في غزة...عندما يعجز الأب عن علاج ابنه الذي يفارق الحياة أمامه !

غزة- كتب سامي جاد الله
انتظر قليلا يا ولدي لعل الظروف تسمح لنا بالسفر , اصبر غدا سننتقل إلى المستشفيات الإسرائيلية داخل الخط الأخضر لكي نتمكن من معالجتك وإنهاء مرضك المستعصي ..بهذه الكلمات كان الأب محمود أبو نور يخاطب ابنه المريض رائد الذي يرقد في البيت يعاني من مرض فقر الدم
والمريض رائد هو واحد من أكثر من 900 مريض يعانون الأمرين في غزة وهم بأمس الحاجة للعلاج داخل المستشفيات الإسرائيلية أو المستشفيات العربية وذلك بسبب نقص المعدات والإمكانيات في مستشفيات غزة
ويتحدث المواطن محمود أبو نور كثيرا عن معاناته مع ابنه المريض حيث انه تنقل به في أكثر من مستشفى داخل قطاع غزة أملا في العلاج إلا أن حالته تزداد سوءا موضحا أن الأطباء نصحوه بالسفر إلى المستشفيات الإسرائيلية لكي يتلقى ابنه العلاج اللازم هناك , لكن الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر يقف حائلا أمام رحلة العلاج التي يتمناها المواطن محمود أبو نور لابنه المريض
ويقول المواطن أبو نور انه يوجه رسالة إلى كل الإسرائيليين يدعوهم فيها إلى وقف حرمان المرضى من تلقي العلاج، وضرورة فتح المعابر أمام الأفراد وبخاصة المرضى ,مشيرا إلى أن الأب الذي يعجز عن علاج ابنه المريض والذي يفارق الحياة أمامه هو مشهد يصعب تخيله من أي إنسان في العصر الحديث .
 والمواطن أبو نور الذي يعاني كثيرا بسبب عدم سفر ابنه المريض للعلاج يخشى من أن يتكرر لابنه المريض نفس السيناريو الذي حدث لجاره المواطن "ناصر مهرة" والذي توفي نتيجة عدم سفره لتلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيلية أو المستشفيات العربية ويقول في هذا الصدد إن قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تتحمل الـمسؤولية الكاملة عن وفاة جاره  "ناصر "أيضا تتحمل نفس المسؤولية إذا ما حدث لابنه رائد أي مكروه   
ضرورة تحديث مستشفيات غزة
وفي هذا الصدد يحذر الدكتور عائد ياغي منسق القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية من وصول قطاع غزة إلى كارثة صحية وإنسانية نتيجة للتدهور المتسارع في الأوضاع الصحية.
وأكد ياغي أن الحصار والعدوان الإسرائيلي المتصاعد يعتبر انتهاكا وخرقاً فاضحاً لاتفاقيات حقوق الإنسان والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، خاصة حقه في الصحة.
من ناحية أخرى أعرب محمود ضاهر، ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة عن قلق منظمة الصحة العالمية لتدهور الأوضاع الصحية في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه قام بإرسال مذكرة إلى المقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية شرح فيها الأوضاع الصحية الخطيرة في غزة .
إلى ذلك حذر النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني  فيصل أبو شهلا من مخاطر انهيار القطاع الصحي في حال استمر الحصار الإسرائيلي، لا سيما بعد نفاد عشرات أنواع الأدوية والمستلزمات الصحية المختلفة.
وطالب أبو شهلا بضرورة توفير الأجهزة الطبية الحديثة للمستشفيات في قطاع غزة للتخلص من مشكلة نقل المرضى للعلاج بالخارج , مشددا في الوقت نفسه على ضرورة الاعتماد على الذات في علاج المرضى، وعدم الارتهان للقرارات والإملاءات الإسرائيلية ,إضافة إلى ضرورة تطوير البنية التحتية للمستشفيات في القطاع واستكمال بناء الأقسام المختلفة
نفاذ الأدوية من القطاع
إلى ذلك أكد الدكتور معاوية حسنين، مدير عام الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، عن وجود نحو 900 مريض بحاجة إلى تلقي العلاج السريع خارج مستشفيات القطاع، محذرا من أن هؤلاء الـمرضى يواجهون خطر الـموت.
وقال حسنين إن هؤلاء الـمرضى هم من أصحاب الاحتياجات والـمقعدين وأصحاب العمليات الخاصة، ومرضى السرطان والدم والكوليرا وزراعة الكلية والأمراض الوراثية الـمختلفة، مشيرا إلى أن "وزارة الصحة محاصرة ولا يمكنها أن تستخدم الأجهزة الطبية الـمختلفة بسبب عدم توفر قطع الغيار لها".
وحذر حسنين من وقوع كارثة إنسانية وطبية حقيقية مقبلة على قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي وإغلاق الـمعابر ، ومنع دخول الـمواد الأساسية، خاصة الأدوية والـمحروقات والـمستلزمات الطبية الضرورية.
وأكد أن الوضع في قطاع غزة أصبح مأساويا، محذرا من وفاة عشرات الـمرضى في كل لحظة في حال استمر إغلاق الـمعابر بسبب النقص في الإمكانات والاحتياجات الضرورية,
وأشار إلى وجود عدد كبير من الـمرضى ينتظرون الخروج للعلاج في بعض الدول العربية والأوروبية، لكن الاحتلال الإسرائيلي يمنعهم من السفر بذريعة الأوضاع الأمنية وإغلاق الـمعابر , وأضاف حسنين أن الوزارة تقوم بالتنسيق عبر كل الوساطات من أجل تسهيل خروج الـمرضى.
 
وأوضح مدير الإسعاف والطوارئ أن كميات الأدوية التي تصل إلى مستشفيات القطاع الصحي لا تغطي الاحتياجات الكاملة، بسبب عدم التسديد الدائم للبنك الدولي لها، إضافة إلى أن كافة الـمستهلكات والتجهيزات الطبية والأدوية لا تصل في توقيتها الـمناسب.
وأشار حسنين إلى أن نفاد 85 صنفاً دوائياً أساسياً من مخزون وزارة الصحة بشكل كامل، مؤكداً قرب نفاد 130 صنفاً آخر، بالإضافة إلى وجود 10% فقط من مخزون 223 صنفاً، عدا عن كون الوزارة تعاني الآن من قلة نسبة الوقود ومن عدم وجود أي مخزون استراتيجي لها في خزانات الوقود.
وأكد حسنين أنه في حال انقطاع الكهرباء عن القطاع فإن هذا ينذر بوقوع كارثة في مجال الصحة والعمليات، خاصة العمليات التي تجريها الـمستشفيات بشكل يومي، مثل غسل الكلى وحضانات الأطفال والدم والـمختبرات والأشعة والخدمات العامة، مشيرا إلى أن "تيار الكهرباء إذا انقطع لـمدة 6 ساعات يوميا فإن ذلك سيلحق خسائر بملايين الدولارات في وزارة الصحة، وفي مجال التموين وتخزين الطعام داخل الـمستشفيات".
وعن عدد الضحايا الذين سقطوا في القطاع جراء استمرار الحصار الـمفروض، أشار حسنين إلى سقوط أكثر من خمسة وستين مريضا منذ تشديد الحصار في نهاية شهر حزيران الـماضي وهذا الرقم في ازدياد ، وذلك بسبب عدم توفر الإمكانيات الصحية والطبية للـمرضى جراء الحصار الـمفروض.
وهكذا فان إغلاق المعابر ومنع المرضى من السفر وتلقي العلاج في خارج قطاع غزة تعد  مشكلة حقيقية يواجهها السكان هناك بصعوبة بالغة الأمر الذي يتطلب رفع هذا الإغلاق والسماح للمرضى بالسفر لتلقي علاجهم لان هذا الأمر هو إنساني بالدرجة الأولى .