ليس انقلابا بل ثورة تصحيح لبنانية



وفاء اسماعيل
رغم ان الكل كان يعتقد ان الصراع في لبنان صراع مذهبي  وطائفي كما حاول البعض ان يروج له .. إلا ان أحداث الخميس الماضي 8 آيار ( مايو ) 2008 م اكدت للكل ان الصراع ماهو إلا صراع سياسي بكل المقاييس بين مشروعين متضادين ( مشروع صهيو – امريكى )
ومشروع ( وطنى عروبى ) مقاوم له.... أو كما يحلو لى تسميته صراع بين ( العمالة ) وبين ( السيادة ) أو بين ( محاولة استجلاب المحتل ) و بين ( تكريس السيادة اللبنانية الحقيقية )
فالأسماء كثيرة والتوصيف له أكثر من مدلول .. على كل ماحدث في لبنان كان حدث متوقع ونتيجة طبيعية لصراع بات بعض أطرافه غير قادر على استيعاب تجارب الماضي وعاجز عن فهم واستيعاب التغيرات التي حدثت في واقع الأمة من احتلال لمعظم البلدان العربية ، وازمة اقتصادية طاحنة تعصف بالشعوب العربية ، وحصار خانق ، وغضب عارم يجتاج الشعوب العربية والإسلامية قاطبة فباتت المنطقة كلها على حافة الانفجار والثورة ضد العدو وضد كل من يتعامل معه أو حتى يصافح قياداته .. أصبحت الشعوب العربية لديها حساسية  من كلمة عمالة أو خيانة وبات الجميع مدركا اثر العملاء على الواقع المأساوي الذى تعيشه الأمة
من خراب ودمار وقتل ونهب أموال وحرمان الشعوب من ثرواتها ... الصورة باتت قاتمة حالكة السواد والحكام والقيادات العربية بدلا من التخفيف من حدة ضغوطاتهم على الشعوب تراهم يلجئون إلى زيادة الضغط وكأنهم يسعون لتفجير الأوضاع وإحداث الفوضى والخلل في المنطقة   متناسيين ان هذا الانفجار أول إعصاره سيكون بوجوههم وسيطيح بهم وبكراسيهم ..  وهذا بالفعل ماحدث في لبنان .
 
**   اذا كان وليد جنبلاط وعصابته اثبتوا بما لا يدع للشك مجال أنهم ضمن مشروع امريكو – صهيونى وما قرارات حكومتهم الغراء التي فجرت الوضع إلا خطوة  في طريق تنفيذ أجندة صهيونية هدفها خلع ضرس من أضراس المقاومة وسلاحها الذي هو بالأصل سلاح الشعوب المقهورة ضد العدو الصهيوني الذي ازداد فى توحشه واستمرأ القتل والإبادة كل يوم دون رادع يردعه ، واذا كانت عصابة ال14 من آذار قد فشل معهم الحوار لسنوات عجاف .. فعلى اى أساس يطالب سيد المقاومة من هؤلاء التراجع عن قراراتهم بخصوص شبكة الاتصالات ويوجه لهم الدعوة إلى الحوار ؟ واى حوار هذا مع بئر مليء بالخيانة والعفن ؟ واى حوار هذا مع ميليشيات تشكل عصابات كل همها إبراز قدرتها على الردع وتقليم أظافر المقاومة مقابل المال والسلاح والمناصب في الدولة ؟ اى حوار هذا الذي يطالب به السيد حسن مع كذاب ومنافق ، لم يتورع يوما عن القتل والاغتيالات دعما لأمريكا وهرولة من اجل تحقيق امن إسرائيل ؟!!!!
 
** الاحداث في لبنان هى بداية ثورة من اجل تصحيح الأوضاع وليس انقلابا كما يدعى البعض من الموالاة  .. والثورة هى نتاج طبيعى للفساد المستشرى في كل أرجاء لبنان فلم يعد الشعب اللبنانى يتحمل ان يعيش الانقسام والتناحر من اجل حفنة من الزعامات استقوت بالخارج وظنت ان بإمكانها البقاء في السلطة إلى مالا نهاية تحت مظلة وحماية أمريكية ،أو صهيونية ، أو فرنسية فكان لابد من اتخاذ موقفا حاسما لتطهير لبنان من كل رموز الفساد ، لهذا لابد ان نعتبر ما حصل في لبنان هو كما يقول الله عز وجل في اباته ( وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ) وما من ثورة إلا وكان لها ثمن تدفعه الشعوب من دمها .
 
** ان المؤامرة على لبنان كانت كبيرة وفصولها وخيوطها حاكتها  في واشنطن قوى الرابع عشر من اذار ، أو ما يسمى بالاكثرية (وما هم إلا اقلية ) وهى افراز لرحلات مكوكية سرية إلى واشنطن قام بها الحريري  ، والسنيورة ، وسمير جعجع ، وجنبلاط   وهذا ليس ادعاء ادعيه بل حقائق سربتها الصحف الغربية قبل العربية والتى تؤكد :
1 - ان عودة سعد الحريرى إلى بيروت( طبقا لمصدرفى وزارة الخارجية الأميركية ) كان بنيّة اتخاذ القرار النهائي في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، أكان ذلك  بموافقة المعارضة على انتخاب العماد ميشال سليمان او بإقدام الأكثرية على انتخاب رئيس وحدها. وأضافت المصادر ان الحريري حصل على دعم سعودي قوي جداً لتحركه. وفي سبيل تحقيق الغاية المرجوة، طلب الأخير من واشنطن القيام بالاتي:
*-حشد القوات الأميركية على الحدود السورية العراقية لإرعاب دمشق.
*-إصدار بيانات قوية حول برنامج سوريا النووي.
*-إدانة سوريا بشدة على تدخلها في لبنان والعراق.
*- تسريع عمل المحكمة الدولية لإخافة سوريا.
وتابعت مصادر الخارجية الأميركية أن سعد الحريري أرسل وفداً من 14 آذار ضم 11 شيعياً إلى واشنطن للاجتماع بأعضاء الكونغرس والمؤسسات الأخرى، ليبلغوا الأميركيين بان حزب الله لا يتمتع بدعم كل الشيعة، وبأنه بمساعدة الولايات المتحدة يمكن كسر استحواذ حزب الله على قرار الطائفة الشيعية.
وكان الحريري ابلغ واشنطن بان قوى الأمن الداخلي اللبنانية مستعدة للمباشرة بشن عمليات ميدانية بعد أن تلقت تدريبات من قبل الأميركيين والأردنيين وقام بتجهيزها الأميركيون والسعوديون. يذكر ان المنسق الأميركي في موضوع تدريب القوى الأمنية هو جيف فيرشتاين الذي كان دبلوماسياً في لبنان عام 2004م .
2- قيام الحكومة اللبنانية بارسال خرائط شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله إلى اسرائيل عبرمروان حمادة وبموافقة السنيورة كما أرسل نسخا عنها للأمم المتحدة لكي يصدر مجلس الأمن قرارا جديدا يدين خرق المقاومة بالشبكة للقرار 1701 و 1559.  تؤكد هذا الخبر تلك الروابط .
 
 
3 –  وبالفعل قام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى لبنان تيري رود لارسن بتقديم قائمة اتهامات طويلة قى تقريره ضد حزب الله وحلفائه سوريا وإيران في جلسة مجلس الأمن وكان أبرز ما في التقرير دعم لارسن لموقف الحكومة اللبنانية من شبكة اتصالات حزب الله والمطار وطالب مجلس الأمن بتطبيق القرار 1559 الذي ينص صراحة على نزع سلاح حزب الله .. مما يؤدى إلى حرب أهلية في لبنان ، وتدخل سافر من قبل ما يسمى بالمجتمع الدولي  دون مراعاة لظروف الشعب اللبنانى الذي عانى على مدى عقود طويلة مرارة الحروب وأثارها المدمرة ... وهكذا يفتضح أمر الحكومة اللبنانية التي التقطت احد بنود تقرير فينوغراد الذي أشار إلى ان احد عوامل نجاح المقاومة وانتصارها هو تلك الشبكة السلكية للاتصالات والتى تعتبرها جزء اساسى من منظومة المقاومة وسماها السيد حسن نصرالله ( سلاح الاشارة )  ، وأراد السنيورة تحريك المجتمع الدولي ضد حزب الله فأصدر تلك القرارات التي أشعلت فتيل الازمة وكشف عن وجه الحكومة التآمري والقبيح دون اى تفكير أو عقلانية بغية كسب ود اسرائيل من ناحية ، وتأليب الراى العام العالمي على حزب الله  من ناحية أخرى  .
 
** قناة العربية سمت ما حدث في لبنان انه انقلاب .. وتعنى انقلاب على الشرعية تلك الأكذوبة التي صدعوا بها أدمغتنا ولو بحثنا في كل أو معظم الدول العربية ستجد ان الفاسدين فقط هم من لهم شرعية الحكم ففي مصر سلطة مبارك وعصابته تسمى نفسها السلطة الشرعية ، الأردن ورغم كل ما فعله النظام الاردنى بشعبه من بيع البلاد والعباد إلا انه يطلق على نفسه صاحب السلطة الشرعية ولا يختلف الأمر عن السعودية وما لحق ال سعود من فضائح ، وفى تونس ، والجزائر ، اليمن ، لبنان ، والصومال ، وفلسطين ، والعراق  وووووووالخ
وكأن قدر السلطة الشرعية ان يعتلى كراسيها كل لصوص الأرض .. أما الشرفاء المقاتلين وأهل الجهاد وأصحاب الفكر والأدب والقيم والنضال فلا نجدهم إلا في معتقلات وسجون المحتل وأصحاب الأكذوبة الشرعية ، أو تجدهم ملاحقون تلاحقهم كل قوى الشر في العالم ، تنعتهم بالإرهاب وتصرف ملايين الدولارات على دعاية إعلامية تشوه صورتهم كما تفعل الماكينة الإعلامية الصهيونية لتشويه صورة حزب الله وحماس والجهاد وكل من يحمل سلاح في وجهها .. وللأسف يجد هذا الإعلام المضلل من يصدقه .. وفى الحقيقة ان العدو كل هدفه تجريد الشعوب من سلاحها كما جرد الجيوش من كل سلاح يشهر في وجه المحتل ... فسلاح المقاومة في لبنان ليس سلاحا يملكه الشعب اللبنانى فقط بل سلاح يدافع عن كل الشعوب العربية من خلال موقعه الأقرب للعدو وبالتالي هو ملك كل الشعوب المقهورة التي ذاقت الويلات على يد عصابات الشرعية الدولية ، وعصابات الشرعية السلطوية المحلية في بلداننا العربية ..وكلمة انقلاب لا تنطبق على الحالة اللبنانية.. وحتى لو سايرنا قناة العربية وبعض كتاب الطبل والزمر ودعاة الفتنة الطائفية فليكن انقلاب .. ولكنه انقلاب على كل رموز الفساد
الذين دمروا لبنان بأموالهم وفسادهم وتخريب الذمم وانتشار الفوضى والقتل والتفجيرات . انقلاب لتصحيح أوضاع أضرت بكل لبنانى .. ولكن الأجمل ان يكون هذا التصحيح يؤدى بلبنان إلى التغيير والإصلاح وتطهير أرضه من أوكار الشر والعمالة والخيانة ، يؤدى إلى تطهير لبنان من الموساد الصهيوني وعصابات السى اى ايه .. والأجمل ان يتحول هذا التغيير إلى ثورة بمعناها الشامل ( تغيير جذرى شامل في كل نواحى الحياة ) فهل ستترك قوى الشر في عالمنا الظالم لبنان وأهله يقررون مصيرهم بأنفسهم ام ستتدخل كما تدخلت في غزة وتعلن الحرب على الشعب اللبنانى ؟
ان إجابة هذا السؤال سيتوقف على مدى قدرة الشعب اللبنانى على الصمود والتحدي .. فان كان بالفعل يريد الخلاص والحرية فلابد له ان يستعد لمعركة الصمود ويمنع كل القوى الخارجية من التدخل في شؤنه خاصة القوى المعادية للأمة وان يستعيد عروبته وأصالته وليفهم كل لبناني ان أمنه القومي مرتبط ارتباط وثيق بامن سوريا وليس بإسرائيل .... فليحفظ الله سلاح المقاومة وليحفظ كل لبنان أرضا وشعبا .