بعد محاصرة منزلي جنبلاط والحريري.. روبرت فيسك : حزب الله وجه رسالة "إذلال" لواشنطن

أكد المحلل السياسي روبرت فيسك "*" أن حزب الله اللبناني وجه رسالة "إذلال" إلى الولايات المتحدة ، بعدما أحكم سيطرته على معظم مناطق بيروت الغربية . ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية"بي بي سي" عن فيسك قوله في صحيفة"الاندبندنت" البريطانية : "إن ما حدث في بيروت إذلال آخر للولايات المتحدة عندما استولى المقاتلون الشيعة على مناطق عديدة في بيروت وهم يطلقون أبواق سياراتهم ويرسمون إشارة النصر وهم يستعرضون أسلحتهم ليعلنوا أن الحكومة المنتخبة قد خسرت المواجهة."
 
وأضاف فيسك أن الولايات المتحدة قد خسرت المواجهة بدعمها للزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئيس كتلة المستقبل سعد الحريري ، حيث أنهما محاصران في منزلهما في بيروت.
 
واستفاق أهالي بيروت الغربية صباح الجمعة ليروا مقاتلي حزب الله يجوبون الشوارع ويحاصرون منزلي أهم شخصيتين سياسيتين من الأغلبية الحاكمة في لبنان مما يشير إلى تحول في ميزان القوى في لبنان.
 
وأشار فيسك إلى أن ما لفت انتباهه أكثر أن مقاتلي حزب الله الذين انتشروا في شارع الحمرا في بيروت كانوا يحملون بنادق قنص أمريكية جديدة.
 
ويختتم فيسك تعليقه على ما حدث في لبنان بالقول بأنه" ليست حربا أهلية ولا انقلاب أمر واقع رغم الشبه بينهما انها جزء من الحرب ضد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ".
 
في ذات السياق ، قال المحلل السياسي في مركز تشاتهام هاوس البريطاني نديم شحادة :"إن ماجرى في بيروت سيجعل من إمكانية الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للبنان امرا أكثر صعوبة . ويضيف شحادة "إن حزب الله يتمتع بالكثير من الشرعية بسبب مقاومته لإسرائيل لكنه بعد ما جرى ظهر بوجه آخر".
 
وفي غضون ذلك، أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن دعمهما المطلق لرئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في مواجهة حزب الله وقوى المعارضة في الصراع العنيف الذي يعصف بلبنان.
 
واتهمت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس حزب الله بـ"قتل وجرح المدنيين الأبرياء في لبنان وبالسعي لحماية دولته داخل الدولة اللبنانية".
 
كما أكد مسئولون أمريكيون أن واشنطن تجري مشاورات مكثفة في الوقت الراهن مع جيران لبنان ومجلس الأمن لاتخاذ إجراءات تخضع المسئولين عن العنف الذي شهدته بيروت "للمحاسبة" واتخاذ إجراءات ممكنة بحقهم.
 
من جانبه أكد الاتحاد الأوروبي أنه طمأن رئيس الوزراء اللبناني على "دعمه الكامل" له بعد أحداث الجمعة حيث سيطر حزب الله على بيروت الغربية بالكامل، وبات لبنان مهددا بشبح حرب أهلية من جديد.
 
قتلى وجرحى
ميدانيا ، قتل 7 أشخاص باشتباكات بين أنصار المعارضة والموالاة في مدينة عالية الواقعة في جبل لبنان معقل النائب وليد جنبلاط شرقي العاصمة بيروت اليوم السبت .
 
وسبق ذلك مقتل شخصين من أنصار المعارضة في اشتباك مع عناصر تيار المستقبل في بلدة عرمون المجاورة، كما قتلت امرأة وزوجها في مدينة صيدا كبرى مدن الجنوب، فيما قتلت امرأة في بلدة بر الياس في البقاع.
 
وفي بيروت، توقفت الاشتباكات بين أنصار السلطة والمعارضة بعد فرض أنصار المعارضة السيطرة الكاملة على كافة أحياء العاصمة، فيما انسحب مسلحو السلطة من مراكزهم وسلموها إلى الجيش اللبناني.
 
وكانت الأكثرية النيابية أدانت استيلاء حزب الله على معظم بيروت الغربية، ووصفت هذا الإجراء بأنه "إنقلاب دموي". وقالت إن هذا "الانقلاب" يهدف إلى زيادة نفوذ إيران وإعادة الهيمنة السورية.
 
وقد أسفرت ثلاثة أيام من معارك الشوارع في بيروت وعدة مناطق أخرى عن مقتل18 شخصا وإصابة اكثر من 20 آخرين بجروح، واعتبرت الاشتباكات هي الأعنف من نوعها التي عرفتها بيروت منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1990.
 
لكن مصدرا رفيعا في المعارضة اللبنانية قال في تصريح صحفي انه لن يتم رفع الحواجز ولن يتم وضع حد لشلل العاصمة الا برجوع الحكومة عن قراراتها وقبولها بالتحاور والتوصل إلى حل سياسي شامل في البلاد.
 
إلى ذلك، دعت الحكومة الإيطالية رعاياها إلى مغادرة لبنان ونصحت وزارة الخارجية البريطانية الرعايا البريطانيين إلى تجنب السفر إلى ذلك البلد، بينما قال رئيس الدولة الإسرائيلي شيمون بيريس إن أعمال العنف التي شهدتها بيروت جزء من محاولة إيران بسط سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط برمتها.
 
كما بدأت كل من الكويت والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة باجلاء رعاياها من لبنان عن طريق البر إلى سورية.
 
السنيورة لن يرحل
نفى وزير الشباب والرياضة اللبناني "أحمد فتفت"، نية حكومة فؤاد السنيورة تقديم الاستقالة. ونقلت قناة "العالم" الإخبارية عن فتفت قوله :" الحكومة لا تستطيع الاستقالة لعدم وجود رئيس للبلاد. كما دعا فتفت إلى انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، ووضع قرارات الحكومة في عهدة الجيش وسحب المسلحين من الشوارع والبدء بحوار شامل.
 
من جهته ، جدد وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن الحكومة اللبنانية لن تستقيل كما تردد .
 
وكشف إن أول صيغة طرحت هي استقالة الحكومة الحالية ثم طرحت بعد ذلك فكرة استقالة الحكومة وتحولها إلى حكومة تصريف أعمال وبعد ذلك طرحت فكرة استقالة الحكومة وتسليم المجلس العسكري برئاسة قائد الجيش السلطة.
 
وأكد العريضي أن الحكومة الحالية ليست بوارد الاستقالة كما نفى أن يكون حزب الله قد هدد باقتحام السراي الحكومي لحسم الوضع، الا انه لم يستبعد أي شيء بعد كل الذي جرى في بيروت في اليومين الماضيين، كما قال.
 
 
"*" مراسل الاندبندنت في الشرق الأوسط منذ نحو ربع القرن ومن أشهر المحللين البريطانيين الذين يكتبون عن المنطقة خلال العقد الماضي