تغطية نار الفشل بالقش اليابس!

بقلم : نواف أبو الهيجاء
صحيح أن الهجمة الصهيونية على القطاع خلال الأيام القليلة الماضية قد أضافت إلى قائمة الشهداء الفلسطينيين أسماء أخرى
- وصحيح أن الآلة العسكرية الصهيونية - الأميركية استطاعت أن تدمر وأن تجرف المزيد من الأراضي والمزروعات في القطاع, وأكيد أن السجون الإسرائيلية قد استقبلت أعداداً جديدة من أبناء الشعب الفلسطيني من مواطني الضفة الغربية, لكن الأكيد كذلك أن (المعنويات) التي حاولت طغمة القتلة في تل أبيب رفعها بأكبر مناورات في تاريخ دولة الغصب والاحتلال لم ترتفع على الإطلاق, بل إن النتيجة كانت مزيداً من الإحباط وإضافة فشل إلى سلسلة متتابعة من حلقات الفشل منذ انهزام عدوان الاحتلال على الجنوب اللبناني صيف .2006‏

إلى قائمة قتلى العدو أضيفت أيضاً أعداد أخرى. وإلى نقمة الشارع الصهيوني على الأداء الفاشل لمجموعة أولمرت - باراك - اشكينازي أضيفت نقمة أخرى, لم تقتصر على تشخيص رداءة أداء قوات الاحتلال بل تعدت ذلك إلى فشل الخط السياسي الذي تديره تسيبي ليفني. فالتصريحات التي أدلت بها بشأن الرئيس الأميركي كارتر - وعزمه ملاقاة قادة من حركة حماس في غزة - واللقاء المعد له في دمشق مع السيد خالد مشعل - وما ألمحت إليه في جولتها الفاشلة الأخيرة في المنطقة سحبت الخيبة إلى (المدار السياسي) أيضاً. فهي لم تقنع أحداً بدعوتها تبديل العدو التاريخي للعرب من (كيان الاحتلال) إلى (طهران ودمشق وإلى حماس وحزب الله والمقاومة عموماً).‏

نستطيع أن نقول ببساطة إن استئناف إشعال نار المحرقة لم يكن (ردة فعل) آنية أو نتيجة (إطلاق صواريخ من القطاع إلى داخل الخط الأخضر الصهيوني), بل هو أمر مدبر, ولقد سبق لباراك أن أكد أنه سيواصل (المحرقة) بعد أن توقفت لعدة أيام. وبالتالي فإن الحديث الصهيوني عن أن التوغل في القطاع واستهداف الأطفال والنساء والشيوخ إلى جانب الشباب والمقاتلين كان دفاعاً عن (سكان المستوطنات) الحدودية, وليس فعلاً رداً على مصرع جندي أو اثنين عند المعابر لم يلق أذناً صاغية ولم يقنع أحداً.. بل إن ترداد الادعاءات يترك أكثر من علامة استفهام. ماذا تريد المجموعة الفاقدة لأي نسبة مهمة من التأييد في داخل المجتمع الصهيوني? إنها تريد استرداد هيبة فقدها الجيش (الذي كان لا يقهر) فأصبح الجيش (الذي أدمن الهزيمة). وعليه فالأيام الحالية والقليلة القادمة ستشهد تصعيداً في ردود الأفعال العصبية من أركان الكيان العنصري. الفشل العسكري يتبعه ويلازمه فشل سياسي, والضائقة الاقتصادية لن تبتعد عن تل أبيب. الصعد كلها مغلقة أو موصدة أو في الحد الأدنى محفوفة بمخاطر الإخفاق. لذا فإن اقتراب موعد أو ذكرى قيام الدولة الاحتلالية - الخامس عشر من أيار - و(الاحتفالية الكبرى المهيأ لها على المستويات كافة وفي كثير من عواصم الكرة الأرضية) لن تكون كما تصوروا ولن تكون كما أرادوا وخططوا. من هنا نستطيع أن نفهم حديثهم المبكر عن توقع مزيد من (العنف الفلسطيني) في استقبال الذكرى الستين للنكبة.‏

وببساطة شديدة نؤكد أن الزيارات والجولات التي يقوم بها طاقم أولمرت والزيارات التي يستقبل فيها الطاقم أركان العسكر من الإدارة الأميركية لا بد أن تدفعهم إلى التفكير أو التخطيط لاقتراف مزيد من الحماقات البائسة. فشلوا في كسر إرادة شعب فلسطين بالحصار, فشلوا في كسرها بالبطش والاغتيالات والتوغلات وإشعال نار المحرقة, فشلوا في لي الذراع الفلسطينية بالسعي إلي تكريس الانقسام وإطلاق وعود كاذبة لتكريس الحال بين رام الله والقطاع, ولسوف يكون حالهم إن لجؤوا إلى النار لتغطية فشلهم حال من ألقى الهشيم الجاف على النار المضطرمة. ولن تكون لهم - بعد اليوم - القدرة على إحداث صدمة (المباغتة) - هذا العنصر فقدوه مع عنصر آخر مهم جداً هو (الحروب الخاطفة).. فلا مباغتة ولا قدرة على حرب سريعة أو خاطفة.. ما يأتي من حروب قد تشنها (إسرائيل) ستكون طويلة ومريرة وأكثر من مجرد كلفة (بشرية) أو (مادية) كبيرة.‏