عندما ينجح ( السوريون) بقلب الإشاعة ضد خصومهم... إشاعة اختفاء اللواء شوكت مثالا!!

 


بقلم:  سمير عبيد
يحز بالنفس عندما نقرأ ونتابع ونلمس الدسائس العربية ـ العربية، ولأسباب معظمها لا قيمة لها، فلقد توقع العقلاء العرب ،ومعهم الشارع العربي بأن يكون الدرس العراقي عبرة لجميع القادة العرب، ولجميع مؤسساتهم الإستخبارية والتنفيذية، بل توقع أغلبهم أن الدرس العراقي لهو كفيل بزيادة وتيرة الإصلاح السياسي العربي ، وزيادة التقارب العربي، وولادة فضاءات عربية ـ عربية في المجال الاقتصادي والدبلوماسي والتنموي.
 
ولكن وللأسف الشديد فأن الذي حدث هو عكس ذلك تماما، أي دخل العرب في نفق مظلم لا تُعرف نهايته، والغريب أن عملية الدخول تلك جاءت بإصرار من بعض القادة العرب ، وكأنهم فضلوا الظلام على النور، والرطوبة على الشمس، والعشو الليلي المفروض على النظر والتمييز، واستنزاف الطاقات هدرا على البناء والإعمار، والإيمان بالمنطق السياسي السرديني على المنطق الانفتاحي الحي (FRESH)، والاستسلام الكامل لأوامر السيد الدولي بدلا من التفكير لخلق سيد عربي يوقف تمادي واستهتار السيد الدولي بدولنا وشعوبنا وأدياننا وثقافتنا وتاريخنا وحضارتنا ومستقبل أجيالنا!.
 
فبعد كارثة العراق كان يجب على العرب الذين شاركوا ولا زالوا بعملية تدمير العراق التوبة وطلب الصفح من الله تعالى، ومن الشارع العربي، ومن الشعب العراقي و الأجيال العراقية، والعمل على تقوية اللحمة العراقية بشكل خاص، والعربية بشكل عام، ولكنهم وللأسف الشديد، فبدلا من البحث عن رداء أو ملبس يغطوّن بها أجسادهم التي عرّتها أميركا، فضلوا البقاء عراة، والجري وراء حفلات وندوات ومهرجانات ومؤتمرات المحافظون الجُدد بعد أن قبلوا الانصياع الكامل لجميع مقررات وتوصيات وأوامر الإدارة الأميركية المثيرة للجدل في سياساتها ونواياها في المنطقة.
 
فلا ندري هل هو الإصرار على مبدأ العزّة بالإثم، أم أن الموضوع يتعلّق بورطة تتعلّق بهؤلاء القادة العرب الذين أصبحوا لا يجيدون كلمة (لا) أمام المسئولين في الإدارة الأميركية بشكل خاص، وأمام الغرب بشكل عام؟
 
فهل يُعقل لمجرد عبارة ( أشباه الرجال) التي جاءت على اللسان السوري في تموز / يوليو من العام الماضي وأثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان يزعل بعض القادة العرب، ويكونوا سببا في زيادة الافتراق العربي ـ العربي، ومن ثم يكونوا جزء من المشاريع التي تهدّد الاستقرار والأمان في سوريا؟
 
فأن كانوا هكذا، وبهذه المواصفات الرجولية، وبهذا الإباء، فلماذا يسكتون عن الاعتداء على المقدسات الإسلامية، وعلى شخص الرسول العظيم محمد (ص) ، وعلى مايحدث في العراق من جرائم نازية على يد الأميركان وبعض الأنظمة الغربية، ودول إقليمية؟
 
ولماذا يسكتون على تواجد حوالي 210 شركة إسرائيلية تعمل بالعراق حتى الآن في مجالات كثيرة منها السياحة والبترول والمنسوجات والإلكترونيات والمياه المعدنية والهواتف, وحسب تقرير إستراتيجي صادر عن مركز "جافي" بالجامعة العبرية في 10/4/2008 ؟
 
ولماذا يسكتون عن وجود مائة منظمة تنصيرية دخلت العراق، وأكبر هذه المنظمات هي:
 
1 هيئة الإرساليات الدولية.. الذراع التبشيرية للمعمدانيين الجنوبيين، والذين يُعدون أكبر طائفة بروتستانتية في أمريكا.
 
2 مجلس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
 
3 مجموعة من المعمدانيين الجنوبيين من ولاية "نورث كارولينا".
 
4 هيئة المعونة الأمريكية.
 
5 منظمة "كريستيان شاريتي ورلد نيشن إنترناشونال".
 
6 منظمة المجتمع الدولي للإنجيل.
 
7 منظمة تعليم أمة كاملة، وتعرف اختصاراً ب"داون".
 
8 منظمة سامرتيان بيرس.
 
9 منظمة المنصّرين البروتستاننت.
 
10 القسّ البروتستانتي "جون حنا" من ولاية أوهايو.
 
11 المنصّرة "جاكي كون".
 
12 مركز جلوبل ميسشن يونيتGlobalMissionunit)) التنصيري العالمي.
 
 
وأن جميع تلك المؤسسات التنصيرية في العراق تخضع إلى هيئة تنسيقية عليا باسم "مكتب تنسيق إغاثة العراق" (IRCO)؟.
 
وأين شهامتهم عن الأعراض العراقية التي تنتهك كل دقيقة وساعة في سجون الاحتلال والحكومة في العراق، وأين شهامتهم من التنكيل بالمسلمين والعراقيين كافة في العراق، والتنكيل بالمسلمين والمسيحيين الشرقيين وغيرهم في فلسطين، وأفغانستان؟
 
أيعقل أنهم يصفقون ويؤيدون الاندفاع الأميركي نحو سوريا ولمجرد اختلافات بوجهات النظر مع بعض القيادات في سوريا ؟
 
وهل يُعقل هذا، وحتى وأن كان هناك خلافا سياسيا بين دمشق وبعض العواصم التي ركبت في المركب الأميركي فأين واجب منظمة المؤتمر الإسلامي، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة عدم الانحياز ، وأين كبار السياسيين العرب العقلاء، وأين رجال الدين النافذين كي تُقرب وجهات النظر بين دمشق والعواصم العربية التي لديها خلافات مع دمشق؟
 
فهل يجوز السكوت مثلما حصل اتجاه الملف العراقي، وكانت النتيجة كارثية ومدمرة على العراق والعراقيين والعرب والمنطقة؟
 
وهل يعقل كلما حصل خلاف مع نظام عربي يُقدّم من قبل الأنظمة التي لها خلافات معه إلى المسلخ الأميركي من أجل نحره وأزالته من الوجود واستباحة أرضه وشعبه؟
 
ولمصلحة من يتم التجييش والحرب النفسية، ونشر الإشاعات ضد سوريا ، فما ذنب الشعب السوري، والدولة السورية، وما ذنب الشعب العربي كي توجه له طعنة جديدة في خاصرته الأخرى دمشق، بعد أن تمزقت الخاصرة بغداد؟
وهل يعتقد هؤلاء الحكام العرب الذين ركبوا في المركب الأميركي بأنهم بمنأى عن المخططات الأميركية ، فأن كان اعتقادهم هذا، فهم على خطأ جسيم، وحتى وأن كانوا مرضيا عنهم في واشنطن والغرب وإسرائيل، فالمنطق الأميركي الجديد يؤمن بالتفتيت الجغرافي، ومن ثم يؤمن بتصعيد الأقليات لتحكم وتضطهد الأكثريات، وصولا لتغيير الوجوه بوجوه أخرى تتلاءم مع سايكس ـ بيكو الجديدة ، ومع المنطق الأميركي والعالمي الجديد....
 
لهذا نجزم وبدون تردّد بأن جميع الأنظمة العربية، وقصور الحكم العربية فيها خلافات، وأحيانا خلافات حادة، وحتى بين الأشقاء والشركاء في الحكم، وهو أمر عادي وموروث في منطقتنا، ولكن تبقى الحكمة هي سيدة الموقف في أغلب الأحيان.
 
فكم من شيخ، ومن أمير ومن قائد عسكري وسياسي وقبلي قرر الجلوس في بيته، أو قرر السفر وهو زعلانا وغاضبا ، وكم من وزير مرموق فعل الفعل نفسه، وكم من أشقاء وأصهار للحكام العرب زعلوا وسافروا وهاجروا، ومنهم من عاد ،ومنهم من فضل الحياد، ومنهم من جلس في بيته ، وهذا ديدن القصور العربية وغيرها ، وديدن المجتمع العربي والعائلات العربية وحتى العائلات الحاكمة في العالم الثالث.
 
فلماذا الزوبعة الإعلامية والسياسية التي ملأت صحف وإذاعات وفضائيات ومواقع وكالة التنمية الأميركية و( بعض) الأنظمة العربية التي ركبت في مركب واشنطن، والتي تفيد بأن صهر الرئيس السوري بشار الأسد وهو اللواء ( آصف شوكت) قد ترك منصبه نتيجة خلاف مع الرئيس الأسد ، وجلس في بيته، وأخرج زوجته وأطفاله خارج سوريا؟
 
ولمصلحة من هذه الزوبعة الإعلامية ؟
 
ولماذا اختاروا هذا التوقيت؟
 
هل هو الحقد على نجاح القمة العربية الأخيرة في دمشق؟
 
وهل الهدف هو ضرب الجبهة الداخلية في سوريا أم هي قنينة دم إلى بعض أطراف المعارضة السورية التي تعاني النزف، و التي تعتمد على دعم واشنطن وإسرائيل؟
 
وهل نسي الإعلام الذي روّج هذه الإشاعة بأن الأنظمة التي عاصرت ثورات التحرر العربية والعالمية، وعاصرت العملاقين السوفيتي والأميركي، وعاصرت الحرب الباردة، وعاصرت حروب العرب مع إسرائيل، وعاصرت العولمة وإفرازاتها وصولا إلى مشروع الفوضى العمياء تمتلك خبرة طويلة وقوية جدا في امتصاص الإشاعة وتحويلها إلى نصر، وضربة للخصوم؟
 
فها هو اللواء آصف شوكت يخرج من خلال الإعلام السوري ، حيث ظهر اللواء آصف شوكت عبر شاشة التلفزيون السوري وهو يحضر حفل تخريج دفعة من الضباط!، لا بل أتصل ببعض أصدقاءه العرب والسوريين وحتى اللبنانيين ومن مكتبه في دمشق.
 
ألا يخجل هذا الإعلام المروّج، والمؤسسات والشخصيات والأطراف السياسية العربية التي روجت هذه الإشاعة التي تخدم أصحاب المخطط التدميري لمنطقتنا وشعوبنا وتراثنا ولغتنا وثقافتنا؟
 
فأين ذهب العقل، وأين ذهبت مخافة الله، فلمجرد خلاف مع مسئول سوري سين أو صاد يتم التوسل عند الإدارة الأميركية من أجل عزل وتجويع الشعب السوري، واستباحة سوريا على طريقة أستباح العراق؟
 
ألا يفكر هؤلاء العرب بحصيلة هكذا مغامرة، فلقد قتل نتيجة العدوان على العراق مليون ونصف عراقي ، وقبلها قتل مليون و600 ألف عراقي بسبب الحصار الظالم الذي طبق عربيا قبل أن يطبق غربيا وأميركيا ، فهل تتحمل سورية أن يقتل من شعبها (3) ملايين إنسان بريء وعربي ومسلم مع مسيحي شرقي يفخر بعروبته... ولمصلحة من؟
 
لمصلحة من كل هذه السمسرة العربية من أجل قتل أطفال ونساء وشيوخ ورجال العرب؟
 
وهل يعتقد هؤلاء أن سوريا تسكت ولا ترد... فأن سوريا سترد وبقوة، وبالتالي سيموت الآلاف في الجبهات الأخرى والمجاورة لسوريا، وبالتالي ستدخل المنطقة بكارثة دموية كبرى، ولوعدنا للسبب فسنجده تافها ولمجرد أحقاد شخصية أو ثأرية أو نتيجة حسد أو نتيجة حساسية معينة في الموضوع سين أو في الملف صاد.
 
فالفرصة لا زالت سانحة، وهناك واجب ديني وأخلاقي وسياسي وإنساني يقع على الجامعة العربية وأمينها العام الأستاذ عامر موسى، وعلى مجلس التعاون الخليجي، وعلى منظمة المؤتمر الإسلامي، وحتى على جيران العرب الإقليميين بـأن يساهموا مساهمة فعالة من أجل عدم الشروع في الحرب الباردة العربية ـ العربية، وعدم السكوت عن الانقسام العربي وتكوين عالمين عربيين متنافسين ومتخاصمين، والعمل على إبعاد الشر عن سوريا، ولبنان ، والعراق ، وعن الدول العربية الأخرى.
 
وكفى سذاجة وتصديق بوعود أميركا والغرب، فهيا للبحث عن كيّان يجمعنا ، وهوية تنفعنا، وسوق يشبع بطوننا ويملأ جيوبنا ونكون فيه أحرارا لا عبيدا!.