الحدود المقدسة ؟!

 أسعد عبود*
ليست سورية وحدها التي ناضلت حتى حظيت بالاستقلال عن مستعمريها, وقاتلت حتى كان جلاء القوات الأجنبية عن أراضيها.

أيضاً.. وليست الدول كلها التي استطاعت أن تحمي هذا الاستقلال الكامل الناجز,بالسيادة على القرار الوطني, ليكون معياره الأول حماية مصالح الأمة واستراتيجيتها.‏‏

طبعاً مناسبة هذا الكلام,الذكرى الثانية والستون لجلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية,وهو اليوم الذي يمثل بالنسبة للسوريين يوم الاستقلال الكلي والنهائي..ويعرف عادة باليوم الوطني.‏‏

اثنان وستون عاماً, إذا كانت تتصف بشيء يشكل محوراً مستمراً على مرّ الأيام, فهو دون ريب ذاك النزوع المتجدد دائماً للحرية, وصناعة الغد, ولعلّ الموال السوري الذي ما فارق يوماً حناجرنا هو ذاك الذي ينده للعروبة.‏‏

- هل كان من قبيل المغامرة ذاك النداء قبل اكتمال بناء الدولة الوطنية?!.‏‏

العروبة بالنسبة لنا انتماء وليست نزوعاً سياسياً .. ولاشك أننا دفعنا وندفع الكثير من أجل هذا الانتماء,لأن طبيعته ووعاءه هي القومية..وهذا يجعل النداء بكل أدبياته يتجاوز الدولة الوطنية, فنبدو للآخرين عابرين للحدود القطرية, مؤكدين على الحدود القومية. وإذ تضعف رياح العروبة, ويضطرب هبوبها, يصبح عبور الحدود القطرية إلى الحدود القومية .. مغامرة ..تدخل .. تحدٍ .. بينما عبور الحدود القومية مسألة فيها نظر?! وحين يكون هذا العبور عكسياً, أي ثمة من يعبر الحدود القومية إلى تفاصيل الوطن الكبير,يعمى عنها النظر أو يكاد..‏‏

هذه حقيقة..وليست مجرد كلمات على ورق..ألا ترونهم يرحبون بالقادمين من كل حدب وصوب..بل لعّلهم ينشدون فيهم الخلاص من عبء الهمّ القومي, في حين يعظم شأن الحدود القطرية, لتشكل همّاً إعلامياً تنده به أصوات ما عادت تميز ولايمكن تمييزها..‏‏

لكننا نميز غيرها..‏‏

يعني نميز ذاك الصوت الذي مازال ينطق بالنداء العربي الحرّ..‏‏

ورغم زيف الزمان,يسمع ذاك الصوت..وأقول بصراحة, لقد خاضت دمشق في قمة العرب التي احتضنتها تجربة إجلاء ذاك الصوت من الأوهام..أعلم جيداً أن التشويش والبرازيت والقرقعة كثرت من حول ذاك الصوت..لكنه استطاع أن يصل رغم ظلمات الأيام..‏‏

أليس الظلام الدامس وحده الذي يمكنه أن يغطي خرق الحدود القومية من قبل الأعداء..كل الأعداء..وكلهم أعداء..‏‏

كل من يساهم بتعذيب العرب وقتلهم وقهرهم وسلب خيراتهم في فلسطين والعراق ولبنان والسودان, وفي كل البقاع هو عدو..فكيف نسكت عنه يعبر الحدود إلى تفاصيل الوطن الكبير,في حين تضغط دول عربية لأنها لم تحصن حدودها مع الأشقاء?! بل تشمخ دول عربية وتعلن ثورة العزّة والتحدي,إذ ربما يكون احتمال ما لينفذ عربي محاصر من الحدود القطرية..يا لقدسية الحدود.‏‏

نبقى داخل الحدود..ونعد الجميع, ونحن نبني بلدنا.. نبني الدولة الوطنية..نعد الجميع أن أي مسعى لكبح النداء العربي لن يكون..وكل المساعي من دمشق العروبة..دمشق بشار الأسد..ستكون لتعزيز هذا النداء.‏‏

هو قدرنا..‏‏

62عاماً منذ الجلاء ونحن نتبنى هذا القدر, ومن أجل أن يستمر ..سنستمر نحن صوت عربي مستقل بقرار وطني, لايقبل المساومة على وطنيته واستقلاله..‏‏

كل عام وسورية بخير..‏‏

كل وعام وأنت أكثر انتماء للعروبة..‏‏

وهذا العام..يبقى العام السوري للعمل العربي..فهل يكون?!‏‏

كل الجهد سنبذله ..لكن..لا بدّ من الأيدي العربية كي تنتظم النغمة.‏‏