لماذا الصين...?!

 أسعد عبود
رغم عمق اللقاء الحضاري العربي - الصيني, ورغم أن الصين تذكر في أمثالنا وحكاياتنا وأدبياتنا, فهي تبدو كقارة شبه مجهولة, ولعل العرب يبدون كذلك بالنسبة للصينيين, توجد تجارة نشطت إلى مستوى جيد(86 مليار دولار الرقم الجديد للتبادل التجاري بين الصين والدول العربية) ويوجد تعاون علمي وسياحي وحتى سياسي ... لكن ... بتقديري أن الأجواء المحيطة بالأمتين في الداخل والخارج تشكل تربة خصبة لقبول المعلومات غير الدقيقة عن أي منهما من قبل الآخر, علماً أن العلاقات التاريخية الحضارية تربة خصبة لإقامة أحسن أشكال التعاون والتفاهم ...

لماذا...?!‏

هو الإعلام تماماً, نقطة اللقاء التي تحتاج إلى توسيع أكبر بكثير, لتناسب مستوى العلاقات السياسية, ولتتماشى في تطورها مع تطور العلاقات التجارية, التي نتوقع لها المزيد من النمو المطرد, بحيث قد تكون الصين هي الشريك التجاري الأول و الأهم للدول العربية في فترة قريبة, وكذلك العرب بالنسبة للصين.‏

في هذا الإطار, إطار اللقاء الإعلامي, الذي تواجهه عدة صعوبات وتحديات ,في طليعتها على الإطلاق السيطرة الغربية على توريد وتسويق المعلومات وقنوات الاتصال, عقدت الندوة الأولى للتعاون الصيني - العربي في بكين /23-26 نيسان الجاري/ ووضعت لها هدفاً يتمثل بدفع التعاون الإعلامي من أجل تعزيز الصداقة الصينية العربية, جاءت الندوة باستضافة كريمة من مكتب الإعلام في مجلس الدولة الصيني, وبتنظيم وترتيب مشترك مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية, و مجلس السفراء العرب في بكين (عميد السفراء العرب هو السفير السوري) وقد شهدت حوارات جدية تناسب ما اتفق عليه أنها ندوة تأسيسية, تقرر أن تتوالى اجتماعاتها مرة كل سنتين.‏

هذه حدود ما سأقدمه عن الندوة, وكل شيء رهن بالمستقبل, إنما على هامشها, ومن خلال ما رأيت وسمعت, تواجه الصين ضغطاً غربياً فعلياً, تتمثل صورته الراهنة بمحاولة إعاقة إقامة دورة الألعاب الأولمبية في بكين أقول: إعاقة, وليس منعاً, لأنها ستقام بالضرورة, وأتخيلها ستكون متميزة, وأتوقع ألا تغيب عنها أي دولة, رغم شدة المحاولات التي بذلت في هذا الاتجاه!!‏

والسؤال لماذا..?!‏

لماذا توظف دول عظمى كالولايات المتحدة كل هذه الجهود لإعاقة دورة رياضية متفق على إقامتها في الصين منذ سنوات عديدة..?! بل قبل ذلك, لماذا يحاولون فرض السياسة على هذا النشاط الإنساني العالمي الثقافي الحضاري العلمي ( الدورة الأولمبية) ولاسيما أن لهم تجربة فاشلة في هذا المجال, في موقفهم من دورة موسكو الأولمبية! ذلك هو السؤال الرئيسي بغض النظر عن دقة الأسباب السياسية التي يثيرونها! هل يزعجهم مثلاً أن تكون الدورة الأولمبية مضماراً عالمياً تتساوى في شروطه وعلى مساراته كل دول العالم..?!‏

دفعة واحدة طالعتهم ضد الصين حقوق الانسان, ومسألة التيبت, وقضية دارفور, وقبلها كانت محاولة ما في تايوان.. وهم لا يجهلون أمرين:‏

1- إن الصين أكثر الدول, بل هي الوحيدة الجديرة بمعالجة كل هذه الأمور.. لأنه شأنها.. وهي دولة قادرة تقود أمة عظيمة في أفضل طرق التنمية والعصرنة.‏

2- إن محاولة تسييس الدورة الأولمبية خطر حضاري وثقافي.‏

لقد يسرت لنا زيارتنا للصين لقاء كبار الشخصيات الإعلامية الصينية, بينهم السيد وانغ تشين مدير مكتب الإعلام, التابع لمجلس الدولة الصيني وهو يعادل وزير الإعلام, الذي أكد رغبته في زيارة سورية, يسرت هذه الزيارة, التعرف على ما تبذله الصين من جهود كبيرة في سبيل التنمية, وإقامة علاقات تعاون سلمية مع دول العالم, وحفظ مكان للأمة الصينية تحت الشمس.. وإنها إذ تقترب من دائرة المستوى الأعلى للتطور الدولي تثير حفيظة الغرب.‏

لقد زرنا موقع إقامة الألعاب الأولمبية حيث البنى شامخة وحيث الجهد الصيني يرسم آيات جمال وتألق على الأرض, فهل كان هذا التألق القائم والمنتظر سبباً لمحاولات الإحباط الغربية.. وخصوصاً الأمريكية?!‏