دوامة الكذب والنفاق !


(المنافق هو من هانت عليه نفسه بقدر ماعظمت فيه منفعته) ,ومن أبسط علامات النفاق أن بعض شركات الإنتاج التلفزيوني ترفع شعار (مايريده الجمهور) بغاية الكسب المادي بمعنى أن الجمهور يرتاح للمألوف أي للجمود ,

والجمود انهزام أمام التطور ومن أبخسها أن ثمة محطات تلفزيونية أمريكية بلبوس عربي لمالكين عرب تعرض برامج بعيدة عن الحضارة والمثاقفة وسياق القيم الأخلاقية تستفز بها الأحاسيس وخصوصاً جيل الشباب, تجعل أمريكا نموذجاً متألقاً للحرية (المطلقة!) حللها مقال عنوانه ( في بيوتنا عدوّ لنا يهدم ديننا وأخلاقنا) نشر على ( الانترنت) لباحث أكاديمي.‏

يقول الناقد الانكيزي (غراهام هو ) إن الفن ( تخييل) بمعنى أنه واقع افتراضي كما هي الحال في رواية ( الطاعون) التي نال عليها ( ألبير كامو) جائزة نوبل للآداب قال عنها الناقد الفرنسي ( ألبيريس ) إنك عندما تقرأ الرواية, تتلمس تحت إبطك خشية أن يكون الطاعون قد تسلل إليك رغم أنك تعلم مسبقاً أنه لم يكن موجوداً في وهران عاصمة الغرب الجزائري فضاء تلك الرواية,وإذا كانت الواقعية بكل أجناسها مرآة للحياة فإنها تعيد بناء الحياة وفق أهداف يسميها الناقد الاميريكي الجنوبي (لايوس إيجري) فكرة أساسية أو مقدمة منطقية تدعِّم العمل وترسخه في نفوس المتلقين وهاهنا تكمن خطورة البرامج التلفزيونية الامريكية.‏

لقد تمرست أمريكا في حربها على الشعوب بحرب يتساوق فيها الغزوالاقتصادي والعسكري مع الغزو الاعلامي الذين ينبني على الكذب الفاضح كالتذرع بأسلحة الدمار الشامل لغزو العراق وعندما افتضح تحول ببساطة إلى ذرائع متوالية نفت الصدق وجعلت الكذب قيمة أخلاقية, وإن ( بوش) عندما يقول مؤخراً إننا نتعهد أن نؤمن للعراق الحرية والدواء والأمن بعد أن خربّه وحاول محوه عن الارض ,نراه يجدد بمبالغ خيالية عقد عصابات ( black water) المزودة بسائر أصناف الاسلحة الخفيفة والثقيلة والطائرات المروحية ومهمتها تنحصر في خلط الجريمة بالدفاع عن الوطن, مرتكبة فظائع بحق النساء والاطفال يندى لها جبين الوحوش الضارية و الغاية حماية إسرائيل وابتزاز البترول بتشويه صورة ( الإسلام) وثمة دليل آخر أن ( بوش) لكي يتهرب من اعتراض (بوتين) على الدرع الصاروخية دعاه في رومانيا مؤخراً أن تنضم روسيا إلى ( الناتو) لتعبئة الجهود في مواجهة ( الإرهاب!) الذي يزداد خطره يوماً بعد يوم ملمحاً إلى إيران لكنه لا يعني سوى الاسلام وشن حرب صليبية جديدة.‏

إن المحافظين الجدد المتصهينين يتعاملون معنا بطريقة المصارع المتمرس ,يوجهون إلينا الطعنات بسيوفنا وأموالنا وقد غدت دولنا (كرات أرضية ) هائمة في أفلاكهم معزولاً بعضها عن بعض.‏

 عبدالنبي حجازي*