ماذا يحدث إن اندلعت الحرب في الشرق الأوسط !

إن تحليل , أو وضع تصور لخارطة الأحداث , قد تكون مخيفة لحد ّ الشعور بالرعب , خاصة إن احتمالاتها تزداد يوماً بعد يوم , وساعة بعد ساعة , وأحياناً تراها تكاد أن تشتعل . بعد حرب تموز , تغيرت المفاهيم التي كانت شبه ثابتة لدى الاسرائليين (( فالمبدأ الإسرائيلي القائل إن الدولة ليست بحاجة إلى جنود أجانب لكي يحموها هو أمر معتبر. لكن ذلك لا يعني التمسك به حتى درجة الحماقة. )) حسب ما يقول : (( يوئيل ماركوس في هآرتس 25-10-2007 .)) فإسرائيل بعد إن كانت تتبجح بقدرتها على هزم العرب فرادى ومجتمعين , صارت بعد حربٍ دامت ثلاثاً وثلاثين يوماً , وفي خندقٍ واحد مع الولايات المتحدة , لم تستطيعا هزيمة عدد قليلٍ من مقاتلي حزب الله . وأنقلب السحر على الساحر , فبعد أن كانت هي الحارس القوي للصالح الغربية في المنطقة , أمست تحتاج للغرب مجتمعاً ليبقيها على قيد الحياة , ويقول يوئيل في نفس المقال (( ليس على إسرائيل أن تقف في المقدمة وأن تهدد بالهجوم على إيران. وحتى إذا استفز الرئيس محمود أحمدي نجاد إسرائيل، فإيران تبقى مشكلة عالمية. المسألة لا تقتصر على (الرئيس جورج) بوش، إذ إن الرئيس فلاديمير بوتين نفسه، الذي يظهر كأنه صديق لإيران، ليس مرتاحاً من فكرة ظهور دولة شيعية ذات مخالب نووية على حدوده الجنوبية، تهدد بالسيطرة على دول الخليج المعتدلة وعلى مصادر النفط، وتتطلع إلى تنصيب الشيعة والإسلام المتعصب في كل الدول الإسلامية المعتدلة التي تعيش بسلام مع العالم الغربي.))
نعم إسرائيل تريد أن تتراجع إلى الخندق ليس الثاني بل الأخير , لأن اليهود ومنذ فجر التاريخ , يحسبوها جيداً , ليس لأنهم أذكياء أكثر من الآخرين , بل لأن رأس المال هكذا دائماً , يتنحى جانباً عندما يرى إنه معرضاً للمس . فأي حربٍ ستنشب ستحول المنطقة إلى كتلة نارٍ , عالم الغيب وحده يعرف أين ومتى ستنتهي . وهذه المنطقة هي الخزان الرئيسي لاقتصاديات العالم . ويقول يوئيل في نفس المقال : (( تهديد إيران بإطلاق 11 ألف صاروخ على أهداف محددة سلفاً خلال دقيقة واحدة، إذا تعرضت للهجوم، هو بالون فارغ إذا كانت إسرائيل هي المقصودة. ليس لدى إيران مثل هذا العدد من الوسائل القتالية التي تصل إلى إسرائيل، لكن لديها ما يكفي من الصواريخ القصيرة المدى، وبعضها يحمل رؤوساً كيميائية حتى تحدث الدمار في السعودية وقطر والكويت وأهداف أميركية في الخليج. إيران تملك بالتأكيد خططاً احتياطية لشن عمليات إرهابية فتاكة في أميركا نفسها. الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بصفتها الشيطان الأصغر، هي في كل الأحوال هدف إيراني. مصلحة إسرائيل تكمن في التعاون مع العالم في مجال العقوبات، لا الاندفاع للوقوف على رأس المهددين بالحرب. )) ونلاحظ إن يوئيل تجاهل الجيش الأمريكي في العراق وكأنه لا يعنيه بشيء , وهو في مرمى الصواريخ الإيرانية , وتجاهل الصواريخ السورية متعمداً وما ستحدثه , وتجاهل ما سيحدث لحضارة الاسمنت في كل الخليج
  
والجزيرة العربية وما سيحدث ل 4 مليون برميل نفط إيراني , و8,8 مليون برميل نفط سعودي , ومليون برميل كويتي , و1,4 مليون برميل عراقي , و1,1 مليون للإمارات ومثيلها لعُمان وبقية إمبراطوريات الخليج , تصدر من هذه المنطقة ,وبشكل يومي إلى كل أنحاء العالم. وكيف ستسدّ حاجة اليابان التي تقدر ب 4,4 مليون ودول أوربا التي تقدر ب 3 مليون والهند 1,8 مليون والصين 4,9 مليون برميل , من هذا الاستهلاك اليومي , والذي يشكل 70% من إجمالي واردات العالم النفطية . وما هو مصير الصناعات بكل أنواعها في البلدان المصنعة , والتي تدير عجلة الاقتصاد و أسواقه . وحسب IEPA- الصادرة ا– ا - 16 ديسمبر 2006م -
أعلنت وكالة الطاقة الدولية في توقعات تضمنتها دراستها الإستراتيجية الأخيرة بخصوص قطاع الغاز في العالم، أن قطر ستكون أول منتج عالمي لهذه المادة في أفق سنة 2030 بحجم إنتاج يناهز 255 مليار متر مكعب(م.م.م) تليها إيران بإنتاج إجمالي يناهز 240 مليار متر مكعب مقابل حجم إنتاج للبلدين على التوالي قدر بـ33 و78 مليار متر مكعب في سنة 2003.
قطر أيضا التي تعتبر أول مصدر للغاز السائل منذ مارس 2006، تستطيع أن تؤمن بين 65 و75 بالمائة من صادرات منطقة الشرق الأوسط في سنة 2030 وفق ذات المصدر، وتقول توقعات الوكالة إن إنتاج الشرق الأوسط من الغاز الطبيعي سيرتفع من 259 م.م.م سنة 2003 إلى 425 م.م.م سنة 2010 ثم إلى 692 م.م.م في 2020 وصولا إلى 860 م.م.م في 2030، بمعنى آخر حجم نمو سنوي يقدر بـ4.5 بالمائة وبالتالي يكون الشرق الأوسط لاعباً أساسياً في سوق الغاز العالمي مستقبلا وفق ما أبرزته الدراسة .وهذا الجانب , كيف سيعوض . إن أي اهتزاز في هذه المنطقة سيعرض الاقتصاد العالمي ليس للاهتزاز بل للفوضى الجارفة ,التي لا تبقي ولاتزر
إن ما سيحدث سيفاجئ حتى المتشائمين , بقسوته وفظاعته . هذه الحرب إن فُجرتْ , ستعيد العالم بأثره إلى الوراء مئات السنين إلى الوراء , وليس منطقة الشرق الأوسط وحدها . فالأثار الاقتصادية والاجتماعية والجيوإجتماعية لن تكون محسوبة بشكل جيد , وخاصة إن من يتخذ القرارات المصيرية العالمية , مهووس بالمصالح الاقتصادية أولاً والحقد الحضاري ثانياً , وغياب الإحساس بأي قيمة تخالف نظرة هؤلاء ثالثاً , والنظرة الدونية للغير رابعاً . فالرأسمالية المتوحشة , هي دائماً تفرخ النار التي تحرق الأخضر واليابس , لتصنع لنفسها مساحات جديدة للعمل . ( ويروي يوئيل عن بعض الأطراف الأمنية الإسرائيلية على اقتناع بأن «العالم المتحضر» لن يوقف إنتاج القنبلة، ولأن إسرائيل هي هدف محدد لها، عليها أن تهاجم قبل أن تتعرض للهجوم. أفرايم سنيه مثلا يدعي أن الدول الكبيرة الطبيعية لن تفعل شيئاً، ويقول إن وعود بوش بلا رصيد. من هنا ستضطر إسرائيل للهجوم إن عاجلاً أو آجلاً. ويقول : (( إن فكرة القدرة الإسرائيلية على إيقاف المشروع النووي الإيراني بالقوة تبعث على الضحك. إيران تعلمت العبرة من مفاعل تموز العراقي الذي قصف على يد سلاح الجو الإسرائيلي في عام 1981. إثر ذلك، وزعت طهران مفاعلات الإنتاج وأجهزة الطرد المركزية وتخصيب اليورانيوم على ثلاث مناطق ووضعتها في باطن الأرض بعيداً عن أعين الأقمار الاصطناعية. مؤيدو الهجمة الإسرائيلية يقدرون أن المس بأحد الأهداف يكفي لعرقلة إنتاج القنبلة لسنوات. ربما؛ ولكن فشل التنفيذ سيكون أخطر من عدم القيام بشيء. لانه حينها ستشتعل المنطقة من خلال قصف تل أبيب.
ونضيف إن بقي هناك تل أو هضبة أو آبار نفط أو غاز أو ( من ينفخ النار )