وإنك لعلى خلق عظيم..


رشا زكي
نحتفل هذه الأيام بمولد نبينا الكريم سيدنا وسيد الخلق أجمعين ، محمد صلى الله عليه و على آل بيته وسلم والذى ولد فى عام الفيل يوم الإثنين الموافق 12 من ربيع الأول سنة 571 ميلادية .ودعونا إخوتى وأخواتى لا نترك تلك المناسبة العطرة دون أن نتذكر صفاته الكريمة ، والذى وصفه الله تعالى فى كتابه العزيز " وإنك لعلى خلق عظيم " .( القلم : آية 4 )
تلك الصفات التى لو إقتدى بها رجال عصرنا هذا لعاشت كل أسرة فى سعادة وإستقرار . وحتى لايظن الملتحى أو مرتدى الجلباب أني أقصده فى مسألة الإقتداء ، فتقليد المظهر الخارجى ليس بإقتداء . فالإقتداء بالنبى لايكون فى المظهر فلكل عصر ملابسه ، ولكن الإقتداء بالرسول يكون فى إتباع سنته والإقتداء بصفاته الشخصية وكيفية تعامله مع الناس وخاصة تعامله مع زوجاته .
قال صلى الله عليه وسلم ) : خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ). رواه الترمذي. والأهل هنا يشمل الزوجات والأقارب والأولاد . وقال النبي صلى الله عليه وسلم ): أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم ) .وكان الرسول فى بيته يخيط ثوبه ويخصف نعله ويساعد في اعمال المنزل وهذا يدل على إعانته لأهله، لا كما يتوهمه بعض الناس من أن ذلك نقصاً وعيباً أن يساعد الرجل أهله في أعمال البيت، وهذا التعاون يولد الألفة والمحبة بين الزوج وزوجته.
كما كان صلوات الله عليه وسلامه يطعم زوجاته فى افواههن ، وكان أيضا يقضى وقتا مع زوجاته و بناته ووقت الصلاة يخرج لأدائها .
كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتسم بدماثة الخلق والرقة والحنان فى التعامل ، وفى ذلك ايضا شهد الله تعالى له فى قوله : " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واسغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله " ( آل عمران : آية 159) ، وفى عصرنا هذا نجد الأزواج يتعاملون بجفاء مع زوجاتهم ، ظنا منهم أن تلك الخشونة هى دليل الرجولة . ولا يدرون أن الخشونة والجفاء وغلاظة القلب تؤدي إلى إنهيار الأسرة وهي من الأسباب الرئيسية لإزدياد حالات الطلاق .
(1) وكما وصف الله تعالى خلقه بالعظمة فقد شهدت له قريش الشهادة ذاتها وهو الذي ولد فيهم وتربى بينهم.
(2) أمانته صلى الله عليه وسلم وقد اشتهر بها منذ نشأته حتى وصفته قريش بالأمين ، وهو ما جعل السيدة خديجة تسعى لتوليته أمر تجارتها من فرط أمانته وسمو أخلاقه.
(3) صدقه صلى الله عليه وسلم ، وهو الصادق الأمين الذي شهد له قومه بالصدق ، وشهد له القرآن الكريم بالصدق و قال الله عز وجل فى ذلك "والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " (الزمر : آية33) وقال أيضًا " وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يوحى " (النجم: أية 3 -4 (
(4) إستقامته ورجاحة عقله وحلمه ، ولينه ورحمته صلى الله عليه وسلم بحيث أنه لم يعاقر خمرًا ولم يعبد صنمًا ولم يعرف طريقًا إلى الفاحشة ، وقال عز من قائل: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا " (الأحزاب/21) .
ومجمل القول في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه الإنسان المسلم الكامل الذي حباه الله من الصفات الكاملة والحلم ورجاحة العقل والرحمة واللين ما لم يتهيأ لغيره من البشر ، ولكن على الرجال الإقتداء بصفاته وبسنته .
ولتنتهز أخى الكريم ذكرى ميلاد رسولنا الكريم وتأمل فى صفاته العظيمة ، وراجع أخلاقك وكيفية تعاملك مع الآخرين و مع زوجتك و عائلتك والمحيطين بك ، وإسأل نفسك هل فيك من صفات النبى أى صفة ؟ هل تسعى للإقتداء به حقا ؟ أم أنك تكتفى بالمظهر فقط بأن تطلق لحيتك و ترتدى الجلباب ؟
يا أخى الدين قسمان : عبادات و معاملات ، فلا تأخذ قسما وتترك الآخر . عظيم أن تؤدى العبادات من فروض وسنن ، ولكن عليك ألا تهمل جانب المعاملات . فالله تعالى يغفر برحمته ما نقترف من الذنوب فى حقه ولكنه لا يغفر إساءتنا للآخرين حتى يسامح ويعفو الذى أسأنا له .
فسارع يا أخى بمحاسبة نفسك ومراجعة أخطائك ، ولا تقل ، كيف لى أن اغير من نفسى ومن طباعى . فالإنسان قابل دائما للتغيير مادام يرغب هو فى ذلك .
وأخيرا عذرا يا رسول الله ، من أكون أنا حتى أتحدث عنك وعن صفاتك العظيمة ، ولكن رجائى ان تحدث كلماتى البسيطة تأثيرا فى نفوس إخوانى القراء .
والحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .