية. وهذا قرار معلن، وإن كان مؤجلا إلى نهاية فصل البرد، ومن قبيل تجريع المواطنين رفع الأسعار بالتدريج.
بالطبع، أسعار جميع السلع سترتفع مع ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء، بدءا بأجور نقل الركاب، وهذا ما قررته الحكومة على كل حال بنسب تترواح بين 10 و23 بالمئة.
أما الذي لم تقرره الحكومة، وإن أصبح أمرا واقعا منذ قرابة الشهر، فهو رفع التجار اسعار جميع السلع قبل رفع اسعار المحروقات.
هل يرفع التجار الأسعار مجددا..؟
الأمر أكثر من متوقع، يرد عليك المواطن الأردني الذي بات يدرك أن لا فرق بين الحكومات والتجار، ما دامت الحكومات تمثل مصالح التجار..!
لقد تم رفع اسعار جميع السلع الغذائية الطازجة (الخضروات والفواكه) قبل قرابة الشهر في إطار الإستعدادات لرفع اسعار المحروقات، لترفع مرة أخرى خلال الأيام القليلة الماضية في إطار الإحتفال بالصقيع الذي تزامن مع هطول الثلج، وأفسد وخرب، خاصة الخضروات.
وتتوقع دراسة علمية أن يتحمل رب الأسرة الأردنية زيادة في مصاريف اسرته المكونة من خمسة أفراد 5ر72 دينار شهريا فروق استخدام محروقات فقط، داعيك عن فروق اسعار بقية السلع، ويشكل اجمالي زيادة اسعار المحروقات على الأردنيين 300 مليون دينار..أي قرابة النصف مليار دولار سنويا.
أين أحزاب المعارضة الأردنية من هذا الذي يجري..؟
يبدو أن هذه الأحزاب منشغل معظمها في انتظار مصيره المحتوم، بعد أن سنت الحكومة قانونا خاصا للأحزاب، يفرض عليها ما لا تستطيعه، وهو زيادة عدد مؤسسي الحزب من خمسين إلى خمسمئة مؤسس، يتوزعون على خمس محافظات.
لذا، فقد اكتفت لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة بالدعوة إلى اعتصام تم تنفيذه أمام مقر حزب جبهة العمل الإسلامي، بلغ المشاركين فيه "العشرات من المواطنين"، وفقا للخبر الرسمي الذي وضع على موقف الحزب الألكتروني.