أسرار إحباطات بوش مع جنرالاته السابقين ورهانه المطلق على (حصان بيتريوس) بعد لقاء معسكر ارفيجان الحدودي !


 
 
عندما أثير نقاش ساخن بين مستويات عليا من مسؤولي الإدارة الأميركية، ودام لأشهر بشأن كيفية الإسراع بسحب عدد من القوات الأميركية، لم يغلق النقاش إلا سفر (بوش) الى معسكر "ارفيجان" القاعدة الصحراوية بالقرب من الحدود العراقية-الكويتية في شهر كانون الثاني الماضي ليجتمع وجها لوجه مع الجنرال (بيتريوس) الرجل الذي يُعده مستشاره في الحرب ويستمع الى تقييماته. 
 
ويقول (مايكل أبراموفيتز) المحلل السياسي في الواشنطن بوست: خلال جلسة 80 دقيقة، استجوب الرئيس الأميركي قائدة الأعلى في العراق فيما إذا كان إجراء تخفيض للقوات الأميركية، بالإضافة الى سحب القوات الإضافية المخطط لإكماله في تموز، سيتمان على حساب المكاسب الأمنية. وطبقاً لمسؤولين مطلعين قال (بيتريوس) إنه يريد الانتظار حتى الصيف ليقيّم الظروف، وأوضح (بوش) أيضا أنه سيدعم الجنرال باتخاذ أي إجراء سياسي حاسم.
 
وما لم ينشر من الكلام –يقول أبراموفيتز- قال الرئيس (بوش) الذي كان يقف الى جانب الجنرال (بيتريوس): "إن موقفي؛ إذا لم يرد هو الاستمرار في الانسحاب، فلا ضير في ذلك". وأضاف بوش قوله: "لقد قلت للجنرال: إذا أردت أن تبطئ فإن الأمر يعود لك".
 
وتؤكد الواشنطن بوست إن (بوش) الذي وضع كل بيضه في سلة الجنرال (ديفيد بيتريوس) متجاوزاً جميع القيادات العسكرية الكبيرة في سلسلة المراجع، لإعطاء (ديفي) –كما يدللـه- المنزلة المميزة في مشاورات البيت الأبيض بشأن الحرب في العراق، عمل –حسب مسؤولين سابقين في البيت الأبيض وضباط متقاعدين- بطريقة نادرة ولم يسبق أن فعلها رئيس أميركي مع قائد عسكري ميداني في تاريخ الولايات المتحدة. 
 
وهذه الروابط بين الرئيس وجنراله ستعرض في اختبار آخر جديد هذا الأسبوع عندما يبلغ (بيتريوس) والسفير (رايان كروكر) الكونغرس بشأن مستوى التقدم في العراق، وعندما يعلن (بوش) –كما هو متوقع- قراره بشأن مستويات القوة في المستقبل.
 
وحسب كل الروايات، فإن وجهة نظر الجنرال التي تقول إن الوضع الأمني يحتاج الى "مهلة توقف" هذا الصيف قبيل إمكانية الاستمرار بسحب قوات جديدة، هي المتداولة الآن في البيت الأبيض لكنْ من دون أن يعلن عنها أحد. ومثل وجهة النظر هذه تثير القلق لدى هيئة الأركان المشتركة ولدى آخرين في البنتاغون من أن "صحة" الجيش الأميركي برمته يمكن تتعرّض لنكسة إذا ما استمرت قوات كثيرة منها تقاتل في العراق.
 
واعتماد (بوش) على (بيتريوس) دفع مسؤولين عسكريين آخرين الى القلق والحيرة، وهيّج ديمقراطيي الكونغرس، إضافة الى خلقه حساسيات أخرى خاصة بعد أن غادر الأدميرال (وليم فوكس فولين) منصب رئيس القيادة المركزية الأميركية، ليحل محله الجنرال (بيتريوس).
 
ويقول السيناتور (كارل ليفين) رئيس لجنة القوات المسلحة إن (بوش) يجب أن يعتمد بشكل أساسي على نصيحة وزير الدفاع (روبرت غيتس) والأدميرال (مايكل مولين) رئيس هيئة الأركان المشتركة. فهم –برأي السيناتور- ليسوا فقط رؤساء الجنرال (بيتريوس) إنما لديهم رؤية واضحة بشأن الاحتياجات الأمنية القومية للولايات المتحدة، بما في ذلك أفغانستان، وأخطار تعرض القوات الأميركية للتضاؤل بسبب تمدد وسعة انتشارها.
 
وتنقل الواشنطن بوست عن مسؤولي الإدارة الأميركية قوله إنه لأمر طبيعي أن يعطي الرئيس وزناً إضافياً لآراء قائده الميداني، خاصة لجنرال ساعدت شهادته في الكونغرس خلال أيلول الماضي في إجهاض الجهود التي كانت تحاول فرض الانسحاب من العراق.
 
ويقول مسؤولون حاليون وسابقون أيضا في واشنطن إن (بيتريوس) قد كسب ثقة (بوش) على نحو كبير بسبب تحقيقه نتائج في العراق، بعد أن فقد الرئيس الثقة بالإستراتيجية التي نفذت عام 2006 من قبل وزير الدفاع آنذاك (دونالد رامسفيلد)، و(جورج كيسي) القائد الأعلى وقتها في العراق، والجنرال (جون أبي زيد) رئيس السينتكوم أي (القيادة المركزية) التي رشح الجنرال (بيتريوس) لمسؤوليتها.
 
ويومها شعر الرئيس الأميركي أنه محبط لا يستطيع الخروج بأي "وصف متماسك" من (أبي زيد) أو (كيسي) لكيفية قهر العدو حسب تعبير مسؤول أميركي سابق تحدث لصحيفة الواشنطن بوست. ويضيف المسؤول قوله: بعد العنف الطائفي الذي انتشر في بغداد، غضب (بوش) على كل مستشاريه العسكريين وعمل فقط مع من أيده في إرسال الـ 30 ألف جندي الإضافيين الى العراق السنة الماضية، وراح يبحث عن "قائد ميداني" جديد الذي يكون معه على خط أفكاره ذاتها لاختيار الطريقة الأفضل في شن الحرب.
 
وفي مقابلة –تقول الواشنطن بوست- رفض وزير الدفاع الأميركي (غيتس) فكرة أن (بيتريوس) له حضور غير عادي في البيت الأبيض، مشدداً أن (بوش) يسمع الأفكار المتسرّبة من لاعبين عسكريين كبار عديدين، و(بيتريوس) رئيس القيادة المركزية الذي حقق منظوراً أوسع في الشرق الأوسط؛ وهيئات الأركان المشتركة هم جمعياً المسؤولون عن صحة الجيش ومتانته، و(غيتس) نفسه.
 
وأوضح (غيتس) قوله: "أنا أريد أن أؤكد أن الرئيس لا يسمع فقط الى صوت واحد. وأؤكد أن بيتريوس ليس له خط خاص مع الرئيس".
 
ويرى آخرون أن اعتماد (بوش) على (بيتريوس) كجزء من نمط أكبر، أي أنه "جزء من طراز الإدارة العامة لحكم الرئيس بوش في ترك المسؤولية للمستويات الأدنى وعدم التدقيق عليهم في القضايا الحاسمة" بحسب تعبير (كينيث أدلمين) المسؤول في فترة الرئيس (ريغين) الذي يختلف في رؤيته للحرب عن (رامسفيلد) و(تشيني) ولهذا يؤكد (أدلمين) أن الحرب التي شنت على العراق دارت كما أرادها وزير الدفاع السابق (دونالد رامسفيلد) ثم كما أرادها الحاكم الإداري (بول بريمر) والآن تدار كما يريدها (بيتريوس).