قرأت مجدك

 محمد قاسم الخليل*
قرأت أن البارىء بارك دمشق منذ بدء التكوين, فجرى بردى لتكون الحياة على ضفتيه أشبه بالحياة في جنات النعيم, قرأت مجدك منذ بدء التدوين وقد صنع مجدك رجال في العمارة والعلم والأدب.

قرأت مجدك صقر إذا يمم وجهه نحو القبلة يظلل العالم بجناحيه, فجناحه الأيسر يمتد على غرب آسيا ويصل إلى حدود الصين , وجناحه الأيمن يظلل شمال افريقيا ويصل الى الاندلس ويلامس حدود بلاد الغال.‏

قرأت مجدك جيلا بعد جيل ولا أظن أن مدينة على وجه البسيطة تماثلها في الحسن والمجد, فقد كتب المؤرخون تاريخها عبر مجلدات طوال, ونبغ فيها رجال ونساء أسهموا في تدوين مجدها , ففي كل قرن مؤرخ صبور على العلم نذر حياته العلمية لدمشق , فهذا ابن عساكر يكتب تاريخ دمشق وقد زادت مجلاته على ثمانين مجلدا.‏

ولنقرأ ذيل الروضتين تراجم رجال القرنين السادس والسابع, والدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة, والضوء اللامع في اعيان القرن الحادي عشر, وسلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر , وحلي البشر في تاريخ القرن الثالث عشر, والروض العاطر من أخبار القرن السابع الى ختام القرن العاشر.‏

وما أكثر الكتب التي تحدثت عن دمشق بشكل عام وخصت جوانب وأحياء ,ومواضع منها بالبحث والدراسة , ومن العموم الروضة الغناء في دمشق الفيحاء ونزهة الانام في محاسن الشام, ومن الخصوص القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية والمزة فيما قيل في المزة, وضرب الحوطة على جميع الغوطة.‏

ثم قيض لها مؤرخون في الزمن الحديث تواصلوا مع أسلافهم في تسجيل مجد الشام أمثال كرد علي والحصني ودهمان والقاسمي والشهابي وكتبهم فيها كثيرة يعز علينا احصاؤها وذكرها في عجالة صحفية.‏

هذه مدينتي فمن يأتيني بمثلها , مدينة ورثت المجد كابرا عن كابر وحاضرا عن غابر , فامتد مجدها من القرون الغابرة الى الايام المعاصرة هذه مدينتي فمن يأتيني بمثلها, مجدها راسخ في التاريخ .. حبها كامن في القلوب.‏

بورك قلمك يا سعيد عقل فلو لم تقل سوى قرأت مجدك لكفتك شاعراً , بل حق علينا أن نعدك من فحول الشعر العربي.‏