سقطة صحفية .. لمجلة أكتوبر !

* المجلة تثير حفيظة المسلمين بالادعاء بوجود مصحف محرف.. وبعد الفحص نكتشف أن الأمر مجرد اختلاف في القراءات!
* الخبر المنشور في (المجلة) قائم كله على غياب لفظ (هو) في الآية.. ولو حسنت نيتها لاعتبرته في أسوأ الاحتمالات (خطأ مطبعي) وليس تحريفاً للمصحف يترتب عليه إثارة الفتنة بين المسلمين
بقلم الشيخ/ عثمان الأزهري
فوجئت مثل باقي قراء مجلة (أكتوبر) الأسبوعية، بنشرها خبراً مفبركاً، مثيراً لعموم المسلمين، وذلك في عددها الأخير [قم 1627] متهماً المصحف الصادر عن جمعية الدعوة الإسلامية الليبية (مصحف قالون) بأنها أصدرت مصحفاً محرفاً وهذا غير صحيح. الخبر يقول عنوانه [للمرة الثانية.. مصحف ليبي محرف] وبقراءة الخبر نجد أن محرره قد حدد التحريف المزعوم بقوله (إن الخطأ واقع في الصفحة رقم 537 بالآية 23 من سورة الحديد حيث جاء نص الآية: "الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله الغني الحميد) والصواب ـ كما يقول المحرر ـ هو (فإن الله هو الغني الحميد) أي أن التحريف الذي يزعمه المحرر تمثل في إسقاط لفظ (هو)!!
وبالبحث والتأمل وجدت أن الخبر مثير ومفبرك من ألفه إلى يائه ويؤدي إلى البلبلة رغم أن الحقيقة غير ذلك، وبدلاً من أن نشكر الذين أصدروا هذا (المصحف) رغم أي خلاف لنا معهم، على المستوى السياسي، إذ بالبعض ممن لديهم جهل ـ أو سوء قصد ـ بأبسط قواعد القراءات القرآنية يثير النفوس بمثل هذه الأخبار، والمؤلم أن من يقم بذلك هو من أبناء المؤسسات الصحفية الرسمية التي تصدع رؤوسنا صباح مساء بضرورة مواجهة الفتن وقبر مثيري الشائعات، على أية حال وباعتبارنا من المتخصصين في دراسات القرآن الكريم ومن الأزهر الشريف نود إيضاح الآتي من خلال صحيفتنا المحترمة هذه، لجمهور القراء المصريين والعرب، ووأداً لفتنة قد يسببها جهل البعض أو سوء مقصده.
* والحقيقة تقول أن كل من له دراية بعلم قراءة القرآن الكريم يعرف أَن حذف لفظ: "هو" من هذه الآية ليس بخطأ ولا بتحريف وإنما يرجع إلى الاختلاف بين القراءات القرآنية المعروفة، حيث إن هذا الاختلاف قد يقع في بعض الحروف وفي بعض الكلمات، كلها ضبطت مواضعها وحددت بدقة من قبل علماء القراءات، ومنها حذف لفظ "هو" في بعض الروايات وإثباته في بعضها الآخر بهذه الآية.
وبالرجوع إلى كتب القراءات نجد أن حذف لفظ "هو" في هذه الآية ثبتت به الروايات المتواترة عن كل من:-
1 . الإمام نافع إمام مدينة برواية: الإمام قالون – وهي الرواية التي كتب بها مصحف الجماهيرية موضوع الخبر المنشور- ، وبرواية: الإمام ورش.
2 . الإمام عبد الله بن عامر الشامي بروايتي: الإمام هشام القاضي، والإمام عبد الله بن ذكوان.
3 . الإمام: أبو جعفر يزيد بن القعقاع شيخ الإمام نافع.
وهؤلاء الأئمة من أصحاب القراءات العشر المتواترة والمعروفة في عالمنا الإسلامي.
وبنــاءً على ما تقدم فإن أي مصحف مكتــوب علـى ما يوافـق رواية الإمام قالـون عن نافع – كمصحف الجماهيرية – لكي يكون سليماً يجب أن يكون خالياً من لفظ "هو" في الآية المذكورة وإثباتها يكون خطأً بخلاف المصحف المكتوب برواية الإمام حفص عن عاصم، فهذا المصحف يجب إثبات لفظ "هو" في هذه الآية به.
مع ملاحظة هذا التغيير الذي يلاحظ فإن الروايات القرآنية التوقيفية والمنقولة بالتواتر إنما هو للتفنن والتنوع وليس للتضاد والتناقض، فهذا مستحيل على كتاب الله الذي لا يأتيه الباطـل من بين يديه ولا من خلفـه، وقـد تكفل الله بحفظه عن أي تغيير أو تبديل فقـال: ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)).
ثم أنه لو افترضنا جدلاً أن المحرر على صواب وأنه لا بد من وضع لفظ (هو)، فهل يجوز أخلاقياً افتراض سوء النية في حذفه في المصحف المشار إليه ولماذا لا نفترض أنه (خطأ مطبعي) وهذا أمر محتمل ونسبة حدوثه حتى في أعظم المصاحف دقة، أمر وارد، فهل يسمى الخطأ المطبعي (تحريفاً)، ولماذا نضخم الأمور بهذه الصورة ولمصلحة من؟ هل يستفيد المسلمين من ذلك أم هو الشطط وسوء القصد الذي يورط الأمة وجمهورها فيما لا يفيد؟ إننا نتمنى مخلصين على العقلاء في الجماعة الصحفية المصرية، والعقلاء في مجلة أكتوبر أن ينتبهوا لمثل هذه الأخبار (المفبركة) والمثيرة للبلبلة، والتي تضر ولا تنفع، وحمى الله قرآنه وأمته من كل سوء.
والله من وراء القصد.. وهو يهدي إلى سواء السبيل،،،