خلط الأوراق.. سياسة أميركية

 أسامة عبد الحق
التصعيد الأميركي الشديد ضد سورية خلال الفترة الأخيرة, والاتهامات الباطلة التي روجتها حول التعاون النووي بين دمشق وبيونغ يانغ وهو ما نفته الحكومة السورية,

جملة وتفصيلاً, وعبرت عن أسفها واستنكارها لحملة الافتراءات وتزوير الحقائق التي تشنها الإدارة الأميركية الحالية ضد سورية, بزعم وجود أنشطة نووية فيها.. طرح العديد من التساؤلات والاستنتاجات الخاصة بتوقيت هذا التصعيد, والذي جاء عقب نجاح سورية في إجهاض مخطط أميركا وحلفائها لإفشال قمة دمشق العربية, وبالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت رغبته في الدخول في تسوية سلمية للصراع مع سورية, وإعادة الجولان المحتل.‏

فلماذا هذه الحملة التي تقوم بها الإدارة الأميركية,والتي تهدف بشكل أساسي لتضليل الكونغرس والرأي العام العالمي, بادعاءات كاذبة لتبرير (الغارة الإسرائيلية) على سورية خلال أيلول من العام الماضي, ما يؤكد أن إدارة بوش كانت طرفاً في تنفيذها, وخاصة أن هذا التحرك الأميركي يأتي في إطار المفاوضات المتعلقة بالملفين النوويين: الكوري والإيراني, والوساطة التركية للتسوية السلمية بين دمشق و(تل أبيب)?!!‏

هذه الاتهامات الأميركية الجديدة ضد سورية, أقل ما يمكن أن توصف به, أنها افتراءات ومزاعم كاذبة تفتقر إلى كل عناصر المنطق والحقيقة.‏

حملة الأكاذيب هذه ضد سورية أو في منطقة (الشرق الأوسط) ليست جديدة, ولا تشكل مفاجأة لأحد, فهي استمرار لسياسة التضليل التي تمارسها هذه الإدارة على سورية منذ عدة سنوات, تحت حجج وذرائع واهية, وتأكد الجميع من عدم مصداقية هذه الإدارة التي أدمنت الكذب على الجميع في الداخل والخارج, أليست هذه الإدارة هي التي ساقت العديد من التقارير والمعلومات الكاذبة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية, وصور الشاحنات المزعومة التي اعترف وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول, بعد خروجه من تحت تأثير الإدارة الأميركية بكذب هذه التقارير والمعلومات, ووقوعه تحت تضليل الاستخبارات وجناح المتشددين في الإدارة, لتبرير غزو العراق واحتلاله, فضلاً عن الذرائع الأخرى التي ثبت بالدليل القاطع عدم صحتها?!!‏

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال, إذا كانت الإدارة الأميركية تمتلك أي أدلة حقيقية حول اتهاماتها الجديدة ضد سورية, فلماذا لم تقدمها للوكالة الدولية للطاقة الذرية, وتترك لها أن تقول الكلمة الفصل في هذا الشأن, وخصوصاً أن الوكالة ترتبط مع سورية بعلاقة قوية منذ عام ,1970 كما أن سورية ملتزمة بالكامل بكل شروط ومعايير هذه الهيئة الدولية?!‏

فالواضح أن هذه الإدارة تسعى جاهدة خلال هذه الفترة لخلط الأوراق من جديد في المنطقة للإبقاء على حالة التوتر والتصعيد في منطقة (الشرق الأوسط) كما هي, وعدم حدوث تهدئة بأي حال من الأحوال في أي جزء منها, ولا سيما مع سورية التي تمثل حائط الصد القوي الذي نجح في إفشال مخططاتها العدوانية في المنطقة طوال السنوات السابقة, وأثبت فشل السياسة الأميركية طوال سنوات تولي هذه الإدارة لحكم البيت الأبيض, وأيضاً سقوط كافة المشاريع المرسومة للهيمنة والسيطرة على مقدرات الأمور في المنطقة,وخاصة في العراق ولبنان.‏

إن هذه الحملة الجديدة من الافتراءات والأكاذيب والتلفيق الأميركية, والتي تشكل استكمالاً لحملة الضغوط الممارسة على سورية منذ غزو العراق, تؤكد تخبط هذه الإدارة وفشلها, رغم استخدامها لكافة الأساليب والوسائل غير الصحيحة لتسويق عدوانها واحتلالها وتدخلها في شؤون الآخرين, وسوق الاتهامات الكاذبة بحق دول وشعوب منطقة (الشرق الأوسط).‏

إن هذه الاتهامات والأكاذيب الجديدة القديمة التي تسوقها إدارة بوش, سواء ضد سورية أو إيران أو حزب الله أو ضد المقاومة الفلسطينية, تؤكد اليوم تلو الآخر فشل المشروع الأميركي - الصهيوني في المنطقة, وأفول عصر الهيمنة الامبراطورية الاستعمارية الأميركية في العالم, وبصفة خاصة في منطقة (الشرق الأوسط), وانتصار قوى المقاومة والممانعة التي تقودها دمشق, وليس هناك دليل أصدق على ذلك من (لهاث) رئيس الوزراء الإسرائيلي للدخول في تسوية سلمية مع سورية, بعد أن أدرك الحقيقة التي فشلت إدارة بوش المغيبة عن الواقع عن إدراكها!!.‏

صحفي مصري‏