العلاقة مع إيران تهمة ومع أمريكا وسام شرف !

بقلم : محمد أبو علان
مصطلحات سُنه وشيعة لم تكن مألوفة ومتداولة كما هي في هذه الأيام، وظهرت هذه المصطلحات والمسميات على السطح بعد الغزو الأمريكي على العراق، مما يظهر بشكل جلي الأهداف والمطامع الأمريكية في المنطقة، فلم يعر أحد انتباه إلى أن العراق يشكل الشيعة فيه حوالي 65% من سكانه قبل الغزو الأمريكي للعراق، ولم يكن أي منا يتحدث بمنطق طائفي عندما كنا نتحدث عن بطولات حزب الله اللبناني ودوره في مقارعة الاحتلال في جنوب لبنان حتى تحريره، تحرير كان سابقة تاريخية في الصراع العربي الإسرائيلي بأن يخرج الاحتلال مهزوماً وبقوة السلاح من أرض عربية محتلة.
وبات بعض القادة العرب والكثير من الإعلاميين يتحدثون عن خطر الهلال الشيعي على العالم الإسلامي السني، ولو تتبعنا من هم مروجي هذه الإشعاعات وهذا الكلام ذو النعرة الطائفية نجدهم من عرب وإعلاميي أمريكا الذين لا يوفرون جهداً في توفير الدعم السياسي والعسكري لها في المنطقة العربية لتأمين مصالحها، وكل ذلك على حساب مصالح شعوبهم وموارد ودولهم، وليس لسبب إلا مقابل حفاظ أمريكا عليهم وعلى عروشهم من السقوط أمام الرفض الشعبي لهم.
ويتحدثون عن إيران وكأنها تجهز الجيوش الجرارة لاحتلال العالم العربي وتشيعيه، مستغلين سياسية إيران في العراق دون أخذ الظروف السياسية والأمنية في العراق بعين الاعتبار عند تقييم السياسية الإيرانية هناك، فالعراق دولة محتله من جيوش تناصب إيران العداء المطلق، فمن حق إيران أن تعمل باتجاه حفاظها على أمنها الوطني في ظل دولة عراقية تتنازعها الصراعات الطائفية المبرمجة أمريكاً، وغياب سلطة مركزية في هذا البلد بإمكانها الحفاظ على حدودها من الاختراقات الأمنية ضد جيرانها.
واستغلت أمريكا وحلفائها البرنامج النووي الإيراني لتستعدي العالم العربي والإسلامي ضد إيران، وكأن هذا البرنامج موجه بالدرجة الأولى لهذه الدول، ومنذ متى كانت الولايات المتحدة الأمريكية حريصة على الأمن القومي والوطني للدول العربية والإسلامية ؟، فمن يكون حريص على الأمن العربي والإسلامي لا يحتل العراق ويرتكب المجازر ضد شعبه، وينهب موارده ويحطم كافة مؤسسات الدولة فيه لخدمة حفنة من المستثمرين في الولايات المتحدة الأمريكية، وإيران لم تشكل في يوم من الأيام خطر على العالم العربي والإسلامي بقدر ما تشكل الولايات المتحدة الأمريكية خطر على العالم برمته وعلى القيم الديمقراطية والأخلاقية فيه، فمن يحتل أفغانستان، ويدعم الاحتلال الصهيوني في فلسطين، ويعمل على أسرلة لبنان هي الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها من الدول الغربية وإسرائيل وليس إيران.
وإن وضعنا إيران في كفه والولايات المتحدة الأمريكية في الكفة الأخرى من منطلق مصلحة الشعوب العربية والإسلامية وليس مصلحة أنظمة الحكم فيها لوجدنا من نقاط التقاطع بين هذه الشعوب وإيران نقاط توازي عدد نقاط ومبررات العداء بين هذه الشعوب والولايات المتحدة الأمريكية، فالمقاومة الوطنية اللبنانية حررت الجنوب اللبناني، وهزمت جيش الاحتلال في عدوان تموز 2006 بفضل الدعم الإيراني لهذه المقاومة، كما أن دعم إيران للمقاومة الفلسطينية (رغم التباين في الرأي الفلسطيني تجاه هذا الدعم) مؤشر قوي وواضح عن توجهات السياسية الإيرانية الخارجية تجاه مصالح الشعوب العربية والإسلامية، لهذا ترى العداء لإيران هو في مواقف الرسميين من العرب والمسلمين وليس هناك عداء شعبي لإيران في سياستها.
ولمن يحرضون على البرنامج النووي الإيراني وخطورته المزعومة على العالم العربي والإسلامي، ويدينون صبح مساء احتلال إيران للجزر الثلاث (طنب الصغرى، طنب الكبرى وأبو موسى)، لماذا يصمت كل هؤلاء عن البرنامج النووي الإسرائيلي؟ وعن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية من نهرها حتى بحرها، وعلى احتلال مزارع شبعا والجولان السوري، ولماذا صمت القبور عن جرائم القتل والتهجير والاغتصاب والنهب التي تمارسها أمريكا وعصاباتها في العراق، وأفغانستان أليست دولة إسلامية، فلماذا يسكت قادة الدول الإسلامية على ما يجري فيها؟، وسبته وملليله وجزيرة ليلى ليست هي الأخرى جزر عربية إسلامية محتلة.
فإن كانت الأنظمة العربية والإسلامية الرسمية وبعض الإعلاميين المأجورين يسعون لتكريس فكرة أن التعامل مع إيران هو ضد مصالح الشعوب العربية والإسلامية، وإن رضا أمريكا والتعامل معها  هو وسام شرف لن ينجحوا في ذلك، ولن تكون العلاقة مع إيران في يوم من الأيام تهمة مضطر صاحب هذه العلاقة الدفاع نفسه بسببها، ويكفي عاراً لكل المعادين لإيران ولسياستها وبرنامجها النووي أنهم باتوا هم وإسرائيل في معسكر واحد، وتصريحات تسيبي ليفني الأخيرة في قطر خير دليل وأفضل شاهد.