ويقولون لك: عيد الأم حرام !!

رشا عبدالله سلامة
لم يدر بخلد مؤسسي جريدة الأخبار المصرية الأخوين مصطفى وعلي أمين أن فكرتهما تأسيس عيد أم عربي، إثر إرسال أمهات لهم يشتكين من جفاء أبنائهن، ستلقى هجوماً من نوع خاص، ليكون أقل ما نُعتت به هذه الفكرة أنها "بدعة محدثة".
 
وفي امتداد لوجهة النظر هذه، تقول علا حمادة (33 عاماً) "أرفض زيارة والدتي إطلاقاً في هذا اليوم، فأزورها قبل أو بعد يومين منه من غير أن أهنئها أو أقدم لها أي نوع من الهدايا، لأعوّض كل ذلك في عيديّ الفطر والأضحى".
 
وتستدرك بسرعة، قائلة "كما أن لفظة عيد بحد ذاتها حرام، إذ لا عيد لدى المسلمين إلاّ الفطر والأضحى".
 
ولا تكتفي حمادة بوصف عيد الأم بـ "البدعة" فحسب، بل تذهب لكونه "مؤامرة واضحة لإذابة العالم الإسلامي في بوتقة الغرب"، مستدلة على ذلك بعنوان كتاب مصطفى أمين الذي امتدح فيه عيد الأم في المجتمع الأميركي وهو (أميركا الضاحكة)، "إذ إن النية المبيّتة لهذا الكتاب هي الإغداق في المديح ، فماذا نتوقع ممّا هو في ثنايا الكتاب؟".
 
من جهتها، تسمّي نور خليل (25 عاماً) الادّعاءات التي أوردتها علا بـ "المحاولة العقيمة لاجتراح طابع مميز للمسلمين يختلف عن ذلك السائد عالمياً، وهو ما لايعد خطأً في قضايا كبرى كالسياسة والعبادات، ولكن ليس في المناحي الإنسانية التي من الجميل أن تشترك بها الشعوب كافة".
 
ذات الفكرة يشير إليها بهاء عارف (21 عاماً)، إذ يتساءل "لماذا ننصهر في ثقافات العالم في مجالات معينة، بينما ندّعي الخصوصية في مجالات أخرى؟".
 
ويوضح عارف "من كان يثق بذاته ويريد خصوصية ثقافية وفكرية عليه أن يقف بصلابة أمام التغريب في حياته اليومية، فهل سيكون رفض عيد الأم بحجة التغريب مجديا بينما لا يستغني المنادي بذلك عن كوب النسكافيه صباحاً ولا عن الخامات الغربية في ملابسه حتى الشرعية منها؟".
 
ويتساءل عارف باستنكار "وحتى إن كانت الفكرة غربية بحتة فما المشكلة في ذلك ما دامت لا تخلّ بالدين؟ وأين يكمن التفريط الثقافي والديني في كعكة وخاتم أحضرهما لأمي في عيد الأم؟ ولماذا على الأم المسلمة، إن طبقت ما يقولون، أن تشعر أنها غير أمهات العالم في هكذا يوم؟ ما المشكلة لو كنت بارّاً طوال العام وفي هذا اليوم تحديداً؟".
 
يعلّق على هذه الآراء أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور محمود السرطاوي، قائلاً "الأصل في الأعياد الإسلامية أن تقتصر على عيديّ الفطر والأضحى، ذلك أنّ لهذين العيدين أحكاماً خاصة من صلاة وسنّة تكبير وحرمة صيام".
 
ويردف السرطاوي "لذا، فإن كل ما أُطلِق عليه عيد غير هذين العيدين هو عيد لغوي وليس شرعيا، بيد أنه لاضير من إحياء مناسبات محمودة كعيد الأم وعيد الاستقلال وعيد الشجرة، بل إن بعضها مما يرمي لمنافع اجتماعية مندوب، أما تلك الأعياد التي لا يقف وراءها أي هدف أخلاقي أو إنساني أو قيمي إلى جانب حدوث معاصي كبيرة بها كعيد الحب فهذا مما لا يجوز للمسلمين الانسياق وراءه".
 
ويصف السرطاوي المعيار الذي على المسلم الاحتكام إليه في هذه الأعياد بـ"المعيار المنطقي والعقلي"، غير أنه يعود للنصح بـ "ضرورة تكريس هوية ثقافية إسلامية خاصة لا تتصف بالإمعة التي تلهث وراء أي مناسبة يسنها العالم من غير تمييز الخبيث من الطيب، ومن غير الاعتزاز بالإرث الإسلامي الاجتماعي".
 
ويصف وزير الأوقاف السابق الدكتور إبراهيم الكيلاني عيد الأم وباقي الأعياد ذات المرامي الإنسانية بـ "العادة الاجتماعية الجائزة"، مضيفاً أنه "لا مشكلة في الاحتفاء بهذه الأعياد من غير أن تعد إلزاماً شرعياً، كما أن محاولة تمييز الثقافة الإسلامية وإبرازها هو الأفضل بالنسبة للمسلمين".