فراشة محمود درويش تحط في عمّان


 
 
رشا عبدالله سلامة
تتجدد رمزية الشاعر محمود درويش، في كل مناسبة جماهيرية له، في صورة أخرى، أبعد من صورة الشاعر المقاوم، وأقرب إلى الكونية التي طبعت تجربته في العقدين الأخيرين تحديدا.
 
وفي حفل توقيعه أمس بمسرح البلد في وسط عمان، تداخلت "رمزيات" صاحب "ورد أقل"، فهو بحسب الكاتب العراقي زياد عساف تجاوز فلسطينيته باعتباره شاعرا عالميا.
 
ورغم رأي عساف أن أسلوب المقاومة قد تغيرعند درويش، إلا أنه يعتبر ذلك امتداداً للتغيير في كل شيء من حولنا من المسرح إلى الغناء والشعر والمقاومة بحد ذاتها.
 
وتصر الكاتبة منيرة قهوجي على وصف صاحب "لماذا تركت الحصان وحيدا" بـ "ضمير الأمة ومترجم آمالها وأحلامها" معتبرة أنه قاد دروب نضال الكلمة عندما "امتطى صهوة القلم وأوقد سراج الأمل".
 
يقول رائد الأدهم (22 عاماً) "درويش رمز لقضيتنا، جئنا لننهل من معين تجربته الوطنية الذي لا ينضب".
 
ويشاركه في ذلك ثائر أبو صبحية (22 عاماً) الذي يرى فيه شاعرا قادرا على التعبير عن مشاعر الناس بمختلف صورها.
 
وبين زحام القراء الذين أغلقوا كل مساحة شاغرة في المسرح كانت ثمة فتاة أميركية تترقب بشغف إطلالة صاحب "مديح الظل العالي" معبرة بانجليزيتها عن "سر عشق درويش"، قائلة "أقرأ شعره مترجماً، فأقف ملياً عند القدرة اللغوية الساحرة التي يملكها".
 
وتؤكد أن لدى درويش قدرة بالغة على التعبير عن النضال بشعره وروحه.
 
 
وقدم الشاعر زهير أبو شايب لمحمود درويش بكلماته التي أدمعت لها إحدى الحاضرات، قائلاً "محمود درويش لا يحتاج لمقدمات..
 
نعرف من خلاله ذاتنا العميقة ونضيء عتمتها به..
 
نبرهن لأعدائنا أننا نخبئ كل هذا الضوء في شاعر".
 
وفي كلمته يشير زهير إلى تنقل درويش كما الفراش بين النصوص متحدياً الشعر بالنثر والنثر بالشعر "كما هو دائماً يخلخل ذائقتنا، باحثاً عن الشيء ونقيضه وعن الشيء في نقيضه".
 
ولم يكن شكر صاحب "سرير الغريبة" بأقل من احتفاء المنظمين والجمهور الذي نطق كل ما فيه بإعجاب بالشاعر، معتبرا أنهم يمدونه بالإيمان أن الشعر ما زال ممكناً.. وما زال موجوداً.
 
وبعد أن قرأ درويش من ديوانه: "البعوضة" و"بندقية" و"كفن" و"أنت منذ الآن أنت"، اصطف الجمهور لأخذ توقيعه، وأيدي الكثيرين منهم تتوق لمصافحة شاعر عاش في ذاكرتهم وأحلامهم ووعيهم الوطني.
 
لمحات من الحفل:
 
-حضور كثيف اكتظ في مسرح البلد، وسط تذمر من إقامته في مكان لا يتسع لمحبي درويش الكثر.
 
-عرض مسرح البلد لقطات أرشيفية من توقيع ديوان محمود درويش "لا تعتذر عمّا فعلت"" قبل دخوله إلى جمهوره أمس.
 
- جهد المنظمين لإبقاء الدرجات وممرات المسرح فارغة لحظة دخول محمود درويش، ما خلا بعض الصحافيين والمصورين.
 
- شبان وفتيات كثر كانوا يلفون أعناقهم بالكوفية الفلسطينية.
 
- كان هنالك أطفال حضروا مع أهاليهم توقيع "أثر الفراشة".
 
-تأخر محمود درويش عن موعد دخوله المقرر على الساعة السادسة والنصف بحوالي النصف ساعة.
 
- برغم منع المنظمين دخول الحضور بعدما امتلئت مقاعد المسرح، سُمح لبعضهم بتجاوز المنتظرين في مدخل المسرح لأنهم "ضيوف خاصة".
 
- فتاة كانت تتحسر بصوت تغالبه الدموع لعدم قدرتها على التصفير بعدما سمح لها المنظمون بالوقوف على الدرجات انتظاراً لدخول محمود درويش.
 
- تعامل مدير المسرح رائد عصفور بهدوء ولباقة بالغة مع الضيوف والمصورين والصحافيين، بينما كان يتنقل بين الجمهور والمسرح لضمان سير الأمور على ما يرام.
 
- مرّ محمود درويش بين معجبيه على مدخل المسرح والدرجات والمقاعد وسط تصفير وتصفيق حاد، قابله بابتسامة هادئة مع تعمد عدم النظر كثيراً إلى الكاميرات حتى عند صعوده المسرح.
 
- سيدتين إحداهن يصعب عليها المشي والأخرى مسنة أصرتا على الحضور وصعود الدرجات بمساندة ذويهما.
 
- فتيات توسلن من المنظمين بإصرار بالغ على السماح لهن بالاقتراب والتقاط صور لمحمود درويش لحظة صعوده المسرح.
 
- قناتا العربية والجزيرة ووكالة رويترز كن متربعات على التغطية التلفزيونية لمحمود درويش، بينما وصل مصور نورمينا متأخراً، إلى جانب مراسلي الصحف الأردنية.
 
- كان مفرش الطاولة الذي قرأ عليه درويش "أثر الفراشة" مهلهلاً، تعلوه باقات صغيرة من زهور البنفسج.
 
- علامات التعب بدت واضحة على محمود درويش لاسيما نبرة صوته، التي ارتفعت تدريجياً مع نبرة انفعال جلية وخصوصاً عند قرائته قصيديتي "بندقية وكفن" و "أنت.. منذ الآن أنت".
 
- رنات موبايلات الجمهور لم تهدأ طوال حفل التوقيه، وثمة من كانوا يوارون رؤوسهم بين المقاعد بينما يردون على المكالمات.
 
- لم يمهل الجمهور درويش الفراغ من قصيدة "أنت.. منذ الآن أنت"، إذ صفقوا له بحرارة في منتصفها وعند نهايتها.
 
- لم تهدأ قدما محمود درويش طوال قرائته قصائده، إذ كان يحركهما بتوتر واضح وخصوصاً عند قرائته قصيدة "البيت قتيلا".
 
- رنة عود ذات شجن كانت خلفية مشهد توقيه محمود درويش "أثر الفراشة" لجمهوره، كما وصلت دواوين مرفق عليها أسماء الأشخاص ممن يرغبون بالحصول على التوقيع ولا يملكون الصعود إلى المسرح.
 
- على الرغم من محاولة السيطرة على تنظيم توقيع "أثر الفراشة"، إلا أن اكتظاظاً حصل بسبب المصورين وبعض من حصلوا على التوقيع وبقوا على المسرح.