خروف عمتي وألقمه العربيه !

حالة الإذعان والذل التي يعيشها الحكام العرب، وتبعيتهم المطلقة للسيد الأمريكي تشبه حالة النعجة عندما يخطفها الذئب.
أهل الريف والبادية يعرفون كيف يخطف الذئب القاصية من الغنم، وعندهم حكايات طريفة من الواقع. الأمر ليس علي النحو التقليدي الذي يحدث في الغابة بين الأسد وفريسته: مطاردة ومناورة ونهاية معروفة. الذئب يعتمد علي خطة مثيرة للحصول علي نعجته، العنصر الحاسم فيها هو السيطرة السايكولوجية علي عقل النعجة.
كيف؟
لا ينفع أن يقتلها ويأكلها بمكانها. أصحابها سيتنبهون قبل أن يأكل منها شيئاً. لذا يخطفها أولأ.
عندما يغفل الرعاة الكسالي وينشغلون باللهو واللغو والكلام والطعام، تستغفلهم الغنم فتسرح بعيداً عنهم بحرية. عندئذ تسنح فرصة مناسبة للذئب... من بعيد يرصد القاصية منها ثم يبدأ يتربص ويتلصلص. عين علي النعجة وعين علي الرعاة. وفي توقيت مناسب ينطلق نحوها. وعندما يصل إليها يلكز خاصرتها بخاصرته ويزمجر بصوت يرعبها، كأنه يأمرها بأن تتبعه، فتطيع وتنطلق خلفه. يواصل الهرولة وهي منصاعة خلفه، يسرع فتسرع... قوة كامنة خفية تنبعث في النعجة تجعلها تجري بسرعة الذئب حتي يخال المرء أنها تطارده. وإذا حدث وتنبّه الرعاة، لا يجدي معها صياحهم. لا تتوقف ولا تلتفت اليهم. الذي يحدث أن العقل الواعي للنعجة يتراجع بصورة مفاجئة حيال تفوق غريزة الخوف.. غياب عقلها الواعي يجعلها لا تدرك أنها هالكة لا محال إذا تبعت الذئب. والخوف المفرط يجعلها تستسلم بالكامل لإرادته.
يأخذها إلي مكان بعيد عن الرعاة ثم يفتك بها.
خروف يتحدي ذئباً
كان عند عمتي عائشة رحمها الله (وهي تحديداً عمة أبي) عدد قليل من الدواب من بينها خروف فوضوي يشاكس كل من يقترب منه. لذا أرسلته الي الرعاة ليضموه إلي الأغنام التي في عهدتهم. يأخذونه في الصباح الباكر إلي المراعي في عمق البادية ويعيدونه إليها في المساء مرهقاً لا طاقة له بالمشاكسة.
خلال إحدي غفلات الرعاة كان الخروف يسرح بعيداً عن القطيع، وكان ثمة ذئب يترصده. وعندما قرر الذئب بأن لحظة الخطف حانت انطلق إليه، لكز الخاصرة بالخاصرة وزمجر، ارتعب الخروف وركض كالمعتاد خلف الذئب.
ولكن... بعد مسافة قصيرة حدث شئ خارج عن المألوف...
الخروف توقف عن الجري خلف الذئب ثم اتجه صوب الرعاة وركض مستغيثاً.
استغرب الذئب وعاود الكرّة... ركض إلي الخروف ولكزه. خاف الخروف وتبع الذئب وبعد حين توقف واستدار باتجاه الرعاة وركض.
تكررت محاولات الذئب لكنها لم تنجح، لأن الخروف استعاد وعيه وشحذ إرداته وتحدي الذئب مراهناً علي إنقاذ الرعاة له.
تنبه الرعاة فهبّوا لنجدته.
فرّ الذئب ونجا الخروف العنيد.
القمة والخروف
في نهاية هذا الشهر تنعقد قمة دمشق, وهناك حالة واحدة فقط يمكن أن تجعل القمة أكثر من ناجحة، قمة مميزة وتأريخية، بل والزعماء ألمشاركين فيها أبطالاً خالدين. إذا تشجعوا ونحّوا جانباً جدول أعمالهم التقليدي واستبدلوه بجدول من نقطة واحدة لا غير: خروف عمتي عائشة.
يتخذونه قدوة لهم. يجعلونه مثلهم الأعلي ويستلهمون منه العزيمة وقوة الإرادة. يتحلون ببعض ما تحلي به من الشجاعة والعناد. يتعلمون منه أن الإرادات تغلب الأنياب والعضلات. يتعلمون أن هناك في اللغة كلمة (لا) عليهم قولها للسيد الأمريكي كما قالها الخروف للذئب.
لا للتبعية، لا للذل، لا للقواعد العسكرية في بلادنا، لا للدولار المنهار أساساً للتعامل التجاري، لا لقرارات الفيتو، لا لحصار غزة، لا لاحتلال فلسطين، لا لاحتلال العراق ولا اعتراف بحكومة عملاء الاحتلال.
الذئب الأمريكي فقد أنيابه وما عاد يخيف أحداً. تم اختبار الأمريكان في افغانستان ثم العراق وعرف العالم مدي ضعفهم. البهدلة التي أكلوها علي يد المجاهدين في العراق وأفغانستان جعلتهم يخافون من عواقب إرسال جنودهم إلي مستنقع اخر. وهاهي الصومال مثالاً حياً. لم يغامروا بالتدخل المباشر فيها. اعتمدوا علي مرتزقتهم من امراء الحرب والجنود الأثيوبيين، دفعوهم إلي أتون الموت بالجملة أمام مجاهدي المحاكم الشرعية.
أيها الزعماء العرب، أمامكم فرصة ذهبية للانعتاق، فهذا العام عام انتخابات في أمريكا، يعني عام اللا مغامرات. فلا تخشوا من عواقب التحدي.
إلي متي يستبد الخوف ببعض البشر؟
متي التحرر من سطوة راعي البقر؟