الولايات المتحدة.. والقمة .

 

أسعدعبود*
خمسة أعوام على غزو العراق, هل تخشى أميركا أن يطالبها العرب بالاعتذار?! الاعتذار فقط عن أكبر مأساة, وأكبر جريمة, وأكبر كارثة عرفها العالم, كما ردد كثيرون من ساسة وقادة في وصفها... وإذا كانت جرائم الولايات المتحدة في حق الشعوب قد تعددت فإن جريمتها في العراق كانت الأفضح.

في العراق كانت الجريمة مباشرة.. بلا غطاء.. بلا تردد.. بلا دقة حساب لما يعنيه تدمير بلد, هو أحد معاقل الحضارة والتاريخ, وذبح شعب يصبو للتقدم والنمو.. ملايين المشردين والقتلى, وطوفان الدم لايتوقف.. استباحوا العراق حتى أصبح مادة دعائية انتخابية, وجد فيه المرشح الجمهوري (ماكين) مربعاً ليقول شعاراته ويطرح حساباته.‏

هل تنوي أميركا أن تعتذر?!‏

ليس الآن.. فمشروع الاستباحة للوطن العربي وشعبه لما تنته بعد!! لم يعد الأميركي يرى عند العرب مايحرجه استباحته, حتى مؤسسة القمة العربية.‏

الولايات المتحدة الأميركية, ليست من دول القمة.. ولاهي مدعوة إليها.. ولم تُستأذن بعقدها إن في دمشق أو غيرها.. ولم تطلب موافقتها على مايطرح في داخلها.. فمن أين تستمد دعوتها لمقاطعة قمة دمشق..?!.‏

هذه واحدة من القمم التي تأتي في الزمن الصعب, لبذل الجهد المستحيل, من أجل التضامن العربي, والعمل المشترك.‏

ودعوة الولايات المتحدة غير المعنية بالتأكيد بكل مجريات قمة دمشق لمقاطعتها ..تكشف بوضوح موقفها من التضامن ومن العمل العربي المشترك..وهي تريد من العرب أن يكونوا أدوات لهذه السياسة..هي ودون استئذان تستبيح كرامات الدول العربية,إذ تحاول أن تجعل منها أدوات علنية لسياستها, في مواجهة التضامن والعمل العربي المشترك.‏

هذه استباحة استفزازية فعلية لمؤسسة القمة, أومحاولة للاستباحة, يواجهها الرفض العربي المؤكد, إذ ليس بين العرب من يرضى أن يكون أداة لمواقف وسياسة الولايات المتحدة..ويواجهها الإصرار السوري, ليس على عقد القمة وحسب..بل على الطرح الجدي لقضايا العرب الأساسية دون غطاءات أو مجاملات..فلسطين الدم والاستيطان والتجويع..وعراق الاحتلال والقتل والتهجير..ولبنان الحقيقة..لبنان الشعب الواحد المتحدي للمسّ بسيادته واستقلاله, الذي تمارسه الولايات المتحدة حيث ترى نصف اللبنانيين أو أكثر إرهابيين, ونصفهم أو أقل يسودهم (قادة عظام) و(ايقونات براقة) وديموقراطيون بالجملة.. ويسكت على هذا التحدي للشعب اللبناني أبطال السيادة والاستقلال, المصنعين على الطريقة الأمريكية مع انعدام مسافة الأمان.. بين الطريقتين الأمريكية والإسرائيلية.‏

الولايات المتحدة غير مدعوة لحضور قمة دمشق, ودعوتها للمقاطعة ستشجع العرب على حضورها.. وإلا ماذا تظن..?! هل أصبحت أقرب إلى العواصم العربية من دمشق..?! إنها واهمة..?! هكذا نرى نحن في دمشق..‏

الولايات المتحدة لن تكون حاضرة في قمة دمشق.. إلا ممثلة بآثامها وجرائمها.. في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال.. وفي كل مكان.. وسيكون للعرب كلمتهم في كل ما تجنيه الأيدي الخفية والعلنية بالزيارات المتتالية, رايس.. سترفيلد.. وولش... ماكين.. ثم (طيب الذكر) تشيني, القادم على عشرة أيام لن تهز لا العالم ولا الشرق, إنما هي محاولة التماسك .. تماسك أميركا (العظيمة) المهزوزة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً .. وفي دعوتها عبر المحب للعرب (سترفيلد) لمقاطعة قمة دمشق إحدى الصور المهزوزة سياسياً..‏

أليس هو ساترفيلد نفسه الذي رفض الاعتراف بالمبادرة العربية للحل في لبنان..?!‏

هل سمع صوتاً عربياً يصرخ له: نحن معك..‏

ستكون القمة .. بخصوصية شرطي الزمان والمكان .. ولا نعتقد أن دعوة الولايات المتحدة لمقاطعتها ستدفع أحداً على هذا الطريق