(رند) العراقية قتلها والدها غسلاً للعار بسبب (علاقة غرامية) مع جندي بريطاني واعتقل في مركز الشرطة لساعتين

 قادها حبها للغة الإنكليزية التي تدرسها في جامعة البصرة الى أن تشارك في حملة لمساعدة العوائل المهجرة من بيوتها. وهناك التقت الجندي البريطاني الذي أنشأت معه علاقة -ربما تكون بريئة بحكم العمل وبحكم قدرتها على التحدث  باللغة الإنكليزية- لكنها برأي أبيها وأخوتها غير ذلك فكان مصيرها القتل غسلاً للعار.
 
تقول صحيفة الأوبزرفر: قتلت بنت بصرية عمرها 17 سنة من قبل أبيها في عملية "حماية للشرف" أو "غسلاً للعار" كما تسمى عشائرياً، بعد أنْ وقعت في حب الجندي البريطاني، وقد عثر على (رند ع. ق) مخنوقة ومطعونة من قبل أبيها الذي أعطى الأمر فيما بعد بدفنها من غير أية اجراءات رسمية أو طقوس لتأكيد "خزيها". وأطلقت الشرطة سراح أبيها بعد توقيفه لساعتين من دون أن توجّه له أية تهمة.
 
يقول العريف (علي جبار) من شرطة البصرة لمراسل الأوبزرفر: "ليس كثيراً ما نستطيع فعله عندما نواجه حالة جريمة القتل غسلاً للعار. فنحن في مجتمع مسلم والمرأة يجب أن تعيش تحت القوانين الدينية. والأب له ارتباطات جيدة مع حكومة البصرة وليس صعباً عليه أن يطلق سراحه وأن يُتناسى ما فعله بسهولة".
 
وخلال التحقيق الصحفي الذي أجراه مراسل الأوبزرفر لتقصي حالة قتل (رند ع. ق) علم من اللجنة الأمنية في البصرة أن 47 من البنات والنساء قتلن السنة الماضية تحت بند "جرائم الشرف". وكانت حالة قتل (رند) هي الحالة الوحيدة التي يكون فيها جندي بريطاني طرفاً.
 
وتلوم الصحيفة وزارة الدفاع البريطانية لأنها لم تقدم لجنود قواتها في البصرة النصائح الكافية بشأن المجتمع العراقي وكيفية التصرف مع النساء والبنات في العراق. وقالت الصحيفة إن الجندي البريطاني لم يُخبر بأن إقامة علاقة مع بنت عراقية يمكن أن يؤدي الى مخاطر كبيرة تصل الى حد قتلها.
 
وكانت (رند) طالبة في قسم اللغة الإنكليزية في جامعة البصرة، فبدأت بعلاقة غرامية مع جندي مشاة بريطاني بعمر 22 سنة، عرف باسم (بول Paul). واستمرت العلاقة طبقاً لما تقوله الصحيفة لمدة الشهور الخمسة التي سبقت قتلها من قبل أبيها في شهر آذار الماضي.
 
ويُعتقد أنها رأته لآخر مرة في شهر كانون الثاني، والاثنان كما تقول الصحيفة كانا بريئين، إذا اجتمعا فقط عندما عملا في مركز للمساعدة. كان الجندي يساعد في إيصال المعونات الى العوائل المهجرة كجزء من واجبات كتيبته. وكانت (رند ع. ق) متطوعة في هذا المجال.
 
ويقول مراسل الأوبزرفر في البصرة: في اليوم الذي أخبر فيه (أبو رند) عن العلاقة بين ابنته وبين الجندي البريطاني، اتهمها بالمعاشرة معه، ولهذا قتلها أمام زوجته (ل) وأبنائه.
 
وتنسب الصحيفة الى أمها (ل) روايتها لتفاصيل أخرى –يُعتقد أنها مستلة من تحقيقات الشرطة- وقولها: "لقد صرخت واستنجدت بإخوانها لكي يبعدوا أباهم عنها. ولكن عندما أخبرهم السبب، قاموا بمساعدته في إنهاء حياتها بدلاً من إنقاذها".
 
وبعد ذلك تركت المرأة زوجها فقد انفصلت عنه، لكنها تتلقى حتى الآن تهديدات من عائلة الزوج بقتلها لأنها تعمل الآن في منظمة غير حكومية تشن حملة ضد عمليات القتل غسلاً للعار.
 
ويرى أستاذ في الجامعة يدرس مادة علم الاجتماع –رفض الكشف عن اسمه بسبب حساسية الموضوع- أن تعقيدات "القتل غسلاً للعار" كثيرة جداً، وهي تتنفس وتنتشر بغياب القانون وبسواد القيم العشائرية و"الدينية الشعبية" المتخلفة.
 
وعلق على تقرير الأوبزرفر بقوله: إن عريف الشرطة يصوّر الحالة بأنها انعكاس لمجتمع ديني، وفي الحقيقة إن الدين "أي دين" وليس الدين الإسلامي وحده بريء من مثل هذه الجرائم، لأن هناك اشتراطات محكمة في الكيفية التي تعالج فيها أحكام الدين الإسلامي مثل هذه الحالات. أما الذي نراه في مجتمعات البدو والأرياف والمدن التي تسودها القيم العشائرية المتخلفة (إذ أن هناك قيماً عشائرية ترقت مع الزمن ومعترف بأهميتها لحفظ المجتمعات وحماية مصالحها)، فهو من قبيل الأعراف الموروثة التي يحمي بها الرجال سمعتهم الاجتماعية، فالرجل في مجتمعاتنا يزني عشرات المرات ويبقى شريفاً، أما المرأة فلها حساب آخر، بل غالباً ما يسقـّط الرجال المرأة، ليقولوا عنها زانية. وهذه كلها تعقيدات لا يمكن أن يعالجها إلا سيادة القانون المدني في المجتمعات. 
 
وأكد أستاذ علم الاجتماع أن الذي يُدان هنا هي المؤسسات الحكومية، أما الأب القاتل أو الأخ غسلاً للعار فهو أيضا ضحية للتقاليد الموروثة التي نشأ عليها لأنّ المجتمع في النهاية لا يرحمه وسيحمّله "العار" إن لم "يغسل عاره" بيديه وتلك هي واحدة من التعقيدات الخطيرة في المجتمعات المتخلفة. وأكد الأستاذ الجامعي قوله: إننا بالطبع نتحدث عن قضية علاقات اجتماعية وليس عن "علاقة جندي احتلال بامرأة من شعب محتل"، تلك مسألة أخرى.