الرئاسة الأوروبية: لا حل نهائياً في المنطقة دون سورية...الأوروبيون يستعدون للعودة إلى أبواب دمشق «جماعة» !

«يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعير أهمية خاصة لدور سورية في المنطقة»، بهذه العبارة توجه وزير خارجية سلوفينيا، ديمتري ريبل، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، بالحديث إلى البرلمانيين الأوروبيين قبل أيام، في معرض عرضه لتقرير حول مجريات الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية المنظومة الموحدة عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
ولا تعتبر تصريحات وزير الخارجية السلوفيني «حدثاً معزولاً أو مبادرة مفاجئة» لو وضعت في سياق عمل الساسة الأوروبيين الذي يسعون إلى الاضطلاع بدور رئيسي في إيجاد حل دائم وشامل للصراع في الشرق الأوسط، تنفيذاً لمقررات مؤتمر أنابوليس للسلام، تشرين الثاني 2007، ويعربون، في كل مناسبة، عن تأييدهم لمؤتمر موسكو القادم، الذي يصب أيضاً في خانة العمل على إقامة سلام شامل في المنطقة، بعد أن كانت فكرته الأساسية بحث قضية الجولان السوري المحتل.
ولمعرفة مزيد من التفاصيل حول ما قاله الوزير ريبل، الذي أكد، في المناسبة نفسها، ضرورة أن ينسق الاتحاد الأوروبي، دولاً ومؤسسات اتصالاته المستقبلية مع دمشق، ، توجهت «الوطن» بالسؤال إلى الناطقة باسم الرئاسة السلوفينية للاتحاد الأوروبي مايا كوسيانيتش، فأكدت أن الرئاسة ترى أن سورية يجب ألا تعزل، ولا حل نهائياً في المنطقة ما لم يؤخذ دور دمشق بالحسبان.
كما أعادت الناطقة التشديد على قناعة سلوفينيا، كرئيس حالي للاتحاد، أن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكذلك المؤسسات الأوروبية أن تتحدث مع دمشق بصوت واحد.
ورداً على سؤال حول طبيعة الموقف الآن، أجابت مايا كوسيانيتش، ما يجري ليس التحضير لفرض شروط جديدة على دمشق، بل العكس، فتح باب جديد للحوار معها، «انطلاقاً من موقف موحد هذه المرة»، «تعرفون أن هناك عدة دبلوماسيين أوروبيين زاروا دمشق في السابق، رغم عدم وجود وضوح في الرؤية تجاهها في ذلك الوقت»، موضحة بأن ما يجري الآن هو نقاش، ومن المبكر الحديث عن خطوات محددة، «نأمل أن نراها في الوقت المناسب»، حسب تعبيرها.
ولكن موقف الرئاسة الحالية للاتحاد، الذي أطلق أمام البرلمانيين الأوروبيين، لن يبقى دون صدى، فسيكون حاضراً في الجلسة التي يخصصها أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الجهاز التشريعي الأوروبي، بعد يومين، للاستماع إلى تقييم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، لآخر تطورات الوضع في المنطقة، حسب تعبير مصدر في البرلمان الأوروبي، «هناك أصوات برلمانية تشاطر الرئاسة رؤيتها، وستسعى إلى دعم هذا التوجه على أرض الواقع»، حسب المصدر نفسه.
ما عبر عنه وزير الخارجية السلوفيني، يعتبر الموقف الأكثر وضوحاً حتى الآن بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي، إذ إن التعبير عن مواقف باقي الأطراف ما زال يأتي عبر عبارات «ضبابية»، وإن لم تبتعد كثيراً عما يجري الحديث عنه، ومن ذلك تأكيد المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الخارجية وسياسة الجوار بينيتا فيريرو فالدنر، «بأن لسورية دوراً مهماً في المنطقة»، متابعة بإضفاء صيغة «شرطية» على كلامها، «بالنسبة لنا أوروبيين، يجب على سورية أن تلعب دوراً بناءً وفاعلاً في كافة الملفات المتعلقة بالشرق الأوسط، حتى نستطيع التقدم أكثر في علاقاتنا معها»، في إشارة من قبلها إلى أن الاتحاد لم يصدّق حتى الآن على اتفاق الشراكة والتعاون الموقع بين بروكسل ودمشق في تشرين الأول 2004.
أما السؤال المطروح الآن، فيتمحور حول قدرة الرئيس الحالي للمنظومة الأوروبية الموحدة، سلوفينيا، على جعل فكرة «العودة الأوروبية إلى دمشق» حقيقة واقعة، أم إن الأمور ستترك لفرنسا (تتولى رئاسة الاتحاد خلال النصف الثاني من العام الحالي)، الطرف الأقوى، الذي بدأ منذ الآن بإطلاق أفكاره حول إمكانية إشراك حركة حماس الفلسطينية في الحوار باتجاه الحل الشامل وتأسيس اتحاد من أجل المتوسط يأخذ بالحسبان الصراع العربي- الإسرائيلي ولكنه لن ينتظر، بالضرورة، الحل ليطلق مشروعاته باتجاه الضفة الجنوبية للمتوسط.