هل ستقول رايس يوماً ?!

أسعد عبود
عمّا تنقب السيدة رايس في ساحاتنا العربية, هل هناك من أقنعها أنها المحبوبة المرغوبة حتى أصبحت وكأن عملها في أصقاع العالم.. أماواشنطن فلإمضاء إجازاتها فقط! إذا كانت تفضل أن ترى بعينها, وتلمس بنفسها ما يجري عندنا, وعند غيرنا.. فلعلّها تخشى المطب الذي وقع فيه سلفها كولن باول.. مطب الصور المفبركة...

لقد حمَّله الرئيس بوش صوراً مصنعة لإثبات أن العراق يتعامل بأسلحة الدمار الشامل.. ودافع عن الصور فكانت الحرب الجريمة الكبرى, ودفع باول حياته السياسية ثمناً.. بل سيعيش - وهو الضابط المقاتل - تأنيب الضمير والندم لبقية عمره, ولن ينفع الندم.‏‏

لعلّ السيدة رايس استفادت من محنة باول تلك.. فقررت ألا تثق بمعلومات الصور.. كي لا تقع ضحية أن تصدق ما تكذب به, كما وقع رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل (أكثر الإحصاءات التي أصدقها هي التي زوّرتها بنفسي).‏‏

بكل الأحوال نتمنى فعلياً أن نفهم زيارات رايس المتتالية والمكثفة للمنطقة,هي رسالة محبة .. لكن.. بكل أسف,ليس من السهل تصديق ذلك, فهي تمثل إدارة كلما حضر ممثلوها إلينا كان خلف حضورهم الطامة الكبرى, وأحاسيسنا كلها تستعد لما بعد زيارة بوش المرتقبة.. ولا ينفع معهم شدة الترحيب وكثرة التأهيل والتمايل أمامهم بالرقص والسيوف.. فهم هم.. عشرات السنين مضت, وكثيرون منا يستجدون رضاهم, فما كان منهم إلا العداء والكراهية, حتى عندما جاؤوا بطروح السلام برعايتهم, كانوا أسوأ راعٍ منحاز لقضية تتطلب العدالة والرؤية السليمة, انحيازهم لا يحتاج لأي إثبات, فهم يعلنونه.. خصوصاً بعد أن يخلوا موقع القرار, وكأنها عملية غسل ضمائر.‏‏

رايس في المنطقة.. لا شيء أبداً.. وجه مفلس, وفعل مفلس.. يطرقون بالأسلوب ذاته.. يريدون من الفلسطينيين كل شيء, ثم يفاجؤون أنهم إن أخذوا كل شيء لا يبقى من يفاوضهم, ويوقع معهم, فيعيدون اللعبة مرة أخرى وهكذا.‏‏

وزيرة الخارجية الأميركية تمهد لزيارة الرئيس بوش, ولا بدّ أن تبذل جهداً كبيراً في محاولة لإضفاء طيف حيوية على الأشهر المتبقية من عمر هذه الإدارة, فإذا كان خيارها للسلام في الشرق الأوسط هو اختيار الحقنة الأسهل في جسد الإدارة المنهك المتهاوي.. فإنها وكي تحصل على نتيجة لا بدّ من مواجهة ليست سهلة عليها.. هي مواجهتها مع إسرائيل.. هنا عقدة السلام.. فماذا تفعل?!‏‏

أميركا تريد سلاماً محدوداً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على طريقتها, ودون أي ضغط على إسرائيل..‏‏

أي إنها تدخل السلام في أنبوب ضيق صدىء , وتنفخ بعزم الأشهر الأخيرة من عمل إدارتها فهل الحكاية عمل دبلوماسية, أم احتراف حواة..‏‏

من أين السلام?‏‏

الإدارة الأميركية عاجزة تماماً عن فعل السلام.. وإن توصلت إلى ولادة ما على هذا المنحى, فسترون مولوداً مشوهاً, تصبح ضرورة دفنه مقدمة أولى لأي سلام قادم.‏‏

لماذا الوهم?!‏‏

لماذا الرسم في الرمال?!‏‏

عندما كانت الإدارة في عزّها عجزت عن فعل شيء, اللهم إلا تشجيع ذبح الفلسطينيين, وتسييل نهر الدم الذي لا يتوقف.. اليوم وقد وصل ضعفها إلى درجة أن تستنجد بالعرب.. مرة لمساعدتها في العراق المنكوب بالفعل الأميركي, ومرة للتبرع للفلسطينيين..هل تستطيع هذه الإدارة أن تفرض سلاماً على إسرائيل, وهي تعرف بدقة أهمية موقفها في الانتخابات الأميركية القادمة ومصلحتها - مصلحة هذه الإدارة - في إعادة انتخاب رئيس جمهوري.‏‏

سيدة رايس.. إن زياراتك المتكررة للمنطقة, وملامستك - ولا بدّ - لحقائق ما يجري تجعلنا متشوقين جداً لأقوالك وتصريحاتك بعد أن تخرجي من تحت عبء الدفاع عن سياسة الرئيس بوش.. فإن جاء ذاك اليوم ومثل ما تقولينه حقيقة ما تعرفينه..‏‏

أي حقائق جديدة ستخرج منك لتبهر العالم بما خفي دائماً.‏‏

هل ستقول رايس يوماً..?!.‏‏