كلنا دمشقيون.. !

 قمر كيلاني*
 
هل هو عتاب.. أم سؤال يحتاج إلى جواب? ذلك أن أحد القراء كتب إليّ يقول: لماذا تتوالى مقالاتي عن دمشق بالتحديد? ولماذا تبرز الاسماء الدمشقية بشكل واضح من الماضي والحاضر?..

وها أنا أريد أن أشير إلى التزامي الشخصي كدمشقية,وخلال هذا العام للعاصمة الثقافية أن أكتب عن دمشق ..وفاءً وولاءً وحباً وانتماءً لكننا نحن السوريين.. دمشقيون بشكل أو بآخر أليست دمشق عاصمتنا جميعاً? ألم تكن جامعتها في الخمسينات هي الوحيدة في القطر? ألم تكن المعاهد العليا والكليات النوعية والمتخصصة بما فيها العسكرية في دمشق? ومن هم الذين تخرجوا منها? أليسوا أولئك الذين كانت لهم قيادة الوطن.. وهموم الوطن.. والدفاع عن الوطن? ثم إن الذين عاشوا فيها ويملكون البيوت والمصالح والمزارع أكثرهم من الذين أقاموا فيها حتى دون التفكير بالرجوع إلى بلدانهم.. فما بالنا بأولادهم الذين تشبعوا بالروح الدمشقية واعتبروا دمشقيين?.‏

وأنا لا أتحدث عن دمشق التي تستقطب دائماً النابهين والنابغين في العلوم والفنون ..وكذلك المبدعين في الفن, والشعر,والأدب,وأيضاً في الصحافة,والاعلام,والتمثيل بشكل ليس له مثيل.‏

ودمشق دائماً هي الأرض الطيبة الصالحة التي تأتي إليها البذور..فتكون الاشجار السامقة أو الورود والزهور.دمشق هي الواحة الظليلة والحنون.. والتي تسقي من الينابيع أكثر مما يظنون حتى أن كل من يقصدها للاستراحة لكونها واحة لايعود يريد عنها فراقاً.. ولايريد بينه وبين أهلها عداء أوشقاقاً.‏

دمشق هي دائماً البوتقة التي تنصهر فيها كل أنواع القطع الذهبية.. فتغدو سبيكة خالصة تعلن عن نفسها أنها دمشقية.. ومن يستطيع أن يفرز الدمشقيين الأصلاء عن الذين اندمجوا فيها من سائر المدن السورية أو حتى من البلاد العربية كإخوة وأشقاء?.‏

ودمشق ذات سر..كما السحر.. وليس من يعيش فيها إلا ويصبح عاشقاً لها.. وأن كثيراً من الذين سكنوا فيها من الاجانب لمهام مختلفة مهنية,أو تجارية, أو حتى ثقافية,أوفنية لم يغادروها بعد أن انتهت أعمالهم أو مهامهم ..وفضلوا العيش فيها كسائر أبنائها ولعلي أعرف أو عرفت بعضاً من هؤلاء .. من لبنان,ودول المغرب العربي,وباكستان,ومن الشرق الآسيوي,والغرب الأوروبي.‏

ولما استغربت.. ولا استغرب عندما يميزونها بالمديح والثناء.. وبما يجدونه فيها من أمان وهناء .ولو كان لدمشق هوية خاصة بها لطالبونا أن نمنحهم هذه الهوية.. وهم يحرصون أكثر مايحرصون للحفاظ على التقاليد الدمشقية.. بل على اللهجة الدمشقية التي يرون فيها العذوبة والندى, وأن العربية الأصلية هي الصوت ولهجة دمشق هي الصدى.‏

كلنا إذن دمشقيون.. ودمشق أرحب مما نعرف أو يظنون رغم أنها ليست من العواصم الكبرى لكنها الأخت الكبرى .. وقد عبر أحد المؤرخين عنها لتوغلها في القدم..لأنها أم الأمم بقوله: لكل إنسان في العالم وطنان.. وطنه الأصلي وسورية ( وتختصر في دمشق).‏