المحافظون بأمريكا يروجون لفيلم مسيء للرسول


 
 
 
 
   واشنطن– تعاود دوائر المحافظين الجدد بالولايات المتحدة هذه الأيام الترويج المكثف لفيلم وثائقي يصف الإسلام بأنه "أعنف دين على وجه الأرض"، ويزعم أن "هذا العنف ينبع مباشرة من تعاليم وسيرة النبي محمد" صلى الله عليه وسلم، دون أن يقدم رؤية مقابلة لهذا الطرح من باب الموضوعية. 
يأتي ذلك في الوقت الذي تسود فيه العالم الإسلامي حالة من الاستياء الشديد إزاء قيام العديد من الصحف الدانمركية الشهر الجاري بإعادة نشر الرسوم الساخرة المسيئة للرسول والتي كانت قد عرضت عام 2005 وأثارت احتجاجات شديدة بين المسلمين وقتها.
 
وبدأت دوائر المحافظين الجدد والأصوليين المسيحيين في الترويج المكثف لفيلم "الإسلام.. ما يحتاج الغرب ليعرف" على أسطوانات دي في دي بأقل من 20 دولارا فقط، وأنتجت الفيلم شركة "كويكزوتيك ميديا" منذ نحو عامين، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك اليوم السبت.
 
و"شركة كويكزوتيك ميديا" أنشئت خصيصا في عام 2005 لإنتاج هذا الفيلم الذي يباع في كبرى محلات الكتب الأمريكية مثل أمازون وفي متاجر بوردرز للكتب وبارنز أند نوبل، ويعد هذا الفيلم باكورة إنتاج هذه الشركة المعروفة بصلاتها مع المحافظين.
 
غياب الرؤية المقابلة
 
وتقول الشركة المنتجة في بيان تلقت أنباء أمريكا إن أرابيك نسخة منه: "هذا الفيلم يعرض نظرة غير خائفة حول ما يسمى دين السلام وتوضيح أن الإسلام في الحقيقة دين عنيف بل الأعنف على وجه الأرض ويسعى للدمار أو إخضاع الديانات والثقافات وأنظمة الحكومات الأخرى".
 
ويزعم مخرجا فيلم "الإسلام.. ما يحتاج الغرب أن يعرف" (جريجي ديفيس وبريان ديلي في تعليقهما) أن الفيلم "يفتش في القرآن والنصوص الإسلامية الأخرى وسيرة النبي محمد ليكشف أن العنف ضد غير المسلمين سيظل سمة للإسلام، وكيف أن حرب العصابات، حتى الإرهاب، باسم الإسلام ينبع مباشرة من تعاليم وسيرة النبي محمد ومن أوامر القرآن!".
 
ويعرض الفيلم لمقابلات مع مجموعة من أشد المتطرفين الأمريكيين والأوربيين المناهضين للإسلام، والذين يقدمهم الفيلم على أنهم خبراء بارزون في الإسلام لكي يدعموا تلك الرؤية دون أن يعرض لرؤية مقابلة لشخصيات مسلمة من باب الموضوعية والتوازن.
 
ومن بين هؤلاء الأصولي المسيحي روبرت سبينسر، وسيرج تريكوفيتش، الذي كان متحدثا باسم صرب البوسنة أثناء حربهم ضد المسلمين في التسعينيات من القرن الماضي، وشخص مجهول الهوية يطلق على نفسه اسم عبد الله العربي، صاحب دار نشر لكتب تنصيرية تقارن بين الإسلام والمسيحية توزع من ولاية كاليفورنيا، إلى جانب شخص يعرف نفسه بأنه "إرهابي سابق" اسمه وليد شوبياط تحول إلى المسيحية الإنجيلية فيما بعد، فضلا عن الكاتبة اليهودية التي ولدت في مصر بات ياور، والتي تكتب أحيانا باسم "يهودية مصرية".
 
موضوعية ظاهرية
 
ويبدأ الفيلم الذي تدور أحداثه في 98 دقيقة بأصوات الآذان، ثم يأتي استعراض لآراء إيجابية من قادة غربيين حول الإسلام في مقتطفات من كلمات لهم، منهم الرئيس الأمريكي جورج بوش والذي يقول إن الإسلام هو "دين سلام" ويمارس بحرية بين الملايين من الأمريكيين، كما أن الولايات المتحدة لديها العديد من الدول الصديقة المسلمة.
 
ويمضي الفيلم في استعراض وجهات نظر توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق وحليف بوش الأول فيما يسمى "الحرب على الإرهاب"، والذي يكرر نفس كلمات بوش السابقة، ثم آراء الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون.
 
غير أن المروجين للفيلم الذي يقع في 6 أجزاء، يحاولون التشكيك في هذه الآراء زاعمين أن الإسلام ليس دين سلام، وإنما هو "دين عنف بطبيعته"، ويحاول الفيلم ربط الإرهاب بالإسلام، في إطار ما يسمى "الحرب ضد الجهاد".
 
ويقول مخرجا الفيلم في الجزء الأول منه بعنوان "لا إله إلا الله محمد رسول الله": إن الإسلام هو دين دموي، وإن النبي محمد هو "سيد حرب" وأنّه ذبح بيديه أكثر من 600 يهودي من قبائل العرب التي أجلاها عن المدينة في فترة وجوده هناك.
 
ثم يمضي الفيلم للجزء الثاني والذي دائما ما يفصل بين أجزاء الفيلم وبعضها بخلفية سوداء ثم تتعالى أصوات التكبير والآذان.
 
ويأتي الجزء الثاني بعنوان "الصراع" والذي يقول الفيلم إنه المعنى الحرفي لكلمة "الجهاد"، في محاولة لتصوير أن الإسلام يدعو معتنقيه لشنّ الحرب ضد غير المسلمين، مدعيا أن "الموت العنيف في الجهاد، طبقا للقرآن، هو طريق الخلاص الوحيد".
 
مزاعم مكررة
 
وتحت عنوان "التوسع" و"الحرب خدعة" يأتي الجزآن الثالث والرابع في محاولة لرسم صورة عن الإسلام مستعرضا خريطة وقد تفرقت عليها كتل من نار مشتعلة وضعت على البلدان التي فتحها الإسلام مثل إسبانيا وأجزاء من البرتغال (الأندلس) وجنوب فرنسا وصقلية والبلقان.
 
ويصور الفيلم الحكم الإسلامي للأندلس نحو 6 قرون بأنه كان عبارة عن غزو، منكرا حقيقة أن مسلمي الأندلس عرفوا الطباعة قبل الأوروبيين بأربعة قرون، وإنكار أنهم أنفسهم من صدروا هذه المعرفة إلى أوروبا، كما أنهم من آووا اليهود في دولهم الذين فروا من البطش عقب سقوط دولة المسلمين في الأندلس.
 
"أكثر من مجرد دين" هو عنوان الجزء الخامس الذي يصور أن الإسلام هو نظام حكم أكثر مما هو عقيدة شخصية فردية، في ادعاء أن نظام الحكم الإسلامي هو "نظام استبدادي".
 
ثم يتطرق الفيلم في الجزء السادس والأخير "دار الحرب" ليرسم صورة للأمريكيين أن الإسلام والمسلمين يعتقدون أن كل البلاد غير المسلمة، والتي من بينها أمريكا بالطبع، هي دار حرب بالنسبة للمسلمين وأن دماء الأمريكيين في وجهة نظر الإسلام هي "دماء مباحة".
 
ومن جهة أخرى يدافع الفيلم بقوة عن الحروب الصليبية فيقول مروجوه في دعايتهم: إنه يشرح "كيف أن الحروب الصليبية قد أسيء توصيفها وإنها كانت هجوما عنيفا على المسلمين المسالمين في حين أنها كانت في حقيقة الأمر ردا متأخرا على عقود من فتوحات المسلمين في بلاد المسيحية".
 
وبالرغم من أن الفيلم قد تم إنتاجه قبل عامين، فقد أقبلت بعض محطات التليفزيون الأمريكية مؤخرا على تغطية أخبار الفيلم كما لو كان قد تم إنتاجه حديثا، وقدمت لقاءات مكثفة مع المشاركين ومنهم شبكة "فوكس" اليمينية المتشددة ومحطة "إم إس إن بي سي" التي تملك جزءا منها شركة مايكروسوفت، وكلها لقاءات تمت تحت مظلة حرية الرأي على الرغم من انتقادات مسلمي أمريكا للإساءة للإسلام وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الفيلم منذ سنتين.
 
كما قامت بعض الصحف الأمريكية بمدح الفيلم ومنهم جريدة "تشارلوت أوبزريفر" التي تصدر في ولاية فيرجينيا وجريدة "أتلانتا جورنال كونستيتيوشن" التي تصدر في ولاية جورجيا.