براكين في الجزائر وحمم في المغرب العربي... !


 
 
بقلم: أنور مالك – كاتب صحفي - باريس
شهدت مدينة بريان بولاية غرداية الجزائرية في الآونة الأخيرة ما يمكن تسميته بالفتنة بين الإخوة الأعداء، بعد مقتل أحدهم يسمى علي العساكر (32 سنة) على يد (ق – لخضر) وذلك عشية المولد النبوي الشريف (19 – 20 مارس)، وإن كانت مصادر إعلامية حاولت أن ترجع أسباب الإنفجار إلى علاقة غير شرعية حدثت بين المجني عليه والذي هو أب لطفلين وشقيقة الجاني، وارجعت هذه المعلومات لمصادر أمنية، ان سلمنا جدلا بصحة الرواية هذه التي تسببت في خسائر مادية جسيمة فاقت 50 مليار سنتيم في الأحداث الأولى قبل أن تتجدد مرة اخرى، إلا اننا نرى بالفعل أن المنطقة كانت تعيش فوق البركان، والحادثة التي جرت كانت ستمر عادية جدا وتحل في أطرها القانونية والعشائرية، لكن المنطقة التي تعرف بتعدد المساجد مثل العراق وبعض الدول الخليجية التي تتواجد بها مساجدا للشيعة وأخرى للسنة، حيث نجد مساجدا لأتباع المذهب المالكي كما يطلق عليهم، ومساجد أخرى لأتباع المذهب الإباضي الذي عد في كتب التاريخ الرسمية التي تدرس لأطفال المدارس الجزائرية أنه مذهب خوارج، وكان ذلك سبب الكثير من الحرج والإحتجاج لدى هذه الطائفة الكبيرة التي لها وجود واسع في الجنوب الغربي الجزائري، والمنطقة أيضا يتواجد بها تقسيم آخر يتوزع بين العرب وبني ميزاب... لا نريد أن نخوض في تفاصيل التوزعات الإثنية والمذهبية والعرقية، لكن نريد أن نعطي بعض التصورات المستقاة من خلال متابعتنا لفتنة بريان الأخيرة، والتي هي بلا شك فتيل صاعق لفتن أخرى تنام عليها أمتنا العربية والإسلامية عموما.
 
الجزائر عاشت فتنا أخرى سبقت هذه، فبعد أحداث منطقة القبائل والتي شكلت بحق من أبرز المراحل العصيبة التي عاشتها البلد ولا تزال تنام من على أطنان بارودها، وبالرغم من التنازلات التي فرضت على النظام الحاكم لحركة العروش الإستئصالية، وصلت حد دسترة الأمازيغية بمرسوم رئاسي ومن دون المرور على إستفتاء شعبي والذي بلا شك سيصل إلى الرفض لمسعى ينظر له على اساس طائفي عرقي، لأن أغلبية السكان الجزائريين من العرب ويرفضون المزايدة على قيمهم الحضارية والدينية والتاريخية، إلا أن بعض النشطاء القبائل يواصلون اليوم نضالهم وتحركاتهم المشبوهة في اطار منظمة إنفصالية يتزعمها المغني فرحات مهني، وأتأسف للمرة الأخرى أن مصير الأمازيغ صار يظهر على ألسنة مطربين ومغنين تعلموا السياسة في الكباريهات والعلب الليلية في باريس بدل جهابذة الفكر والسياسة الذين تزخر بهم منطقة القبائل الأصيلة، هذه الحركة الإنفصالية تتلقى الدعم الكبير في فرنسا ونشطاء أمازيغ في المغرب الذين تربطهم علاقات واسعة بإسرائيل وعلى راسهم المغربي أحمد الدرغني رئيس ما يسمى بالحزب الديمقراطي الأمازيغي، والذي جمعتني به قناة العالم الفضائية في برنامج تلفزيوني حول قضية الأحزاب الأمازيغية في المغرب العربي، وناقض نفسه في كثير من المعطيات التي يتبناها وخاصة المتعلقة بالإسلام والوجود العربي في شمال إفريقيا...
 
في الآونة الأخير راحت الحركة الإنفصالية التي يقودها فرحات مهني الى نشر خريطة خاصة بالوطن والدولة التي يريد تأسيسها في الجزائر، وعلى ذكر هذا المغني فإنه يجب أن نشير بغرابة الى الموقف الرسمي الجزائري الذي لا يظهر سوى عبر الصحف فقط، ولكن لا أحد تجرأ على متابعته القضائية بالرغم من أن قانون العقوبات الجزائري يجرم بشدة مثل هذه الدعوات، ولكن مهني يصول ويجول في الجزائر ويقيم نشاطات مشبوهة في المنطقة كما جرى في شهر أوت الماضي في نواحي بجاية لما إجتمع نشطاء هذه الحركة الإنفصالية واصدروا بيانا وزع علنا، ولا أحد تجرأ على متابعته بتهمة تهديد الوحدة الترابية، وهو ما يفعل مع آخرين لمجرد موقف سياسي حول بعض القضايا التي لا تهدد طبعا ولا تصنف في دائرة جنائية، وهو الذي يجري معنا مثلا لما اصدرت السلطات الجزائرية حسب ما بث اعلاميا أمرا بالقبض الدولي علينا لسبب واحد هو كشفنا لجرائم وزير دولة وحديثنا الجريء في قضية الصحراء الغربية، مع العلم أنني لم أعلن مساندتي للأطروحة المغربية كما يروج وأتحدى أي كان أن يثبت ذلك، وما نقلته وكالة الأنباء الرسمية في المغرب أو الموقع الإلكتروني الرسمي للحكومة المغربية وما تداولته الصحف المغربية مؤخرا وبكل لغات العالم هو كلام مأخوذ من مقال نشرته صحيفة "رسالة الأمة" في عددها 7823 الصادر بتاريخ 01 ابريل 2008، من توقيع محمد بديع بناء على حوار أجرته معي الصحفية وفاء اسماعيل لفائدة صحيفة "أخبار العرب" التي تصدر بكندا، ووجه في طريقة يخدم الأطروحة المغربية، بالرغم من أنني وجهت نقدي اللاذع للمغرب والجزائر والبوليساريو من دون استثناء، وما طرحته حول تحمل الجزائر لأعباء الصحراويين والجزائريين أنفسهم صاروا في حال لا يختلف عنهم بكثير، لأن شعبنا يعيش اللجوء في بلده، هو من صميم واجبي النضالي ليس الا ولا أحد يمكن أن يحسبه صب في إناء المغرب الذي أدينه ايضا في خرقه الفاضح لحقوق الصحراويين.
 
فقد طالبت بالوحدة المغاربية ورفضت التشتت الذي تتحمل المسؤولية فيه كل الأنظمة العربية بلا إستثناء، وهو ما يخدم الإمبريالية الأمريكية الصهيونية الجديدة، فهل المطالبة بالوحدة معناها مساندة الأطروحة المغربية أو حتى الأطروحة الجزائرية؟ أعتقد ذلك مزايدة متعمدة من الطرفين، المغرب أراد أن يضرب في اسفين القضية مسمارا يحمل توقيعي، والجزائر التي تبحث عن أي طريقة لأن تتهمني بالعمالة والخيانة هي أيضا وجدت ضالتها في هذا الأمر حتى تداري عن جرائمها وجرائم الوزير سلطاني بوقرة التي اقترفها في حقي... أجدد هنا موقفي حتى لا يزايد عليها احد والمتمثل في أن النظام الجزائري هو الذي صنع البوليساريو لحسابات قديمة مع المغرب، وطبعا وجد ضالته في معاناة الصحراويين في الداخل من إضطهاد كبير، وأيضا ضد ما ترتكبه البوليساريو وبالتواطؤ مع أطراف جزائرية في حق الصحراويين الذين يعانون الأمرين في محتشدات الصحراء من ظلم واضطهاد وحصار وإستغلال، وفي الوقت نفسه ضد ما يرتكبه المغرب من فظاعات في حق الصحراويين وصار يدفع الثمن أبرياء لا علاقة لهم بالمعركة الإستخباراتية بين المخزن والعسكر وبإستغلال جبهة البوليساريو، التي بلا شك لو حكمت الصحراء فلن تكون سوى بيدقا كما هي عليه الآن في يد مافيا الجنرالات كما يسميهم هشام عبود، وأمر آخر أن توجيه النقد للبوليساريو ليس نقدا للصحراويين الشرفاء، قصة التمثيل الأوحد مللنا منها وذهبت أدراج الرياح، وتجربة حركة "فتح" بفلسطين ليست ببعيدة.
 
لقد قلت مرارا وتكرارا من انه في حال تحقيق دولة البوليساريو فإن المنطقة ستقبل على هزات خطيرة للغاية، والجزائر التي تدعم البوليساريو لا تعرف أنها تنام على مخزون حركات انفصالية متعددة، والمغرب الذي يرفض ذلك يدرك جيدا أنه بدوره ينام على بركان الامازيغ في الريف، فما أحوجنا للوحدة في ظل العصر الأمريكي الذي سيحتل العالم بالتقسيم والفتن الدينية والطائفية التي يشعلها اليوم في العراق وسيصدرها لغيره بلا شك، والمغرب العربي الكبير الذي هو بوابة افريقيا وبه خيرات كثيرة موجود ضمن أجندة استعمارية يتصارع عليه الأقوياء المتحدون في أوروبا أو غيرها، ونواجهها نحن بكنتونات وهمية ما تزيدنا إلا غرقا في الهزيمة والهوان، وطبعا المسؤولية تتحملها الأنظمة التي أثبتت بلا اختلاف يذكر افلاسها وفسادها.
 
وأكثر من ذلك لو مثلا المغرب في عام 1992 استغل ما حدث من انقلاب واستقبل الإسلاميين الفارين من الجزائر على ترابه، وأقام لهم معسكرات وقدم لهم السلاح والدعم وتوجد مبررات كثيرة كان بوسع المغرب ان يستعملها، فيها الحقوقية حيث ان هؤلاء هربوا من جحيم الإعتقالات السياسية والتعذيب في المعسكرات ومخافر الأمن والقتل خارج اطر القانون، وهو ما كان يجري بالفعل في حق مناضلي جبهة الإنقاذ، وتوجد كذلك المبررات السياسية ان هؤلاء كان لهم حزبا معتمدا وتحصلوا على الأغلبية البرلمانية بطريقة ديمقراطية وبإعتراف من السلطة نفسها ولكن نزع منهم حقهم بإنقلاب عسكري، وتوجد أيضا مبررات دولية وتتعلق بالمعاهدات التي وقعت عليها المغرب والجزائر في دعم الشرعية اي كانت وكذلك في احترام الحريات العامة للشعوب، وإختيار الجبهة في انتخابات ديمقراطية كان خيارا شعبيا... السؤال الذي يطرح نفسه بشدة كيف يكون موقف الجزائر من هذا الدعم؟
 
أقولها بصراحة: لو فعل المغرب ذلك لسقط النظام الجزائري في السنة الأولى من الحرب الأهلية لأنه كان على شفا حفرة من الإندثار.
 
لقد وجدت نفسي مضطرا لتوضيح هذه النقاط التي صارت تستغل ببشاعة في الجزائر، حتى وصل الأمر للمخابرات الجزائرية بمنع تداول إسمي بصفة مطلقة، وأن أي صحيفة قد تتجرأ على ذلك ستعرض نفسها لتداعيات كثيرة، وهذا الأمر خدم كثيرا المجرم بوقرة سلطاني الذي سيحاكم ويزج به في السجن لو تقيدت الجزائر بتلك المعاهدات التي وقعت عليها الجزائر والتي تجرم الفعل ومن يقف وراءه بالطريقة المباشرة او غير مباشرة، ففي الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن خلال المادة 5 من الاعلان: (لا يعرض اي انسان للتعذيب ولا للعقوبات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة)، وصدقت الجزائر على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية اللانسانية او المهينة في 12 سبتمبر 1984 ودخلت حيز التنفيذ عام 1987، وفي 12 سبتمبر 1989 صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1966 ودخل حيز التنفيذ عام 1976... الخ، وليس المجال لكي نخوض في تفاصيل هذه المعاهدات والمواثيق الدولية التي جرمت التعذيب الى درجة كبيرة.
 
نعم... ان الدفاع عن الوحدة المغاربية لا يعني مطلقا السكوت عن الجرائم التي ترتكبها الأنظمة العربية في حق شعوبها، ولا يعني مطلقا تجاوز حقوق هذه الشعوب في الحياة الكريمة والحرية والديمقراطية، وان عدنا الى الجزائر في ظل أحداث بريان الأخيرة التي كشفت بلا شك أن المؤامرة عليها متواصلة وتستغل النعرات الطائفية المختلفة، بل تريد أن تجعل من الفتن المذهبية والإثنية هي حطب النار وبنزينها ومنه يستطيع الوصول إلى التقسيم الذي يهدد المنطقة المغاربية، فالتنصير يضرب منطقة القبائل، وأعلنت عليه الحرب من طرف النظام، الذي أراد أن يظهر نفسه للناس وللشعوب العربية والإسلامية مدى حرصه على الإسلام، ولم يكلف نفسه أدنى عناء البحث في الأسباب الحقيقة لإنتشار الظاهرة بين القبائل، والتي تعود بالأساس إلى الوضع الإجتماعي المتردي والحرمان والإقصاء الذي يعاني منه الشباب، والذي جعله ينتقم من كل شيء يرى الدولة تتبناه ولو كان الدين، ويستغل أيضا من طرف دعاة الإنفصال الذين يحاولون التأكيد دوما على رؤية "الإحتلال العربي" للقبائل وبسببه آل وضعهم إلى ما دفعهم للنقمة والثورة والردة.
 
قبل أن نغلق الكنائس ونطرد القساوسة ونحارب المتنصرين، يجب أن نرجع إلى الأسباب الحقيقية التي دفعتهم إلى التنصر نكاية في الإسلام الذي يتبناه النظام الفاسد على الأقل في أدبياته وشعاراته، ودفعتهم أيضا إلى الحرقة للبحث عن وطن أخر نكاية في الوطن الذي يسيره مرتشون ومرتزقة بمعنى الكلمة، أيضا وصل بهم اليأس إلى أن يتحولوا إلى قنابل بشرية تنفجر هنا وهناك هربا من الحياة كلها نكاية في الحكام الذين صادروا حقوقهم حتى في التنفس ورغيف الخبز وشربة ماء...
 
حتى لا أطيل كثيرا أؤكد على أن فتنة بريان الأخيرة والتي إدعى رئيس الحكومة بلخادم أنها طويت نهائيا ولكن ظهر كذبه للعلن بان عادت من جديد وبحدة تفوق الأولى، وسوف تشتعل مرة أخرى أيضا وفي مناطق مختلفة من الجزائر، والمسؤولية يتحملها - بلا شك - النظام الذي يزايد عن واقع المجتمع بشعارات براقة كاذبة، يزعم أن الأمن تحقق بالمصالحة التي أبدعها بوتفليقة ويطمح بفضلها لجائزة نوبل للسلام، ويوميا نسمع ونقرأ أخبار القنابل والحواجز المزيفة وشباب غض ملغم بأحزمة ناسفة تتطاير اشلاءهم هنا وهناك... يزعم أن الكرامة والعزة تحققت للجزائريين ويوميا نسمع ونقرأ عن عائلات تموت جوعا وأخرى تقتات من المزابل وتأكل أخرى من "النخالة" التي كانت طعام الكلاب من قبل ثم رقي شانها وصارت طعام الغنم والمواشي والآن تحولت إلى البشر، وبعد سنوات بلا شك ستتحول إلى طبق لا يظهر إلا على موائد الأثرياء، بل تقدم الدعم الحكومي للإسمنت وتترك الزيت والسبب يكمن في ان هؤلاء المسؤولين يشيدون قصورا وأبناء الشعب يبحثون عن القبور بعدما عجزوا عن امتلاك كلغ من البطاطس، فهل يا ترى سيأكل شعبنا الإسمنت؟... يزعم هذا النظام أنه يهتم بمستقبل الأجيال القادمة وبمشاريع كبرى وبمناصب عمل حيرت حتى خبراء الإقتصاد، فقد تساءل بن بيتور وهو رئيس حكومة سابق : هل يعقل أن بلدا يحقق نسبة نمو 1.8% يمكنه أن ينتج قرابة 500 الف منصب شغل كما يزعمون؟.
 
يزعم هذا النظام بترقية حقوق الإنسان واصلاح السجون والعدالة ويوميا نسمع بحالات تعذيب في مخافر الأمن والمخابرات، وتعذيب يمارس علنا على المساجين كما جرى في سجن الحراش مؤخرا، حيث صارت الدماء تلطخ حيطان القاعات والزنازين والباحات، بل أكثر من ذلك أن يقبض على أبرياء ويتهمون بالتورط في تفجيرات 11 ديسمبر 2007 ويعذبون ويساقون مكبلين في حالات يرثى لها إلى السجن، لا لشيء سوى من أجل النجاة من ورطة لجنة التحقيق الأممية التي اعلن بون كي مون تشكيلها، واكثر من ذلك أن الشباب يلجأوون إلى الإنتحارات العلنية وحتى قبالة مخافر الأمن إحتجاجا على الظلم والوضع البائس الذي وصلوا إليه...
 
يزعم هذا النظام المفلس أنه حقق إنجازات دبلوماسية كبيرة وهو الذي عجز على أن يفك أسر معتقلين جزائريين في غوانتانامو بعدما وفقت الدول الأخرى في فك اسراها، بل يطلع علينا مؤخرا من أن جزائري اصيب بالجنون جراء التعذيب، وكانه خبر عادي جدا، فأين كرامة الجزائريين يا ترى والرئيس بوتفليقة افتتح به عهدته الأولى؟ !!
 
يزعم هذا النظام أنه يحارب الفساد والمفسدين ولكن الوجوه التي يعرف القاصي والداني تورطها في الفساد تنال المناصب الكبيرة، وتشرف على إدارة المال العام، وتتحكم في ثروات البلد ولقمة الناس، وتسيطر حتى على الواردات الغذائية والصادرات النفطية بطرق مشبوهة... ويكفي أنهم تقدموا بملف أعرج أعوج لبريطانيا حتى يتم إفشال تسليم عبدالمومن خليفة الذي كان يوما ما يستقبل رسميا من طرف بوتفليقة وأسرته ويتسابق الوزراء لأخذ صور تذكارية معه... يزعم أنه حقق طفرة كبرى في العمل الديمقراطي ونجد منع الأحزاب وإقصاء المعارضة بل وصل حد تدخل القضاء بأمر من وزارة يزيد زرهوني لتحقيق الإنقلابات كما جرى مع حركة الإصلاح التي يتزعمها عبدالله جاب الله، بل يوجد ماهو أخطر بكثير ويتعلق بالأقلية التي تحكم الأغلبية، حيث أن اغلبية الشعب الجزائري قاطعت الإنتخابات التشريعية والبرلمان الآن يمارس التشريع في قضايا مصيرية وكأنه يمثل بالفعل كل البلد، وقاطعت الإنتخابات المحلية والأميار يعبثون بالمال العام دفعت وزارة الداخلية إلى إهانتهم إهانة مباشرة عن طريق فتح ورشات تكوين لهم، وهو عمل صحيح لأن أخيار الناس يرفضون أن يلطخوا أنفسهم في هذه المهازل الإنتخابية ولم يبق المجال إلا للإنتهازيين واشباه البشر حتى يتحكموا في رقاب المجتمع، بل وجد الكثيرون الذين يطمحون للمال فرصتهم الكبيرة لتحقيق غايتهم في ظل نظام يعبث بكل شيء ... يزعم... يزعم... ولكن كل ذلك يكذبه الواقع بكثير ولا يحتاج إلى أي أدنى براهين.
 
إن ما جرى في بريان مؤخرا وبتواطؤ من طرف جهات مجهولة تكشف بحق ان الفتنة هذه تقف وراءها جهات كثيرة ومختلفة من تلك العصابة النافذة في السلطة، تريد أن تستفيد من ريع الحرب كما جرى خلال التسعينيات، فأن يتحول صراع اللوبيات في اعلى هرم السلطة إلى الواقع ويدفع ثمنه الشعب المغلوب على أمره، ذلك والله خطير للغاية ويجب أن يحاسب عليه هذا النظام المفلس، الذي برغم فشله في كل شيء أراد ان يبيض وجهه في خرجات اعلامية هي ممارسة احتيالية بلا شك... لقد كشفنا من قبل ممارسات خفية لتشييع الجزائريين ركزت على منطقة الشاوية، ونعرف أن التنصير يركز على بلاد القبائل، وظهرت الآن صراعات بين المذاهب الإسلامية نفسها، وتوجد جهات تشجع وتمون المد السلفي الوهابي الذي يكفر التشيع ويرى الإباضيين من الخوارج المرتدين، وآخرون ايضا يشجعون السلفية الجهادية عن طريق التواجد والتجذر لتنظيم القاعدة في المنطقة المغاربية، أيضا توجد صراعات لغوية بين الأمازيغ والعرب تظهر للعلن، وان كانت صراعات أخرى مع التوارق لم تظهر وسيأتي بلا شك يومها، وظهر الآن صراع حاولت جهات طمسه ويتعلق بما جرى في بريان بين العرب والميزابيين... وفي المغرب نجد الأمور نفسها تعيش في الظل ولم تبلغ بعد درجة المواجهات الدامية، بل أكثر من ذلك أن الأمازيغ الآن في الجزائر يجري تنصير قضيتهم حتى تتحول إلى قضية دولية تدعمها القوى العظمى، في إطار حماية الأقليات الدينية والإثنية، وفي المغرب يجري تهويد القضية ومن طرف جمعيات وأحزاب تعمل جهارا في اطار جمعيات صداقة بين الأمازيغ والإسرائيليين، وزيارات لبعض زعماء الحركة الى تل ابيب كما فعل الدرغني... في ظل كل ذلك اليس الواجب على الجميع مراجعة الذات والوقوف وقفة شامخة على الخلل الواقع في منظومة الحكم التي بلا شك لها تأثيرها البالغ على صيرورة المجتمع ومكوناته الإيديولوجية والثقافية والأسرية أيضا، بدل أن نحمل الأعداء مسؤولية ما يجري ونوزع العمالة والخيانة على المعارضين بالمجان... الموضوع طويل وفيه تداعيات كثيرة نواصل الخوض في غمارها بمحطة قادمة.