احذروا غضب هذا الشعب الصابر !

الانفجار الجديد للفلسطينيين أخطر وأوسع!

[بالأرقام نتائج الحصار والقتل والتجويع)

بقلم/ د. رفعت سيد أحمد
* لا يزال الحصار العربي/ الإسرائيلي مفروضاً على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة ولا يزال (عرب أمريكا) من الحكام ونخبتهم من ساسة وكتبة، يمارسون ذات الدجل الإعلامي والسياسي، ويزيفون الحقائق، مسفهين صمود وصبر هذا الشعب العظيم، ومقدمين المشكلة باعتبارها مجرد خلاف بين حماس وفتح، وأن الأولى هي السبب الرئيسي للحصار وأنها تمتلك خطاباً مزدوجاً في التعامل مع الذين يفرضون عليها وعلى شعبها الحصار . الأمر بالطبع أعقد من ذلك وأخطر، الأمر في جوهره أمر مؤامرة إقليمية ودولية أعدت لها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفائهما، في اليوم التالي لوصول حركة حماس إلى موقع السلطة إثر الانتخابات التشريعية التي أصرت عليها واشنطن وألحت عليها القوى العميلة في فلسطين وخارجها، إلى أن فوجئوا بنتائجها فأرادوا قلب المعادلة ومن ثم شرعوا في مؤامرتهم، والتي لا تزال فصولها مستمرة حتى لحظة كتابة هذه السطور.
* إن الكذب والدجل الذي يروجه الفارضون للحصار وسماسرتهم من الكتبة والساسة في بلادنا، لم يعد ينطلى على أحد، فالآثار الخطيرة التي نتجت عن الحصار العربي الإسرائيلي على قطاع غزة (وحده) كفيلة بتعرية كذبهم وكشف أضاليلهم وهو واقع نحسب أن تجاهله، أو محاولة إلقاء قنابل دخان تجاهه لكي يخفون الآثار الدامية لجريمتهم وجريمة أنظمتهم المتآمرة على هذا الشعب المضحي،لن يجدى.لذا دعونا نقرأ في ثلاثة ملفات، لنعلم حجم المأساة، والبطولة في آن واحد التي يعيشها ويسطرها هذا الشعب الفلسطيني المعلم يومياً، أمام سماسرة الدم والكلمة في أمتنا.
*          *          *          *          *          *
الملف الأول: نذهب فيه إلى بعضٍ (وليس كل) آثار الحصار الظالم على أهلنا في غزة والذي سيؤدي في تقديرنا إلى انفجار أخطر وأعظم مما تم حين اخترقوا  قبل شهور الحدود مع مصر، الأمر سيكون إن ظلت حكومة مصر مع غيرها من البلاد العربية على موقفها وسياساتها الظالمة لهذا الشعب والموالية لواشنطن، والتي حجمت دور مصر وقزمته بما لا يتناسب مع تاريخها ورسالتها.
إن الحقائق الواردة من قطاع غزة تؤكد أن ثمة مجاعة كبرى يعيشها القطاع، والمساعدات العينية التي تقدمها مصر لا تسد رمقاً ولا تغني عن حلول استراتيجية تليق بغزة، ومنزلتها التاريخية لدى مصر، ومن الآثار الخطيرة للحصار المفروض منذ شهر يونيو 2007 وحتى أبريل 2008 ووفقا للوثائق المتاحة مايلى\                                              *وجود 2000 مريض في غزة يسعون للحصول على إذن سفر، منهم 350 مرضهم خطير ولا يستطيعون الدخول إلى مصر.
وحسب تصريحات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن حوالي 3000 مريض قلب وفشل كلوي وطفل حديث الولادة مهدّدون بالموت؛ نتيجة توقف غرف العمليات وأجهزة التنفس الاصطناعي وغرف الرعاية المركّزة.
هذا وقد أعلنت حكومة تيسير الأعمال نفاذ كميات الدواء والطعام والماء؛ نتيجة توقف محطات الكهرباء؛ مما يجعل القطاع على مشارف كارثة إنسانية وبيئية.
* أدى الحصار إلى إغلاق أكثر من 4500 مؤسسة صناعية وتجارية وحرفية؛ مما أدى إلى فقدان أكثر من 65 ألف فلسطيني عملَهم، وتقدَّر الخسائر اليومية للاقتصاد الفلسطيني- بسبب إغلاق المعابر- بحوالي مليون دولار يوميًّا.
* على صعيد الاستيراد من الخارج تشير المعلومات بأن 3000 مستورد فلسطيني تكبَّدوا خسائر فادحة؛ نتيجة تراكم الحاويات في الموانئ الإسرائيلية، والتي يقدَّر عددها بحوالي 2500 حاوية؛ نتيجة لرسوم أرضيات الميناء ورسوم التخزين وأجرة الحاويات، وتكلفة الحاوية الواحدة 50 دولارًا يوميًّا، وتكلفة تخزين الحاوية في مخازن ميناء أسدود 300 دولار شهريًّا.
* ساهمت السياسة الإسرائيلية منذ 12/6/2007 في تضرُّر الصناعات الإنشائية ومصانع الطوب وقطاع البناء، فعلى سبيل المثال لا الحصر تعطَّل 28 ألف عامل يعملون في قطاع الصناعات الإنشائية نتيجة إغلاق المعابر.
* كما أدَّت الإغلاقات المستمرة إلى تدمير قطاع صناعة الأثاث الذي يُعتبر من القطاعات الصناعية الحيوية؛ نتيجةً لتكدس كميات كبيرة من منتجات الأثاث الجاهزة للتصدير إلى الضفة الغربية وإسرائيل، والتي تقدر بحمولة 500 شاحنة تقدر قيمتها بحوالي 10 ملايين دولار، كما انخفض إنتاج الأثاث بنسبة 80% نتيجة عدم توافر المواد الخام؛ مما أدي إلى فقدان أكثر من 6000 عامل عملَهم؛ نتيجةَ توقف هذا القطاع الحيوي المهم عن الإنتاج، كما تم تدمير ما تبقَّى من صناعة الخياطة؛ حيث إن استمرار الإغلاق يؤدي إلى خسارة فادحة لأصحاب المصانع في هذا القطاع تصل إلى 10 ملايين دولار، كقيمة فعلية لنحو مليون قطعة ملابس لموسم الصيف معدّة للتصدير للسوق الإسرائيلية، وتعتمد هذه الصناعة ما نسبته 76% على الصادرات و100% على المواد الخام المستوردة.
* تشير البيانات الصادرة عن الغرفة التجارية الفلسطينية أن عدد مصانع الخياطة تبلغ 600 مصنع تشغل نحو 25 ألف عامل توقفت عن العمل الكلي؛ حيث إن 90% من منتجات مصانع الخياطة للسوق الإسرائيلية وما نسبته 10% للسوق المحلية.
* على صعيد قطاع الصناعات المعدنية والهندسية، تشير البيانات الصادرة على اتحاد الصناعات المعدنية والهندسية أنه تم إغلاق أكثر من 95% من الورش والمصانع التي تعمل في هذا المجال، وأصبح ما يزيد عن 7000 عامل يعملون في قطاع الصناعات المعدنية بدون عمل، كما أن المستوردين لا يستطيعون إرجاع الحاويات الموجودة داخل قطاع غزة والتي دخلت.
* تبلغ الخسائر الإجمالية المتراكمة لقطاع الصناعة في غزة نحو 40 مليون دولار منذ 12/6/2007 وحتى الآن.
* حسب الإحصاءات الفلسطينية والدولية الرسمية ازدادت نسب الفقر بين الأُسَر الفلسطينية؛ إذ ارتفعت نسبة السكان الفلسطينيين الذين يقعون تحت خط الفقر من 22% عشية الانتفاضة إلى أكثر من 67% على مستوى الأراضي الفلسطينية، وحاليًّا تبلغ نسبة الفقر في قطاع غزة نحو 90%، بعد أن كانت 81.4% العام الماضي (2007).
*          *          *          *          *          *
هذا هو حال قطاع غزة بسبب فرض الحصار العربي/ الإسرائيلي عليه، وهو حال سيؤدي حتماً إلى انفجار تجاه الحدود، ولكنه سيكون هذه المرة أشد عنفاً وشراسة من ذلك الانفجار الذي تم قبل شهور، فهل من عقلاء في القاهرة وفي العواصم العربية ليتداركوا الأمر قبل فوات الأوان.
*          *          *          *          *          *
أما الملف الثاني: الذي يظهر المعاناة الفلسطينية ويؤشر لانفجار فهو هذه التضحيات المستمرة بالدم والتي يقدمها الشعب الفلسطيني في الوقت الذي يصمت فيه كل العرب بل ويشاركون في ذبحه عبر هذا الحصار وذلك الدعم المشبوه لخيار المفاوضات البائسة بين أبو مازن وأولمرت. إذا علمنا أن عدد الضحايا الفلسطينيين خلال الانتفاضة الحالية خمسة آلاف شخص بينهم 970 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم إلى 16 عاماً، فيما وصل عدد الجرحى إلى أكثر من 70 ألفاً منهم أكثر من 1500 شخص يعانون من إعاقات أبدية، حسبما قال تقرير صادر عن مركز رسالة الحقوق الفلسطيني. والذى ذكر ايضا أن قوات الاحتلال وضعت عدداً كبيراً من الحواجز الثابتة والمتنقلة لتقطيع أوصال الضفة الغربية ومنع التواصل الجغرافي بين المدن والقرى الفلسطينية، حيث بلغ عدد الحواجز الثابتة 573 والمتنقلة أو التى  تسمى "الطيارة" نحو 610 حواجز.
وفيما يتعلق بالنشاط الاستعماري فقد أوضح التقرير أنه زاد بنسبة 50 بالمائة خلال الانتفاضة في حين ارتفع عدد المستعمرين بذات النسبة تقريباً في الوقت الذي تواصلت فيه أعمال البناء في جدار الضم والتوسع مما أدى إلى عزل ما يقرب من 1.8 مليون فلسطيني عن مصادر عيشهم ورزقهم حيث ابتلع ما نسبته 46 بالمائة من إجمالي مساحة أراضي الضفة الغربية إلى مصادرة آلاف الدونمات في توسيع المستعمرات العشوائية.
* إن شعباً يقدم هذا القدر من الضحايا ويعاني هذه المعاناة حتماً سيكون انفجاره القادم مدوياً ليس فحسب تجاه عدوه بل وبالتحديد تجاه ذوي القربى الذين يشاركون في عمليات تجويعه وحصاره وبيع قضيته، وكما يقولون فإن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة.
*          *          *          *          *          *
أما الملف الثالث: الذي يدفع باتجاه الانفجار، فهو هذا النسيان العربي والفلسطيني (الرسمي) نقصد هنا سلطة ابو مازن، لملف الأسرى الأبطال الذين يمثلون صوت الضمير والثورة الحقيقي لدى هذا الشعب والذين يصل عددهم اليوم 11 ألف أسير ويزداد هذا الملف ألماً عندما نعلم من تقارير فلسطينية حديثة أن هذا الشعب قدم خلال الأربعين عاماً الماضية من تاريخه الجهادي 700 ألف أسير أي حوالي ربع الشعب الفلسطيني وسط صمت وتواطؤ رسمي عربي، وفي تقرير حديث صادر عن وزارة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أعده عبدالناصر عوني فروانة مدير دائرة الإحصاء في الوزارة، جاء فيه أن قوات الاحتلالإنتهجت أشكالاً عدة في اعتقالها للمواطنين الأبرياء وللمقاومين وأعضاء الفصائلالمقاومة المختلفة.
 وأكد التقرير أن الاعتقالات لم تقتصر على فئة أو شريحةمحددة، بل طالت الطفل والشيخ والشاب، والفتاة والمرأة، كما طالت عائلات بأكملهامستخدمة كافة أساليب وأشكال الاعتقال بما فيها اجتياح المدن والقرى والمخيماتوتفتيش المنازل واتلاف وتخريب محتوياتها مصحوبة بمداهمات للجيش والدبابات والمصفحاتوغطاء جوي من الطائرات ويرافقها إطلاق الرصاص بغزارة وهدم المنازل واقتلاع الأشجار،كما استخدمت قوات الإحتلال سياسة اختطاف المواطنين بشكل كبير عن طريق القواتالخاصة، وتحولت المعابر والحواجز العسكرية المنتشرة بكثافة على الطرق ومداخلالمخيمات والمدن إلى كمائن لاصطياد المناضلين.
 وبالنسبة لاعتقال النوابوالوزراء، بين التقرير أنه لا زال في سجون ومعتقلات الاحتلال (46) نائباً ووزيراًسابقاً، اختطفتهم قوات الاحتلال من بيوتهم أو أماكن عملهم، وزجوا في السجونوالمعتقلات، مؤكداً أن اختطافهم واستمرار احتجازهم، يشكل انتهاكاً فاضحاً لأبسطالأعراف والمواثيق الدولية، كما ويشكل أيضاً عدواناً سافراً على المؤسسات الشرعيةالفلسطينية، وحقوق الإنسان وحصانة النواب والوزراء.
 وأضاف التقرير أن قواتالإحتلال لم تكتف بذلك بل صعدت خلال إنتفاضة الأقصى من اعتقالها لأمهات وزوجاتالمطلوبين للضغط عليهم واجبارهم على تسليم أنفسهم، وكذلك اعتقال الأقارب والأصدقاءلنفس الغرض، أو لإجبار المعتقلين على الإعتراف، ومئات المرات هدموا بيوت عائلاتالمعتقلين أو المطلوبين كعقاب جماعي لعائلاتهم على ما قام به إبنهم.
وفيما يتعلق بالأسيرات، بين تقريرالوزارة، أن هناك قرابة (650 ) مواطنة اعتقلن خلال انتفاضة الأقصى، منهن ( 108)أسيرات لا زلن رهن الاعتقال، أي ما نسبته 1 % من إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين، وأن 6 أسيرات منهن لم يتجاوز عمرهن 18 عاماً.
 ونوه التقرير إلى أن ثلاث أسيرات وضعتكل منهن مولدها داخل الأسر، خلال انتفاضة الأقصى وهن: ميرفت طه، ومنال غانم وقدتحررتا، وسمر صبيح، التي لا تزال في الأسر مع طفلها براء، الذي يعتبر أصغر أسير فيالعالم.
ونوهالتقرير إلى أنه ومع نهاية العام الحالي يرتفع عدد الأسرى الذين أمضوا أكثر من 15عاماً ليصل إلى ( 234 ) أسيراً ، كما سيصل عدد من أمضوا أكثر من عشرين عاماً إلى ( 73 ) أسيراً ، وهذا يستدعي من الجميع منح هؤلاء القدامى الأولوية.
 وأوضحالتقرير، أن هناك (4986) أسيراً محكوم، أي ما نسبته 45.3 % ، و(5154) أسيراً موقوفبانتظار المحاكمة، أي ما نسبته46.9 %، و( 860 ) معتقل إداريا، أي ما نسبته 7.8 % ،لافتاً إلى أن هناك قرابة ( 700 ) أسيراً، من بين الأسرى محكومين بالسجن مدى الحياةمرة واحدة أو عدة مرات.
 وفيما يتعلق بالوضع الصحي للأسرى، لفت التقرير إلى أنهوبدون مبالغة، يمكن القول بأن كافة الأسرى يعانون من أمراض مختلفة، نتيجة للظروفالقاسية التي تشهدها السجون، وأنه يوجد من بين الأسرى أكثر من ألف أسير يعانون منأمراض غاية في الصعوبة، وبعضها مزمنة مثل: أمراض القلب والسرطان والشلل، وأمراضنفسية، وهم بحاجة إلى علاج وأدوية وعمليات جراحية عاجلة.
وتطرق التقرير إلى قضيةالتعذيب في السجون الصهيونية، حيث أكد على أنها جريمة بحق الإنسانية، لافتاً إلى أنالسلطات الصهيونية، هي الدولة الوحيدة في العالم، التي جعلت من التعذيب المحظوروالمحرم دولياً بكل أشكاله الجسدية والنفسية قانونياً، وشرعته في مؤسساتها الأمنيةوالقضائية، ومنحته الغطاء القانوني، وبات نهج وممارسة يومية وجزء اساسياً منمعاملتها للأسرى.
 وذكر التقرير في هذا الصدد، أن أجهزة الأمن الصهيوني ، مارستضد الأسرى أشكالاً عدة من التعذيب الجسدي والنفسي مثل الضرب، الشبح، الهز العنيف،الوقوف فترة طويلة، العزل، الضغط على الخصيتين ، الضرب على الجروح، التكبيل على شكلموزة، والضرب على المعدة وعلى مؤخرة الرأس وغيرها.
 وأكد التقرير أن جميع منيعتقلون يتعرضون لأحد أشكال التعذيب كالضرب والوقوف فترات طويلة، وأن الغالبيةالعظمى يتعرضون لأكثر من شكل، بل ولعدة أشكال، خاصةً إذا طالت فترة الاحتجازوالتحقيق.
 وبالنسبة لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة داخل السجون والمعتقلاتالصهيونية ، بين التقرير أن هناك ( 190) أسيراً استشهدوا، منهم ( 70 ) أسيراً نتيجةالتعذيب داخل أقبية التحقيق، أي ما نسبته 36.8 % ، و( 45 ) أسيرا نتيجة الإهمالالطبي، أي ما نسبته 23.7 % ، و( 75 ) أسيراً نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال، أيالتصفية الجسدية وما يعادل 39.5 % *وسط هذه المعاناة، وبين أطلال هذه الملفات المؤلمة (الحصار ـ القتل ـ الأسر) هل بوسع أي قوة على ظهر هذه الأرض أن تمنع أو تلم هذا الشعب الفلسطيني الصابر والمضحي، أن ينفجر في وجه قاتليه من صهاينة.. وعرب!
سؤال لا يحتاج إلى إجابة،،،