العراق المهدد والمستقبل المجهول..

غالب حسن محمد
خمس سنوات مرت على الاحتلال الأنكلو أميركي للعراق ومع ذلك وكلما جاء نيسان... هذا الشهر الجميل.. كلما حمل إلينا ذكريات ما قبله... وكلما احتار المرء من أين يبدأ في المسألة العراقية والموضوع العراقي..?

لا يختلف اثنان عاقلان منصفان أن الاحتلال الأميركي للعراق هو سبب كل المآسي والمصائب التي يعيشها العراق حالياً ويبدو أن هذا الاحتلال اللئيم لم يتعلم حتى اليوم العبر والدروس عبر السنوات الخمس التي مرت والتي كلفته وكلفت العراق ثمناً باهظاً, عسكرياً, واقتصادياً- سياسياً, اجتماعياً. والأرقام تعكس حقيقة ما نقول وقد سبق ذكرها في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ولا داعي لتكرارها..‏

وربما كان الدرس الوحيد الذي تعلمه الأميركان وشركاؤهم في غزو العراق أنهم (لم يتعلموا شيئاً أبداً).‏

أسئلة كثيرة يطرحها الغربيون خاصة الإنكليز - حول مجريات الحرب والانخراط فيها,وتدور حلقات النقاش حول ما إذا كان هذا الانخراط في الحرب خطأ أم صواباً..?. ولو كان هذا الأمر خطأ, فلماذا لم يتحرك الناس وينهض هؤلاء النبلاء الشعبيون الرومانيون, الديمقراطيون في هذا العالم المعاصر والمتحضر - ثائرين, عندما قيلت لهم الأكاذيب عن أسلحة الدمار الشامل, وعن صلات النظام العراقي بتنظيم القاعدة. وتعود الأسئلة من جديد لماذا حدث ذلك..? ولماذا لم يخطط المسؤولون عن الحرب لفترة ما بعدها..?‏

إن هؤلاء لم يقرؤوا التاريخ جيداً وإلا لما تجاهلوا ثورة عام 1920 ضد الاحتلال البريطاني ولما تجاهلوا محاولات استيطان تشرشل الفظ والوحشي في العراق. ولو قرؤوا التاريخ جيداً لتذكروا - كراسوس, القائد الروماني الأغنى في يمين جنرالات الرومان في تلك الفترة, والذي طالب وبعد غزوه لمقدونيا بإقامة امبراطورية جديدة كيف أن أسلاف العراقيين المقاومين الحاليين قد دمروا فيالق كراسوس وكيف قطعوا رأسه بالقرب من نهر الفرات وأرسلوه إلى روما ولو كان اليوم لصوروه على شريط فيديو.‏

لكن من المفارقات الرهيبة في زماننا أن أكثر المتعطشين للدماء من رجالات كراسوس في القرن الحادي والعشرين (جورج بوش ,تشيني, رامسفيلد وولفوفيتز) - إما أنهم لم يسمعوا صوت طلقة نارية تطلق غضباً, أو أنهم ضمنوا أنه لم يتوجب عليهم أن يقاتلوا من أجل وطنهم عندما واتتهم الفرصة لفعل ذلك, والأهم بالنسبة لهم هو مدى خبرتهم في الصراعات البشرية ,والشيء نفسه ينطبق بالطبع على - بلير وأعوانه.‏

هنا نعود إلى السؤال الذي يطرحه أو يجب أن يطرحه الأميركيون ماذا علينا أن نفعل...?هل نحن في العراق من أجل النفط..? أم من أجل إرساء الديمقراطية..? أم من أجل (إسرائيل) وأمنها..? أم من أجل تخليص البلاد من أسلحة الدمار الشامل..? أم هو الخوف من المد الإسلامي..?‏

إن الجواب على الشرفاء من المقاومين والمثقفين وغيرهم.. هو أنكم هناك من أجل النفط أولاً ومن أجل (إسرائيل) ثانياً وخوفاً من صحوة الإسلام ثالثاً..‏

بعد خمس سنوات على غزو العراق واحتلاله ونهب ثرواته وقتل أبنائه وتشريد شعبه واستباحة حرماته وتدمير بناه التحتية والفوقية والفكرية والثقافية وسرقة تراثه الحضاري, والاعتداء على أعراض حرائره وتعذيب واعتقال شرفائه, اثبت المستعمرون الجدد (النازيون) أن نزعة الهيمنة وروح الغزو هي الطاغية على فكر صناع الحرب والقتل والدمار.. وأنها للأسف - حرب صليبية جديدة وما على الشرفاء من أمتنا إلا مقاومة تلك الحرب حتى آخر رجل فينا...‏

لا شك أن واشنطن الغارقة في أوحال العراق, وربما سيحدثنا التاريخ عن غرق الامبراطورية الأميركية في مستنقع بلاد ما بين النهرين.. وستتكرر هزيمة أعتى الجيوش وأقواها وأعظمها على يد الثوار والمقاومين الأبطال تماماً كما حصل في أرض فيتنام.. والسبب هو غياب الأفق السياسي لدى هؤلاء المحافظين الجدد في البيت الأبيض.‏

ولم تكن جولة السيدة السمراء رايس ومشاركتها في المؤتمر الدولي الذي عقد بتاريخ 22/نيسان في الكويت لتعزيز العلاقات مع العراق على الصعيد الأمني والاقتصادي والدبلوماسي سوى تعبير صريح وواضح ً عن العهر السياسي لحكام البيت الأبيض.‏

وقد تجلى هذا العهر بإعلان السويد أنها ستستضيف مؤتمراً دولياً عن تنمية العراق - لاحظوا معي تنمية العراق - يوم 29/5/.2008‏

لاحظوا أن أغنى ثالث دولة في العالم- بسبب احتياطي النفط في باطن أرضه- العراق أصبح تحت رحمة هؤلاء القتلة والمجرمين ومصاصي دماء الشعوب.. إنها مهزلة.. أليس كذلك? حتماِ إن بغداد سوف تنهض وتنهض معها كل المدن الأصيلة في أرض الرافدين وما على تلك الأصوات التي تنعق ليل نهار على فضائيات أجيرة وعميلة إلا أن تخرس, فلقد انقضت كل الأكاذيب (الأسطورية) ومات من مات وفات من فات.. فمستقبل العراق الدولة والوطن هو الأهم وهو فوق كل الناعقين كذباً وزوراً وبهتاناً. نعم للعروبة ولا شيء غيرها في العراق الأبي عرباً وأكراداً.. وتركماناً.. وكلدانيين.. وآشوريين.. كلكم العراق..!!‏