نكتـة ذريـة


محمد عبد الرحمن
غالباً ما تأخذني الضحكة عندما تتناهى إلى مسامعي كلمة (ذرية) ، فهي تسحبني من فوري إلى شاشة الذاكرة متفرجاً على النجمين الظريفين سميرغانم وجورج سـيدهم (رحمه الله) وهما يتجليان معاً في واحدة مما أعتبرها من أطرف اللقطات الكوميدية العربية على  الإطلاق .
ففي مسرحيتهما الشهيرة (المتزوجون) ورداً على تسـاؤل زوجته عما يعنيه تخصص بكالوريوس (كيمياء الذرة) الذي يحمله صديقه جورج سيدهم يتخذ سميرغانم بحركات جسمه ووجهه وأطرافة وضعية خرقاء غاية في الإستهزاء قبل أن يجيب بمصرية خفيفة الدم وبمغالات مفرطة تكاد أن توقعنا على أقفيتنا من شدة الضحك : يعني هو عالـِم زرّاط ....، عالـِم زرّاط فظيع .. مش سهل.
هذه الطرفة ، في الحقيقة الدقيقة والواقع الفاقع ، لاعلاقة لها (إلا من باب الضحك كمداً) بالقنبلة الذرية العربية التي لولا أن أسقطتها صواريخ الطائرات الإسرائيلية في سبتمبرالماضي من رحمها السوري وهي بعد في يومها الأول لكان العالم سيشهد حتماً ولادتها بعد تسعة أشهر من ذلك التاريخ (أي في أيارنا هذا) بحسب شهادة الموساد والسي.آي.أيه والبنتاغون والأف بي آي والمعارض الوطني أحمد الجلبي اللاسوري ( لا ذاك اللاعراقي) ووليد بيك جنبلاط وغوغل إيرث . وبمناسبة الحديث عن غوغل إيرث فقد دفعني فضولي اليورانيومي وطموحي السياحي وعجزي الإنترنيتي إلى الإستعانة بإبنتي الصغيرة لكي تعينني على التفتيش في أحشاء البطيخ العربي بحثاً عن بزرة أو حَبـّة ذرية أخرى من شأنها أن تغير مجرى حياتي ..، قلت لصغيرتي : بابا ، قناة عمّوعبدالرحمن الراشد لا تنفك تتفلسف علينا بخرائط الغوغل إيرث لكي تثبت للدنيا أنها كانت أسرع من الأمريكان في اكتشاف البزرة الشامية التي وقانا إيهود أولمرت بعد الله من شـرها فنجت البشرية من فناء محقق كان بالتأكيد سـيحرمها من متعة متابعة مسلسل (صناعة الموت) ، أفلا ترشدين باباك إلى سواء السبيل الغوغلي لعله يقع على بزرة ذرية عربية غير تلك السورية فيفوز بالسّبق الإستخباري وتالياً بالغرين كارت ومكافأة الكونغرس الأمريكي ووسام الكنيست الإسرائيلي فنعيش عيشة سعيدة ونشتري طاقم جريدة ونأسس معارضة وطنية عتيدة ستكون عودتها المجيدة إلى منطقة خضراء جديدة في حال فوز المرشح الجمهوري (جون مكيده) برئاسة أمريكا مئة بالمئة أكيدة ؟.
وبالفعل ، إن هي إلا بضعة دقائق غوغلية إيرثية حتى كان الماوس الواقع تحت مخالب قطتي الصغيرة قد توقف عن الحركة ما أن وصل إلى مربع صحراوي اللون بنصف حجم شاشة الكومبيوتر تتوسطه بقعة حمراء بأبعاد وشكل علبة كبريت ، إنما بقدر ما كانت دهشتي تتعاظم كانت كذلك خيبتي كلما راحت علبة الكبريت تكبر وتكبر حتى إذا ما وصلت في مساحتها إلى ما يقرب من كامل أبعاد الشاشة أخذتني الصيحة : ماهذا يا ملعونة إنه يشبه بيتنا؟!... فأجابت بابسامة خبيثة لا أخبث منها سوى حركة كفيها حين غطت بهما أنفها وفمها كما لو أنها تحاول تفادي استنشاق عاصفة ميثان : إنه كذلك يابابا .. إنه بالفعل بيتنا .
كنت أنا قد (فعلتها) مصادفة لا على طريقة جورج سيدهم المدوّية بل بكتمان شديد ، لكن هذا لم يمنع الأقمار الصناعية (التي لم ولن تكتشف موقع مفاعل ديمونة) من الوصول الفوري الفاضح إلى مفاعلي الذري كما سترون غـداً في بانوراما قناة العربية.