جنرالات الداخلية المصرية



سيد يوسف
سألنى صديقى: هل شاهدت لواء الداخلية السابق، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب حين قال: :"أنا لما أطلق النار مش بانشن تنشين...  أنا باطلق عشوائي"، أو حين قال: "والنبي مش عايزين نسرف في كلمة شهيد" أو حين سئل عما سيكون موقفه إذا كان هو الذي فقد ابنه في قتل "عشوائي" كهذا أجاب :" في ستين داهية... ما دام هو معندوش ثقافة أين يقف... يبقي هو خلاص ده قدره"، أو حين اتهم المضربين والمتظاهرين بالمسئولية عن سقوط الضحايا؛ "لأن – حسب قوله- رجال الأمن يجب أن يفضوا المظاهرات ولهم أن يستخدموا جميع الوسائل ومنها إطلاق النار ... يصاب من يصاب ويقتل من يقتل، هذه القوات والجحافل لم تنتقل إلي المحلة لإجراء حوار" حسبما أشارت جريدة البديل؟ قال صديقى: هذا الرجل خارج الخدمة فما بالك إذا كان داخلها؟ بل ما بالك بأمثاله ممن يزالون بخدمة الشرطة؟!
  
قلت: قرأت ذلك وقد سعدت بأن أمثال هؤلاء هم عنوان الحزب الوطنى الحاكم: خرف ممزوج بغباء، وتعال ممزوج بجهل عريض، وقد سألت صديقى ترى لو لدى الداخلية المصرية أشرف من هذا أو أذكى منه أكانوا تقاعسوا عن إرساله الى هذا البرنامج لدى قناة هى على أحسن تقدير قناة مروضة؟!
  
أمثال هذا التافه هم أفضل ما ينتجه الحزب الوطنى وانظر إلى رأس الحزب ونخبة مفكريه وتصريحات وزرائه تدرك ذلك بسهولة، أغبياء لا يطرحون حلولا لمشكلاتنا وإنما تصريحات تزيد أزماتنا سوءا، وانظر إلى غباء التلفيق فى التهم للدكتور عبد الحى الفرماوى أستاذ التفسير بجامعة الأزهر وما ينسبه الأغبياء من مساعدته لحماس فى إنتاج طائرة بدون طيار!!
 
بل انظر الى تلفيق التهم للأبرياء من أهل المحلة، وانظر الى ما حدث فى محاكمات الإخوان العسكرية واختلاف الحرز بل اختفائه، أمثال هذه العقول هى التى تسيطر على حياتنا وجل وزرائنا ومحافظينا من الشرطة والأمن وما حركة تعديلات المحافظين الأخيرة عنا ببعيد.
  
جنرالات من نوع آخر
 
(الجنرالات الجدد)
  
وأسوأ من هؤلاء جنرالات مدنيون يفهمون قليلا عن جنرالات الشرطة تبحث عنهم فتجدهم يملأون القنوات الفضائية والصحف التى تسمى كذبا قومية، والصحف المستقلة ليست عن هؤلاء الجنرالات ببعيد، وانظر الى مندوب وزارة الداخلية بجريدة الأهرام على سبيل المثال وقد لفق كذبة أن خطيبا بفلسطين يفتى بجواز قتل الجنود المصريين على الحدود!!
   
وانظر إلى جريدة مستقلة تجد تفردها بسرد أخبار محاضر الأمن عن أشهر القضايا الأمنية لا سيما ما يتعلق بالإخوان كقضية عرض طلاب الأزهر وقد سمتها الجريدة ميليشيا وحين برأهم القضاء المدنى لم تحفل بذكر ذلك، وهكذا نشرت بتاريخ 27/4/2008 نص محضر التحريات والتحقيقات في قضية اتهام «الفرماوي» بتمويل «حماس»، وانظر إلى أشهر برامج " التوك شو" على الفضائيات المصرية تجد فيها إما حضور المخبر الأمنى حاضرا بشخصه، أو توجيهات عامة هى مع حسن الظن مروضة...وقد بلغ تقمص أحد مذيعيها الدور الأمنى فأبلغ المصريين عن موعد الإفراج عن إحدى المدونات بل كانت كاميرات برنامجه أول من يستضيفها حين خروجها.
  
هذا النوع من الجنرالات هو الأخطر حيث لا يلقى له كثير من العامة بالا وقد يحسنون الظن بهم وهم أشد خطرا من جنرالات من أمثال بعض التافهين الذين يصيبونك بالاشمئزاز والقرف حين تطالع وجوههم وغباء منطقهم فى الفضائيات.
  
قال صديقى: وماذا بعد؟ (1)جنرالات فى الصحف،(2) وجنرالات فى الفضائيات،(3) وجنرالات هم من المحافظين، (4)وجنرالات يتبوءون مناصب حساسة كالبنوك وقناة السويس والمجالس المحلية وبعض المراكز فى الجهاز المركزى للإحصاء والتنظيم والإدارة،(5) وغير ذلك،(6) حتى رأس الحكم عندنا فى أصله كان جنرالا ويحكم بعقلية الجنرالات؟
 
 مقترح شديد الخطورة
 
 ثم قال صديقى: ما رأيك أن نقاطع الشرطة فى جميع تعاملاتنا هم والحزب الوطنى بحيث لا نتزوج منهم، ولا نزوجهم بناتنا، ولا نبايعهم ولا نبتاع منهم حتى يشعروا أنهم منبوذون؟
  
قلت: جهاز الشرطة من حيث ما ينبغى له أن يكون جهاز وطنى يحمى بلادنا، وبه مجموعة من المخلصين والشرفاء والعقلاء لكنى أخص بحديثى ههنا الذين باعوا ضمائرهم من أجل خدمة الظالمين، والذين يخلطون بين عملهم الأمنى وبين خدمة الساسة الطغاة فيقتلون مواطنينا قتلا عشوائيا، وإذا تمكنوا من الضعفاء ساموهم سوء العذاب...وفكرة المقاطعة رغم أنها تداعب آمال المستضعفين إلا أنها قد تظلم الشرفاء من رجال الشرطة، وقد تقطع خط العودة للذين يحبون من غير الشرفاء أن يتطهروا.
 
 قال: فماذا بعد؟ ما الحل؟
 
 قلت: بالحريات يمكن أن نحل كثيرا من مشكلاتنا، حين نختار الرجل المناسب فى المكان المناسب بالانتخابات لا بالتعيين، ساعتئذ سيصير أمثال هذا الجنرال التافه فى ذيل القائمة، ومعركة الحريات طويلة تحتاج إلى فهم ووعى وصبر وعمل، وأول الغيث - رغم قسوة الواقع- قطرة، وعساها تكون قد انسكبت من حيث لا يشعر هؤلاء الجنرالات.