لمن يصوت مسلمو أمريكا؟


كتبت نهي أبو الكرامات
 إجابة هذا السؤال لم يحسمها مسلمو الولايات المتحدة وإن كان بعضهم قد أبدي ميلا لبعض المرشحين أو اتجه فعلا لدعمه. إن نصف الناخبين المسلمين تقريبا لم يقرروا بعد اختيار مرشحا بعينه.
 
فقد أظهرت نتائج استطلاع أجراه مركز واشنطن الإسلامي لحقوق الإنسان Washington-based Islamic civil rights and advocacy group لصالح مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) ونشرت نتائجه في 31-1-2008 – أن أكثر من نصف الناخبين المسلمين مايزالون في مرحلة تقييم المرشحين وأنهم لم يحسموا بعد اختيارهم.
 
وأظهر استطلاع أن 80 % من الناخبين المسلمين يشاركون بانتظام في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بصورة منتظمة، وأنهم شاركوا بالفعل أو يعتزمون المشاركة هذا العام في الانتخابات التمهيدية الجارية. وأظهر المسح كذلك أن غالبية المسلمين الأمريكيين لا ينتمون لأي حزب، حيث إن 42% منهم قالوا أنهم يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين بينما قال 17% أنهم جمهوريون وقال 28% أنهم لا ينتمون لأي حزب.
 
وجاء في الاستطلاع أن القضايا الأهم بالنسبة إلى الأمريكيين المسلمين في الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية الحالية هي التعليم والحقوق المدنية، التي يعانون من نقصها في ظل إدارة بوش، والرعاية الصحية والوظائف والاقتصاد وعلاقات الولايات المتحدة مع الدول الإسلامية.
 
فبرغم أن الاقتصاد وحرب العراق يطغيان على قوائم القضايا الأهم بالنسبة إلى الناخبين الأمريكيين الجمهوريين والديمقراطيين على التوالي، إلا أن التعليم جاء أولا بالنسبة للمسلمين الأمريكيين (89 %) تليها قضية الحقوق المدنية (86 %) والاقتصاد (85 %) الذي تعادل في أهميته مع اهتمام المسلمين الأمريكيين بعلاقة الولايات المتحدة بدول العالم الإسلامي.
 
وفي معرض تعليقه علي الاستطلاع يقول ابراهيم هوبر Ibrahim Hooper مدير الاتصالات الاستراتيجية بـ" CAIR ": "يجب أن يكون واضحا لاي مرشح أن المسلمين الامريكيين يعتبرون مجموعة اساسية من الناخبين الذين يرفضون تشويههم ويحتفظون بلون مستقل يجب أن يأخذه كل المرشحين في اعتبارهم". ويقول كوري سايلورCorey Saylor المدير التشريعي ل CAIR:" إن ذلك لا يحدث، وليس هناك اي علامة تدل على أن المرشحين سيقومون بذلك". ويوضح سايلور Saylor انه يشك في التفات المرشحين للمسلمين الامريكيين إلا أذا اصبح المجتمع الامريكي المسلم يتمتع بقوة سياسية أكبر.
 
ويؤكد سايلور Saylor أنه ينظر اليوم الى المسلمين الامريكيين على انهم جناح فعال من الناخبين في الولايات الاساسية التي تشهد منافسة حامية بين المرشحين مثل ولايات فلوريدا Florida التي تضم 6% من المسلمين الامريكيين على مستوى الولايات المتحدة، وميتشيجانMichigan وتضم ذلك 6%، والينويIllinois 10% واوهايو Ohio3% وبنسلفانيا Pennsylvania 4% . ويتركز المسلمون الامريكيون في 4 ولايات أخرى هي كاليفورنيا Californiaوتضم(19 %)، ونيويورك New York(13%)، وتكساس (9%) وفرجينيا (7%)، وميريلاند (5%).
 
ومنذ عدة سنوات حدث جدل واسع حول أعداد المسلمين في أمريكا بين المنظمات الإسلامية واليهودية، حيث في أمريكا ممنوع السؤال عن الدين.
 
فتقول المنظمات الإسلامية إن المسلمين الأمريكيين يصل إلي 10 ملايين، وهو رقم ضعف عدد اليهود في أمريكا المحسوب بدقة 5.6 مليون نسمة. بينما تشير التقديرات الواقعية تشير إلي أن عددهم بين 4 إلي 7 ملايين نسمة من إجمالي عدد سكان الولايات المتحدة وعددهم 300 مليون نسمة.
 
يمثل المسلمون السود في أمريكا 30 ـ 40% من عدد المسلمين، ويمثل المسلمون من أصل آسيوي 25ـ30% من عدد المسلمين، ويمثل المسلمون من العرب 25ـ30% من عدد المسلمين الأمريكيين بحسب إحصاءات نشرتها مجلة تايم والمعهد العربي الأمريكي.
  
ميل إلى الديمقراطيين
عميد صافيOmid Safi ، استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة نورث كاروليناNorth Carolina ، يقول "إن عزوف المرشحين عن التحدث إلى الناخبين المسلمين يقابله عدم ثقة في السياسيين من قبل المجتمع الامريكي المسلم. وأضاف: "كل المرشحين يتحدثون عن المسلمين، لكن القليل جدا منهم يتحدث مع المسلمين، فاذا فعلوا ذلك فسيكتشفون أن كل القضايا التي تؤثر في الامريكيين كالتعليم والبيئة والاقتصاد والرعاية الصحية تؤثر في المسلمين الامريكيين أيضا". وقال صافي Safi :"ليس هناك من بين الجمهوريين من يهتم جيدا بالمسلمين الامريكيين، أما بالنسبة للديمقراطيين، فانه من الواضح أن هيلاري كلينتون Hillary Clinton لا تحظى اصلا بقبول لدى المسلمين، وذلك لان الكثير منهم لا يثق فيها، لانها وجهت كل طاقتها لمعاداة المسلمين بمواقفها المؤيده لاسرائيل. بينما يحظى باراك اوباماBarack Obama بتاييد كبير بين العديد من المسلمين الامريكيين.
 
وبدوره يعتقد سامر شحاتهSamer Shehata استاذ السياسات العربية بجامعة Georgetown، أن الناخبين المسلمين سيتوجهون بأعداد كبيرة وبحماسة إلى مراكز الاقتراع ربما أكثر من أي وقت آخر في تاريخ الأمة". وأضاف شحاته ل Arab American News أنه يتوقع أن تدعم نسبة كبيرة من المسلمين الأمريكيين السناتور الديمقراطي اوباماObama وذلك لعدة أسباب، أولها: لأن معظم المسلمين الأمريكيين من أصل إفريقي، ثانيا: ينظر إلى اوباما Obama على اعتبار أنه أكثر عدلا وتوازنا عند الحديث عن الصراع الفلسطيني -الاسرائيلي أكثر من كلينتون Clinton ، ثالثا: كان اوباما Obama ضد الحرب على العراق منذ البداية، على النقيض من كلينتون Clinton.
 
وهناك مرشح ديمقراطي اخر قد يدعمه المسلمون الامريكيون، على الرغم من أن فرصته في الفوز بترشيح حزبه تعد معدومة، وهو دينس كوتشينتش Dennis Kucinich من ولاية أوهايوOhio والعمدة السابق لمدينة كليفلاندCleveland ، وذلك لانه لم يتجاهل المسلمين الامريكيين مثل باقي المرشحيين حيث التقى بهم في ميتشيجان Michiganوشملت جولته كذلك زيارة المساجد هناك.
  
والجمهوريين أيضا
أما على الصعيد الجمهوري، فلم يجد المسلمون الامريكيون سوى المرشح رون بولRon Paul لدعمه، بسبب مواقفه واراءه التي توافق مصالح المسلمين بشكل عام. فعلى موقع على الانترنت انشأه مجموعة من مسلمي امريكا لحشد التأييد لبولPaul ، قالت هذه المجموعة إن "لدى المسلمين والامريكيين فرصة كبيرة وفريدة يجب اقتناصها في انتخابات 2008.
 
هناك مرشح جمهوري سيعمل بشكل تام على وقف التمويل الموجه الى اسرائيل، واخراج كل الجنود الامريكيين من الاراضي العربية، بالاضافة الى ايقاف العمل بقانون باتريوتPatriot Act . انه جمهوري بافكار تحررية. إنه رون بولRon Paul ". وعندما سأل صحفي من صحيفة Arab American News عن رأي بول Paul في مصطلح "الفاشية الاسلامية""Islamic fascism"، قال بول Paul: "إنه مصطلح خاطئ ليجعل الناس تشعر باننا نحارب هتلرHitler، إنها دعاية للحرب صممت لتوليد الخوف لدى الناس لتبرير انتشار الحرب". وبحسب الصحيفة فقد عارض بول Paul الحرب على العراق. وبسؤاله عن رأيه في سياسة امريكا الخارجية بعد هجمات 11 سبتمبر، أجاب بول Paul بانه يرى انه يجب اولا النظر الى اسباب هذه الهجمات، مؤكدا انها الغارات التي تشنها بلاده على العراق لمدة 10 سنوات، وتواجد القوات الامريكية في الخليج. وتساءل "ماذا كان سيكون موقفنا إذا فعلت الصين ذلك ببلادنا او في خليج المكسيك؟!" وحول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، اعرب بول Paul عن استياءه نظرا لعدم حدوث تقدم في هذا الصدد. واعرب كذلك عن تعاطفه مع الفلسطينيين الذين يقتلون وقال انه "مع وصول مليارات الولارات الى اسرائيل كل عام يقتل المزيد والمزيد من الفلسطينيين الابرياء".
 
واذا كانت اراء بول Paul تتوافق مع مصالح المسلمين، كانت مواقف باقي المرشحين الجمهوريين مغايرة تماما بل ومعادية بشدة للمسلمين والاسلام.
 
فقد استعان المرشح الجمهوري السابق رادولف جولياني في حملته بتأييد القس الانجيليكي والمذيع التليفزيوني بات روبرتسون والذي يعتبر أيضا مؤسس اليمين الديني المتشدد المعروف بمعاداته للاسلام والمسلمين. وخلال موتمر صحفي مشترك عقد في 8 نوفمبر 2007 بين جولياني وروبرتسون قال الاخير إن"القضية الاكثر الحاحا أمام الشعب الامريكي هي الدفاع عن بلادنا ضد الارهابيين الاسلاميين المتعطشين للدماء". وفي اعلان تليفزيوني لجولياني، ظهر على الشاشة صور لرجال وسيدات مسلمين صاحبها صوت يحذر من أن أصحاب هذه الصور "ناس أشرار".
 
أما الجمهوريان جون ماكين وميت رومني، فقد ركزا في حملتهما في ولاية "متشيجان" على جذب أصوات عمال المصانع وعمال مصانع السيارات، وتجاهلا مجتمع رئيسي مكون من500 ألف أمريكي من أصل عربي يعيشون في هذه الاوية، وفقا لتقدير المعهد الامريكي العربي، الامر الذي أثار لديهم الشعور بالغربة والاحباط. ويقول بسام مراد رئيس تحرير مجلة Michigan Arab Times إنه لا يتذكر أن يكون مرشح بارز واحد قد زار منتدى للمجتمع الامريكي العربي، على الرغم من قيام المرشحيين الذين لديهم فرصة ضئيلة للفوز بذلك.
 
وتقول صحيفة كريستيان ساينس مونيتور ان رومني اظهر وجهه الاخر عندما سؤل عن ما إذا كان من الممكن ان يدرج أمريكيين اكفاء ممن يعتنقون الاسلام في وزارته كمستشاريين في سائل الامن القومي، خاصة وانه يرى ان "الجهاد" هو التهديد الرئيسي الذي تواجهه أمريكا اليوم. فأجاب رومني :"بالنظر إلى اعداد الامريكيين المسلمين بالنسبة لتعدادنا السكاني، فإنني لا ارى ان توليهم منصب وزاري سيكون مبررا. ولكن بالطبع اتخيل انه من الممكن ان يتولى المسلمون مناصب اقل في المستوى". فرومني الذي يريد من الامريكيين الا ينظروا إلى عقيدته المورمونية وأن يحكموا عليه من خلال مميزاته، هو نفسه الآن الذي يستبعد المسلمين بسبب دينهم، مدعيا أنهم أقلية على تولي منصب رفيع في صناعة السياسة، بحسب الصحيفة.
 
اما ماكين فقد اخبر ديترويت فري برس بأن "تحدي التطرف الاسلامي" هو ما دفعه إلى خوض السباق الرئاسي. وقال ماكين خلال مناظرة بكارولينا الجنوبية "لا أفضل التعامل مع القاعدة، كل ما يريدون التعامل معه هو النقاب، في إشارة إلى نوع من الملابس ترتديه بعض السيدات المسلمات.
 
وعندما سؤل ماكين، بحسب صحيفة Arab American News عن إمكانية أن يخوض مسلم أمريكي السباق الرئاسي، قال ماكين إن عقيدته – المسيحية- تقدم إرشاد روحاني أفضل من ذلك الذي يقدمه الإسلام لمعتنقيه. وأضاف: "بما ان امريكا اسست أصلا على المبادئ المسيحية، فالقرار متروك للشعب الامريكي، لكن بالنسبة لي، فانا افضل شخصا أعرف ان لديه جذور صلبة في عقيدتي".
 
ويتعجب فيكتورغالب بيج رجل الاعمال الجمهوري البالغ من العمر 60 عاما والذي شارك بقوة في حملة بوش الانتخابية عام 2000، من النزعة المعادية للمسلمين من قبل المرشحين ليصبح الامر مجرد "تعصب اعمى". ويقول بيج، بحسب ديترويت فري برس، "إنهم جمعيا يعملون على إظهار الإسلام والمسلمين على أنهم شياطين. الكل يعرف أن لدينا مشكلة مع الارهاب، فلنركز على كيفية التعامل معه، بدلا من التركيز على عقيدة أو شعب". واعترض المسلمون الامريكيون على تصريحات ماكين وقالوا إن نقد القاعدة مشروع ولكنهم تعجبوا لماذا يستخدم ماكين إشارات حقيرة ومخادعة- بشأن زي المسلمات.
 
وكان القس مايك هوكابي من بين هؤلاء المرشحين. فيقول هوكابي على موقعه على الانترنت، بحسب ديترويت فري برس: "لقد اعلن الفاشيين الاسلاميين الحرب على بلدنا وطريقة حياتنا، لقد اقسموا أن يبيدوا كل من يؤمن منا بالمجتمع الحر، وكل ذلك باسم تحريم الدين وإله مجهول غير مجسد". وبشكل عام فإن الكثير من المرشحين يستخدمون بشكل متكرر مصطلحات مثل "الفاشية الإسلامية" Islamo-fascism"" خلال مناظراتهم، والتي يرى المسلمون أنها جملة سخيفة، تربط بشكل خاطئ بين دينهم والطغيان".
 
المصدر: تقرير واشنطن