العودة إلى المفاوضات مع سورية !


هآرتس- بقلم عمير أورين
 ترجمة : ليندا سكوتي
 
ما إن تسلم إسحاق رابين مقاليد وزارة (الدفاع) في شهر أيلول عام 1984 حتى استدعى السفير الأميركي صاموئيل لويس, وسلمه رسالة للإدارة الأميركية يطلب فيها إعلامه سرياً

عن الشروط التي تضعها سورية لتحقيق السلام مع إسرائيل, لكن الإدارة الأميركية لم تعر اهتماماً لرسالته تلك, نظراً للخلافات القائمة بين إدارة ريغان ودمشق حول بقاء القوات الإسرائيلية في لبنان والتعاون الاستراتيجي بين سورية والاتحاد السوفييتي.‏

إن استمرار التوتر بين سورية وإسرائيل كان نتيجة لضياع فرص تحقيق السلام المتاحة بين البلدين بدءاً من عام 1984 لغاية ,1991 حيث شنت الولايات المتحدة الحرب على العراق, وكان بالإمكان خلال تلك الفترة حصول الاتفاق على تحقيق السلام مع سورية, والحيلولة دون سقوط المئات من القتلى في لبنان, فضلاً عن الهواجس واستمرار الاستعدادات العسكرية تحسباً من حدوث حرب بين الطرفين.‏

في التسعينيات من القرن الماضي أعاد رابين محاولة إجراء مفاوضات مع سورية بالاستعانة بإدارة كلنتون ووزير الخارجية الضعيف وارن كريستوفر دون الأخذ بالاعتبار بتقرير جيمس بيكر وزير الخارجية النشيط, إبان عهد جورج بوش الأب, لكن تلك الفرصة ضاعت أيضاً, الأمر الذي دعا رابين للمضي في عملية أوسلو دون أن يكون راغباً فيها, لأنه لا يعتبرها بديلاً عن الفرصة الضائعة لعقد اتفاق مع سورية.‏

ترى إسرائيل بأن الأسباب الرئيسية لتعثر الاتصال بين تل أبيب ودمشق تعود في واقعها إلى إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش, لكن هذا الأمر ليس إلا تبريراً لا يمكن الأخذ به, فالإدارة الأميركية لم تقم في أي وقت من الأوقات بالوقوف في وجه أي تقدم دبلوماسي بين إسرائيل والعرب حتى ولو كان هذا التقدم مخالفاً لخططها, ومع ذلك فإن الخلافات بين بوش ودمشق انعكست نتائجها توقفاً عن أي عمل دبلوماسي لتحقيق السلام بين الطرفين انتظاراً لما تسفر عنه نتائج الانتخابات الأميركية القادمة, وسواء فاز جون مكين الذي يؤيد إجراء اتفاق سوري إسرائيلي ويحترم مقترحات بيكر وبرينت سكو كرفت, المستشارين السابقين لبوش الأب, أم فازت هيلاري كلنتون التي أخبرت صديقاً لها بأنها تفضل بذل الجهود لحل المشكلة الفلسطينية, أو باراك أوباما الذي يرى ضرورة المصالحة عبر إجراء محادثات بين الأطراف المتنازعة, فلا بد من انتظار عام 2009 الذي سيكون من الأعوام التي ستبذل فيها جهود جديدة لإجراء الاتصالات بين الأطراف المتصارعة.‏

إزاء هذا الواقع نجد لزاماً على سورية ألا تبادر بخوض أي معركة مع إسرائيل إن كان الهدف منها التوصل إلى عقد اتفاقية دبلوماسية, تتضمن تحقيق السلام مقابل إعادة مرتفعات الجولان,ولطالما بوش ما زال في سدة الرئاسة الأميركية, فإن أي تحرك عسكري لسورية سيكون مغامرة لا تحمد عقباها, لأنها ستجابه بمقاومة مدعومة من الولايات المتحدة.‏

إن الوقت الحالي غير ملائم للحرب أو للسلام, وأي نزاع عسكري قد يفضي إلى نتائج كارثية للطرفين, وخاصة في ظل وجود تهديد نووي إيراني, حيث ستصبح إسرائيل مواجهة خطرين أحدهما من سورية والآخر من إيران, الأمر الذي يذكرنا بأحداث عام 1981 عندما وقعت إسرائيل أمام خطرين, هما الصواريخ السورية في لبنان والمفاعل النووي العراقي, لكنها اختارت أن تصرف جهودها لتدمير ذلك المفاعل مفضلة هذا الهدف عن مجابهة سورية.‏

إن المحادثات التي تجري بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لن تفضي إلا إلى اتفاقية لن تأخذ مسارها للتطبيق, إذ ليس من السهولة بمكان أن تخاطر السلطة الفلسطينية بنفسها وتدخل في مجابهات داخلية, الأمر الذي يجعل من تنفيذ أي اتفاق أمراً متعذراً, لذلك نجد لزاماً على إسرائيل العودة للمفاوضات مع السوريين حتى ولو تم ذلك بعد خروج بوش من البيت الأبيض.‏