أبعد من ذلك..!

فادية مصارع
كان يا مكان في قديم الزمان ..كان السالك من الربوة -كما يحدثنا الأجداد حين يخرج من نهر يلبغا في حي البحصة ويمشي بين أشجار وظل ظليل ,

لايمكن أن يرى الشمس إلا إذا قصد رؤيتها ,وكان الناس إذا أرادوا النزهة حزموا أمتعتهم وتوجهوا إلى بردى ,حيث الأشجار الوارفة والهواء العليل , أما الغوطة فكانت مقصدهم من كل حدب وصوب ,وهي التي صنفها أبو بكر الخوارزمي بين جنات الدنيا الأربع لخضرتها الدائمة .‏

ولكن ما الذي حدث اليوم للمدينة التي كانت مهوى القلوب والأفئدة ? أين تلك الجنات السبع التي تغزل بها الشعراء ? ماذا حل ببردى الذي وعدوا الخلد به ? وهل سنظل نصف لأبنائنا دمشق أيام زمان ? أم أن المحاولات الفردية والجماعية التي يقوم بها بعض أبنائها ,ستعيد الوجه الحقيقي لها ..بدءاً من الحملة التطوعية التي قامت بها منظمة الهلال الأحمر لتنظيف بردى , وما تطوع به الشباب الجامعيون لتنظيف دمشق القديمة ,ثم حملة النظافة التي أقيمت مؤخرا بالتعاون مع معهد الآثار الفرنسي للشرق الأدنى ,وأخيرا مهرجان الياسمين الثاني ,الذي نظمته محافظة دمشق بالتعاون مع الأمانة العامة للاحتفالية وعدد من الجهات في القطاعين العام والخاص ,والذي بدأت فعالياته من ساحة الأمويين باتجاه المزة أي أن شتول الياسمين اقتصرت على الشوارع الرئيسية في دمشق والأحياء الراقية .‏

والسؤال : ألا يحق لأبناء الأحياء الفقيرة التي تزكم أنوفهم روائح مياه الصرف الصحي الكريهة أن تسوى شوارعهم وتؤهل لتكون تربة صالحة لزراعة الياسمين ?!‏

ألا تستأهل رئاتهم التي يقبض عليها التلوث أن تتنفس هواء نظيفا كغيرها ?!‏

الشام خيّرة ومن وردها كان يستخرج العطر وماء الورد ,حتى إن سورية أخذت اسمها كما يقول من وردة دمشق (سوريستون ) أي أرض الأزهار.‏

بادرة طيبة أن يصبح مهرجان الياسمين طقسا سنويا ..لكن يبدو أن الشتول لا تكفي‏