تفريغ للمقاومة فى الضفة وإحتواء فى غزه




دكتور ناجى صادق شراب
لعل السؤال الملح الذى تطرحه التهدئة فى غزة أولا ثم الضفة لاحقا ما هو مستقبل المقاومة الفلسطينية ؟ وهل التهدئة تعنى البحث عن بدائل ووسائل أخرى للمقاومة ؟ أم أن التهدئة مجرد خيار تكتيكى للحيلولة دون اجتياح إسرائيلى واسع لقطاع غزه ؟ وهل ستسمح إسرائيل بأن تعيد المقاومة الفلسطينية إعادة تأهيل قدراتها وعناصر قوتها ؟ وماذا لو قامت إسرائيل بمواصلة سياسة ملاحقة قادة المقاومة فى الضفة الغربية وزادت من وتيرة الإستيطان وتهويد الارض الفلسطينية فى القدس وغيرها ؟ وما هو موقف المقاومة فى غزه ؟
هذه ألأسئلة والإجابة عليها تحتاج منا إلى وقفة موضوعية ، ونظرة تحليلية ثاقبه ، بالوقوف على أهداف إسرائيل الحقيقية ، والمقابل أهداف المقاومة فى غزه .
وإبتداء ماذا تريد إسرائيل ؟
لإسرائيل أهافها المتعدده ، وهدفها الإستراتيجى هو تذويب وتصفية القضية الفلسطينية وهذه المرة بأدوات فلسطينية .بتعميق حالة الإنقسام والخلاف الفلسطينى وخطورته أن بات خلافا بنيويا تكوينيا ، فالمرحلة الحالية تشكل أفضل المراحل التاريخية التى يمكن أن تختزل فيها القضية الفلسطينية وتلغى فيها كل المرجعيات النضالية والشرعية التى إرتكزت عليها طوال أكثر من مائة عام من النضال . فإسرائيل تدرك أنها قد فشلت فى تذويب القضية الفلسطينية على الرغم من تفوقها العسكرى ولجوئها على ممارسة كافة أساليب العدوان والحصار ومصادرة الأرض ومحاولة إجهاض قدرات المقاومة المتاحة .لتكتشف أن هناك معادله صعب حلها وهى أن الشعب الفلسطينى تزداد قدراته وصموده ومقاومته وتمسكه بألأرض ن كلما إزدادت إسرائيل من عدوانها . ولذا فالحالة الفلسطينية قد تقدم لإسرائيل فرصة مواتيه لتحقيق أهدافها ، تارة بالمفاوضات وتقزيمها مستفيدة من حالة الضعف الفلسطينية حتى تنفرد بالمفاوض الفلسطينى دون ان تقدم موقفا حقيقيا يدفع فى إتجاه سلام حقيقى ، وفى الوقت ذاته تريد أن تلتف حول المقاومة الفلسطينية إما بتفريغها فى الضفة الغربية وإحتوائها فى غزه ، من خلال تجزأة قرار المقاومة . ولقد نجحت إسرائيل حتى ألن فى فصل القرار السياسى الفلسطينى وتشتته ، وتسعى من خلال التهدئة إلى تجزأة قرار المقاومة ، وتذهب بعيده فى مساعيها من خلال السعى على تفريغ المقاومة فى الضفة الغربية بإنتهاج سياسة مزدوجه فمن ناحية من خلال تأكيد السلطة الفلسطينية على شرعنة السلاح الفلسطينى فى سلاح السلطة فقط ومن ثم التأكيد على المقاومة اللاعنفية بالربط بين ذلك والمفاوضات ، وفى الوقت ذاته تتابع سياسة ضرب المقاومة وتعتقل من تعتقل وتغتال من تغتال ، أما فى غزة ووفقا لحالة التهدئة المفترضه تسعى إلى تجميد المقاومة والمزيد من الإنغماس فى الشأن السياسى وهو ما يدفع إلى مزيد من الإنقسام ، وبتشديد مزيد من الإجراءات والقيود على تطوير قدرات المقاومة بغلق الأنفاق وتدفق السلاح ، ومراقبة الى محاولات لتطوير قدرات المقاومة ، وتبقى إسرائيل فى النهاية متحكمه فى خيارات الفلسطينيين وليس العكس ، فمتى شاءت تنقض التهدئة ، ومختى شاءت تنهى الخيار التفاوضى .
ونعود ونتسائل ثانية ماذا يريد الفلسطينيون من التهدئة ؟
والسؤال ألهم يقع على أصحاب القضية أنفسهموعليهم أن يواجهوا أنفسهم أولا بعدالة قضيتهم ، وبحجم نضالات شعبهم وتضحياته ، وبإمتداد أفحتلال ألإسرائيلى ، وبإمتداد سنوات النكبة الستون ، ماذا يريدون فى ظل إستمرار الإحتلال ؟ فتح وحكومة فى الضفة ، وحماس وحكومة فى غزه ، وباقى التنظيمات الفلسطينية تتأرجح بين هذين الفضائيين الفلسطينيين الضيقين ، والسؤال من جديد نا هى الخطوة التالية بعد التهدئة ؟ ومع الإفتراض جدلا وإن كان هذا مستبعدا ، ، هل سيتجه كل طرف إلى تقوية خياراته وتقوية ودعم وجوده السياسى على ألرض ن التى يسيطر عليها ، وإذا هذا هو الهدف فعلى أى أساس وعلى أى شرعية ؟ أم أن هذه التهدئة هى مجرد أداه تكتيكيه إنتظارا لما قد تكشف عنه الشهور القليلةالمتبقيه من العام 2008، إما فى إتجاه التسوية السياسية أو الحسم العسكرى على المستوى الإقليمى ، وبالتالى وللمرة ألولى يتم فيها تأجيل الحل الفلسطينى ولكن بقرار فلسطينى . ولعل أخطر ما يجول بخاطر الباحث حتى لو كان مازال فى عالم التوقعات وليس الواقع ، أن تحاول إسرائيل اللعب على أهداف الطرفين الفلسطينيين المتصارعين للتخلص من خياراتهما ، إو على أقل تقدير تحقيق ما تريد .
وبإستقراء التطورات السياسية ألإقليمية ، يبدو أن هناك حياران لا ثالث لهما ، وكليهما لن تعود تداعياته بنتائج إيجابية على القضية الفلسطينية والسيناريو الفلسطينى الداخلى ، الخيار ألأول هو خيار الصفقة الشامله إقليميا وفى سياقه سيتم ألإعتراف بالدور أفقليمى لإيران مع الإحتفاظ بقدراتها النووية السلمية مع تقييد طموحاتها النووية ، وهذا الخيار ستنعكس تداعياته ليس فقط على القضية الفلسطينية ، بل على الخريطة السياسية للمنطقة كلها ، وفى سياق الخيار نفسه هناك خيار إستئناف المفاوضات على المسار السورى والألوية فيه للمصالح القطرية ،، ويبقى الخيار الثانى :الخيار العسكرى وحتمية حرب إقليمية هدفها تقويض وإجهاض لدور القوى الإقليمية كإيران وسوريا ، وأيا كانت المببرارات التى قد تساق لمثل هذه حرب ، فسيظل هذا الخيار ألكثر ترجيحا وإحتمالا مع إقتراب نهاية ألإدارة ألأمريكية الحالية . لأنه من منظور نظرية القوة الدولية لن يسمح ومهما كان الثمن ببروز قوة إقليمية نووية تعمل على إعادة رسم الخريطة التحالفية فى المنطقه وبما يتعارض مع المصالح ألأمريكية والإسرائيلية . وفى كى الخيارين سيكون الثمن فلسطينيا ، وهذا ما ينبغى ان تقف عنده القوى والتنظيمات الفلسطينية وخصوصا حركتى حماس وفتح ، ليكتشفا أن الخيار الوحيد الذى يضمن البقاء للجميع وهو الخيار الفلسطينى خيار الحوار الوطنى المسؤول والمصالحة الوطنية وصولا إلى خيار النظام الديموقراطى الذى يحتضن الجميع على أرض تنتظرها مسيرة نضال وترر وبناء سياسى طويله .