بوش - بوتين... الوداع !

 ليبيراسيون
 ترجمة: مها محفوض محمد
 
قمة حلف شمال الأطلسي, مسائل توسيع الحلف, نظام الدرع الصاروخي, ردود الفعل الروسي, الالتزام العسكري في أفغانستان, كل ذلك يعيدنا إلى زمن اعتقدنا أنه ولى, هو زمن التحديات والتصدعات والحروب التقليدية,

والعودة إلى ذلك الزمن تخفي حقيقة مزعجة هي أننا نعيش مرحلة استراتيجية لا شبيه لها ولا سابق لها, فكيف لا نقلق من هذا الاضطراب العالمي الماثل أمامنا بترسانات القرن الحادي والعشرين ,والثورة الديمغرافية, والتحدي البيئي, وإعادة التوزيع الاقتصادي... يبدو أننا نعيش مرحلة -فاصل زمني- على أمل استراتيجي قبيل توازن جديد للعالم.‏

انتهى اللقاء الأخير بين بوش وبوتين, الذي كان صلباً في موقفه أمام حلفاء شمال الأطلسي ,ورغبة الولايات المتحدة في اختراق القارة الأوروبية, وفرض سيطرتها على قراراتها.‏

روسيا التي تشعر بامتداد الحلف نحو الشرق كتهديد لأمنها, لم تخف استياءها وقلقها عندما قال بوتين: هذه الكتلة العسكرية على حدودنا تشكل تهديداً مباشراً لأمننا القومي.‏

إذ إنه في انضمام الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين جورجيا وأوكرانيا خطأ استراتيجي كبير ,لأن موسكو ترى في ذلك تطويقاً لها في حدودها الغربية والجنوبية, إضافة إلى تطويق خاصرتها الشمالية بضم دول البلطيق إلى الحلف بعيد تفكيك الاتحاد السوفييتي ثم مشروع الدرع الصاروخي الذي أقر الحلف إقامته في جمهوريتي تشيك وبولندا والذي يندرج في إطار محاصرة روسيا. وفي الوقت الذي يصرح فيه بوش أن الحرب الباردة قد انتهت تبدو عملية دعم الدرع الصاروخي وكأنها مقدمة لعودة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا.‏

قمة الأطلسي التي سميت قمة الوداع بين الرئيسين, عاد منها الرئيس بوش تاركاً حلفاً ضعيفاً يواجه صعوبات عسكرية في أفغانستان ومنقسماًسياسياً حيث بلغ هذا الانقسام أشده أمام روسيا كما هو الارتباك والتردد واضح في جميع مهامه وأعماله, حتى في مبررات وجوده في القرن الحادي والعشرين.‏

الحوار مع الرئيس بوتين, كان صعباً بسبب قضايا كثيرة بدت فيها الزعامة الأمريكية بوضع مؤسف, ونهاية مرحلة وصمتها حرب العراق والأزمة الأطلسية.‏

الخلاف كان أيضاً بين حلفاء الأطلسي حول عدة مواضيع, لأن الأوروبيين لا يريدون رهن المستقبل, فأنجيلا ميركل المشغولة بإدارة التآلف مع الاشتراكيين - الديمقراطيين كي تتجاوز انتخابات 2009 عارضت السياسة الأمريكية في قمة بوخارست التي تخشى أن يكون فيها مساس بمصالح ألمانيا, نيكولا ساركوزي أيضاً عارض انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف, وليس من مصلحته إثارة خلافات بينه وبين المستشارة الألمانية, فهو يتطلع إلى رئاسة الاتحاد الأوروبي, وسيأتي الوقت المناسب لنقاش مسائل الدفاع الأوروبي والتعاون بين الاتحاد والحلف الأطلسي. وقد وعد الرئيس بوش بإرسال قوات فرنسية إضافية إلى أفغانستان ليصل عددها إلى 2500 جندي.‏

لقد حاول الرئيس بوش قدر إمكانه أن يحقق ما فيه مصلحة الأجندة التي سار عليها, لكنه تعثر بوقوف الرئيس بوتين ضد مشروعه, إضافة إلى الانقسام داخل الحلف ذاته.‏

القمة حملت أسباب فشلها قبل انعقادها وانتهت بالخلاف, لكن النقطة التي سيتابع فيها الحوار هي مسألة الدرع الصاروخي, فهل يتسنى لبوش وبوتين الوقت الكافي لمناقشة ذلك قبل انتهاء فترتي رئاستهما!.‏