سليم عبود - انتقال معادلة الخوف !


هل انتقل الخوف واليأس والقلق إلى الجانب الاسرائيلي..

هل يدفع القلق بإسرائيل إلى تغيير نهجها العدواني باتجاه ثقافة السلام..‏

أم أنه سيدفع الخوف والقلق إلى الهروب نحو حرب جديدة.. وهل المناورة الاسرائيلية التي تقام اليوم في اتجاه الحرب أم باتجاه الهروب من الخوف?!‏

وهل وصل القلق باسرائيل إلى الشك برعاة الأغنام على أنهم جواسيس لحزب الله وسورية?‏

الاجابة على هذه الأسئلة هامة لأنها تعبير عن واقع تعيشه اسرائيل.. واسرائيل التي قامت على القتل وزرع الرعب والتخويف, والتظاهر بالقوة والتفوق وبأن الشعب اليهودي هو شعب الله المختار, إن الله سيقف معه ليحقق له كل أحلامه بقتل الشعوب استمرت منذ قيامها على هذا السلوك الإرهابي الدموي العدواني لجعل العرب مهزومين نفسيا ويائسين, وقد كانت حروبها السابقة تصب في هذا الهدف لخلق حالة من الهزيمة الدائمة لدى العرب, فبعد حرب حزيران الصاعقة عام 1967 قال موشي ديان لن تقوم للعرب قائمة قبل خمسين عاما.‏

قد دأبت بعض وسائل الإعلام العربية, وبعض المثقفين العرب بقصد أو بدون قصد منذ سنوات على إظهار اسرائيل كقوة تدميرية هائلة تطال أي هدف في العالم العربي, ولا أحد يستطيع الوقوف في وجهها, وأن الحل لدرء عدوانها هو في التراكض إليها ورفع الراية البيضاء لها, لأن العين العربية بحسب رأيهم غير قادرة على مقاومة المخرز الاسرائيلي الذي تمسك به قبضة أميركا وأصابع الغرب وصمت العالم.‏

ثقافة الرعب هذه راحت تتسع, ووسائل الإعلام في الغرب المرتبطة باسرائيل وأميركا وبعض وسائل الإعلام العربية وبعض الجهات السياسية راحت تروج لها, لأن هزيمة العرب لن تتحقق إلا بجعلهم يعيشون الهزيمة في كل مناحي حياتهم, وسلاح اليأس هو أكثر الأسلحة تأثيرا في الأمم التي تتعرض للاحتلال, وقد ساهمت ثقافة الهزيمة على مدى سنوات في خلق الأ رضية المناسبة لترويج سياسة تفكيك العالم العربي كما يحدث الآن بفعل الأصابع الأميركية, وخلقت مناخا لتراكض بعض الأنظمة للمرور الى اسرائيل بشكل مباشر أو عبر الشرايين الأميركية وتصنيف العرب إلى معتدلين ومتطرفين, وبتعبير حقيقي إلى عرب أصابهم الخوف, وإلى عرب ظلوا متمسكين بأسلحة النضال والمقاومة ليس لتحرير الأرض ومواجهة الخطر الاسرائيلي الذي يتجاوز الأرض إلى الوجود العربي لإلغائه وتدميره لقيام المشروع الصهيوني على حساب الجغرافيا والتاريخ والثقافة والدين, أي العمل على تمرير ثقافة قيام الوجود الصهيوني, كما حدث من قبل إذ تم الترويج على أن فلسطين شعي من دون أرض, وأن اليهود شعب من دون أرض, إنهم أصحاب فلسطين ومن حقهم العودة إليها.‏

بعد حرب اسرائيل على لبنان في تموز 2006 راحت معادلة التخويف الاسرائيلية تنحسر, إذ نجحت المقاومة اللبنانية في مواجهة الجيش الاسرائيلي والنجاح الأكبر كان في انتقال معادلة الرعب والتخويف واليأس إلى الجانب الصهيوني, وتقرير فينوغراد, وما تنشره الصحف الاسرائيلية من تقارير استخبارية عن قوة المقاومة وعن صواريخها التي يمكن أن تطال عمق الأراضي العربية المحتلة من الشمال إلى ديمونة مقر المفاعلات النووية الصهيونية, وعن تنامي القوة السورية الصاروخية, إضافة إلى أخبار تروجها اسرائيل عن تغيير الجيش السوري في أساليبه العسكرية تصب في هذا الاتجاه.‏

فقد قال المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت اليكس فيشمان, إن اسرائيل تلحظ توترا في الجانب السوري من الحدود, ما يشير الى ان دمشق قد تكون على علم بعملية ثأرية تتحضر, أو أنها شريكة فيها. وقد نشرت الصحف الاسرائيلية مؤخرا اخبارا عن تحركات لحزب الله والجيش السوري على طول الحدود الشمالية, وكل ذلك مرده الى حالة القلق التي تعيشها اسرائيل بطريقة لم تعرفها من قبل.‏

إن تأكيد السيد حسن نصر الله على أن دم الشهيد عماد مغنية لن يذهب هدرا, وأن الثأر لدمه في الزمان والمكان المحددين جعل الاسرائيليين منذ اغتيال مغنية إلى الآن في حالة خوف وقلق وترقب ليس في اسرائيل وحسب وإنما في العالم كله, إذ نبهت على رعاياها وسفاراتها ومصالحها في الخارج التنبه والحذر, واعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك خلال جولة تفقدية على الحدود الشمالية مع لبنان أمس أن حزب الله لا يكف عن تدبير المؤامرات, فيما أشار رئيس الأركان غابي أشكنازي إلى أن الحزب لم يسقط من حسابه الرد على اغتيال عماد مغنية وقال إنه لا يستبعد أن يكون هذا الرد عبر الحدود أو بواسطة جهة أخرى.‏

وأشار باراك إلى التقديرات الشائعة في اسرائيل حول تعاظم قوة حزب الله قائلا (نواصل مراقبة كل ما يجري في الخط الثاني من الحدود) وأوضح باراك أن قوة حزب الله تعاظمت وكذلك تعاظمت قوتنا. وفي هذه الأثناء يتجنب حزب الله القيام بأي فعل ( ولكن ثمة يقظة واستخلاص عبر) مشددا على أن هناك عملية استخلاص العبر من الحرب الأخيرة والجيش يقف مستعدا ومتأهبا لمواجهة كل الاحتمالات. وردا على سؤال حول مقدار احساس اسرائيل بانتشار حزب الله بعد اغتيال القائد العسكري في المقاومة الاسلامية الحاج عماد مغنية, أجاب باراك إن الجيش الاسرائيلي يستعد لمواجهة كل الاحتمالات وعندما ننظر إلى الهدوء الريفي المحيط ندرك أن أشياء تجري تحته. ونحن لاننشغل بالتخمينات ولكننا منتشرون من هار دوف ( مزارع شبعا) وحتى القطاع الغربي, وإذا ما برزت تحديات فسنعرف كيف نتعامل معها.‏

إن اسرائيل تمر في وضع نفسي صعب وعلى العر ب الاستفادة من هذا الوضع بإعادة ثقتهم بإمكاناتهم وبأنفسهم.‏