في يوم الشهداء...رمزالتضحية والفداء

مازن يوسف صباغ
تفاجأ العرب يوم السادس من أيار 1916 برؤية هامات من صفوة رجالاتهم معلقة على أعواد المشانق تم إعدامهم بعد محاكمة صورية في عاليه(لبنان),وذنبهم الوحيد إيمانهم العميق بالقومية العربية وبحق العرب في حكم أنفسهم بأنفسهم,

وأن العرب أمة عريقة لها مساهمة كبيرة في إغناء وبناء الحضارة الإنسانية,وأن من حقها بعد سنوات طويلة من السبات أن تستفيق وتعود لتحتل مكانها تحت الشمس وتتابع رسالتها الحضارية الإنسانية المنفتحة والمتفتحة ,القائمة على العيش المشترك والتلاقح الثقافي السلمي وقبول الآخر والتعاون مع كل شعوب العالم.‏

وكان قبل هذا التاريخ وفي العام 1911 وبقرار من محكمة عرفية بدمشق قد تم إعدام ذوقان الأطرش والد سلطان باشا الأطرش مع خمسة رجال من جبل العرب هم يحيى وهزاع عز الدين ومحمد القلعاني وحمد المغوش.‏

كما كان هناك 13 شهيداً آخرين تم شنقهم في تواريخ متفرقة قبل يوم السادس من أيار وهم:‏

1-الخوري يوسف الحويك شنق في دمشق آذار .1915‏

2-نخلة المطران ابن بعلبك شنق في تشرين الأول .1915‏

3-الشقيقان أنطوان وتوفيق زريق من طرابلس الشام, شنقا في دمشق عام .1916‏

4-يوسف سعيد بيضون من بيروت وشنق في عاليه(جبل لبنان) في آذار .1916‏

5-عيد الظاهر من عكار شنق في آذار .1916‏

6-الشقيقان فيليب وفريد الخازن من جونية, شنقا في أوائل آذار .1916‏

7-يوسف الهاني من بيروت شنق عام .1916‏

8-الشيخ محمد الملحم شيخ عشيرة(الحسنة) في بادية الشام,وهو جد تامر وعبد العزيز ونواف طراد الملحم, شنق عام .1917‏

9-فجر المحمود من عشيرة (الموالي) شنق عام .1917‏

10-شاهر العلي من عشيرة (التركي) شنق .1917‏

11-رجل الدين الشيخ أحمد عارف مفتي غزة شنق في القدس .1917‏

أما يوم السادس من أيار 1916 فقد تم إعدام 7 شهداء شنقاً في دمشق عبد الحميد الزهراوي(عضو مجلس الأعيان ورئيس المؤتمر العربي في باريس ,شفيق المؤيد العظم(عضو مجلس المبعوثين سابقاً),الأمير عمر الجزائري,شكري العسلي(عضو مجلس المبعوثين سابقاً),عبد الوهاب المليحي الإنكليزي ,رشدي الشمعة (عضو مجلس المبعوثين سابقاً),رفيق رزق سلوم),وعلقوا في ساحة (المرجة),و14 شهيداً في بيروت العقيد سليم الجزائري,العقيد أمين لطفي الحافظ,عبد الغني العريسي(صاحب جريدة المفيد),الشيخ أحمد طبارة (صاحب جريدة الاتحاد العثماني),الأمير عارف الشهابي,توفيق البساط,سعيد فاضل عقل(رئيس تحرير جريدة النصير),جلال البخاري,سيف الدين الخطيب,بترو باولي,محمد الشنطي,جرجي الحداد,د.علي عمر النشاشيبي,عمر حمد ,وعلقوا في ساحة »البرج)وقد تم تغيير اسم هاتين الساحتين لتصبح»ساحة الشهداء) تكريماً لهؤلاء الرجال,وكان عدد من الشهداء من رجال الصحافة المتميزين.‏

كانت عملية الإعدام أشرس محاولة لوأد النهضة القومية العربية التي كانت تباشيرها الأولى قد ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر,عبر حركة نهضة ثقافية لإحياء اللغة العربية وآدابها بعد تعرضها لسنوات طويلة من التهميش أيام الحكم العثماني وخاصة مع ظهور الحركة الطورانية الشوفينية بعد انقلاب حزب الاتحاد والترقي عام ,1908وكانت عملية التنكيل والإعدام هذه حلقة ضمن سلسلة من الإجراءات الأخرى لعل من أبرزها إعدام أحد عشر شهيداً في 21 آب (اغسطس),1915ونقل القوات العربية التابعة للسلطة العثمانية بعيداً عن موطنها إلى جبهات القتال في غاليبولي والقفقاس والبلقان,ونفي وإبعاد العديد من القيادات والوجهاء إلى مناطق بعيدة, ونذكر من هؤلاء :المسلط باشا الملحم رئيس قبيلة الجبور الذي نفي إلى ماردين,واستفحال المجاعة والأوبئة في بلاد الشام ونفي العديد من العائلات واقتلاعها من أرضها ومحاولة إجراء تهجير(ترانسفير) للشعب العربي من أرضه إلى الأناضول واستبداله بعناصر متنوعة مع ما يحمله هذا من اقتلاع للجذور وغبن للشعبين العربي والتركي.‏

لقد كانت فكرة القومية العربية هي الرد الحاسم على مسألة الفتنة الطائفية التي حاولت الدول الاستعمارية والسلطة في الأستانة وولاتها فرضها في البلاد العربية التابعة للإمبراطورية العثمانية,ففي القرن التاسع عشر عمل الاستعمار الغربي والعثمانيون على اللعب على الوتر الطائفي في بلاد الشام للتفريق بين السكان الذين عاشوا لقرون في تناغم ووئام كوسيلة وذريعة ,وفرض الهيمنة تحت مسميات متعددة,ووسيلة لتعزيز السيطرة على العرب من قبل العثمانيين وفق مبدأ »فرق تسد).‏

لكن العرب يواجهون اليوم خطر القطب الأوحد الذي يحاول فرض هيمنته السياسية على العالم,وبخاصة الدول العربية,كما يواجهون الخطر الإسرائيلي الصهيوني الذي يسعى إلى تقاسم هذه الهيمنة وفرض نفسه كقوة عظمى إقليمية .‏

اليوم وفي الذكرى الثانية والتسعين لشهداء السادس من أيار وفي عيد جميع الذين ضحوا بحياتهم ودمائهم في سبيل هذه الأمة, من شهداء ميسلون والثورات السورية المتكررة على الانتداب الفرنسي والثورات ضد المستعمر في الجزائر وليبيا والعراق ومصر والريف المغربي وتونس واليمن,وشهداء الكفاح الفلسطيني المسلح منذ أوائل الستينيات, والانتفاضة الأولى والثانية وشهداء الحروب ضد العدوان الاسرائيلي الصهيوني آعوام 48 و56 و 67و 73 التحريرية واجتياح لبنان عام 1982 وشهداء المقاومة اللبنانية منذ العام 1982 والتحرير في أيار في العام ,2000حتى دحر العدوان الإسرائيلي عام ,2006لا بد من التركيز على الأهداف والآمال التي سعوا وبذلوا الدماء واستشهدوا من أجلها ..‏