عائِدٌ من حيفا



 


 
تُصغي لِرََحيلٍ يتبعثرُ في أسطُرِها
تستجدي قلبي أن يصمتَ شيئا
لِيَكُفَّ القلَمُ قليلا عن سَكبِ وداع ٍ أشعَلَ في قلبي وَهَنا..
 
صبراً يا قلبُ على دربِ الاهاتِ وصورَتِها
فالصورةُ تبقى شيئا من ذكراكَ و تمضي..
والاهاتُ كذلك..
لكن
إياك وأن تنسى أنّك ما زلت أسيرا في طَورِ العشقِ
وفي درب بَنفسَجِها...
إياك وأن تدمع عند الأطلالِ حنينا
فدموعُ حنينكَ تحرِقُ ما في الطَّلَلِ من الأحلام ِ
وتغدو الأطلالُ كَجُبَّةِ عَدَم ٍ 
لا يعرفُ دمعي فيها وَسَنا...
 
أشتاقُكِ حيفا..
وأغادر قُدسَ تُرابك والشاطئ والكرمل والذكرى خوفا
حيفا..
يا مُلهِمةَ الأنثى نُضجا..كيدا..دفئا..عصفا..
يا مُلهمة العُمرِ بأيام العشق وبالصيفِ وبالعزفِ على لحظةِ موتٍ
يُخلقُ فيها من جنّات الخلدِ الموعودةِ ألفا....!
 
شكرا حيفا
فعلى شاطئك اختلط الدمعُ بحبّات الرمل ليَحفظَ للبحرِ ملوحتَهُ
فاض البحرُ بمِلحِ العين قليلا
فاضَ ومدَّ وهاج وراقَ فقالْ:
خذ دربا آخَرَ يا وَلَدي
ليست مُلككَ حيفا
خذ دمعَكَ وارحل
يكفيها ملحَ الأيام وعلقمَها...
 
سَلِمَ البحرُ..
سَلِمَ المنفى....
سَلِم العائِدُ من رحلةِ قهرٍ نحو التابوتِ وقد شاهَد حيفا
سَلِمَ العائِدُ مَيْتا وَهْوَ يَقولُ:
أُدفَنُ في هذي الأرضِ جميلاً
وكَفى...!
 
 
فوزي باكير