بندر بن سلطان..العبد الذي أسكت أحرار الدنيا

محمد الوليدي
وأخيرا أغلقت الحكومة السورية ملف التحقيقات في إغتيال الشهيد عماد مغنية، بعد إنتظار طويل لكشف محتواه لا إغلاقه.
كنت على يقين بأن ذلك سيحدث، لكن الخلافات العميقة ما بين الحكومة السورية والمتورطين في جريمة الإغتيال، قادتني الى الخروج عن هذا اليقين، لكن يبدو أن التستر على ما بين الحكومات العربية الشقيقة! هو سيد كل شيء، حتى ولو أكلت بعضها بعضا.
قد يقول قائل بإن إغلاق ملف التحقيقات بغير ذي أهمية، ما دام إن إسم المتورط الرئيسي ونظامه، ولصالح من أدى المهمة، قد تم كشفه عبر دولة حليفة وهي إيران .
في حين لو أعلنت الحكومة السورية هذه الحقائق، فإنها لن تجلب لنفسها سوى المزيد من التآمر والتكالب عليها، ومتاعب هي في غنى عنها، خاصة وأن المتورط هو بندر بن سلطان؛ الذي لم يعرف العرب في تاريخهم الحديث من هو أشد منه لؤما وخبثا وحقدا على كل ما يمت للإسلام والعروبة بصلة.
كما إنه ظل ولا زال خارج دائرة العقاب في جرائم أكبر ،تم الكشف عن إسمه فيها، وعلى مدى سنين طويلة، وسقط من حوله عتاة الساسة والإستخبارات والإجرام وتجار الحروب ؛ منهم أحد رؤساء أمريكيا وهو رونلد ريغان ، ومنهم أحد أخطر مدراء المخابرات الأمريكية وهو وليام كيسي، ومنهم من أنتحر ، ومنهم من سجن ومنهم من أستقال من منصبه وتوارى عن الأنظار خجلا ، إلا أن بندر والذي كان شريكا رئيسيا لهؤلاء في جرائمهم، لم تمس حتى ولو شعرة في قفاه، مع أن هؤلاء كانوا يخدمون بلادهم وشعوبهم في حين كان بندر خادما لهم ومتآمرا على أمته!.
لم تعاقبه قوانين العالم المدنية المتحضرة! التي تغافلت عنه لأنه يعمل لصالحها، ولم تعاقبه دولته السعودية، التي تدعي تطبيق الشريعة الإسلامية، فلو تم تطبيق الشرع على أمثاله ،لأستحق حد الحرابة ولو على إهدارة هذا الكم من ثروة الأمة في صفقة اليمامه وفساده فيها، ناهيك عن تاريخ من الإهدار لثروات شعب الجزيرة على يده ،هذا غير الدماء البريئة التي سفكها لصالح أعداء الأمة، لم يعاقب بل كوفئ بعد هذا العار بمنصب مدير مجلس الأمن الوطني السعودي!
إذن في ظل هذه الظروف، يبدو أن فضحه والمطالبة بمحاكمته هي ضرب من ضروب الجنون.
ومع ذلك لا أرى التستر على أمثاله تحت أي ظرف ،قال تعالى : ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فأنه آثم قلبه ) صدق الله العظيم، كما إنه لا يوجد عنده أي وازع، ولا يحفظ الجميل إلا لأعداء الأمة الذين اعتقوه، وغيرهم ليس لهم عنده إلا الإنتقام الذي تشربه في صغره وصباه، عندما رفض والده ؛ ولي العهد الحالي سلطان بن عبد العزيز، الإعتراف به وإلحاقه بإسمه ، وعومل معاملة العبيد، فقد ولد لجارية حبشية، كانت تعمل في أحد قصور والده ، لكن بعد ان انتبهت له المخابرات الأمريكية أثناء دراسته الطيران، ورأت فيه ذكاء ودهاء، أحتضنته وأعتقته بعد محاولات عديدة، أضطر والده بعدها الإعتراف به وألحقه بإسمه ، وكانت النتيجة إنه عبد المخابرات الأمريكية نفسها.
إذن إتهام بندر ونظامه في الإغتيال لا يدعو للضحك، ولا غرابة فيه، وليس الأول من نوعه، وإذا كان النظام السعودي ، شريكا مع الأعداء في أكثر النكبات والكوارث التي ألمت بالأمة ، فأني لا أبالغ لو قلت بأنه في آخر خمس وعشرين عاما كان بندر بن سلطان سيد المرحلة فيها؛ تؤامرا وتمويلا .
ما من مهمة سرية للمخابرات الأمريكية، إلا ولها بندر، وما من مهمة رفض تمريرها الكونجرس الأمريكي أو توقف عن دعمها، إلا ولها بندر.
كان مع الأعداء في لبنان في الثمانينات، وكان أحد الذين أسالوا دماء الفلسطينيين في مخيمات لبنان ، كما وفعل ذلك مؤخرا في مخيم نهر البارد، وهو الذي أرسل طائرات الجت لليمن الجنوبي ليحرق بها شماله، وهو الذي دعم نصارى جنوب السودان لإضعاف السودان وتجويعه، وهو الذي دعم الصرب على المسلمين في البوسنة، كما وكان حاضرا بقوة في الحرب على أفغانستان والعراق .
وما زار بندر، العراق المنكوب على يد الأعداء ويد أمثاله، إلا عندما هدد صدام حسين رحمه الله عام 1990 بحرق نصف الكيان الطهيوني، راجيا من صدام أن لا يفعل ذلك !!
كما كان وراء إتفاق مكة لغاية وقى الله من شرها، كما كان وراء العديد من الإغيالات والتصفيات التي نفذها لصالح المخابرات الأمريكية والموساد.
ثم ما ذنب شعب الجزيرة الذي أهدرت ثرواته على يد بندر في صفقات سلاح لم تنفع سوى مصنعيها والوسطاء فيها، ما ذنبهم أن يهدر بندر ثرواتهم في دعم عصابات الكونترا أو في زعزعة الأمن في تشاد، أو في دعم ماسوني أيطاليا ضد الشيوعيين فيها، وما خفي كان أعظم.
في عام 1985 أرتكب بندر بن سلطان جريمة مروعة لصالح المخابرات الأمريكية والموساد ، في منطقة بئر العبد في بيروت، من أجل قتل قائد حزب الله آنذاك، محمد حسين فضل الله، وكانت العملية تقتضي تدمير الحي بأكمله من أجل ضمان قتل محمد حسين فضل الله ، والنتيجة كانت مقتل واحد وثمانين شهيدا وأكثر من مئتي جريح من اللبنانيين والفلسطينيين ، ولم يصب الهدف بأذى.
واحد وثمانون شهيدا وأكثر من مئتي جريح ، وبندر لم يهمه سوى ' السرية للأبد وأن لا تكشف تحت أي ظرف ' ، وكان من بين الشهداء جهاد مغنية ،أحد أخوة عماد مغنية.
إنني أطالب مرة أخرى بفضح هذا المأجور ولو من أجل أم عماد مغنية التي أثكلها هذا العبد الوضيع بولدين.