شيفرة كلمحشي


 
 
محمدعبدالرحمن
10 ـ11 ـ 9 ـ 10 ـ 10 ـ 10 ـ 13 ـ 4 ـ 3 ـ 10ـ 7ـ 10ـ 13 ـ 16 ـ 14 ـ 15 ـ 15 ـ 30 ـ 0 ـ 10ـ 6 ـ 4 ـ 10 ، هذه السلسلة الحسابية ليست من عنديات دان براون صاحب رواية شيفرة دافنشي ، هي أرقام لا دخل لها بمغامرة البحث الغرائبي عن (الكأس المقدسة) ، إنها ليست الأحجية الرقمية التي تنبش التاريخ البشري الديني والدنيوي لفك رموز (العلاقة) المزعومة بين السيد المسيح عليه السلام ومريم المجدلية ! ، ولا هي نتائج حسابات (نوستراداموسية) سحرية فلكية تنجيمية تستبصر آفاق العقد الأخير من الألفية الثالثة ، كما أنها ليست أرقام اللوتو التي قد تجدها غداً في بريدك الألكتروني باعتبارك (المُختار) الفائز بيانصيب العشرة ملايين يورو نيجيري ـ أسباني ـ واق واقي ـ تايواني ، إنها ببساطة متناهية وعباطة متباهية : أرقام مبعثرة لحجرالعقد اللبناني.
وحجرالعقد اللبناني هذا إنما هو مفتاح رئيسى وحيد على شكل شجرة أرز لباب رئاسي جمهوري فريد على هيئة وطن ، وقد سبق لهذا المفتاح وأن تلاشى في الإنفجار الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري قبل ثلاث سنوات ، ومنذ ذلك الحين وخيرة علماء كوكبنا لم يتركوا حيلة أو وسيلة إلا واستخدموها لتصنيع مفتاح بديل يؤدي نفس الغرض إنما دون جدوى ، ذلك لأنّ أرقام التركيبة المعدنية السّرية لمفتاح الحجر اللبناني قد تبخرت مع الأخير في الإنفجار الشهير وكل الذي أستطاعوا أن يتوصلوا إليه هؤلاء العلماء بعد أن طرقوا كل أبواب علوم الفيزياء والرياضيات والكيمياء والجيولوجيا والأيديولوجيا والأحياء هو هذه المتوالية الحسابية اللغزية من الأرقام الذرية المبعثرة لأشتات العناصر والفلزات الطائفية التي ولكي تتحول إلى واقع معدني متجانس يمكن بعد صهره وصبه في قالب أن يصير مجرد مفتاح فإنها تحتاج إلى ما يتعدى حتى مختبرات وأدوات وفنون وخزعبلات ما يسمى بعلم (الجانياء) ، هذا العلم الخرافي الغيبي الذي نستطيع بواسطته أن نحول الفاصولياء إلى ذهب والفلافل إلى بلاتين والباقلاء إلى ماس وأكداس صحف الصباح اليومية العربية الغبراء الممهورة بختم (ميثاق الشرف الإعلامي العتيد) إلى سندات بنكية وذلك من خلال ترديد تعويذة محددة بلغة منقرضة من لغات أهل الجان ذوي التسعة والتسعين لسان.
جربوا قبل ذلك أن يسيروا في شتى دروب العلماء العظماء فما توصلوا إلى شيء ، ذهبوا إلى نظريات نيوتن فخابوا ، دخلوا في عقل الخوارزمي فتاهوا ، جابوا كل خبايا وأزقة وزوايا مدينة افلاطون فعادوا أصفار الأيادي والأرجل ، خذلهم إقليدس وأرخميدس وإبن سينا وأرسطو والفارابي وإبن خلدون والخضر وبور وماركس وكبلر ونيتشه وحبر الأمة عبدالله بن عباس وصموئيل كانت وعمرو بن العاص وحمورابي ودافنشي ومايكل أنجلو وبيكاسو ودارون ولورانس العرب وبيل غيتس ومؤلف فصول الدستور العراقي الحديث الذي نسيت إسمه وميكافيلي واللورد كارادون شاطب أل التعريف في قرار التسويف (242) وصموئيل هننغتون وفوكوياما والخميني والمستشارموفق الربيعي وبن لادن والشيخ القرضاوي والمليونير الدعوي عمرو خالد وحجة الله أبي درع وإبن رشد والظواهري والبواطني وكيسنجر والمس بيل ونوري السعيد والجنرال غورو (ها قد عدنا يا صلاح الدين ) ونابليون أبي قير وغاليلو وأبو نؤاس البعشيقي وعباس بن فرناس ورونالد ريغان وألفس بريسلي وهاري بوتر وتيمون وبومبا وتوم وجيري وبوش الإبن والأب والجد وإسماعيل ياسين وشعبان عبد الرحيم وبقية أعلام السّـفر الإنساني الملحمي الخالد . سافروا في قطار آينشتاين إلى جميع محطات التاريخ المعرفي بدءً من محطة اكتشاف قابيل بن آدم لـذروة اللذة أثناء ممارسة القتل وحتى محطة إسقاط القمرالصناعي التجسسي الأمريكي بالصاروخ العبقري عساهم يجدون فيها حلا لهذا اللغز الكوني فلم يفلحوا ، فكان تالياً وبعد أن نفضوا أيديهم من هذه المتوالية الطلسمية أن طاروا إلى مقر الجامعة العربية ورموها على طاولة الساحر (الجانيائي) عمرو بن موسى بن أيوب حفيد رمسيس الثاني وقالوا له بمصرية صعيدية خالصة : إصطفل يا معلم .
ولكي يصطفل المعلم عمرو بن موسى بن أيوب بن رمسيس الثاني فقد حمل معه إلى جانب هذه الأحجية الرقمية عصا النبي موسى وسافر بهما إلى بيروت وهناك اجتمع وفراعنة الطوائف من أجل يستعرض عليهم قدراته العجائبية في فك الألغازالأرضية والسماوية ويدلهم على التركيبة السّرية لحجر العقد اللبناني ، وفي أثناء أول لقاء له مع هؤلاء راح يهزعصاه السحرية على ورقة أرقام المتوالية الحسابية الشيفرية ويتمتم بلغة مبهمة كما لو أنه من كوكب آخر فإذا بهذه الأرقام تتقافز وتختلط في الهواء مع بعضها البعض ثم تعود لتصطف فوق الورقة على هيئة مثلث أرزي ليس له نظير ولا سابق ولن يكون له لاحق في المسيرة الكونية حتى يوم الحساب ، فقد كان مثلثاً مستحيلاً لا بأضلاع متساوية فحسب ولكن بزوايا متساوية من ذوات (التسعين درجة) !. نعم : مثلث متساوي الأضلاع .. وكـَمان متعامد الأضلاع .. هوّا دا المفتاح ، قالها الساحرعمرو موسى للفراعنة الفرقاء بخيلاء قبل أن ينتبه إلى أنه كان يتحدث مع نفسه ، فقد كان هؤلاء قد تبخروا من قاعة الإجتماع مع أول هزة عصا عمروية موسوية ليظهروا فوراً على البث المباشر في الفضائيات الكيدية التي تتقاسمهم وفقاً لمواقفها العقائدية القومية والإسلامية الشيعية ـ السنية الوحدوية المبدئية السامية من القضية اللبنانية .
ولأن الساحر الجانيائي الصابر المكابر عمرو بن موسى بن أيوب لا يكل ولا يمل فقد عاود الكرّة لمرات عدة وبأساليب جهنمية عدة ، ففي مرة ربّع بهذه الأرقام المحيرة الدائرة ولم تأت معجزته بنتيجة وفي أخرى أرغم بها الخطوط المتوازية على التلاقي إنما دون جدوى ، وفي واحدة من فلتاته الغرائبية بعد مقتل عماد مغنية ألغى لبرهة ثابت الجاذبية الأرضية فجعل كل مواطني لبنان يحلـّقون مجتمعين كالشحارير في فضاء الوطن لكنهم سرعان ما خذلوه وعصاه عندما حطـّوا على الأرض متفرقين إلى موالين في (ساحة الشهداء) ومعارضين في (مجمع سيد الشهداء) .
عند هذا الحد كسر المعلم عمرو عصا موسى بعد أن لوح بها لآخر مرة في وجه فراعنة الطوائف قائلا : ما دام (التعريب) اتهبل و(التدويل) اتخبل ما عدش هناك يا فراعنة غير (التكوين) ، شوفولكو واحد يطلع إلى ما وراء درب التبانة ويدوّر بين النجوم والكواكب القصية عن حل كوني للزفت المسمى مفتاح رئاسة الجمهورية اللبنانية. أنا ورايا قضايا تانية ، أنا مش فاضي لحضراتكم ، عندي داهية القمة العربية الواقفة على كف عفريت ، عندي مصيبة فلسطين ، عندي متاهة العراق ، وبالمناسبة أنا أرسلت أحمد بن حلي إلى بغداد والراجل هناك في آخر تلفون اتعوج لسانو وصار يتكلم معاي برطانة لاهي عربية ولاهي أعجمية ، أنا مش عارف حصلـّو هناك أيه ، سألته عن آخر تطورات المصالحة الوطنية العراقية فأجابني يقول (أنا هنا في المنطقة الخضراء مجتمع مع الفرقاء على مائدة دولمه) ، يعني أيه دولمه ؟! ، شيفرة جديدة دي ؟؟ يعني مش مكفيني الشيفرة اللبنانية حتى يطلعولي بالشيفرة الدولمية ؟ لا إله إلا الله .... أمة إيه دي اللي كلها شيفرات ملهاش حل ؟... خلاص أنا بطـّلت.