من قمّة دمشق الى قمّة الرجعيه !

عندما يتهمون دمشق ويقاطعونها... ويحتضنون امريكا ومؤتمراتها ويساعدونها!!
عندما تحاجج الضعيف أو تحاجج المهزوز, الغير واثق من موقفه فغالباً ما تكون ردت فعله ألإنسحاب والانطواء عنك, تاركاً بعض الايحائات "الصبيانيه" تُنبئك بغضبه منك لكن دون مواجهه, وربما سيرميك ببعض العبارات الرجوليه والارتجاليه ولكن من بعيد, مُدعياً الحكمه الرزينه, وهو أكثر العالمين برجاجة موقفه, وقلة حيلته وجُبن إدعائه, ولولا ذلك ما أنسحب ولا أهتز له موقف, ولا غاب عن مكانه, ولأحضر كل أوراقه وإثباتاته و تأويلاته... ووضعها على الملأ المليء, لا أن يترك مكانه غيبه, ويضع نفسه موضع الراحلين.
هذا ما جسده الموقفان السعودي والمصري بغيابها عن قمة دمشق والتمثيل بوفد "دون القمه والقيمه", وما يحمله هذا الموقف والتمثيل المتدني من إستهتار بالمشاكل والعوائق التي تطوق الامه العربيه من فلسطين الى لبنان والصومال ودخول العراق سنته الخامسه تحت الاحتلال, فالمشاكل جسام والغياب يدني من فرص الحل والاحتكام الى موقف عربي موحد,

اذا كانت المشكله اللبنانيه هي العائق أمام حضور البعض كما أُعلن.. فهل الغياب سيحل ألأزمه؟ قطعا لا, فغياب السعوديه ومصر وهما الداعمان لقوى14 اذار اللبنانيه, بمثابة تأكيد مسؤولية دمشق وأصدقائها في لبنان عما يحدث من فراغ وإغتيالات سياسيه, وغياب تلك الدول لن يثني سوريا عن التدخل في الشأن اللبناني عبر أصدقائها, خاصه عندما يكون الغياب بمثابة إتهام, وهذا الاتهام لن يقضم من يد سوريا في لبنان, فاللعبه ليست صبيانيه, بل سيجعلها تتصرف كمتهم حريص على حماية نفسه وأصدقائه بكافة الوسائل, ما دام اصدقائها في لبنان هم ألأقوى وألأكثر شرعيه, تلك الشرعيه التي أكتسبوها بمقاومتهم للمؤامرات الامريكيه وهزيمة الصهيوني وتحرير لبنان وإفشال مشروع الشرق الاوسط الكبير.

الدول الغائبه, بغيابها هذا أعلنت ضمنياً انها الوصي الشرعي على لبنان ومستقبله, وهنا تضع نفسها موضع اتهام أكثر صراحه من اتهام سوريا, بتحيزها موقف المسؤول الغائب, وغير عابئه بالتوافق اللبناني عبر تجاهلها لأكثريه لبنانيه -غير سهله- لها مصالح استراتيجيه في المقاومه وترتبط بسوريا سياسيا واقتصادياً وجغرافياً وأيضاً عسكرياً, وأعنى حزب الله وأحلافه في الممانعه.

أما اذا كانت الدول الغائبه تدعي مصلحة الوفاق اللبناني-اللبناني, فلما حضرت تلك الدول مؤتمر "أنابوليس" ومعها قوى 14 آذار ؟ . . وهل اختلاف الداعي ما بين امريكا في انابوليس وسوريا لقمة دمشق هو المحرض على الحضور؟
مؤتمر انابوليس كان وفق أجنده امريكيه وضد التوافق الفلسطيني-الفلسطيني, وما زالت دول الاعتدال تتمسك به وتشكر أجندته برغم ما أفرزه من حصار قطاع غزه و محاولة إقتلاع جذور المقاومه الفلسطينيه الشرعيه فيه, فحضور الدول المعتدله لمؤتمر "انابوليس" وراء طرف فلسطيني دون آخر وبدعوى أمريكيه, لم يكن يصب في مصلحة التوافق الفلسطيني, كما أن غيابها عن "قمة دمشق" لمصلحة طرف لبناني دون آخر يضع تلك الدول ومواقفها في بند (المصلحه الذاتيه) و دون (موقف المسؤوليه), تلك المسؤوليه التي يجب ان يتحملها الصديق عند النظر الى القضايا العربيه, فلسطينيه كانت أو لبنانيه, وذاتها المسؤوليه التي تفرض على "المُخلصين" ان ينظروا الى القضيه بكل ألوانها وأطيافها, والنقيض من تلك الوقفه يسمى بـ"نفاق المصلحه" و"الذاتيه" في التعامل مع الاخرين, وهذا ما يجب أن يعيه الغائبون.

و برغم الغائبين عن قمة دمشق, فالقمه تكتسب أهميتها الشعبيه من مكانها وزمانها.. فإنعقادها في دمشق في هذا الوقت بالذات: يمثل أملاً كبيراً لدى كل القوى الشعبيه في الشارع العربي, ولا يحق لأحد ان يستثني الشارع المقاوم في فلسطين ولبنان-لعيون14 اذار وسلطة ابو مازن- حين يلتقي مع الشارع القومي و الوحدوي في دمشق العصيه على "التطبيع" والرافضه للهيمنه الامريكيه في المنطقه,
واذا كانت دمشق - كما يدعي البعض ومعهم امريكا – هي السبب في عدم التوافق والفراغ الحاصل في لبنان بتحالفها مع طرف ضد آخر, اليست اسرائيل وامريكا هي السبب المباشر في الاقتتال الفلسطيني, وهما من يفضلان طرف فلسطيني على حساب اخر, واليست اجندت امريكا هي التي تحاصر طرفاً فلسطينياً على حساب الاخر عملاً بمصالح اسرائيل, فلم الكيل بمكيلاين وعدم ألإدعاء على امريكا ومقاطعة مؤتمراتها كما تُقاطع دمشق وتتهم وتقاطع القمه المقامه فيها؟! .. هذا السؤال سيجُر سؤالاً آخر, اليست امريكا - التي تقبلون دعوتها دائماً - هي من تُفضل وتنحاز للطرف الصهيوني على الطرف العربي في الصراع لا يتم معاقبتها كما تُعاقب دمشق؟ .. بل بالعكس يتم مكافئتها بزيادت إنتاج النفط لتغطية خسائرها بالعراق وعجزها الاقتصادي, هل سيصل الحال بالمواطن العربي أن يسأل الدول المعتدله بمعاملت اشقائها كما تعامل –أعدائها-؟... وصلنا الى قمة الرجعيه.