أوباما على خطا كيندي

لوفيغارو


ترجمة: سهيلة حمامة*
إذا حاولنا فهم سبب الشعبية المتزايدة التي حظي بها باراك أوباما فعلينا النظر إلى السياسات الرعناء التي اتبعتها الإدارة الأميركية خلال السنوات السبع الماضية,

فقد استطاع أوباما أن يحرك مشاعر الأميركيين, ويؤثر بعواطفهم ضد السياسات التي أوصلتهم إلى هذا الطريق المسدود, وجعلتهم يقارنونه بالرئيس جون كينيدي الذي تحول إلى اسطوره بعيونهم, ونظروا إليه على أنه آخر الرؤساء العظماء في تاريخ بلادهم.‏

فيما بعد كينيدي أضحى الأميركيون بحاجة إلى شخص نزيه ووقع اختيارهم على جيمي كارتر رئيساً, واتسمت ولايته (بالمصداقية), لكن أداءه السياسي اتسم بالهشاشة لعدم تمكنه من السيطرة على الأزمة الإيرانية.‏

ويرى معظم الشعب الأميركي أن رونالد ريغان يمثل أحد قادة أميركا العظام لكن ثمة من يتذكر في عهده, العجز الكبير في الميزانية وتأويلاته المسطحة للقضايا الوطنية.‏

كما يذكرون جورج بوش الأب الذي أنجز أهم ولاية, لكنه فشل في تمثيل نفسه في الانتخابات الثانية بسبب التدهور الاقتصادي لبلاده في عهده. وبعد رحيل بيل كلينتون من البيت الأبيض, انقسم الناخبون الأميركيون إلى درجة أن جورج بوش الابن فاز بولاية رئاسية بفارق ضئيل عن آل غور. ومنذ ذلك الوقت عايش الشعب الأميركي فترة 11 أيلول المأساوية, والحروب في أفغانستان والعراق, ثم الانهيار الاقتصادي.‏

في هذا السياق ظهرت شخصيتان مختلفتان كل الاختلاف على الساحة السياسية لتتنافسان في الترشيحات الديمقراطية هما باراك أوباما وهيلاري كلينتون, وبصرف النظر عن كون هيلاري امرأة وأوباما إفريقي المنشأ وذهابهما بعيداً إلى المنافسة, فقد قدم كل منهما رؤيته الخاصة في كيفية مواجهة التحديات التي ينبغي على أميركا التغلب عليها. وبما أن هيلاري تحوز على مؤهلات سياسية, فقد اشتغلت على قضايا متعددة وطلبت, إلى حد معين من الناخبين أن يمنحوها ثقتهم لتتمكن من تكرار تجربة النجاح التي عرفها زوجها بيل كلينتون خلال فترته الرئاسية.‏

ومن الجانب الآخر يلوح أوباما بالأمل, على مثال كينيدي وريغان وكلينتون, في إمكانية دفع الشعب الأميركي لصعود درجات النجاح في كافة المجالات, وليؤكد أن نجاح حملته الحقيقية يتمثل في الانطلاق فوق الانقسامات وفي الاتحاد.‏

وللوقوف على الأسباب التي دفعت أوباما لإحراز تقدم واضح في أميركا, ينبغي العودة إلى فترة نجاح كينيدي في مواجهة نيكسون عام .1960 ففي ذلك الوقت ساد التفسير الأكثر شيوعاً حول كيفية وصول السيناتور الشاب القليل الخبرة في مانشيست إلى إلحاق الهزيمة بنائب الرئيس الشعبوي, هو أن كنيدي كان الشخص الوحيد الذي أدرك طريقة الظهور في التلفزيون.‏

ويبدو من حملة أوباما أن الانترنت قد استعمل بطريقة لا سابق لها في جمع الأموال وزيادة ظهور المرشح وحشد الناخبين.‏

ثم إن وسائل الإعلام والرسائل وجهت نحو الأشخاص من فئة ال 35 سنة, والتي تدعم المرشح بكثرة من خلال تقديم نحو 1,000,000 شخص إعانات مادية كل شهر على حين إن الأغلبية من الشعب الأميركي لم يتبرعوا لأجل حملة انتخابية واحدة. إلى ذلك قام موسيقي أميركي بإعداد أشرطة فيديو موسيقية عن كلمات أوباما تناقلها مستخدمو الإنترنت, والسؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: هل سيستمر الزخم للحملة حتى موعد المؤتمر الوطني الذي سينعقد في آب المقبل?‏

السباق إلى الرئاسة ما زال طويلاً... والسؤال الأكثر أهمية هو أن يصل أوباما إلى الموتمر الوطني بأغلبية المندوبين الرسميين في الحزب الديمقراطي الذي ينقسمون بين المرشحين هيلاري وأوباما, أو أن هؤلاء سيعمدون إلى تشكيل تحالف لدعم هيلاري? يؤكد أوباما أنه من (الخطر) العمل ضد إرادة الشعب الأميركي, ولكن علينا أن ننتظر المؤتمر الوطني لنرى ماذا سيحدث?!‏