معارض سابق لصدام: ليته لم يُعدم لقد كان الأقدر على إدارة العراق !


 
منى الدريدي
إعدام صدام فجَّر نهر دماء لا يزال جاريا
قبل سنوات كان ينتظر حكما بالإعدام على يد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين؛ وهو ما دفعه لتأييد الغزو الأنجلو أمريكي لبلده في مارس 2003، غير أن المعارض العراقي السابق لطفي صابر يتمنى الآن لو أن صدام لا يزال حيا لـ"يقود العراق الذي تخلى عنه الجميع".
صابر الذي كان قائدًا عسكريًّا ثم معارضًا سياسيًّا في عهد صدام، يبرر أمنيته بأن الفساد المالي والإداري والانقسام السياسي الذي يتسم به أداء الحكومة العراقية الحالية دفعه لتغيير رأيه جذريا، بحسب ما نشرته صحيفة "ديلي تيلجراف" البريطانية اليوم الإثنين.
 
ويضيف صابر، الذي يعمل حاليا مستشارا لقوات الاحتلال: "لا أحد من بين هؤلاء الأشخاص (أفراد الحكومة) يثق بالآخر.. لا أحد يستطيع فعل شيء لا يوافق عليه آخرون، أما صدام فكان فوق هذا، بمجرد أن يتخذ قرارا ينفذه، ومن حوله يعرفون أنه يجب تنفيذه بغض النظر عن المكان الذي يوجدون فيه لحظتها، أما الآن فالعراق سقط في الفوضى، ولا أحد يفعل شيئا؛ لأنهم يخشون المسئولية".
  
وكان صابر قد قضى ثماني سنوات بانتظار الحكم عليه بالإعدام في عهد صدام؛ لمشاركته في تدبير محاولة انقلاب فاشلة عام 1996، إلا أنه نجا من الموت بعد معركة مضنية قادتها منظمة العفو الدولية.
ويقول: "بلا شك كان سيقتلني.. لكن أجد نفسي على الرغم من ذلك أتمنى لو كان صدام لا يزال هنا (بالعراق)؛ فهو فقط من يستطيع إدارة البلد الذي لا يهتم به أحد".
 
وبعد سقوط نظام صدام، تولى صابر منصبا بارزا بحكومة إياد علاوي، وبعد إعدام صدام في نهاية عام 2006 رقص بعض معارضيه فرحًا، إلا أن إعدامه فجر نزيف عنف طائفي لا يزال صابر مثل بقية العراقيين يعاني مرارته.
 
وعن ذلك يقول: "بيتي بضاحية الأميرية التي كانت خليطًا من السنة والشيعة، لكنها الآن سنة فقط.. علي أن أنتقل لمنزل بمنطقة أخرى أكثر أمانا، أما عائلتي فهي في سوريا، ومن غير المتاح لي البقاء طويلا في بلدي".
 
وبالرغم من الأموال التي وصلت العراق كمساعدات أجنبية بعد الغزو، إلا أن الحكومة فشلت في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، إضافة إلى غياب الأمن، وفق "ديلي تليجراف".
 
وضربت الصحيفة مثالا بأن معظم أنحاء العاصمة بغداد لا تصلها الكهرباء إلا أقل من ست ساعات يوميًّا، وأحيانًا أقل من الساعتين.
 
صابر يلقي باللوم على الحكومة جراء الفساد المالي والإداري: "على الأقل 12 مسئولا بالحكومة، بينهم رئيس الوزراء ونائبه ومستشار الأمن القومي، لديهم عائلات ومنازل في لندن".
 
ويلفت إلى أنه خلال حفل عشاء أقامه الرئيس العراقي جلال طالباني وعدد من كبار مستشاريه على شرف أعضاء السفارة البريطانية ببغداد، كان هو (صابر) وحده من ليس لديه جواز سفر بريطاني.
 
وبعد حل حكومة علاوي التي خلفتها حكومة نوري المالكي، ترك صابر العمل الحكومي، ليعمل مستشارا لقوات الاحتلال في عملية تدريب الجيش العراقي.
 
وبالرغم من وجود نحو 140 ألف جندي أمريكي و400 جندي بريطاني في العراق، يعتقد صابر أن بلده "لم يستفد أي شيء من كل تلك الأعداد".
 
وفي الأسبوع الماضي وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش ما اعتبرها مكاسب أمنية في العراق بأنها "هشة" ويمكن فقدنها، مناشدا الأمريكيين الصبر على الأوضاع في العراق التي كانت سببا في خسارة حزبه الجمهوري السيطرة على الكونجرس بمجلسيه لصالح الديمقراطيين.
 
"الحال الأسوأ"
 
رواية صابر تتزامن مع تقريرين صدرا هذا الأسبوع عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة العفو الدولية، يؤكدان أن العراق لا يزال من البلدان الأكثر خطرا في العالم.
وفي تقرير أعد خصيصًا بمناسبة حلول الذكرى السنوية الخامسة للغزو، وصفت اللجنة الدولية نظام الرعاية الصحية في العراق بأنه "أسوأ من ذي قبل".
 
وبحسب التقرير لا يزال ملايين العراقيين يفتقرون للمياه الصالحة للشرب، وأبسط الخدمات الطبية، وتضطر بعض الأسر لإنفاق ثلث دخولها الشهرية (البالغة 150 دولارا بالمتوسط) لشراء المياه.
 
كما اختفى عشرات الآلاف من العراقيين منذ بدء الحرب، ولم يتم التعرف على العديد من ضحايا العنف المتواصل؛ لأن نسبة قليلة جدا من الجثث التي يعثر عليها تسلم إلى السلطات الطبية القضائية.
ولا يعرف على وجه التحديد حجم الخسائر البشرية للحرب، لكنه بعض الإحصاءات تقدرها بـ 650 ألف قتيل مدني، أي نحو 2.5% من تعداد البلد العربي.
 
من جانبها ذكرت منظمة العفو الدولية أن الاعتداءات وعمليات القتل التي تنفذها الميليشيات الطائفية والتعذيب وسوء المعاملة من قبل قوات الأمن العراقية واحتجاز ما يقدر عددهم حاليا بـ60 ألف شخص، غالبا ما يمر دون محاكمة؛ وهو ما تسبب في نزوح نحو أربعة ملايين عراقي.
 
وعلق مالكولم سمارت مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة على ما رصده التقرير بالقول: "إن إدارة صدام كانت رمزًا لعدم احترام حقوق الإنسان، لكن إبداله لم يحمل قطعا أي راحة للشعب العراقي".