سيناريوهات المناورات العسكرية .. إلى أين?!


أحمد ابوهدبة
 
(نقطة انعطاف 2)اسم المناورة العسكرية الشاملة التي بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي يجريها مؤخرا, وصفها المراقبون بأنها الأوسع في تاريخ الكيان الاسرائيلي وما رافقها من إعلان حالة التأهب القصوى على الجبهتين الشمالية والجنوبية, والحديث الاسرائيلي المستمر عن القدرات العسكرية السورية للرد على أية اعتداء تقوم به إسرائيل على سورية وكذلك ما عجت به وسائل الإعلام الإسرائيلية من تحليلات حول رد حزب الله المحتمل على عملية اغتيال الشيخ عماد مغنية وعن امتلاكه للصواريخ وقدراته العسكرية , وصواريخ القسام وتأثيرها على المستوطنات المحاذية للقطاع وتطور القدرات القتالية لحماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية , وما يتضمن هذا الحديث من مبالغة وتضخيم الى جانب التصريحات الحربية التي أدلى بها وزير الحرب وبعض قادة جيش الاحتلال ,كل ذلك يدلل على ان إسرائيل كما تقول بعض الصحف الإسرائيلية نفسها ) تستعد لصيف حار)غير ان محللين عسكريين إسرائيليين يرون ان ذلك كله يندرج في إطار الحرب النفسية الذي يهدف الى تعزيز قدرة الردع وفي إطار العبر والدروس التي استخلصتها اسرائبل من حرب تموز عام 2006,لاسيما وان الحديث الاسرائيلي عن السلام بات غير ممكن في هذه المرحلة بالتحديد لاعتبارات تتعلق بضعف حكومة اولمرت ولان الحديث الاسرائيلي عن التسوية مثقل بالشروط التعجيزية, بالرغم من محاولات التهدئة التي يتعمد الساسة و بعض قادة جيش الاحتلال إضفائها على تصريحاتهم بخصوص هذه المناورة .‏

وقالت صحيفة معاريف أن كافة الوزارات والوزراء وأعضاء الحكومة المصغرة الأمنية وجميع أجهزة الأمن الإسرائيلية قد شاركت في المناورة التي تضمنت بحسب معاريف سيناريوهات متطرفة مثل تعرض إسرائيل إلى قصف بصواريخ تحمل أسلحة غير تقليدية مثل مواد كيماوية وغيرها. وقالت وسائل الإعلام العبرية أن القيّمين على مناورة (نقطة انعطاف ) ينطلقون من فرضية( أنه في أي حرب مستقبلية محتملة مع ايران أو سورية أو حزب الله, ستكون الجبهة الداخلية في إسرائيل الهدف المركزي لهجمات العدو).‏

وعلق وزير الحرب باراك على المناورة قائلا :(في حروب اليوم يشكل إعداد المواقع الخلفية للمواجهة عاملا أساسيا لتحقيق النصر).وأضاف في تصريح له للشبكة الثانية (ان هذه المناورة هي الأهم منذ سنوات, نستخلص احد دروس حرب لبنان الثانية).‏

وفي مقال مطول شرح رون بن يشاي مراسل الشؤون الأمنية في يديعوت أحرونوت أبعاد وخفايا المناورة الإسرائيلية غير المسبوقة بوصفها (حدث تاريخي وليس أقل من ذلك ). وأضاف :(ان المناورة من المفترض أن تمكننا من مواجهة وضع لم تشهده الجبهة الداخلية: ضربات صاروخية متوالية ومتواصلة, تقليدية وغير تقليدية, وتغطي كل المناطق المأهولة في إسرائيل تقريباً وكل منشآتها العسكرية, إلى جانب أنها تستهدف تنفيذ عبر حرب لبنان الثانية).وكشف بن يشاي عن أن المناورة تنطلق من تقديرات مفادها أن :(الجبهة الداخلية ستتعرض في حال نشوب حرب لضربات صاروخية لمدة تتجاوز الأسبوع, إلى أن ينجح الجيش الإسرائيلي في إسكات مصادر النيران. وأكد أنه وفق هذا السيناريو فإن المنطقة الوحيدة, في الدولة التي يبدو أنها لن تتعرض للصواريخ هي مثلث صغير يقع جنوب ديمونا وحتى إيلات).وأعرب بن يشاي عن تقديره:( بان الحكومة والمؤسسة الأمنية تتستران على التهديد الذي تواجهه إسرائيل من أجل عدم إثارة الرعب في صفوف الجمهور الإسرائيلي, وعليه فإن هذه المناورة المسماة باللغة الأمنية سيناريو المحاكي ليست أوهاماً مرضية لقادة المؤسسة الأمنية, ولا حتى سيناريو مستقبلي يمكن أن يتحقق بعد سنوات, وإنما هو أمر قد يتحول إلى واقع في الوقت القريب.مشيرا إلى أن الضربات الصاروخية التي تعرضت لها الجبهة الداخلية خلال حرب لبنان الثانية ليست سوى نموذج لما يمكن أن تتعرض له إسرائيل خلال الحرب المقبلة مستبعدا في الوقت نفسه إمكان أن تكون المناورة الحالية جزءاً من إعداد الجبهة الداخلية في مواجهة هجوم ذري إيراني, التي هي مشكلة بحد ذاتها ينبغي معالجتها بأساليب أخرى. لكنه خلص الى أن ما لدى سورية ولبنان وغزة يكفي من أجل وضع إسرائيل أمام تهديد كبير يمتلك إمكانية تدميرية لم نعرفها حتى الآن)‏

مراسل الشؤون العربية في هارتس كشف في مقال له التناقض الاسرائيلي في المواقف حيال هذه المناورة وأهدافها والرسائل التي تحملها بقوله :) ان الموقف الإسرائيلي من ذلك متناقض. وأشار إلى أن سبب ذلك يعود الى الاعتقاد الخاطئ بأنه لا ينبغي التفاوض مع سورية طالما لا تشكل تهديداً.‏

الجانب الآخر من ذلك التناقض يقول ان من الأجدر منع السلام فقط مع سورية القوية والمهددة. وأوضح أن :المشكلة الأساسية هي ان هذا التناقض ينظر لعلاقات سورية وإسرائيل فقط من خلال المنظور القتالي ويمتنع عن الرؤية السياسية.‏

يوئيل ماركوس ابرز المحللين العسكريين في هارتس يكشف هو الأخر عما سماه بالجزء الخفي والغريب في هذه المناورة العسكرية قائلا :( الجزء الغريب من هذه المناورة هو ان الحكومة والمستوى السياسي يشاركون فيه وليس مقصورا على الأجهزة التنفيذية الوظيفية. لهذه الحكومة اعتبارات سياسية ولذلك هي تشارك في المناورة بصورة تبدو سخيفة. عندما يعلن رئيس الوزراء في جلسة الحكومة ان المناورة ليست غطاء لنوايا حربية في الشمال وانما مناورة للتأكد من قدرات الأجهزة المختلفة في الجبهة الداخلية للتحقق من الأداء. هل هذا جزء من المناورة ام أنها الحقيقة).أما رافي مان في معاريف فيعتقد ان هذه المناورة تعكس غباء حكومة اولمرت وعدم فهمه لضرورة دفع الأثمان مقابل أية تسوية سياسية فكما دفعت إسرائيل سيناء كاملة الى مصر مقابل السلام معها فان الجولان كاملة هو ثمن السلام مع سورية مضيفا :)ان للسلام مع سورية ثمنا: التنازل عن هضبة الجولان, تلك التي كانت تسمى في إسرائيل الهضبة السورية, حتى حزيران 1967 حتى آخر سنتمتر, بحسب السابقة المصرية الناجحة. القيمة العسكرية للهضبة لاغية في عصر الصواريخ والقاذفات الصاروخية.‏