أطفال العراق الجديد يُعالجون في تل أبيب..!


 
بقلم: د.عمر الكبيسي - عمان :
 بعد خراب وزارة الصحة على أيدي جيش المهدي.. أطفال العراق الجديد يعالجون في تل أبيب..! - تفاصيل خطيرة عن المؤامرة
 
شئ لايصدق..!
 
تمنيت أن أموت قبل أن أرى أطفالاً عراقيين مع أمهاتهم في عمان وصلوا من بغداد وعلى وجبات وبأعداد تفوق المائة طفلا لغرض تقييم حالتهم من قبل أطباء إسرائيليين وترتيب تواقيت وصولهم إلى تل أبيب لإجراء تداخلات جراحيه لهم بسبب إصابتهم بتشوهات ولاديه في القلب أطفال من شمال العراق ووسطه وجنوبه شخصت أمراضهم في العراق ونظمت لهم تقارير وفحوص وسجلات طبية في مستشفيات حكومية وتمّ اختيارهم وأرسلوا مع أمهاتهم او أبائهم ليحصلوا على تراخيص سفر إسرائيلية بتوصيات من منظمه إسرائيلية طبية..
 
 
ليتم بعهدها سفرهم واجراء تداخلات جراحية لهم واعادتهم الى العراق.. أرجوا ان يصّدق القراء ماذكرته لأنه الحقيقه كما رواها لي أمهات الاطفال الذين زاروني في عيادتي في عمان للتأكد من تشخيص مرض أطفالهم وذكروا لي كل هذه التفاصيل وهم على نية السفر الى تل أبيب خلال أيام ويقيمون في عمان الان على نفقة الجهه المعالجه في إسرائيل.
 
 
أستذكر جيداً يوم 8 نيسان2003 عندما دخلت الدبابات الامريكيه بغداد ووصلت ساحة المتحف بحلول الساعة الخامسه مساءً توجهت واحدة منها وداهمت مدخل المتحف العراقي لتحدث في مدخله فجوة كبيرة إيذاناً بنهبه وسلبه, في حين توجهت دبابه اخرى الى مركز صدام لجراحة القلب (مستشفى بن البيطار) واقتلعت الباب الرئيسي والناقلة الكبيرة التي وضعت بالعرض في مدخل المركز كاجراء حمايوي وسمحت لمجاميع السلب والنهب لدخوله وامام جمع من اطباءه ومنتسبيه وبالرغم من تشبثهم بحمايته, وكانت ضمن مجموعة الجنود الامريكان اعداد من الاشخاص الناطقين بالعربيه والمرتدين للباس الجيش الامريكي ومنهم نقيب اسمر اشرف بعدها على حرق البناء الجاهز للمركز(يمثل80./0 من بناء المركز)بطريقه فنيه وسريعة من خلال تمرير شريط على طول سقف البناء وإشعاله وخلال اقل من ساعه واحده.
 
 
وأذكر جيداً كيف هاتفني أكبر جراحي ايطاليا في القلب الدكتور دومنيك في حينها على جهاز الثريا للمركز وكان قد زارنا لمرات عديدة لإجراء عمليات قلب للاطفال خلال فترة الحصار يناديني لترك المركز مع كوادري لانه مستهدف بشكل مؤكد وأكد لي انه يرى المركز الآن على الشاشه وسيضرب..! وفعلا تمّ ذلك قصفاً بالطيران قبل 48 ساعه من دخول القوات ولم استطع في حينها تفسير سر هذه المكالمة وهو يكرر قوله انا لست بعيداً عن المشهد يادكتور عمر!.
 
 
هذا المركز أنشا في زمن الحصار البغيض عام 1993 وقد شمل معظم كفاءات العراق في اختصاص أمراض القلب وبقدرات عراقية ودعم متميّز أصبح فيما بعد أكبر مركز في الشرق الاوسط للقلب وكان يجري بمعدل 7-8 عمليات قلب مفتوح وبحدود 25 حالة قسطرة وتداخل علاجي قسطاري يومياً وكان يستقطب كل حالات أمراض القلب من العراق ومن أقطار عربية أخرى وتكامل عمله في حينها مع افتتاح المركز العراقي الساند والوليد في الجهة الثانية من النهر في مجمع الشهيد عدنان خيرالله كل هذا التطور والأنجاز تم خلال فترة الحصار المقيت.
 
      عودةً إلى بداية المقال, ألا يثير تسفير الاطفال المعتلين بتشوهات خلقية في القلب من العراق الى اسرائيل مروراً بعمان وهم مزودون بكامل الفحوص والتقارير الصادرة من مراكز القلب في العراق ومن ضمنها مستشفى (ابن البيطار) بالذات..!؟ مَن يشرف على هذا العمل المنظم والمرتب في زمن تغيب فيه كل مؤشرات العناية والرعاية الطبية في العراق ؟
 
 
هل إن وزارة الصحة طرف منظم فيه أم انها بعيدة عن كل مايتعلق بمصير وحياة هولاء الاطفال؟ هل من المعقول أن تجمع المنظمات الانسانية او تتصرف بهذا العدد من المرضى وترسلهم الى الخارج دون اشرافها او علمها؟.. اذا كنت لاتدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة اعظم .
 
 
خزيُ وعار والله على وزارة الصحه وعلى حكومة مملوكي.. أن يتم ذلك في العراق بلا حياء ..بماذا تعييرنا أرواح (يوسف النعمان) و(مؤيد العمري) و(جعفر الكويتي) و(عادل العاني) وهم في قبورهم لهذه الفضيحه؟..
 
ما هو رد فعل أبطالنا الجراحين الصامدين في بغداد أمثال العاني وحبه وسرسم والأنصاري وغيرهم..!؟ أين أنتم أيها الصروح المهاجرة والمغيبة في بقاع الأرض من هذه الصاعقه؟ أين الورد والمشاط وسرسم والصافي والدليمي وجحيل وشابا؟ صروح وخبرات عراقية وعالمية بجراحةالقلب تنتشر في بقاع الأرض معظمها بلا عمل وكفاءات مهاجرة بلا هوية, أين الكفاءات العربية من هذا الحدث؟
 
أين (مجدي يعقوب) و(حمدي السّيد) و(داود حنانيا) و(محمد الفقيه) و(سامي القباني) و(مؤيد الناصر) و(بسام العكشة) وكثير غيرهم مما يحدث ؟ ولماذا اسرائيل بالذات وهي التي تقتل أطفالنا في العراق وتجوّع أهلنا في القطاع وأرضنا المحتلة ليل نهار, تمدُ اليوم يد العون لأطفال العراق وتستقطبهم للعلاج من دون كل المراكز المنتشرة في العالم؟.. أليسَ في هذا تحدٍ وإهانه لكل إبداعات الأمة وقدراتها الطبية والعلمية والانسانية والمادية..؟ وماذا يعني أن يكون معظم هؤلاء الأطفال من كردستان العراق..!؟
 
 
أليس لحادثة حرق مركز جراحة القلب في بغداد وما جرى للمستشفيات الأخرى وإستهداف الأطباء والكفاءات في العراق, ومن ثم إستقطاب إسرائيل لعلاج أطفال العراق في مستشفياتها, من صلةٍ ورباط..؟ ليس لي إلا أن أردد قول شاعرنا المرحوم اليازجي قبل أكثر من قرن من الزمان :
 
 
تـنبهوا وأستفيقوا أيها العربُ * فقد طغى الخطبٌ حتى غاصت الركبُ